أيهما ألذ وجبة تشبع بطنك أم وجبة تشبع روحك ؟
|
هامبورجر |
بقلم د.محسن الصفار
........................
كان سعيد رجل الأعمال يمشي في الشارع برفقة زوجته و ابنه الذي يبلغ من العمر تسع سنين وابنته التي تجاوزت السابعة بقليل يمرون على المحلات كي يشتري لهم مايحتاجون إليه في العام الدراسي الجديد من ثياب ولوازم مدرسية ، عندما مروا بجانب مطعم للوجبات السريعة أصر أطفاله على دخول المطعم لتناول وجبة وعلى الرغم من أن سعيد لايحبذ مثل هذه المطاعم إلا أنه أنصاع أمام أصرار أطفاله على الدخول مغلوبا على أمره خصوصا أنه هو الأخر قد بدا يشعر بالجوع بعد المشوار الطويل من محل لأخر.
أثناء دخولهم لاحظ سعيد عدد من الأطفال بثياب رثة يقفون أمام المطعم وينظرون بعيونهم الصغيرة إلى كل من يدخل وكل من يخرج، وأحيانا يخرج أحد عمال المطعم كي يطردهم بعيدا كي لاينغصوا على الزبائن وجبتهم الدسمة بمنظر أجسادهم النحيفة التي تكاد لاترى لحما فوق عظامها.
طلب سعيد الوجبات وجلس والعائلة حول الطاولة بانتظار وصولها وعندما حان دورهم طلب من ابنه وابنته أن يحضرا صينية الطعام، ذهب الصبي والبنت وأخذا الصينيتين ، وفجأة نظر الصبي إلى خارج المطعم وقال شيئا في أذن أخته وبحركة مباغتة فتح الباب وخرجا من المطعم.
أصاب سعيد الهلع وركض باتجاه الباب لكنه وقف مشدوها عندما رأى طفليه يوزعان الطعام الذي في الصينيتين على الأطفال الفقراء، وهؤلاء يتلقفوها فرحين وكان الدنيا قد أعطيت لهم .
أقترب سعيد من طفليه وقال بهدوء :
ماذا تفعلان ؟ لم توزعان طعامكما ؟ إلا يعجبكم ماطلبت لكم ؟
أجاب الصبي :
لاتغضب يا أبي رجاء فساسدد ثمن الوجبات من مصروفي أن شاء الله
قال سعيد :
يا ولدي أنا لا أسأل عن النقود ولكني أريد أن أعرف سبب مافعلتما ؟
قال الصبي :
يا أبي الحمد لله الذي أعطانا أبا مثلك لايؤخر عنا شيئ ولايرد لنا طلب ، ولكني أشفقت على هؤلاء الأطفال أن ليس لهم مثلنا من يفرح قلوبهم فوددت أن أشكر الله ما أعطانا بأن أفرح قلوبهم .
أدمعت عيني سعيد وكاد يجهش بالبكاء وضم ولديه الى صدره وعانقهما طويلا ثم قال بصوت متهدج :
أما والله لقد أخجلتني ياولدي وفتحت عيني على حقيقة مؤلمة أن واجبي يتعدى عائلتي وأبنائي وعلي أن أرى حاجات الأخرين إيضا، وكم أنا فخور بأن يكون ابني هو من يعطيني في خلق الأسلام درسا، فأن كان الأطفال مستعدين للتنازل عن وجبة يحبونها كي يسعدوا طفلا فقيرا فكم هو عيب علينا ككبار أن نتلذذ بالنعم دون أن نفكر بالفقراء وأهل الحاجة.
ياولدي لقد كبرت في عيني أشواطا ولم أعد أراك أنت وأختك أطفالا، بل أصبحتم أكبر مني فبارك الله بهذا الأحساس النبيل، وأعدكما أن أبوكما لن يكون أقل منكما في عمل الخير وصنع المعروف . لله در هذا المطعم لقد دخلناه كي نشبع بطوننا فإذا به قد أشبع أرواحنا.
موضوعات ذات الصلة
ثقافة الهزيمة .. أطفال الشوارع
ثقافة الهزيمة .. أطفال الشوارع من تانى