مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

حرية الرأي والحرب النفسية

 

غنيم

 

بقلم : مسعد غنيم
....................

الأمر يخص مقالات أو بالأحرى بحوث الأستاذ سعد رجب صادق التي احتفت بها مصرنا وأعادت نشرها تقديرا لحجم الجهد المبذول فيها وتنوع موضوعاتها عن تحليل مشاكل الوطن المصري، واحتراما من مصرنا لحرية الرأي وعدم التحيز على صفحاتها. وكان رئيس تحرير مصرنا قد قام بأكثر من محاولة للتعرف إلى شخصية الكاتب، ولكن دون جدوى حيث لم يرسل الكاتب أي معلومات يمكن بها تعريفه لدى القراء الكرام أسوة بالمتبع مع باقي المحررين الثابتين. وقد أثار هذا التكتم والضبابية الشكوك حول مصدر هذه البحوث المطولة وهذا التنوع في مجالات البحث, وحرصا من إدارة تحرير مصرنا أولا على حرية رأي الكاتب بشكل عام، بعد وضوح مصادر ما تقدمه لقارئها المميز، وكذا الغرض من طلب نشرها أصلا، فقد قامت الإدارة بدراسة وتحليل مقالات وبحوث الكاتب للوقوف على مضمونها واستقراء الغرض منها، وكانت نتائج التحليل كالآتي:

1. قدرة الكاتب العالية على غزارة الكتابة إلى حد الإغراق والاستغراق!؛ ومثل هذا الإنتاج الغزير من المعلومات والاستشهاد بهذا الكم من المراجع والمصادر يتطلب التفرغ التام من أي كاتب ولمدد طويلة، وهذا يثير التساؤل عن دوافع الكاتب: هل هي فعلا إخلاص شديد لمصر وشعبها؟ ولو كان ذلك كذلك؛ من الذي يدفع ثمن هذا التفرغ في الحياة الطبيعية لأي كاتب؟ ومن أين يرتزق حيث أن الكتابة في مصرنا عمل تطوعي بحت؟! أم أن الكاتب قد وقف أمواله كعمل خيري من أجل مصر؟!

2. تنوع موضوعات البحث وتعدد المصادر بشكل كبير، مع عدم وضوح تخصص الكاتب، فهو يتحدث في كل شئئ تقريبا!: علوم الإجتماع والنفس والتاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد والديموجرافيا والتعليم و... إلخ. ومثل هذا التنوع الكبير في التخصص يثير أيضا التساؤل عن طبيعة شخص الكاتب وراء هذه البحوث المتنوعة، وهل هو شخص طبيعي أم هو مؤسسة ما؟! وإذا كان شخصا طبيعا متفرغا، فما هي مصادر تمويله؟ وإذا كانت مؤسسة ما، فهنا يجب علينا التوقف والفهم.

3. إذا سلمنا وبحسن نية في أن الكاتب شخص يحب مصر ووقف وقته وجهدة لبحث مشاكلها ووضح الحلول لها، فإن مجرد غزارة الإنتاج وتنوع الموضوعات لا عيب فيهما من حيث المبدأ حتى مع ضعف إحتمالاتهما؛ إلا أن التحليل وصل بنا بعد الدهشة من الكم إلى مفاجأة في الكيف، فقد فوجئنا بالغياب التام للمنهجية العلمية في كل هذا السيل من الكتابة والبحث!!؛ والأسباب في ذلك هي:

- أولا: الإنتقائية والتحيز

• الإنتقائية الواضحة في تحديد المصادر سواء الكتب أو المقالات، ويتم الإنتقاء دائما لما يهاجم به ثورة يوليو 52 وثورة 30 يونيو بشكل مركز وواضح التحيز؛
• الإنتقائية في اختيار المصادر من كاتبي المقالات اللذين يتخذون موقفا عدائيا من جيش مصر بصفة عامة، ويستخدم في ذلك لفظ "العسكر" الذي هو من صنع وتسويق آلة التشويه التي تديرها جماعة الإخوان ضد جيش مصر، وهو التعبير الشائع عن قوات المماليك المرتزقه والتي لا تنتمي للشعب المصري، في تعمد للحط من شأن جيش مصر الحديث منذ أنشأه محمد على وطوره جمال عبد الناصر، وبذلك يشوه تاريخه وذلك بدلا من التتعبير الوطني وهو "الجيش". نجد في مقدمة الكتاب المراجع للكاتب، الكاتب فهمي هويدي الذي اتضح مماهاته مع تنظيم الإخوان، وذلك في مقدمه مرجيعات الكاتب وتواتر الرجوع إليه بشكل مكثف.
• إنعدام أي إشارة أو مرجعيات تتبنى أي إيجابيات لثورة يوليو 52 أو ثورة الشعب المصري في 25 يناير و 30 يونيو؛ بل تكاد كل رؤية الكاتب تنحصر في تحقير الشعب المصري وإلقاء اللوم عليه لأنه استنهض جيشه واعتبر الكاتب ذلك جريمة كبرى يرتكبها الشعب المصري، وإن كان يشير إليه بأنهم بعض المصريين!!؛
• لا يبدي الكاتب الحد الأدنى من الإحترام لشعب مصر كله من خلال انتقائه لسلبياته المعروفة للقاصي والداني، مع الحرص على عدم التعرض لأي إيجابيات!!؛ وذلك في مجافاة منطقية لأبسط قواعد الإنصاف. وكل ذلك خلف ستار من إدعاء النقد الذاتي والمكاشفة، وواقع البحوث ينبئ بوضوح أن الغرض هو بث اليأس وتحطيم الروح المعنوية في نفوس المصريين، فالفارق كبير بين النقد والنقض، بين النقد البناء والنقض الهدام.

- ثانيا: الإجتزاء والتزييف

• يتعمد الكاتب الإجتزاء الواضح من المراجع من أجل التركيز على الصفات السلبية للشعب المصري، بل وحتى أنه ينعي الموقع الجغرافي لمصر! فاستثناء من مراجعه السلبية بصفة عامة، وباختصار مخل لا يتفق وقيمة المرجع على الإطلاق، استشهد الكاتب بكتاب "شخصية مصر" للراحل العظيم د. جمال حمدان. فكان أن ما عرضه الكاتب في سطور قليلة من بحوثه الطويلة وبشكل فج يثير الدهشة في سقطة لا يقع فيها كاتب مبتدأ. فالكاتب عند رجوعه لكتاب جمال حمدان كله والذي يقع في أربعة اجزاء (جـ 2 وحده يبلغ 1018 صفحة) لم يفهم أو لم يرد أن يفهم عن موقع مصر غير أنه "جنى" على مصر أو أنه "محنة" أبتلي بها الشعب المصري، وراح ينعي وينوح على سوء حظ مصر بموقعها!!! وذلك في مفارقة صارخة لفلسفة وموضوع كتاب جمال حمدان حيث أن الكاتب تجاهل أو جهل تماما أن العنوان الفرعي لرائعة جمال حمدان هو "عبقرية" المكان وليست "محنته"!!!!! وهي خلاصة وأساس الكتاب أصلا!! فأي إجتزاء فاضح هذا؟ بل أي تزوير مفضوح هذا؟. فلم ير الأستاذ سعد رجب صادق (إذا كان شخصا حقيقيا) غير الشذرات التي قام فيها حمدان بالرد على مقولة "محنة" الموقع! واعتبرها كاتبنا هي الأصل في موضوع الكتاب وليس شرح وتفنيد من جمال حمدان على مقولة المحنة: ولننظر في بعض مما ملأ كتاب جمال حمدان بشأن "عبقرية" الموقع: يقول في الجزء الثاني صفحة 799 من طبعة عالم الكتب 1981؛ "......من الخطأ والخلط أن نقول كما يقال أحيانا إن القناة بذلك قد جنت على مصر أو إن موقعنا قد جنى على استقلالنا...". وفي صفحة 800 يقول: "... وآخرون اعتبروا أن التعارض بين مصالح الموقع ومصالح الموضع في مصر ضرورة حتمية مهما كانت مؤسفة. ولكن من الواضح تماما أن مثل هذا التعارض لا يمكن أن يقوم إلا في ظل منطق إستعماري منحرف مختل، أما من وجهة النظر الوطنية فلا تعارض البته، فالموقع والموضع كلاهما جزء لا يتجزأ من مصر وهما معا عضوان متكاملان متناغمان في الجسم الوطني السياسي".

• ويحسم جمال حمدان أمر الموقع في صفحة 820 من الجزء الثاني من كتاب شخصية مصر بقوله: ليس الموقف إذن، دعنا نستدرك بشدة وبسرعة، "نعيا" ولا "رثاء" لموقع مصر الجغرافي التاريخي، وإن كان فيه يقينا ما يدعو إلى الرثاء ولكن أكثر منه إلى الصمود والإصرار على مواجهته وتصحيحه إلى أقصى حد بوعي واقتدار. على أن "العزاء" الحقيقي أن الموقف برمته عابر مؤقت مهما طال، فهو موقوت بعمر البترول الخليجي، وبعده يتذبذب البندول مرة أخرى في الاتجاه الصحيح نحو الغرب مثلما فعل دائما. فمصر رغم كل شئ موقع خالد لا يمكن أن يتجاهل او أو يهمل أو يبلى. فمنذ صنعت مصر التاريخ، عاشت فيه كل عمرها، وكان تاريخها دائما مرتبطا أشد الارتباط بالتاريخ العالمي، ولم يغادرها التاريخ قط ولا نسيها، كل أولئك بفضل موقعها الباقي".

• ثم يختتم د. جمال حمدان تقويمه لموقع مصر في صفحة 875 من الجزء الثاني بقوله: "..... وأن "كنانة الله"، "مصر المحروسة"، يمكنها أن تنطلق إلى مستقبلها وأهدافها مطمئنة إلى أنها سيدة نفسها ومالكة أمرها من يمين أو شمال بلا أدنى شك أو قلق، لأن ما كان أبوه التاريخ وأمه الجغرافيا فهو من صنع الطبيعة وصلبها".

النتائج

 بناء على نتائج التحليل أعلاه، نعتقد أن الكاتب المدعو سعد رجب صادق قدم بحوثا متنوعة وغزيرة بشكل لا يتفق والجهد الفردي العادي لأي كاتب، ناهيك عن الإنقطاع والتفرغ، وهو أمر يثير الشك في طبيعة شخصيته، و دوافعه وهدفه. ومن ثم نشك أن وراءه مؤسسة ما، مخابراتية أو ما شابه، هدفها بث اليأس في نفوس المصريين وتدمير روحهم المعنوية من خلال حرب نفسية واضحة، وفي إطار الحرب القائمة بالفعل على مصر من داخلها على يد تنظيم الإخوان، ومن خارجها كما هو معلوم بالواقع.

 أن إنتقائية ذلك الكاتب، أيا كانت طبيعته، وإجتزائه للنصوص من مراجعه بشكل واضح يثير الشفقة مهنيا، قد حول بحوثه إلى تزييف مفضوح في مرثية بكائية على مصر موقعا! وشعبا وحكومة، وشوه كل النجاحات التي حققتها مصر على يد جمال عبد الناصر – برغم أي أخطاء- واستغل اخطاء السادات وخطايا مبارك في تعميم الفشل والقتل والسحل على ما يصر بتسميتهم "العسكر" هذا في الوقت الذي يجهد الكاتب نفسه في الدفاع عن تنظيم الإخوان، حيث راح يلتمس العذر والتبرير لهذا التنظيم المسلح والتكفيري لشعب مصر.

 أن إنتقائية الكاتب وإجنزائه للنصوص وتعميمه للأحكام تعدت إلى تسفيه ونسف وتشويه كل ما يفخر به المصريون الآن من ثورتي 25 يناير و 30 يونيو ولم ير فيهما الكاتب إلا دموية "العسكر" كما يصر الكاتب على وصف جيش مصر الوطني، وإدعائه بأنه قتل وحرق الإخوان الضحايا المساكين الذين كان بعضهم فقط يحمل السلاح في رابعة العدوية!!!، كما استشهد كاتبنا بكاتب أجنبي، مبررا جريمة الإخوان التي انكشفت على ما يبدو بعد طول إنكار!!. فماذا يتبقى لاغلبية المصريين الذين خرجوا في ثورة كاسحة في 25 يناير 2011 ثم في 30 يونيو 2013؟ وللجيش الوطني الذي لبى نداء شعبه؟! هل يتركوا مصر لمثل هذا الكاتب وللأقلية الإخوانية ويرحلوا إلى بلاد الله؟!

 

صادق

 

الخلاصة:

لا تجد إدارة تحرير مصرنا أوقع ولا أبلغ من حكم د. جمال حمدان صاحب شخصية مصر الذي استشهد به الكاتب المدعو سعد رجب صادق بالإجتزاء المشين من أصل الكتاب وبعكس موضوعه وهدفه وفلسفته! فوقع في سذاجة واستهتار مهني بالغ في شر أعماله، وحكم جمال حمدان على الكاتب من خلال ما أوضحناه سابقا هو:

 أن ما اجتزأه الكاتب من رائعة جمال حمدان هو خطأ وخلط.
 أن منطق الكاتب في هذا الإجتزاء يخدم منطق إستعماري منحرف مختل.
 أن مصر رغم كل شئ موقع خالد لا يمكن أن يتجاهل او أو يهمل أو يبلى، بعكس ما يدعيه الكاتب ويروجه.
 أن مصر لا تحتاج "نعيا" ولا "رثاء" لموقعها الجغرافي التاريخي، وإن كان فيه يقينا ما يدعو إلى الرثاء ولكن أكثر منه إلى الصمود والإصرار على مواجهته وتصحيحه إلى أقصى حد بوعي واقتدار. وهو الجانب الذي تعامى عنه الكاتب حتى يصل برسالة اليأس والإحباط إلى منتهاها لدى الشعب المصري.
 أن "كنانة الله"، "مصر المحروسة"، يمكنها أن تنطلق إلى مستقبلها وأهدافها مطمئنة إلى أنها سيدة نفسها ومالكة أمرها من يمين أو شمال بلا أدنى شك أو قلق، لأن ما كان أبوه التاريخ وأمه الجغرافيا فهو من صنع الطبيعة وصلبها". وتعبير الكنانة ومصر المحروسة هو ما بذل الكاتب كل جهدة ليثبت عدم وجود له في الأصول الدينية من أحاديث نبوية، وصور الاستخدام الشائع لهذا التعبير على أنه أوهام وتضخم في الذات أو شعوبية ممقوته لدى المصريين، مع أن الموضوع هنا ليس دينيا على الإطلاق بقدر ما هو فولكلور شعبي مقبول من كل شعوب الأرض بغض النظر عن أصل المقولة دينية كانت أو شعبية. وإذا طبقنا أسلوب الكاتب ولا أقول منهجه هنا فإن الإحتفال ببابا نويل في الكريسماس في الغرب هو إلحاد وحيود عن العقيدة المسيحية وأوهام تاريخية وخلل نفسي وحضاري لدى الغرب لأن بابا نويل هو شخصية أسطورية من شمال أوروبا الوثني في العصور القديمة!! لا تمت للتراث المسيحي بأي صلة. ولكن هذا المنطق المريض من كاتبنا لم يمنع معظم سكان العالم كله تقريبا من الإحتفال ببابا نويل في بداية كل عام ميلادي، ومنهم سكان مصر "المحروسة" أيضا!!
 أن تناول الكاتب لشأن الشعب المصري وحكومته بالتجريح والتشويه لم يختلف في أسلوبه ومضمونه عما أوضحناه في مثال موقع مصر، ولسنا في حاجة إلى مزيد من الشرح والتحليل، فقد حكم الكاتب المدعو سعد رجب صادق على نفسه بنفسه عندما تعرض بالتزوير الفاضح لفلسفة ونص ومعنى رائعة جمال حمدان "شخصية مصر" بعنوانها الفرعي "عبقرية المكان"! ونقل فقط ما يؤكد "جناية" موقع مصر على نفسها!! وذلك في جناية مهنية لأي كاتب كان ولا نزيد.

وفي النهاية نقول لقراء مصرنا الأعزاء أنه من السهل البكاء على الأطلال وتعديد المساوئ وتضخيم أخطاء وخطايا الشعب المصري بغرض إشاعة اليأس في نفسه وتدمير الروح المعنوية له، وأنه من الصعب أن نعقل كل تلك المساوئ والأخطاء والخطايا وأن نخضعها للتقويم العلمي والإيجابي بغرض تعلم الدروس وتصحيح الأخطاء والصمود الحضاري في وجه أعداء مصر من مثل هذا الكاتب في الداخل والخارج.

مسعد غنيم
مدير تحرير مصرنا
9 ديسمبر 2013

محنة رئيس التحرير
حرية الرأي والحرب النفسية

رد من سعد رجب صادق على مصرنا

زهير كمال :

لوم الضحية : نقد دراسة الإصلاح والتغيير
الإخوان المسلمون والفرص المُهْدَرة



06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية