مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الطائفية والانقسام
...............................................................

هذه القيادات فى حاجة الى تغيير فورى

عزيزى القارىء .. بدافع المصلحة العامة نعيد نشر مقالات الأنبا مسكيموس عن التسامح الدينى وعن العلاقات بين المواطنين داخل الوطن والتى أدلى بها لصحيفة الفجر المصرية فى الماضى القريب .

حوار: محمد الباز
...................

عندما يذهب المسيحي إلى الكنيسة والمسلم إلى المسجد.. يجب أن ينتبه كل منهما أن الله سيرضي عنه إذا كان مخلصاً لدينه.. ليس بقدر كراهيته للدين الآخر، وإعلان الحرب عليه.. لا يمكن أن ندفن رؤوسنا في الرمال. فكل طرف – المسيحي والمسلم – يتمنى زوال الآخر من الوجود، وقد لفت انتباهي ما قاله لي الأنبا مكسيموس عن علاقته بالمسلمين، قال كانت نظرتي للمسلمين أن هؤلاء هم الذين اضطهدونا ودخلوا بلادنا، كان إحساسي تجاههم هو الرفض.. فأنا مقهور منهم.. وهذا الشرخ بالمناسبة موجود في نفوس الغالبية العظمى من الأقباط.

هذه الصورة القاتمة ليست بهذه الحدة فقد انقلبت حياة مكسيموس.. كان مسافراً إلى قبرص بعد اغتيال يوسف السباعي وزير الثقافة المصري وقتها هناك.. لم يكن هناك بيننا وبين قبرص طيران مباشر.. فسافر إلى بيروت مروراً بالعراق ثم قبرص، جلس في الطائرة إلى جوار داعية إسلامي نيجيري وأخذ يتحدث عن سماحة المسيحية وسماحة المسيح.. كان متحمساً وقبل أن ينزل من الطائرة سأله الداعية مباشرة ودون مقدمات: هل تحب محمداً وكأن مكسيموس قال وقتها جالك الموت يا تارك الصلاة فلابد أن يجيب.. إن قال نعم فهو بلا شك يكذب ولا يقول الحقيقة وإن قال لا فإنه يكذب في كل ما قاله عن دينه وسماحته. كان التحدي الأكبر في إجابة حاسمة لكن الأنبا مكسيموس لم يقلها.. قال كلاماً هائماً غائماً ولكنه بعد ذلك قال لي: شعرت بالعار.. ذهبت إلى الفندق.. صليت وشكوت نفسي إلى الله لأني اكتشفت أنني كنت منافقاً في هذا الموقف، وأخذت أتضرع إلى الله أن يملأ قلبي بالحب حتى أغتسل قلبي من كل التراث الذي كان موجوداً فيه، وشعرت بالمحبة تغمر قلبي.. وأخذت أصلي من أجل أن يمتلئ قلبي بالمحبة للمسلمين.

يقف الأنبا مكسيموس بين الحد الفاصل إذن بين المسلمين والمسيحيين.. وهو موقف يجعل لديه الجرأة ليتحدث بصراحة عن جوهر الخلاف وحقيقته يقول: جوهر النزاع حقاً وحقيقة بين المسلمين والمسيحيين يدور حول قضية التوحيد فالإسلام بني على دعوة التوحيد والديانة المسيحية طالعة من اليهودية التي هي أيضاً ديانة توحيد.. والحقيقة أن المسيحية تؤمن بإله واحد.. لكن المشكلة تكمن في فهم ما يسميه المسيحيين بالتثليث والتوحيد وقد رأى المسلمون في هذا إيماناً بثلاثة آلهة.. وهذا ليس صحيحاً بالمرة.

فالقرآن يقول – الكلام لا يزال على لسان الأنبا مكسيموس – ليس كمثله شيء والكتاب المقدس يقول: من يشبه الله وفي العهد الجديد: الله لم يره أحد قط وفي هذا حسم من الديانات الثلاث أن الله ليس كمثله شيء ولم يره أحد، وقد اتفقت الديانات الثلاث على أن الله نور تم تشبيهه بالنور فيها جميعاً وفكرة التثليث أن الذات والجوهر طبيعة واحدة فالنور له شعاع وله قوة ضياء.. وهذا في الحقيقة جوهر النظرة المسيحية في التثليث كما جاء في كتب الآباء.. فعندما يقول المسيحيون إن الله واحد فهذا بالمعنى الكلي.. وبالعامية المصرية: مالوش تاني.. لكن النفاق الذي يحكم العلاقة بيننا يجعلنا نخفي ما لدينا.. في الاحتفالات العامة يتم افتتاحها باسم الإله الواحد الذي نعبده جميعاً.. مع أننا لو قلنا باسم الأب والابن والروح القدس، فذلك لا شيء فيه شعاع النور مولود من النور ولا مكان هنا لحمل أو ميلاد.

إذا اعترفنا بذلك فكل منا له دينه الذي يعتز به فيمكن أن يبدأ الحوار والمصالحة كما يرى الأنبا مكسيموس ويقول: نحن متفقون على وحدانية الله.. لكننا مختلفون في شرح جوهر هذه الوحدانية.. الإسلام ينظر إلى الوحدانية فهو فرد أحد صمد والمسيحية تنظر إلى الوحدانية بشكل ديناميكي.. ولا يوجد هنا مساس بجوهر الوحدانية.. لكن المشكلة التي تعاني منها الديانات.. أن الديانة الأولى لا تعترف بالديانة التي تأتي بعدها.. لأنها لو اعترفت بها فإنها ستصبح ناقصة وعلى اتباعها أن ينتقلوا إلى الديانة الجديدة.. ولو قبل أصحاب الديانات بذلك يكتبون كلمة النهاية لديانتهم.. ولذلك لا تعترف اليهودية بالمسيحية ولا تعترف المسيحية بالإسلام ولا يعترف الإسلام بالبهائية، رغم أنها كلها دينات تقول بوحدانية الله.. ولا يمكن أن نغير هذه المفاهيم لأن هذه هي الفلسفة التي قامت عليها الديانات.

وصلنا إلى بؤرة الخلاف إذن... ويشرح الأنبا مكسيموس فكرته يقول: إذا اراد الناس أن يجعلوا إيمان الديانات متشابهاً فلماذا جاءت متفرقة ومختلفة من الأساس.. فالإيمان لابد أن يكون مختلفاً ومتنوعاً.. ليس معقولاً أن ندمج كل شيء في حاجة واحدة.. فالخلافات موجودة ويجب أن تحزم ولا تثير مشاكل.. نتفق على أشياء ونختلف على أشياء.. وفكرة إنكار من يأتي بعدك هي في الأساس فكرة غبية ولا يجب أن نستسلم لها.. فماذا يعني أن تنكر ديانة يتبعها 2 مليار أو ديانة يتبعها مليار.. هذا ليس عقلاً.. إذن تعالوا نتفق أن الإيمان بين الديانات متنوع وقد حسم القرآن هذه القضية عندما قال "لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" القضية واضحة إذن فالله شاء يكون بين البشر تنوع.

وينتقل بنا الأنبا مكسيموس إلى مساحة أكثر اتساقاً مع نفسه وأفكاره فهو يرى أن اعترافه واحترامه للديانة الأخرى أياً كانت لا يلغي إيمانه بدينه ولا يقلل منه ولكنه واجب عليه وذلك من أجل أن يكتمل إيمانه يقول إذا كان إيماني يدعو للمحبة فأقل واجبات المحبة أن تحترم وتعترف بأصحابك وجيرانك من أبناء الدين الآخر وإلا سيكون إيمانك نظرياً مجرداً بدون تطبيق.. لقد أضفت إلى القداس فقرة صلاة من أجل المسلمين أقول فيها: من أجل جيراننا ومواطينينا وكل جموع المسلمين فالصلاة تتم من أجل خلاص العالم ومدينتنا هذه.. والمدينة التي نعيش فيها لا يقيم المسيحيون فقط.. فعندما أصلي من أجل المسلمين فإنني أطبق تعاليم المسيح ولا أخرج عنها، وعندما جاءني أفراد من طوائف مسيحية أخرى غير الأرثوذكسية وقالوا لي إنك تصلي من أجل المسلمين ولا تصلي من أجلنا.. فصليت من أجل طوائف المسيحيين أيضاً.. إن ذلك يمكننا أن نهزم فكرة التنافر التي صنعها تعاقب الأديان.

ولا يرفض مكسيموس أن يدعو المسلم إلى دينه وأن يدعو المسيحي أيضاً.. لكنه يدفع بفكرة جديدة علينا جميعاً يقول: ماذا لو تخلصنا من فكرة الضم الطائفي.. بحيث تصير الدعوة والتبشير قائمة على إظهار أفضل ما عندي.. ما لدي في ديني وليس أسوأ ما لديك في دينك.. إذا أردت أن يتبعني أحد فلأحدثه عما سيجده عندي من خير.. لا أحدثه عما سيجده عند غيري من شر.. ومازلت أذكر أنني أرسلت إلى زكريا بطرس الذي يطعن في الإسلام في كل برامجه وحواراته وقلت له بالنص: إذا كنت فاكر إن مجد المسيح سيبنى على أنقاض محمد فأنت تبشر بمسيح بلا مجد.

كانت هذه هي بعض الأفكار التي طرحها الأنبا مكسيموس على مائدة الحوار التي أمتدت بيننا.. يجمعه خيط واحد أن الخلاف مطلوب والتنوع في الإيمان بين الديانات أمر بشري وإنساني ولا يمكن أن يكون الناس على ذمة واحدة لذلك يجب أن يبحثوا عما يجمعهم لا ما يفرقهم.. فهذا أجدى للجميع.. لأن الخلافات لن تنجب غير القسوة.. والقسوة تقصم ظهور الرجال.. أعرف أن كلام الأنبا مكسيموس سيجر عليه المشاكل التي لا تنقصه فلديه منها الكثير.. لكنني وجدت لديه جرأة الفكرة وجرأة الاعتراف.. ولذلك فإنني لا ألقي بهذه الكلمات وأمضي ولكنني أطرحها للنقاش، لم تكن فضفضة ولم يكن أن نعتبرها مشروع حواراً حضارياً راقياً.. يمكن أن نتفق عليه.. ويمكن أن نختلف حوله لكن في النهاية من المهم أن نلتقي.

أصبح الأمر ملحاً ما في ذلك شك.. لقد طغت على السطح ظاهرة لا أعرف كيف يمكن أن نستوعبها أو نتعامل معها إن المسلمين يتقربون إلى الله بكراهيتهم للمسيحيين وبعضهم لهم.. المسيحيون يفعلون نفس الشيء.. ومن بين سطور هذه العلاقة يتسرب كل ما يمكن أن نطلق عليه ازدراء الأديان وتحقيرها وكراهيتها.. لقد وجدت كثيرين يصفون الطعن في الأديان بأنه قلة أدب وليس حرية رأي.. ويطالبون بإصدار قانون عاجل يمنع إزدراء الأديان ويعاقب كل من يقترب.. لكنني لا أعتقد أن هذا هو الحل.. لأننا إن لم نحترم الأديان من داخلنا فلن يجبرنا قانون على ذلك مهما كانت قوته.

جريدة الفجر 12/2/2007
..........................................

الأنبا مكسيموس في حوار بلا حساسيات
 

المحاور :نبيل عمر

حين وصلت إلى كنيسة الأنبا أثناسيوس في المقطم "باب حديد". ضربت الجرس ظهر عدد من الصبية يلعبون الكرة في الباحة الخارجية جنب السور، فتح لي أحدهم وسألني من تريد؟

قلت: الأنبا مكسيموس

ظهر عامل بسيط وقال: الدور الثالث.

في المسافة بين الباب الخارجي ومكتب السكرتيرة، تداعت عشرات الصور في مخليتي منذ لقاء الأنبا مكسيموس- قبل أكثر من شهرين – بنبأ تأسيس " المجمع المقدس للمسيحيين الأرثوذكس في مصر والشرق الأوسط " في بحيرة الحياة المصرية، فكان أشبه بعاصفة عاتية هزت ضفاف هذه البحيرة هزاً عنيفاً، وصنعت داخلها دوائر تكبر بالتدريج وتتسع، وما تلبث أن تهدأ ثم تعاود نشاطها، وتوالت الاتهامات والقضايا من كل اتجاه، خاصة أن الصحف دخلت طرفاً ولونت التصريحات المتبادلة وأضافت عليها كثير من البهارات وأحياناً النيران.

في ظل هذه العاصفة. غابت حقائق الصورة. ولم نعرف الإجابة عن أسئلة مهمة للغاية. ما حكاية الأنبا مكسيموس أو ماكس ميشيل؟ ما أهدافه؟ من يقف وراءه؟ من أين تمويله؟ ...إلخ

فهل يمكن الحصول على هذه الإجابات بعد أن هدأت العاصفة قليلاً ؟

صعدت إلى الدور الثالث، استقبلني أحد معاونيه، وجلسنا في صالون كبير بسيط لا تميزه إلا لوحات قليلة على الجدران بعضها ذات طابع ديني، دقائق ودخل هو مبتسماً ومرحباً...

ثم قال لي: أود أن " أفضفض" ببعض الآراء قبل أن تسألني.

قلت: لك ما تريد، ولكن لي حق نشره، فقط أنا ملزم بالإجابات التي ترد بها على أسئلتي.

قال: لا مانع.

ثم راح الأنبا مكسيموس يتحدث باستفاضة لمدة تجاوزت العشرين دقيقة، وهو يشرح أبعاد الأزمة والأسباب التي دفعته إلى تأسيس المجمع.

وقال: لم أشرح من قبل عمق الأزمة، حتى أتجنب الخوض في "حاجات" ستكون جارحة للبعض، القضية ليست شخصية، بل قضية وطن وأمة وكنيسة وشعب، ولم يعد خيار "الترطيب" مطروحاً، والأزمة ليست في البحث أو البرهنة على شرعية كنيسة جديدة، هذا أمر مقطوع به، والوثائق والمستندات موجودة في المحكمة، والسؤال لماذا نحن موجودون ؟ ..وجودنا ليس مجرد مجمع مقدس وإرسالية كنيسة في مصر، المسألة ببساطة أن فيه " محنة" تمر بها كنيستنا وشعبنا وأمتنا، وأن أيام العمر أوشك رصيدها على النفاذ، ولم يعد الأمر يحتمل الانتظار دون اتخاذ خطوة للخروج من هذه المحنة.

قلت: عبارة محنة كبيرة جدا، ولا أجد لها صدى في الواقع.

قال: هي محنة بالفعل.. ولها أبعاد..

أولا: حركة التفكير الطائفي وقد صارت منهاجاً وليست نتيجة، وأدت إلى تقسيم المجتمع إلى مسلمين ومسيحيين، وبما أننا كيانان مختلفان، فالطائفية تعني أن الحقوق مختلفة ومتصارعة، فأصبحنا في صراع، مرة صوته عالٍ ومرة صوته خفيض حسب الظروف، بل أن المسألة تجاوزت مسلمين ومسيحيين، وصارت الطائفية تنخر في أصحاب الديانة الواحدة، وصرنا نحن المسيحيين " واقفين" قدام بعضنا البعض، الأرثوذكس هم الصح، بينما الكاثوليك والبروتستانت هم غلط.

قلت: ليس إلى هذه الدرجة.

قلب الأنبا مكسيموس في بضع أوراق أمامه هي جزء من مذكرات الأب متى المسكين وقال: هذه عبارة خطيرة جدا كتبها الأب متى ويقول فيها: " طرحت سؤالا محرجاً: هل لن يدخل الملكوت البروتستانت والكاثوليك؟ كان رئيس الجماعة جالس وأسمه "ظريف عبد الله" (راعي كنيسة دمنهور بعدها)، فأخذ السؤال من فمي وطرحه على 20 شاباً، فكان الرد بالإجماع أن لا بروتستانتي ولا كاثوليكي سيدخل الملكوت طبعاً، وإلا فما قيمة الأرثوذكسية؟ وهنا فهمت أنني أمام كارثة إيمانية بل كارثة وطنية وشعبية معا.. إنها عتمة العقول وضيقها وانحصارها في أفق شخصي ورؤيا ضيقة " .

قلت: كل الديانات فيها أشياء متشابهة.

قال: بعيداً عن الكنيسة الأم وتعاليمها، لكن خطورة هذه الطائفية أنها قسّمت الناس داخل الكنيسة الأرثوذكسية نفسها إلى مدارس، هذه مدرسة أبونا متى المسكين، وهذه مدارس الأحد، وهذه مدرسة ثالثة، ثم تسببت في انقسام آخر داخل المدرسة الواحدة: من هو الأكثر ولاءً والأقل ولاءً ؟..وهكذا أخذت الطائفية تضيق وتضيق حتى انتهت إلى نقطة الالتفاف حول الذات والتحزب والتشيّع ورفض الآخر رفضاً مطلقاً.

وراح الأنبا مكسيموس يفند " البعد التعليمي" بشقيه: الرهبنة والمرجعية الدينية، وتحدث كثيراً عن اختزال الرهبنة في الطاعة المطلقة للزعيم أو الرئيس وفسرها بالتفصيل مدللاً على رأيه باقتباسات من مذكرات الأب متى المسكين، وكذلك تحدث عن مثالب في التعاليم ونوعيته ونوعية المعلمين غير المؤهلين وضآلة أعداد الحاصلين على درجة الدكتوراه والماجستير الذين يدرسون في كليات اللاهوت، بل تحدث عن أساقفة غير مؤهلين لاهوتياً..

وقال: إن هذه الحالة التعليمية انتهت إلى اختزال المرجعية الدينية في الأب الرئيس، ومع أن الأب الرئيس مهما كان علمه أو ثقافته أو إلمامه هو في النهاية فرد وليس تاريخاً ممتداً 2000 سنة وهو فرد وليس موسوعة دكاترة الكنيسة الآباء الذين أرسوا قواعد التعليم، وبالطبع بعد هذا الاختزال يسهل إقصاء كل من له رأي أو فكر مختلف، فهو كافر لابد من التنكيل به، أعداد كبيرة عانت ومازالت تعاني، كما لو أن محاكم التفتيش عادت من القرون الوسطى، فأصبح لدينا محاكمات بلا إثبات أو أدلة وأحياناً بلا عريضة اتهام، ناهيك عن تشويه السمعة والتقليل من القيمة و....و....

قلت: لم أسألك في هذا الجزء لأنه متعلق بالدين وليس هذا حوار دينياً. لكن إلى ماذا تهدف بهذا النقد؟

قال: إلى بيت القصيد. محنتي..

قلت: محنتك أنت؟

قال: نعم.. لأن في الوقت الذي جاء فيه أحد يعيد للكنيسة انتماءها الآبائي وتعاليمهم، ويعمل على إيضاح الواقع المتردي، فإذا به يجد الجميع متكتلاً ضده.

قلت إذن المسألة محلولة. من تسعى وراءهم يقفون ضدك. فلماذا إصرارك؟

قال: لأنهم باعوا عقولهم من زمان لما قيل لهم وتبرمجوا عليه، إنهم غير مدركين لمصالحهم، وخذ هذه العبارة من مذكرات الأب متى المسكين " كان ألعن ما واجهت في اختباراتي ومشاهداتي في أيام شبابي كيف يعرض الزعيم رأيه على من يتبعه فيستعبده وكيف يبيع الشباب عقولهم ونفوسهم بسذاجة عن حماس وإخلاص وثقة لمن هم ليسوا أبداً أهلاً لهذه الثقة.

قلت: لكن في رجال دين كبار في المجمع المقدس وليسوا مجرد " ناس عاديين يمكن التغرير بهم. وهم راضون عن الأحوال.

قال: نظرية الانتماء هي السبب، فكما قلت اختزلت الرهبنة والمرجعية في طاعة مطلقة للزعيم الأب، وأعرف كثيرين من أعضاء المجمع غير راضين عما يحدث، لكنهم لا يستطيعون النطق، وهم في الكنيسة يعرفون من هم الثائرون بأسمائهم.

قلت: كلام عام لا أملك دليل عليه.. ومن الطبيعي أن تقول ما قلت لتفسر به موقفك.

قال: لم أكن أود الخوض في هذا، لكني أنا مضطر أن أقول ما أقوله الآن. تعالوا نشوف الكيان الروحي للكنيسة من الداخل.

سألت: ماذا تقصد؟

أجاب: أحوال الناس.

سألت: وماذا بها؟

أجاب: 160 ألف حالة طلاق أمام المحاكم حتى سنة 2000، وأتصور أن الرقم زاد كثيرا جدا، ولو فرضنا أن كل أسرة مكونة من أربعة أو ثلاثة أفراد إذن فنحن نتحدث عن أكثر من نصف مليون مسيحي يعيش في أزمة حياتية يومية يعني غير مرتاحين بالمرة في حياتهم، ولا أحب أن أطيل في هذه القضية الشائكة جداً لأن تفاصيلها سخيفة، وخذ عندك هذه التساؤلات وأبحث لها عن إجابات: كم عدد المسيحيين الذين تركوا الديانة بجملتها؟ لماذا يتسرب الشباب بالمئات إلى اجتماعات وأنشطة الطوائف الإنجيلية بالرغم من الحصار الجبار المضروب حولهم؟ لماذا خلت الكنيسة من التراث العريق والمعروف عنها بين المسلمين قبل المسيحيين من أعمال معجزات الشفاء والتي ملأت تاريخ الكنيسة حتى البابا كيرلس السادس؟ كم عدد المسيحيين في السجون ؟

قلت متعجباً: السجون.. الجريمة لا ترتبط بالدين !

قال: لكن النسبة تزيد وقد صارت مزعجة. لقد وصلني خطاب من سجين مسيحي في سجن الغربينات (برج العرب) يطلب مساعدة ويقول إن عدد المساجين المسيحيين يقترب من المائتين، وهذا رقم كبير جدا.. وكان إبراهيم الجوهري أحد وجهاء الأقباط في القرن التاسع عشر يفاخر أن السجون خالية من أي قبطي.

قلت: إذن أنت المنقذ المخلص.

قال: هذه أوصاف كبيرة وأكبر من استطاعتي، ولكن أنا صوت إصلاحي صارخ في وسط أرض مصر، وأقدم نموذجاً عملياً من خلال كنيستي.

قلت: على حساب الكنيسة الأم.

قال: لم أعتمد على أحد، أقمت مجمعا موازياً أي منبراً موازياً، وهذا طريق سلمي للإصلاح مع كل الاحترام للجميع.

قلت: هذا تقسيم للكنيسة المصرية.

قال: لم أكن داخل الكنيسة المصرية وانقسمت عليها وإذا كان المسيحيين غير قادرين على قبول المسيحيين المتفقين معهم في الديانة ومختلفين عنهم في المنهج، فكيف يرفعون شعار المساواة والمواطنة ؟

قلت: لكن وجودك يمكن أن يمثل بؤرة استقطاب وبعض الارتباك لبعض رعايا الكنيسة القبطية.

قال: لا نريد استقطاباً بل نريد إصلاحاً، وإذا هم يصلحون من أنفسهم فلا يحدث مثل هذا الاستقطاب.

قلت: والارتباك بين بعض الرعايا. خاصة وأنت تغازلهم بحل مشكلاتهم الحياتية مثل الطلاق والزواج.

قال: أيهما أخطر.. الارتباك بين الكنيستين أم أن يظلوا في الحالة المتردية التي شرحتها، أنا لا أغازل ولكني أقدم حلول حقيقية.

قلت: لكن إذا أجرت الكنيسة إصلاحاً كما حدث في أوروبا وغيرها.. فسوف تنتفي أسباب وجودك بالتبعية.

قال: عندما يحدث هذا يكون لنا كلام آخر.

سألت: هل تعود إلى الكنيسة الأم وتندمج فيها.

أجاب: هذا احتمال وارد بشرط أن يعترفوا بنا.

قلت: لكن لا أحد يصدق أنك صنعت هذا بمفردك . فمن وراءك؟

قال: هذا نجاح خطير ودليل على تأثيري، وأيضاً يبين مدى القوة في رسالتي، فلا أحد قادر "يصدق" أن كل ما قمنا به هو مجهودات محلية ذاتية، وقد أثبت ذلك السفير الأمريكي بالقاهرة والبابا شنودة نفسه حين نفيا وجود أي دعم لي من أي جهة على الإطلاق، هذا يصب في حسابي ومصداقية دعوتي.

سألت: ومن أين التمويل وأنت تريد أن تبني عدداً من الكنائس؟

سألني: وكيف بُنيت كل الكنائس في مصر؟

قلت: يمكن أن تجيب.

قال: من تبرعات الملايين من المسيحيين قبل أن تظهر أمريكا والهيئات الأجنبية.. وعموماً الذين أطلقوا الشائعات خدموني من حيث لا يريدون.

قلت: وأنت أيضاً هاجمت الآخرين وعددت مثالب كثيرة.

قال: عند تأسيس المجمع الجديد كنت حريصاً على عدم الكلام عن المثالب، لكن بمرور الوقت وبعد الهجوم المتواصل بدأت أجيب عن الأسئلة المطروحة ومنها: لماذا أنا موجود؟

قلت: لم تعد الكنيسة الأم قلقة من وجودك.. فرعاياك محدودي العدد.

قال: رعاياي يزدادون يوم بعد يوم بالرغم من الحصار والتشويه، وأرجو ألا تكون "قلقانة"، حتى يوقفوا تيار الهجوم والتجريح، وأنا أنصحهم بأن ينتظروا ويتبعوا القاعدة الذهبية القائلة: إن الذي من الله يثبت، وأن الذي ليس من الله يسقط، والأيام بيننا والأفق لا يحتضن ميت الطيور.

قلت: يعني أي أحد يختلف مع الكنيسة يؤسس " مجمعاً مقدساً " ونظل منتظرين ما سوف يحدث له بفعل هذه القاعدة الذهبية.

قال: بالطبع لا ..ليس أي واحد يستطيع أن يؤسس مجمعاً أو ينشأ كنيسة، وأنا مش أي أحد، أنا أسقف ورئيس أساقفة من مجمع مقدس عالمي، وحاصل على درجة دكتوراه في اللاهوت، عندي الصلاحيات والشرعية.

قلت: يعني أي أسقف حاصل على دكتوراه في اللاهوت يختلف مع كنيسته يؤسس مجمعاً مقدساً ؟

قال: أنا رئيس أساقفة من مجمع عالمي في أمريكا، ومعي وثائق معتمدة من الخارجية الأمريكية والخارجية المصرية، ولهذا السبب احترمت الدولة وضعي لشرعيته، أنا لست أي أحد، أنا أبني بناء له أساس.

قلت: الأب متى المسكين أختلف ولم يؤسس مجمعاً ؟

قال: لو عملها كان زمانه أراحنا وشال عنا هذا العبء الكبير.

قلت: لكنه لم يعملها!

قال: هذه نقطة اختلاف معه. وكنت عارفها وهذا يفسر لماذا تأسس المجمع المقدس بعد وفاته احتراماً لرغبته.

قلت: تقصد أنك لم تستغل مرض البابا شنودة ووجوده في الخارج لإعلان المجمع.

قال: هذا مجرد مصادفة. ولو لم يسافر كان المجمع سيؤسس في موعده بعد رحيل الأب متى المسكين.

قلت: ولكن الكنيسة المصرية تطعن في هذا المجمع العالمي وتقول إنه غير معترف به من المجامع الأخرى.

قال: كلها افتراءات ويمكن أن تأخذ نسخة من الوثائق معك، وهم لا يستطيعون أن يقدموا وثيقة واحدة عكسية غير الكلام الشفهي، المجمع الذي أنتمي إليه ينحدر من الكنيسة اليونانية القديمة، وله أفرع في أوروبا وأمريكا، ولا يوجد ما يسمى باعترافات متبادلة بين المجامع، كل مجمع قائم بذاته.

قلت: يقال أن أعضائه هم أنفسهم منشقون عن كنائسهم.

قال: عليهم أن يقدموا الدليل.

سألت: ما الذي تغير بعد نزولك إلى الساحة؟

أجاب: الناس بدأت تفكر والملفات بدأت تتفتح، وعليهم الآن أن يجيبوا عن أسئلة كثيرة مثل: أين هي عرائض الاتهام ضد كل الذين قُدموا للمحاكمة؟ أين هي ملفات هذه المحاكمات لكل من حُكم عليهم؟ لماذا تمُنح تصاريح زواج لأشخاص و لا تمُنح لغيرهم من نفس ظروفهم؟ ما هي أسماء كتب الآباء التي تدرس في كليات اللاهوت؟ ما أسماء الدكاترة الذين يدرّسون بها ؟ ما هي المرجعية الآبائية التي على أساسها هوجمت كتب الأب متى المسكين؟

وهذه الأسئلة مطروحة أمام الرأي العام دون إجابات؟

سألت: ألا تشعر أن ما قمت به هو مغامرة صعبة ؟

أجاب: إلى حد ما. لكن كان المطلوب أن أحد يدق الجرس، كانت تلك مهمتي، ولم يكن ممكناً أن أغامر إلا بعد أن صرت انتمي لمجمع مقدس آخر فلا يجرؤ أحد على المساس بي.

قلت: يعني أنت مش حماية ؟

قال ضاحكاً: حماية مصرية.

الفجر 11/9/2006
...................................

الأنبا ماكسيموس: البابا شنودة جعل من نفسه إلهاً

حوار حسن الشيخ

أسقف كنيسة المقطم "ماكسيموس" ... كان أحد المتابعين لما يحدث في الشأن القبطي خلال الأيام الأخيرة وخاصة الأزمة التي وقعت بسبب قضية الباحث جورج حبيب... التقته "الخميس" للتعرف على رأيه في القضية ومستقبل الكنيسة عموماً في ظل وجود انقسام داخلها حول قرارها بقطع حبيب... فأكد أن القرار لا يخضع لأية معايير كنسيّة ولكن الكنيسة أرادت أن تعيد عقاب جورج بسبب خروجه عليها وتخويف الباقين... ولكنها تواجه الآن موقفاً حرجاً لأن الأمر أخطر من مجرد محاكمة باحث ولكنه يمثل صدمه للمجتمع القبطي فيما يؤمن به... أسقف كنيسة المقطم كان له رأي آخر في الحوار التالي:

* كيف ترى ما حدث في قضية جورج حبيب؟

** القضية هي قضية المرجعية وامتلاك الحقيقة المطلقة، وحينما يمتلك الحاكم فكرة الحقيقة المطلقة يصبح ديكتاتوراً، ولكن حينما يمتلكها رجل الدين يصبح "إلهاً"، لأنه في هذه الحالة يكون كلامه باسم الله وأوامره باسم الله لأنه أصبح المرجعية في ذاته وهذا هو بيت القصيد وهذه هي الأزمة الحقيقية لأنه على مدى سنوات طويلة نجح الرجل أن يجعل من نفسه مالك الحقيقة والمرجعية الكاملة.. وهذا أدى إلى توغله في الطغيان ساعده في ذلك وقوع حدثين متناقضيْن ولكنه استفاد منهما، الأول عندما اصطدم بالرئيس السادات، وعامله السادات بطريقة ديكتاتورية جعلت منه بطلاً شعبياً وحامي الحمى.. لذلك كان التصادم مع رأس الدولة لزيادة الطغيان، ولما رحل السادات وجاء الرئيس مبارك وأراد أن يلم الشمل ويقضى على أسباب الفتنة والتناقضات الموجودة، أدى هذا أيضاً لزيادة الطغيان لأن الدولة تحترم الشئون الداخلية في الكنيسة.. هذا على المستوى السياسي، أما على المستوى التنفيذي فقد حكم لأكثر من 35 عاماً لذلك فكل الشخصيات الكنسية الكبيرة رحلت، ولم يبق إلا شخص أو اثنين على الأكثر منهم، وحوالى 98% من رجال الكنيسة الحاليين من تلاميذه الشباب الذي قام بترسيمهم بنفسه.. 95% منهم لم يدرسوا اللاهوت ولم يدخلوا معاهد لاهوتية في أبسط صورها ولكنهم وصلوا إلى ذلك من باب الرهبنة إذن هناك عدد هائل من الأساقفة غير مؤهلين وهو الذي رسمهم وهو المرجعية وكل ما يقوله هو "الصح".. وهذا هو السبب الثالث لاستمرار حالة الطغيان الحالية.

أما جورج حبيب فهو خريج جامعة كامبريدج وهى أعرق جامعة تدرس اللاهوت في العالم وهو باحث متمكن وأستاذ على مدى سنوات طويلة، وأشياء كثيرة.. الرجل أتى بنصوص المرجعية نصوص الآباء.. ومرجعية الآباء هي المرجعية الوحيدة في الأرثوذكسية ولكن أخانا العزيز جعل نفسه المرجعية الوحيدة.. جورج أتى بهذه النصوص من أقوال الآباء.

* لماذا طردت الكنيسة جورج حبيب في المرة الأولى؟

** عندما اصطدم البابا شنودة مع الرئيس السادات.. وصفه جورج بأنه أحمق سياسياً بسبب صدامه مع رئيس الدولة، بدلاً من وصف الحادثة بأنها حماقة سياسية فكان أول قرار يصدره البابا شنودة بعد عودته من الدير فصل جورج.. بل أنه أرسل خلفه الأنبا بيشوى في انجلترا وقال لهم أن جورج عبارة عن ضابط مخابرات مصري.. وتم القضاء على هذا كله بانضمامه للكنيسة الوطنية الانجليزية.

* إذن لماذا تم طرده مرة أخرى؟

** جورج الآن في أمريكا كباحث له نشاطه وأبحاثه ولكن قرار الطرد الأخير كان من أجل تحقيق هدفين الأول عبارة عن انتقام أدبي، الثاني والأهم تخويف الآخرين ومحاولة استعادة الهيبة المفقودة والتي فشلوا على تأكيدها في المواجهة التي تمت مع المجمع الخاص بنا، وهذه فرصة لكي يثبتوا قوتهم.

* لماذا كان رد فعل الكنيسة بهذه القسوة؟

** لأن جورج وضعهم على المحك، من خلال الانطلاق من تعاليم الآباء فقد أتى بالأقوال والنصوص للآباء ووضعها في مواجهه أقوال الأنبا شنودة.. وطلب المقارنة.. وأنا قارنت بنفسي بين الاثنين فوجدت ما جاء به جورج موجوداً في المراجع وهو بجانب كلام البطريرك متناقض تماماً.. والأغرب أن البطريرك لم يجد رداً على ما جاء به جورج بشكل منطقي.. والحقيقة أن البطريرك وجد نفسه في أصعب موقف في حياته، لأنه ظل لسنوات طويلة يتحدث ويقول على لسان الآباء، مستغلاً جهل المستمعين وفجأة يأتي من يثبت عكس ذلك.. لذلك لم يجد أمامه بداً من اتخاذ قرار القطع.. ولكن نحن نقول له مهما كان القرار مطلوب رد منك على ما جاء به جورج من أقوال الآباء.. ومهما كانت أخطاء جورج.

* مجموعة كبيرة من المراقبين مستنكرة موقف الكنيسة؟

** الآن جميع المسيحيين في مساومة على إيمانهم، فإما أن تنكر إيمان الآباء من أجل إنقاذ الأنبا شنودة، وهذه خسارة ما بعدها خسارة، وإما مواجهه الحقيقة وهذا يُعد إحراجاً كبيراً له.

* إذن كيف ترى مستقبل الكنيسة في ضوء هذه الأحداث؟

** حدوث انقسام.

* وهل لا يوجد فيها انقسام الآن وقبل قضية جورج؟

** الانقسام سيكون أكبر بكثير.. ولكن ما حدث أنه خطّأ الآباء ولم يخطّئ جورج وحده ولم يحسب حساب الناس الذين لديهم الأدلة والدراسة التي تؤكد خطأه.. ونشر ذلك وإعلانه على العامة سيسهم في زيادة الانقسام.

* هل البابا شنودة هو المنفرد بالقرار داخل الكنيسة أم أن هناك آخرين يقررون بالنيابة؟

** في المسائل اللاهوتية هو وحده الذي يقرر ويتكلم.. في قضية أخرى يمكن أن يقرر آخرون مثلما حدث في قضية كيرلس في نجع حمادي عندما وقع ضحية معلومات كاذبة اكتشفها عندما وجد 11 قسيساً من الـ12 ينكرون ما جاء على لسانهم.. ولكن قضايا التعليم، هو الوحيد الذي يتحدث فيها لأنه لا يجد في الكنيسة من يستطيع الكلام فيها.

* إذن مع هذا الحال كيف سيكون حال الكنيسة في المستقبل؟

** الصورة ظلامية ولا أستطيع التنبؤ برد فعل الشعب القبطي، هل سينطق هؤلاء غير الراضين.. سأفترض سيناريوهين.. أن يظل الصامتون كما هم، وتستمر شلة " الهتّيفة " وفي هذه الحالة سيحدث نوع من تطويق القضية.. والاحتمال الثاني أن يفصح الصامتون عن صمتهم وهذا يتطلب شجاعة.. وإذا حدث ذلك فإما سيكون هناك إما الردع وإما الانقسام.. فإذا تعالت الأصوات وطالبت بأقوال الآباء كمرجعية سيكون أمام القادة خياران أن تتراجع أمام هذا الضغط وتعيد تصحيح إيمانها أو تصر على الانفراد بالرأي.

* هل القيادة الدينية رجل؟

** حتماً لابد أن يكون رجل دولة ولكن من غير المزايدة على رئيس الجمهورية أو قرارات الدولة على سبيل المثال الحكومة وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل والمعارضة ترفضها..فلماذا ترفض وأنت لست حزباً سياسياً معارضاً ،أنت رجل دولة تخصصك أن ترعى شعبك وتعمل على تحقيق متطلباته لا التدخل والمزايدة على قرارات الدولة.

* إذن أنت ضد موقفه من إسرائيل.. ومستعد للذهاب الى هناك؟

** نعم أنا سأذهب لزيارة المقدسات وليس لزيارة الخارجية الإسرائيلية أوحتى المعالم الإسرائيلية.. وأرى أن قرار مقاطعة إسرائيل هو عبارة عن مزايدة على قرار الدولة، ودوره كرجل دين لابد أن يبحث عن السلام ويسعى إليه بدلا من المقاطعة.

* كيف ترى دور الأقباط في الأحداث السياسية الأخيرة بداية من الانتخابات التشريعية ونهاية بالمادة الثانية من الدستور؟

** الحكاية لعبة بين الطرفين.. مع أن أوراق الجميع مكشوفة أنا أرى أن الاتجاه نفاقي مستمر.. هنا رأى وفي الخارج رأي آخر.. لماذا لا يكون هناك رأي واحد لا نفاق ولا مجاملة فيه يضع الأمور في نصابها.

* ما رأيك شخصياً في المادة الثانية؟

** المادة الثانية يشوبها نقص يجعلها متناقضة مع نفسها.. فهي تقول إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع.. والتناقض أن الشريعة تقول أن يحكم أهل الكتاب مع ما أنزل الله فيه، لذلك نحتاج إلى ذكر باقي الشرائع فيما يخصها لكن لا ينبغي المطالبة بإلغائها.. لأن أغلبية السكان مسلمون.. وهم وحدهم القادرون على إلغائها.. ولكن أن نطالب نحن فهذا تجاوز من الأقباط.

* فلماذا كل هذه الضجة من أقباط المهجر؟

** ليس لدى اتصالات بهم، ولا أعلم ماذا يحركهم في هذه القضية ويحرك مزاجهم الفكري عموماً.

* وكيف يتعاملون مع قضايا الداخل؟

** تحركهم العلاقة غير السوية بين الدولة والكنيسة، لأنها غير قائمة على الصراحة والتفاهم، ولكنها قائمة على الالتفاف والمنافقة، لكنها ولّدت ردود أفعال متعددة.. والصحيح أن أقيم علاقة سوية مع السلطة على أساس معطيات الإنجيل من جانبي وسيادة الدولة من جانبها علاقة تعطي للدولة حقها وآخذ أنا حقي منها بطريقة واضحة دون التفاف أو من خلال تصريحات متضادة.

* وهل علاقتك بالدولة تخضع لهذه الشروط؟

** نعم.. أنا ملتزم بالخضوع لسلطان الدولة، ولا أعمل في السياسة، وأنا أطلب من الدولة كل ما أراه حقاً للمواطن المسيحي على أرضية المصارحة من خلال علاقة صريحة بين الطرفين.

* ما مدى صحة مطالبتك الحماية من الدولة من رجال الأعمال التابعين للكنيسة؟

** أنا لا أخاف إلا من الله.. ولا أخاف من أي أحد.. لأني أخضع للدولة لأنها سنة الله، فلا أحد يرهبني.

* وما هي آخر أخبار القضايا المرفوعة ضدك من الكنيسة أو من يمثلها؟

** قضية الإيصال المزور لم نجد صاحبها والمسالة مسألة وقت لحين رد الجهات الرسمية على المحكمة، أما ما يخص أوراقنا المعتمدة فهي ليس فيها شك على الإطلاق وصادرة من الجهات الرسمية التي اعتمدتها على جميع المستويات.. ولكن الطرف الآخر لا يخجل عندما تثبت له بالمستندات خطأه كما حدث في حكاية الكنيسة اليونانية.

* ما هى علاقتك بدير أبو مقار؟

** ليس لي علاقة مع الدير ولكن العلاقة مع كتب الآباء التي ذهب إليها الأب متى المسكين وأنا تخصصت في نفس المجال وكذلك جورج حبيب.

* كيف تنظر إلى المحاكمات الكنسية؟

** المحاكمات الكنسية حسب الكتب لها قواعد أهمها أن يجتمع الأساقفة أو لجنة منهم وأن يعدّوا عريضة اتهام، وأن تستشهد عريضة الاتهام بخطأ الشخص، وذِكْر ما يقابله من المرجعية ثم منح الفرصة للدفاع عن النفس، وأخيراً إما أن يقبل ما هو صواباً أو يصدر عليه الحكم.. وما حدث مع جورج ليس فيه أي شرط من هذه الشروط.

فقد قالوا أن جورج لديه انحرافات ولم يذكروها، وأنا راجعت جزأين مما قاله جورج ووجدت ما يماثلهما في مرجعية الآباء. الحكم على جورج في منتهى الخطورة لأنهم جرموا من يتبعه.. وهذا الحكم هلامي لأن أي فرد لن يعجب الكنيسة سيتم الحكم عليه بأنه تابع لجورج.

* ما رأيك في الجناح الإصلاحي داخل الكنيسة؟

** مجرد صراخ وصوت عالٍ فقط، والصراخ لا يزحزح المتسلط، ولكنه أحياناً يزيده قوة.. وإذا كانوا جادين وشجعاناً عليهم أن يكون لهم موقف وإجراء وليس صراخاً فقط.

* ماذا يحتاج المجتمع القبطي؟

** ينقصه كنيسة أو كيان قادر على رعايته واحتضانه، ولا يتسلط عليه ويحتقر مشاكله واحتياجاته.. فالكنيسة رأيها على سبيل المثال ألا يتزوج المسيحي إلا بشروط وعليه أن يضرب رأسه في الحائط.. المجتمع يحتاج إلى دفء الكنيسة ورعايتها والإجابة على احتياجاته ومشاكله.. وكمية الأموال الرهيبة التي تَرد للكنيسة من المهجر وتُصرف على البذخ الإعلامي لتحجيم الآخرين، لو أُنفقت على فقراء الأقباط لقضت على الفقر بين الأقباط.

* وهل تقدم كل هذه الخدمات؟ ومن أين يأتي التمويل؟

** بكل ثقة نعم.. والدليل أن مع كل هذا الإرهاب والتخويف يأتي إلينا الأقباط والتمويل 100% من العشور وجميع الأعضاء ملتزمون بسداد هذا العشر الذي يتم الإنفاق منه على الكنيسة ومجتمعها.. وهو ما يعنى أن كل عشرة أفراد ينفقون على مواطن.. وحتى لو تم إنفاق النصف على الكيان، تستطيع أيضاً الإنفاق على المجتمع.

* بالمناسبة ما هو رأيك في الحزب الديني؟

** الحزب الديني عنصري لأنه لا يقوم على القانون، بل يقوم على الفتاوى، وأنا أرفض الحزب القبطي أكثر من الحزب الإسلامي، لأن الإسلامي يسمح بتعدد الفتاوى أما القبطي فلا.

الأنبا شنودة وعياله الغجر
شهادة رجب البنا
من الكشح إلى نجع حمادي ـ متى يستيقظ ضمير النظام المصري؟
كيف انحدرت مصر الى حضيض نجع حمادي؟
علي من تقع مسؤولية إشعال الفتن في مصر؟!
الفتنة الطائفية في مصر والحقيقة الغائبة
السياسة السعودية ودورها في الازهر
حادثة نجع حمادى والسقوط المدوى للاعلام المصرى
تاريخ الكنيسة المصرية
تاريخ الكنيسة المصرية -2
نعم.. نحن نظلم النصارى!
مقطع من يوميات مواطن قبطي
متى المسكين.. اللاهوت قبل السياسة
الطائفية والانقسام
الأنبا مكسيموس: حادث نجع حمادي نتيجة استفزازات الكنيسة
ماكسيموس: وهبني الله حب محمد
العنف الطائفي في مصر: كلنا مضطهدون
من الذى أيقظ الفتنة (1) ؟؟
من الذى أيقظ الفتنة (2) ؟؟
هل وقعت الفتنة الطائفية.. أم لا تزال هناك فرصة أخيرة؟
القسيس السافل
القسيس السافل -2
ذكريات عن الأقباط من الزمن الجميل

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية