انقلاب - الجزء الحادى عشر
|
اف 16 يمكن أن تستخدم كطائرة مقاتلة وطائرة هجومية أرضية |
قصة: غريب المنسى
.......................
يبدا البرنامج اليومى للحاكم فى الصباح بفقرة التدليك العضلى يليه حمام بالبخار يعقبه الافطار وهو عادة يكون افطارا خفيفيا يتماشى مع برنامج طبى معد خصيصا له من فريق الأطباء الالمان اللذين يباشرون حالته الصحية, ثم يخضع بعد ذلك لجلسة العلاج بالاشعاع, ويخرج الحاكم من غرفة الاشعاع الخاصة به فى بدروم القصر الجمهورى منهك القوة ومع ذلك لابد له من الذهاب لصالون القصر الجمهورى لصبغ شعره حتى يظهر فى عمر أصغر بكثير من واقعه العجوز متصورا أنه بذلك يكون ملائم للوضع الرئاسى , وبعد ذلك يستريح لمدة ساعتين على أن يبدأ فى ادارة شؤون الوطن فى حوالى الساعة العاشرة صباحا بالتليفون , ومن على كرسى فى صالون القصر يستقبل ضيوف الوطن فهو لايتحرك كثيرا . من على هذا الكرسى يتحكم الحاكم المريض فى وطن فى مساحة كوكب المريخ بكل من عليه وماعليه من بشر وشجر وحجر .
فى هذا اليوم كانت سيدة الوطن الأولى تعد العدة لالقاء خطاب فى افتتاح مكتبة شعبية, فهى تهتم بالقراءة لأنها تضفى عليها جاذبية ثقافية دولية, فالعالم يشجع القراءة ويحث الاطفال على القراءة, فلامانع ابدا لديها من ركوب موجة القراءة فى بلد نصفه أمى لايقرأ ولايكتب , فكل مكتبة يتم افتتاحها يصل الى جمعية الأمل الخيرية للأطفال والتى هى رئيسة مجلس ادارتها ملايين اليورو من الاتحاد الاوربى وملايين الدولارات من الحكومة الأمريكية ومليون ين يابانى وتسعمائة الف ريال سعودى . وحتى تكون سيدة الوطن الأولى مستعدة للمناسبة يتم الاستعانة بفريق من الحراسة الشخصية ومصممى الأزياء والكوافيرات وفريق من الصحفيين والمتزلفين ويتم تعطيل حركة المرور فى العاصمة, واحتكار شبكات التلفزيون الأرضية والفضائية لتغطية هذا الحدث العظيم.
وبالتزامن مع نشاطات سيدة الوطن الأولى كان الحاكم أيضا مشغول بافتتاح الموسم التشريعى , فلقد احتل حزبه أغلبية البرلمان ولم تنجح المعارضة الرذلة هذه المرة بفعل التزوير ,وبالتالى لن يكون هناك صداع فى البرلمان من المعارضة, وهذا يعتبر انجاز جبار فى نهاية مدة ولايته الخامسة والتى سوف تتجدد تلقائيا لتصبح سادسة بموافقة حاشيته فى البرلمان .. واستدعى الحاكم سكرتيره الصحفى ليضيف بعض من الشعارات الجديدة فى الخطاب المزمع القاؤه فى هذه المناسبة , وركز الحاكم على نقطة ضرورة الصبر حتى نستطيع من العبورالى مستقبل باهر على ضفاف الخير والرفاهية فالصبر هو شعار المرحلة.
أما الأولاد فيذهب كل منهم لادارة السبوبة التى أسسها له والده وتدر عليه ملايين الدولارات شهريا.
******
كانت اول مشكلة تواجه العقليات العسكرية المنظمة للتغيير هى قوة الأمن المركزى, فهناك مايزيد عن مليون ونصف المليون مجند وهذه قوة تنافس الجيش, وقد عمد الحاكم الى تقوية جهاز الأمن المركزى لمواجهة الغضب الشعبى العارم بقوانين الطوارىء, وفى نفس الوقت يكون وجودهم عائق دفاعى أمام أى حركة انقلاب داخلية عليه فالتنسيق بين الأمن والجيش صعب من الناحية العملية وبالتالى فهو مطمئن الى عدم اتحاد الجيش والشرطة لكسر احتكاره للسلطة. ولكن فى هذا اليوم الجميل من أيام مايو كان أول بلاغ من وزير الداخلية يثير التفاؤل, فقد أبلغ الرجل رئيس الوزراء عن عطل فى قواته وأن هناك محنة تواجه حوالى ربع مليون مجند فقط فى العاصمة : تناولت قوات الأمن المركزى فى العاصمة وجبة عشاء دسمة بمناسبة المولد النبوى الشريف وبعد ساعتين من العشاء ظهرت عليهم أعراض الاسهال الشديد , وهناك مايزيد عن ربع مليون مجند نائمون مرضى فى الثكنات لايستطيعون القيام بخدماتهم اليومية ويقوم الأطباء بمحاولة اسعافهم فالاسهال مصحوب بروائح غازية قريبة من رائحة غاز النيتروجين .
يامسهل يارب...
******
فى هدوء شديد وبتخطيط محكم وبالاستعانة بوحدة خاصة من سلاح المهندسين وسلاح الحرب الألكترونية تم فصل الاتصالات عن كل الوزرات بما فيهم الوزرات السيادية ورئاسة الدولة من الشبكة العادية الى شبكة الطوارىء وهى شبكة معدة خصيصا لحالات الطوارىء القصوى, وتم تحويل شبكة اتصالات الطوارىء الى مكتب اللواء هشام نصرالدين قائد المنطقة العسكرية المركزية , وتم عزل ومحاصرة وزارات الدفاع والداخلية والخارجية بعناصر من الحرس الجمهورى والقوات الخاصة, وتم محاصرة مبنى التليفزيون الرسمى ومحاصرة قصر الرئاسة بوحدات مدرعة من الحرس الجمهورى بقيادة اللواء دياب القناوى قائد قوات الحرس الجمهورى وانتقل البث التلفزيونى المباشر الى مكتب اللواء نصر الدين الذى أعلن فى بيان مقتضب بأنه هو الحاكم العسكرى للوطن وأنه تم عزل الحاكم الفعلى بناء على رغبة المواطنين وسيتم فى الحال تنصيب حكومة مدنية متفق عليها مسبقا من جماهير الشعب.
تم تبادل اطلاق النار بين عناصر الحراسة الرئاسية وقوات الحرس الجمهورى خارج القصر, ولكنها لم تستمر طويلا لانتهاء الذخيرة من رجال الحرس الرئاسى ولعدم تكافوء القوة وتم التحفظ على شخص الحاكم فى القصر الجمهورى وتحديد اقامته وحتى اشعار آخر.
تلقت قيادات القوات والجيوش الميدانية والمناطق العسكرية قرارات اللواء هشام نصر الدين بالطاعة التامة والولاء فقد أمرهم بتفعيل الخطة " هابيل" وهى خطة طوارىء شاملة تشمل تأمين الملاحة الجوية والبحرية وحقول البترول والمنشاءات الحيوية والطرق والكبارى والبنوك والسفارات ومداخل المحافظات وفرض حظر التجول وحتى اشعار آخر. وتم تنفيذ الأوامر من القادة الميدانيين .
وتم اعلان الثورة , وباركت الحكومة الأمريكية الحركة واعترفت فى الحال باللواء نصر الدين كقائد للتغيير وانهالت الموافقات والتهنئة والاعتراف بالقيادة الجديدة من كل دول الاتحاد الأوروبى وباقى دول العالم, واستقبل الناس التغيير بشىء من الفرح والحبور والارتياح. وفى خلال أربعة وعشرين ساعة تغير الوطن وعبر مرحلة كئيبة .
************
كان بيان اللواء نصرالدين الحاكم العسكرى للوطن للجماهير عشية الثورة بسيطا ومباشرا وموجها وواضحا, فالجيش هو حامى مصالح هذا الشعب وليس له رغبة فى الحكم والدخول فى السياسة, وسيتم تسليم الوطن الى حكومة مدنية وطنية ورئيس منتخب ليس من الجيش, وسيكون دور الجيش هو مراقبة الاداء لهذه الحكومة. فالجيش مؤمن تمام الايمان بالديموقراطية ولن يكون هناك مكان بعد اليوم للمدلسين, وستنتقل الادارة الى الحكومة المدنية حال تامين الوطن. وسيتم الحفاظ على علاقات متوازنة وطبقا لاتفاقية السلام مع دولة اسرائيل فالجيش ملتزم تمام الالتزام بمعاهدة السلام. وأن الجيش سيحافظ فى الوقت الحالى على مناخ الاستثمار ريثما تتولى الحكومة المدنية السيطرة على القطاع الاقتصادى وسنستمر فى تأمين فرص الاستثمار فى الوطن أمام المستثمرين الاجانب والوطنيين, وسيتحول الوطن الى مرحلة جديدة من الليبرالية السياسية قائمة على خبرتنا الطويلة فى استخدام كل الأنظمة السياسية منذ قيام الثورة الأولى وحتى اليوم ,وسيتم الاستعانة بكل عقول الوطن المخلصة هذه المرة لبناء وطن حديث قوى يعتمد على موارده وقدراته.
وفى خلال أسبوع كان الجيش قد سيطر على مفاصل الدولة وبدأت المصالح الحكومية فى التعامل مع المواطنين وبدأت البورصة فى التداول , واستقبل الوطن الأفواج السياحية كالمعتاد وبدأت البنوك تستقبل الودائع ورويدا رويدا بدأت حركة الوطن الاقتصادية فى التوازن , وكأن لم يكن هناك عبود بالمرة , وطوى الناس هذه الصفحة السوداء من تاريخهم وبدأو فى التطلع الى غد مشرق . وبدا رجال الجيش المكلفين بحماية الشرعية الدستورية نيابة عن الشعب فى أختيار الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة للمساهمة فى تشكيل حكومة منتخبة لبداية مرحلة جديدة من الديموقراطية وتداول السلطة. وطن قائم على الحرية الحزبية وتعددها والديموقراطية المقننة البعيدة عن الاسفاف وتداول السلطة وتحديد مدة الحكم لرئيس الدولة, ولن يكون هناك حاكما للوطن الى مالانهاية وسيكون الوطن ملك للجميع .
وعاد الوطن السليب لأصحابه , ودخل الوطن مرحلة مابعد الثورة الثانية.
تتبع
انقلاب - الجزء الأول
انقلاب – الجزء الثانى
انقلاب - الجزء الثالث
انقلاب - الجزء الرابع
انقلاب - الجزء الخامس
انقلاب - الجزء السادس
انقلاب - الجزء السابع
انقلاب- الجزء الثامن
انقلاب - الجزء التاسع
انقلاب - الجزء العاشر
انقلاب - الجزء الحادى عشر
انقلاب - الجزء الثانى عشر
انقلاب - الجزء الثالث عشر