0


مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الإصلاح والتغيير .. والمسألة القبطية.. 3
...............................................................

 

المسألة القبطية

 

بقلم : سعد رجب صادق
...........................

المتأمل فى شئون الأقليات فى بلدان العالم المختلفة ، والمقارن بين أحوالهم وأحوال الأقلية القبطية فى مصر ، لا يملك إلا أن يكرر ما قاله الشيخ محمد الغزالى ( رحمه الله ) عن الأقباط من أنهم [ أسعد أقلية فى العالم ] ، وهى حقيقة بيّنة وجلية ، فمن يمتلكون %40 من إقتصاد المجتمع وثروته ، ويحظون بالمكانة الإجتماعية المرموقة ، ويتمتعون بحماية الأنظمة المتعاقبة لهم ، ويستقوون بدفاع الخارج عنهم ، رغم أنهم لا يتجاوزون %4 من السكان ، لا بد أن يكونوا فعلا من السعداء المدللين ، وقد تابعت بتمعن وتدقيق أحوال بعض الأقليات الأخرى للمقارنة والتحليل ، فأصابنى الجزع والذهول من كّم العسف والمظالم التى يتعرضون لها ، وسأضرب مثلا هنا بالأقلية السوداء فى الولايات المتحدة الأمريكية ، والتى يصل عددها حسب مكتب الإحصاء الأمريكى U.S.Census Bureau , 2009 إلى 39,296,838 مليونا ، أى %12.8 من مجموع السكان البالغ 307,006,550 مليونا ، تلك الأقلية السوداء والتى هى حوالى عشرة أضعاف أقباط مصر ، فى بلد كالولايات المتحدة لا تكف عن الحديث عن حقوق الأقليات العرقية والدينية فى العالم ، وتكلف نفسها مشقة إصدار تقرير سنوى عن المظالم التى يتعرضون لها ، والتضييق الذى تمارسه حكوماتهم على حرياتهم ، تلك الأقلية وحسب تقرير State of Black America ، والصادر عام 2004 عن National Urban League ، إذا قورنت بحالة البيض فإن معدل المساواة Equality Index لا يتجاوز %56 من الناحية الإقتصادية ( %24 من السود يعيشون تحت خط الفقر ) ، و %78 من الناحية الصحية ( %20 من السود لا يتمتعون بالرعاية الصحية ) ، و %76 من الناحية التعليمية ، و %73 من ناحية العدالة الإجتماعية ، ثم يمضى التقرير فيستعرض أشكالا من التمييز فى العقوبات ، والوظائف ، والدخل السنوى ، وفرص الحصول على قروض لشراء المنازل ، وفرص الإلتحاق بالجامعات ، وينتهى إلى أن الفجوة فى المساواة ما تزال موجودة فى الوظائف والثروة والتعليم والصحة والعدالة الإجتماعية equality gaps remain in jobs , wealth , education , health and social justice ، ولذلك فإن السود ، وفى أية مرحلة من مراحل الحياة ، يكونون مقارنة بالبيض مرتين أكثر عرضة للموت بسبب المرض ، أو الحوادث ، أو السلوكيات الخاطئة ، أو الإنتحار ، ويقل متوسط أعمارهم بست سنوات ( 87 عاما للبيض ، 72 عاما للسود ) .

أما إذا نظرنا إلى تمثيل السود فى المناصب السياسية الرفيعة ، وبصرف النظر عن فوز أوباما Barack Obama بالرئاسة ، والذى ساعدته عليه عوامل أخرى ، فإننا نجد أن عدد السود فى مجلس الشيوخ Senate ، والمكون من مائة عضو، هو واحد فقط ، أى %1 ، وكذلك الحال بالنسبة للأقلية أصحاب الأصول اللاتينية Hispanics or Latinos ، رغم أنهم %15.4 من عدد السكان ( %22 منهم يعيشون تحط خط الفقر ، %32 لا يتمتعون بالرعاية الصحية ) ، وفى مجلس النواب House of Representatives ، والمكون من 435 عضوا ، فإن عدد السود 42 عضوا ( %9.65 ) ، وعدد أصحاب الأصول اللاتينية أو الأسبانية 27 عضوا ( %6.20 ) ، وعدد المسلمين عضوان فقط ( %0.45 ) ، وفى حكم الولايات governer ، وعددها خمسين ولاية إثنان فقط من السود (%4 ) ، وفى المحكمة الدستورية العليا Supreme Court ، والمكونة من تسعة أعضاء ، واحد فقط ( %11.11 ) .

وإذا ألقينا نظرة خاطفة على الأقليات المسلمة فى أماكن مختلفة من العالم ، لوجدنا كما كبيرا من التضييق والمعاناة ، رغم أنهم لم يطالبوا بلدانهم بتغيير دساتيرها أو مناهجها ، ولم يطالبوا بحصة برلمانية أو غيرها ، ولم يشكوا حكوماتهم للمنظمات الدولية ، وكل ما يطمعون فيه أن يمارسوا شعائرهم وعباداتهم بحرية وبدون تدخل من أحد ، وهى كلها لا تؤذى أحدا ، ولا تستفز أحدا ، كما أنها حقوق تدعى تلك البلدان أنها تكفلها لأصحابها ، وفى دراسة نشرها مركز Pew Research Center عام 2009 عن عدد المسلمين فى بلاد العالم المختلفة بعنوان Mapping the Global Muslim Population : A Report on the Size and Distribution of the World's Muslim Population ، فإن عدد المسلمين فى أوربا هو 38,112,000 ، أى %5.2 من السكان ، بنسب تتفاوت من دولة إلى أخرى ، فهى مثلا %2 فى السويد ، ومثلها فى الدانمارك ، و % 2.7 فى بريطانيا ، و %4 فى ألمانيا ، و %4.2 فى النمسا ، و %4.3 فى سويسرا ، و %5.7 فى هولندا ، و %6 فى فرنسا ، و %12.2 فى بلغاريا ، وفى بلاد البلقان تزيد النسبة لتصل إلى %17.7 فى الجبل الأسود Montenegro ، و %33 فى مقدونيا Macedonia ، و %40 فى البوسنه Bosnia-Herzegovina ، و %79.9 فى ألبانيا ، و %89.6 فى كوسوفو Kosovo ، والمجازر التى تعرض لها مسلمو البلقان على يد نصارى الصرب الأورثودكس ، وقتل عشرات الألوف منهم ، وجرح مئات الألوف ، وتشريد أكثر من مليون ، ومازال هناك إلى اليوم عشرات الألوف من المفقودين ، وإغتصاب نسائهم ( تم إغتصاب 20,000 إمرأة مسلمة ، خلال عامين ونصف من الصراع ، والذى إنتهى عام 1995 ، وفى خلال تلك الفترة كانت النساء المسلمات يؤخذن إلى معسكرات concentration camps ، ويتم إغتصابهن بطريقة جماعية mass rape ، لمرات عديدة ، وبعضهن أمام أزواجهن فيما عرف وقتها ب shock campaign ، وقد أدى هذا الإغتصاب المنظم systematic rape محكمة الأمم المتحدة لجرائم الحرب War Crime Tribunal إلى اعتبار الإغتصاب لأول مرة جريمة حرب war crime ، المصدر : George Jahn, Assocated Press , 2005 ) ، وحرق مساكنهم ومساجدهم ، ما زالت طازجة فى الأسماع والأبصار ، وفى روسيا تصل نسبة المسلمين الى %11.7 ( 16,482,000 مليونا ) ، ولا أظن منصفا يجهل ما تعرض له المسلمون فى الإتحاد السوفيتى السابق من قتل وسجن ، ونفى للملايين إلى سيبيريا ، وتغيير لأسمائهم ، وإغلاق وهدم لمساجدهم ، ومدارسهم الدينية ، رغم أن كل جمهوريات آسيا الوسطى التى احتلها السوفييت ذات غالبية مسلمة ، وفى الهند %13.4 ( 160,945,000 مليونا ) ، ولا شك أن الأخبار الدورية لقتل المسلمين ، وحرق مساجدهم فى الهند معروفة لكل متابع للأخبار .

والسؤال الذى يحق لنا هنا أن نطرحه : ألا يعلم القائمون على الكنيسة المصرية بحقائق التاريخ ؟ ألا يتابعون أحداث العالم ؟ ألا يعلم من يوصفون بمفكرى الأقباط فى مصر بأحوال الأقليات فيما حولنا من بلاد الدنيا ؟ ألا يعلمون أنهم فعلا أسعد أقلية فى العالم ؟ الشئ الذى لا جدال فيه عندى أنهم يعلمون ، وأنهم يستهبلون ، والأمر الخطير هنا أن الإستهبال فيما يتعلق بأمن المجتمع واستقراره ، وسلامه الإجتماعى ، ووحدة أراضيه ، هو مغامرة ومقامرة غير محمودة العواقب ، وقد تأتى بنتائج وخيمة يكتوى بنارها الجميع ، وفى هذا المقال ومقالات قادمة سأمضى فى تناول قضايا الملف القبطى ، والتى تعرضت سابقا لقضيتين هامتين منها ، الأولى: عدد أقباط مصر ، والثانية: وضع الأقباط فى المجتمع المصرى ، واليوم سأتناول الكنائس وقانون بناء دور العبادة.

ويغطى هذا الجزء المواضيع التالية :

أولا : الإسلام والضوابط الشرعية الخاصة بدور عبادة غير المسلمين

ضمن الإسلام حرية العقيدة لغير المسلمين فى جميع البلاد التى فتحها المسلمون ( لا إكراه فى الدين ) البقرة 256، وضمن لهم أيضا معابدهم وكنائسهم ، وتجلى ذلك فى عهد النبى (ص) لنصارى نجران : ( ...ولنجران وحاشيتها وأهل ملتها ، ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية ، جوار الله ، وذمة محمد رسول الله ، على أموالهم ، وأنفسهم ، وملتهم ، وغائبهم وشاهدهم ، وعشيرتهم ، وبيعهم [ بِيعة بكسر الباء تعنى كنيسة النصارى ، والجمع بِيَع (لسان العرب ) ] ، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير .. أن أحمى جانبهم ، وأذب [ أدافع ] عنهم ، وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ، ومواضع الرهبان ، ومواطن السياح حيث كانوا من بر أو بحر ، شرقا أو غربا ، بما أحفظ به نفسى وخاصتى وأهل الإسلام من ملتى ) ، وضمن لهم العهد أيضا صيانة كنائسهم والإنفاق على ذلك من مال المسلمين إن لزم الأمر ( .. ولهم إن احتاجوا فى مرمة بيعهم وصوامعهم أو شئ من مصالح أمور دينهم إلى رفد [ مساعدة ] من المسلمين ، وتقوية لهم على مرمتها ، أن يرفدوا على ذلك ويعاونوا ، ولا يكون ذلك دينا عليهم ، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم ، ووفاء بعهد رسول الله ، وموهبة لهم ، ومنة لله ورسوله عليهم ) ، وضمن لهم احترام مؤسساتهم ( .. فلا يغير أسقف من أسقفيته ، ولا راهب من رهبانيته ) ، ولم يقف الإسلام عند هذا الحد بل جعل من أسباب تشريع القتال حماية حرية العبادة ( أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير . الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ) الحج 39-40 ، وعلى هذا المنوال سار المسلمون طوال تاريخ الإسلام ، ففى عهد عمر بن الخطاب (رض) إلى أهل إيلياء [ القدس ] ، كما رواه الطبرى فى تاريخه : ( هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان : أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسائر ملتها ، لا تسكن كنائسهم ، ولا تهدم ، ولا ينتقص منها ، ولا من حيزها ، ولا من صليبها ، ولا من شئ من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم ..) ، وكذلك فعل خالد بن الوليد مع أهل عانات ، كما أورد أبو يوسف فى كتابه ( الخراج ) : ( ولهم أن يضربوا نواقيسهم فى أى ساعة شاءوا من ليل أو نهار ، إلا فى أوقات الصلاة ، وأن يخرجوا الصلبان فى أيام عيدهم ) ، بل إن صيانة أماكن العبادة امتد ليشمل أصحاب الديانات الوثنية ، فقد كتب عمر بن عبد العزيز (رض) إلى عماله : ( أن لا يهدموا بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار ) ، وهكذا استقر المسلمون على تلك المبادئ السامية من احترام حرية العقيدة للآخرين ، واحترام شعائرهم ، وصيانة كنائسهم وبيعهم ومعابدهم ، وهو ما لا يفعله المتشدقون بحقوق الإنسان فى زماننا ، فالإتحاد السوفيتى السابق دمر فى عام 1929 أكثر من 10,000 مسجد ، و 14,000 مدرسة إسلامية ، وعندما احتل اليهود فلسطين خربوا المساجد ، وحرقوها ، وحولوا الكثير منها إلى مقالب للقمامة ، أو أماكن للخمر والقمار والخنازير ، وكذلك فعل الصرب فى البوسنه ، ويفعل الهندوس والسيخ إلى الآن فى الهند ، وفعلت الصين وما زالت ، وفعلت الولايات المتحدة فى حربها فى العراق وأفغانستان ، والعجيب أن سويسرا عندما جرمت بناء المآذن للمساجد تناست أن أبراج الكنائس بصلبانها ونواقيسها منتشرة فى طول بلاد المسلمين وعرضها ، رغم إيمان المسلمين بأن المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يصلب ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا . بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) النساء 157-158، ولم يتخذوا ذلك ذريعة للتضييق على النصارى فى بناء كنائسهم بالطريقة التى يشاؤون ، وإذا كان الإسلام قد أقر أصحاب العقائد المختلفة على عقائدهم ، وفى البلاد التى فتحها المسلمون عنوة ، فإن ذلك يعنى إقرارهم على عباداتهم وشعائرهم ، وحريتهم فى ممارساتهم ، وهو ما دعا الزيدية ، وغيرهم من فقهاء المسلمين إلى إجازة بناء الكنائس وغيرها من دور العبادة لغير المسلمين ، إذا اقتضت الحاجة ، ورأى إمام المسلمين المصلحة فى ذلك .

ثانيا : نظرة تاريخية على الحالة المصرية

تم فتح مصر عام 20 هـ / 641 م ، وفى خلال القرن الأول الهجرى بنيت عدة كنائس منها كنيسة مارمرقص بالإسكندرية ، ما بين 39-56 هـ ، وفى ولاية مسلمة بن مخلد ( 47-68 هـ ) بنيت أول كنيسة بالفسطاط [ الفسطاط هى المدينة التى أنشأها عمرو بن العاص (رض) عام الفتح ] فى حارة الروم ، وسمح عبد العزيز بن مروان حين أنشأ مدينة حلوان ببناء كنيسة فيها ، كما سمح لبعض الأساقفة ببناء ديرين ، ولم تتوقف عمليات الترميم والتجديد وتشييد الكنائس طوال عهد الخلافة الراشدة ، وعهد الدولة الأموية .
وفى عهد الدولة العباسية أمر هارون الرشيد بإعادة بناء الكنائس ، وتجديد كنيسة الروم التى تقع بالقرب من قبة الهواء ، وفى عهد المأمون أمر ببناء جميع كنائس الفسطاط ، وكنيسة فى ناحية سخا ، وكنائس أخرى منها كنيسة بدير ( أبو مقار ) بوادى النطرون ، وتجديد كنائس بمدينة الإسكندرية ، وأديرة بمصر العليا ، وفى زمن المستعين بالله أمر بتعمير جميع الكنائس والأديرة من أسوان الى الفرما . وفى عهد الدولة الطولونية تم تعمير وترميم عدد كبير من الكنائس ، واستمر ذلك فيما بعد فى عهد الدولة الأخشيدية .

أما فى عهد الدولة الفاطمية ( والذى أُسست فيه مدينة القاهرة على يد المعز لدين الله سنة 358 هـ / 969 م ، حيث بنى قائده جوهر الصقلى سورا حول مدينة الفسطاط والتى أسسها عمرو بن العاص (رض) عام 20 هـ ، ومدينة العسكر التى أسسها صالح بن على العباسى عام 132هـ ، ومدينة القطائع التى أسسها أحمد بن طولون عام 256 هـ ، وضم المدن الثلاث وسماها القاهرة )، فإن خلافة المعز ( 341-365 هـ / 953-975 م ) تعتبر كما يصفها الأقباط عهد السلام العظيم للكنائس ، حيث أوكل خراج مصر إلى أبو اليمن قزمان بن مينا ، وعهد إليه مع أبراهام السريانى بطريرك الأقباط ، الإشراف على ترميم الكنائس والأديرة ، ومنها كنيسة المعلقة بقصر الشمع ، ودير مارمينا بفم الخليج ، ويصف د . محمود أحمد درويش فى دراسته ( الكنائس القبطية فى العهد الفاطمى ) ، مركز البحوث والدراسات الأثرية بجامعة المنيا ، 2007 ، كيف أولى الخلفاء الفاطميون أهمية كبيرة لترميم وتعمير وإنشاء الكنائس ، ففى زمن العزيز بالله ( 365-386 هـ / 975-996 م ) ، والذى كان متزوجا من نصرانية ( السيدة العزبزية ) ، وكان على علاقة جيدة ببطريرك النصارى أبراهام السريانى ، أمر بتجديد عدد كبير من الكنائس ، ومنها كنيسة الملاك القبلى ، وكنيسة ( أبو سيفين ) بمصر القديمة ، وعندما تولى الخلافة بعده الحاكم بأمر الله ( 386-411 هـ / 996-1021 م ) ، عين عددا من الوزراء النصارى ، منهم فهد بن إبراهيم ، وزراب بن عيسى ، والمنصور بن عبدون ، وفى شهر شعبان ( 411 هـ / 1020 م ) أصدر أمرا للنصارى بتجديد كنائسهم وأديرتهم ، وتعمير دير الأنبا برسوم العريان بالمعصرة ، وكنيسة بمنية القائد ، ودير نهيا بالجيزة ، ووصلت أعمال التجديد إلى أسوان ، وفى عهد الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427 هـ /1021-1036 م ) ، سمح بتجديد وتعمير جميع الأديرة والكنائس ، وفى عهد خلفه المستنصر بالله ( 427-487 هـ / 1036-1094م) ، استمرت علاقات الفاطميين الحسنة مع الأقباط ، ونصارى النوبة ، حيث تم تجديد وإنشاء عدد من الكنائس هناك ، وأقطع المستنصر للأرمن طره ، فأخذوا كنيسة مارجرجس فهدموها وأقاموا كنيسة كبيرة ، كما أفرد لهم بعض الكنائس والأديرة ، ومنها كنيسة بحارة زويلة ، ودير وكنيستين بناحية الخصوص بأسيوط ، كما أمر بتجديد عدد كبير من الكنائس ، منها كنيسة العذراء بحارة الروم بالقاهرة ، وكنيسة الشهيد مرقوريوس بدير الملاك البحرى ، وكنيسة ماربقطر ببركة الحبش ، وكنيستى العذراء بقليوب والمحلة الكبرى ، ودير ماربقطر بقامولا.

وفى عهد الخليفة الآمر بأحكام الله ( 495-524 هـ / 1101-1130 م ) ، وكان معتادا لزيارة الأديرة ، أمر بتجديد دير نهيا ، وأعطى الرهبان 25,000 درهم ، ومنحهم قطعة من الأرض فى منطقة طهرمس بالجيزة ، وأمر بتجديد وإنشاء عدد من الكنائس منها كنيسة السيدة العذراء بدير الخندق ، وكنيسة المرتوتى ، وكنيسة مارجرجس ببركة الحبش ، وكنيسة مارنقولا بحارة زويلة ، وكنيسة تادرس المشرقى بحارة الروم ، وكنيسة مارى سابا الإسكندرى ، وكنيسة يوحنا المعمدان بمصر القديمة ، وكنيسة بجوار دير مارمينا بالبساتين ، وكنيسة مار جرجس بالمحلة الكبرى ، وكنيسة القديس تقلا بالمحلة الكبرى ، وكنيسة مار جرجس بقصر المفتى بقليوب ، وكنيسة دير ( أبو سيفين ) بطموه بالجيزة .

وفى عهد الخليفة الحافظ لدين الله ( 524-544 هـ / 1130-1149 م ) ، تم تعمير وتجديد الكثير من الكنائس ، منها كنيسة مارجرجس بحارة الروم ، وكنيسة الميلاد ، وكنيسة الأرمن ، وكنيسة تادرس الشطبى بالفسطاط ، وكنيسة العذراء بقليوب ، وكنيسة بكل من محلة عبد الرحمن وتروجه بالبحيرة ، وكنيسة المسيح بالأسكندرية ، كما تم بناء كنيسة العذراء بحارة زويلة ، وإقامة منظرة أمام كنيسة المرتوتى ، وجوسق كنيسة العذراء بالدير المحرق بالقوصية .

وفى عهد الخليفة الظافر بأمر الله ( 544-549 هـ / 1149-1154 م ) تم تجديد كنيسة مارجرجس بدير الخندق ، وكنيسة مارجرجس بدير الأنبا رويس ، وكنيسة العذراء بحارة الروم ، وكنيستى الأرمن والشهيد مرقوريوس بدير الملاك البحرى .

وفى عهد الخليفة الفائز بنصر الله ( 549-555 هـ / 1154-1160 م ) تم تجديد كنيسة الميلاد ، وكنيسة القديس بقطر ببركة الحبش ، وكنيسة آبامون بالبتانون ، وكنيسة مارجرجس بميت نما بقليوب ، وكنيسة الأمير تادرس بمجول بالمحلة ، وكنيسة آبامون بطوخ متور .

وفى عهد الخليفة العاضد لدين الله ( 555-566 هـ / 1160-1171 م ) تم تجديد كنيسة دير الملاك غبريال بجبل النقلون بالفيوم ، وكنيسة دير مارمينا بفم الخليج ، وكنيسة العذراء بحارة الروم ، وكنيسة يوحنا المعمدان بمصر القديمة ، وكنيسة الملاك غبريال بالفسطاط ، وكنيسة ماريعقوب بالبساتين جنوب القاهرة ، وكنيسة الشهيد مرقوريوس بدير الخندق ، وكنيسة أنبا يحنس ، وكنيسة ( أبو سيفين ) بالفسطاط ، وكنيسة تادرس المشرقى ، وكنيسة مارجرجس بجوار كنيسة المرتوتى ، ودير ( أبو مقار ) بوادى النطرون ، ودير السريان .

أى أن النصارى وطوال عهود الدولة الإسلامية المتعاقبة تنعموا بحرية العبادة ، وحرية إنشاء وتعمير الكنائس والأديرة ، حتى أن مؤرخا كالمقريزى يذكر فى كتابه الخطط أمثلة عديدة لذلك ، ثم يختم قائلا : ( وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدثة فى الإسلام بلا خلاف ) ، والمتأمل فى فترات المظالم والقلاقل طوال تلك العهود يجدها غير قاصرة على طائفة دون أخرى ، وإنما شملت المسلمين كما شملت النصارى ، وكانت عادة مرتبطة بالضوائق الإقتصادية ، وعند زوالها تعود الأمور سيرتها العادية من العدل والإحسان للجميع .

ثالثا :
الخط الهمايونى

صدرت وثيقة الخط الهمايونى ( وتعنى القانون الشريف ) فى أوائل جمادى الآخرة 1272 هـ / 18 فبراير 1856 م ، فى عهد السلطان العثمانى أبى الفتح محمد خان الثانى (1839-1861 م ) ، وكانت مصر وقتها تحت حكم محمد سعيد باشا ، رابع أبناء محمد على باشا ، ورابع ولاة مصر من الأسرة العلوية ، وكان بطريرك أقباط مصر الأورثودكس حينها هو كيرلس الرابع ، والذى امتدت فترة منصبه من 1854 إلى 1861 م ، والسبب فى هذا القانون أو المرسوم السلطانى يعود إلى أن الكنيسة المصرية استجارت بالباب العالى فى دولة الخلافة العثمانية لحمايتها من الهجمة التبشيرية للإرساليات الكاثوليكية الرومانية ، والإنجيلية الفرنسية والإنجليزية والألمانية والأمريكية ، والتى كانت على درجة عالية من الخبرة والإمكانيات المالية ، علاوة على دعم بريطانيا العظمى فى ذلك الوقت ، مما أدى إلى ذيوع نشاطها ، وعظمة تأثيرها على الأقباط الأرثودكس ، مما أغرى بعضهم بالتحول الى تلك المذاهب ، علاوة على التوسع فى بناء الكنائس لأتباعهم ، وقد وضع ذلك الكنيسة الأرثودكسية فى موضع حرج ، ومع تحول أتباعها ، وانتشار الكنائس الأخرى ، خشيت من فقدان تفردها فى المجتمع المصرى ، فطلبت من السلطان العثمانى خط حماية لها ولأتباعها ، أى أن القانون الذى يهاجمه كتاب النصارى الآن فى كل وقت وحين ، هو نفس القانون الذى طالب الأقباط بسًنه ، والذى شُرع أساسا لحمايتهم ، وصيانة وجودهم .

والخط الهمايونى وثيقة عظيمة القدر ، وتراث رفيع لأدب المعاهدات ، وحماية حقوق الأقليات ، يفوق ما توصل إليه المجتمع الدولى فى أيامنا المعاصرة من الوثائق التى تجحف بخصوصيات الآخرين ،ولا تطبق عادة إلا على الفقراء والضعفاء ، ومن المهم هنا ذكر بعض ما جاء فيها ليستبين للكاذبين والمدلسين أنهم يرددون ببغائية ، وأن أحدا منهم لم يكلف نفسه عناء ومشقة البحث عن الوثيقة وقراءتها وفهمها ، والتى تبدأ بالتأكيد على أن تلك التشريعات مبعثها تحقيق السعادة لكافة فئات المجتمع ، والتى هى متساوية ومترابطة ، كما أنها أيضا أمانة الله ( من أهم أفكارنا السامية سعادة أحوال كافة صنوف التبعة التى أودعها الله إلى يدنا .. وبما أن من أهم رغائبنا .. حصول تمام سعادة أحوال كافة صنوف تبعة دولتنا العلية الملوكية ، المرتبطة بعضها ببعض بروابط الوطنية القلبية ، والمتساوية الماهية فى نظر شفقتنا الملوكية من كل الوجوه ..) ، ثم تمضى الوثيقة فتقرر الأمان لجميع الملل والطوائف ( ..تأمين كافة التبعة الملوكية من أى دين ومذهب كانوا بدون استثناء على الروح والمال وحفظ الناموس .. وتقرير إبقاء كافة الامتيازات والمعافيات الروحانية التى منحت ، وأُحسن بها فى السنين الأخيرة ، والتى مُنحت من قِبل أجدادنا العظام للطوائف المسيحية ، وكافة الملل غير المسلمة ..) ، ثم تقرر للأقباط فى المناطق التى لا يشاركهم فيها طوائف نصرانية أخرى حرية بناء ما يحتاجون إليه ، فإذا وُجدت طوائف أخرى لزم موافقة السلطان ، وذلك لحمايتهم كما أسلفنا ( .. والبلاد والقرى والمدن التى تكون جميع أهاليها من مذهب واحد لا يحصل إحداث موانع فى بناء سائر المحلات التى تكون مثل مكاتب واسبتاليات [ مستشفيات ] ومدافن مختصة بإجراء عاداتهم حسب هيئتها الأصلية ، وعند لزوم إنشاء هذه المحلات مجددا بحسب استصواب البطاركة ورؤساء الملة ، يلزم رسمها ، وبيان صفة إنشائها ، وتقديم ذلك إلى بابنا العالى ، وإما أن يجرى المقتضى فيها بموجب إرادتنا السنية الملوكية المتعلقة بقبول الصور السابق عرضها ، وإما أن يصير بيان المعارضات المختصة بذلك فى ظرف مدة معينة ، وإذا وجدت طائفة من مذهب منفردة بمحل ، وليس مختلطة مع مذاهب أخرى ، فلا تصادف صعوبات فى إجراء الخصائص المتعلقة بنفاذ عوائدها فى هذا المحل علنا ، وإذا كانت قرية أو بلدة أو مدينة مركبة أهاليها من أديان مختلفة ، يمكن كل طائفة منهم ترميم وتعمير كنائسها ، واسبتالياتها ، ومقابرها بحسب الأصول الموضحة بالمحلات المخصصة لهم ، الموجودة محلات سكنهم به ، وأما الأبنية المقتضى إنشاؤها مجددا ، يلزم أن تعرض البطاركة والمطارنة لبابنا العالى باسترحام الرخصة اللازمة عنها ، فإن لم يوجد لدى دولتنا العلية موانع فى الامتلاك ، تصدر بها رخصتنا السنية ، وكافة المعاملات التى تحصل فيما يماثل كل هذه الأشغال تكون مجانا من قبل دولتنا العلية فى التأمين على إجراء عوائد كل مذهب بكمال الحرية مهما كان مقدار العدد التابع لهذا المذهب ..) ، وبعد ذلك تضْمن الوثيقة لكل الملل الكرامة والاحترام ، وحرية الشعائر ( ..وتمحى وتزال إلى الأبد من المحررات الرسمية الديوانية كافة التعبيرات والألفاظ المتضمنة تحقير جنس لجنس آخر ، فى اللسان ، أو الجنسية ، أو المذهب من أفراد تبعة سلطتنا السنية ، ويمنع قانونا استعمال كل وصف وتعريف يمس الشرف ، أو يستوجب العار بين أفراد الناس ورجال الحكومة ، وبما أن عوائد كل دين ومذهب موجود بممالكنا المحروسة جارية بالحرية ، فلا يمنع أى شخص من تبعتنا الملوكية من إجراء رسوم الدين المتمسك به ، ولا يؤذى بالنسبة لتمسكه به ، ولا يجبر على تبديل دينه ومذهبة ..) ، ثم تمضى الوثيقة فى إقرار حق الأقليات جميعا فى الوظائف متى كانوا مؤهلين لها ، وكذلك حقهم فى القبول بالمدارس بدون تفريق بين مسلم ونصرانى ، وحقهم فى التقاضى العادل ، وعدم تعرضهم للأذى البدنى فى حالة خضوعهم للجزاءات ، وحقهم فى عضوية مجالس الولايات والمديريات ، وحقهم فى التعبير بكل حرية ( ..وتكون انتخاب وتعيين خدمة ومأمورى سلطتنا السنية منوطا باستنساب إرادتنا الملوكية ، فيصير قبول تبعة دولتنا العلية من أى ملة كانت فى خدماتها ومأمورياتها ، بحيث يكون استخدامهم فى المأموريات بالتطبيق للنظامات المرعية الإجراء فى حق العموم بحسب استعدادهم وأهليتهم ، وإذا قاموا بإيفاء الشروط المقررة بالنظامات الملوكية المختصة بالمكاتب التابعة لسلطتنا السنية .. بالنسبة للسن والامتحانات يصير قبولهم فى مدارسنا الملكية والعسكرية بلا فرق ولا تمييز بينهم وبين المسلمين .. وتحال كافة الدعاوى التجارية أو الجنائية التى تقع بين المسلمين والمسيحيين وسائر الملل غير المسلمة ، أو بين التبعة المسيحية وسائر التبعة غير المسلمة مع بعضهم ، على الدواوين المختلطة ، والمجالس التى تعقد من قبل هؤلاء الدواوين ، واستماع الدعاوى يكون علنا ، بمواجهة المدعى والمدعى عليه ، وتصدق شهادة الشهود الذى يقدمانهم بمجرد تحليفهم اليمين حسب قواعدهم ومذاهبهم .. ومباشرة إصلاح كافة السجون المخصوصة لحبس مستحقى التأديبات الجزائية ، ومن تنحصر فيهم الشبهة ، فى مدة قليلة ، حسب ما تقتضيه الإنسانية والعدالة ، وتُلغى كافة المعاملات المشابهة للإيذاء والجزاءات البدنية ، ومن يكون مسجونا لا يُعامل بغير المعاملات الموافقة لنظام الضبط المدونة من قبل سلطنتنا السنية .. وتُنتخب أعضاء المجالس الموجودة بالولايات والمديريات من التبعة المسلمة والمسيحية وغيرهما بصورة صحيحة ولأجل التأمين على ظهور الآراء الحقيقية .. المأمورون يعينون لمدة سنة ، وعندما يباشرون مأمريتهم يصير تحليفهم اليميم ، ولهم أن يبدوا آراءهم وملحوظاتهم بكل حرية فى اجتمعات مجلسنا الأعلى ..) ، وتتناول الوثيقة أيضا نظام تعيين وانتخاب البطاركة ( .. وبعد إصلاح أصول الانتخابات الجارية الآن للبطاركة ، يصير إجراء كافة الأصول اللازمة فى نصبهم وتعيينهم بالتطبيق لأحكام براءة البطريكية العالى مدى الحياة ، ويصير استيفاء أصول تحليف البطاركة والمطارنة والأساقفة والحاخامات بالتطبيق للصورة التى تتقرر بين بابنا العالى وجماعة الرؤساء الروحانية المختلفة ..) .

رابعا : عدد كنائس مصر

يعتبر عدد الكنائس والأديرة فى مصر من الأسرار التى يصعب معرفتها ، ولذلك اختلفت فيه الأقوال مثلما اختلفت فى عدد أقباط مصر ، وحسب صحيفة الدستور فى عددها 18-6-1997 ، نقلا عن كتاب أنور محمد ( السادات والبابا ) ، فإن عدد كنائس مصر 2400 ، أى كنيسة لكل 1250 قبطى ( أى أن أقباط مصر طبقا لذلك هم 3,000,000 ) ، بينما نسبة المساجد مسجد لكل 1227 مسلم ، وحسب صحيفة الشروق فى 18-4-2009 ، فإن عدد كنائس مصر هو 1750 كنيسة ، طبقا لإحصائيات الكنيسة فى كتاب ( دليل الخدمة الكنسية ) ، والمنشور عام 2007 ، بينما يعتبر الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن العدد هو 2400 ، منها 128 بالقاهرة ، و 48 بالأسكندرية ، و 15 بأسيوط ، بينما يبلغ عدد الأديرة 21 ديرا للرهبان ، وخمسة للراهبات .

وفى مقال نجاد البرعى ( قانون دور العبادة الموحد .. الوقت المناسب ) ، بصحيفة المصرى اليوم بتاريخ 4-2-2010 ، يذكر الكاتب أن عدد مساجد مصر يقدر ب 65,000 ، مقابل 2000 كنيسة تقريبا لجميع الطوائف النصرانية ، بينما يذكر صلاح الإمام فى مقاله ( من الذى أيقظ الفتنة -2- ؟ ) ، والذى نشرته صحيفة المصريون بتاريخ 11-2-1010 ، أن فى مصر 2100 كنيسة ، مقابل 64,700 مسجدا ، وأن أصغر كنيسة مساحتها تساوى مساحة 20 مسجدا ، ومبناها من حيث الضخامة أكبر من 20 مسجدا ، ناهيك عن التحصينات غير المبررة ، كما يوجد عشرات الأديرة ، منها 15 ديرا مساحة الدير الواحد منها تساوى مساحة كل مساجد مصر ، ويذكر الشيخ أسامة حافظ فى مقاله ( الكنائس والدكتور الشيوعى 2-2 ) ، والذى نشرته صحيفة المصريون بتاريخ 1-3-2010 ، أن جريدة البديل نقلا عما أسمته دليل الكنائس ، وهو دليل يعطى لكبار القساوسة الذين يتابعون النشاط الكنسى ، وفيه أن عدد الكنائس هو 2626 كنيسة ، منها 1326 تابعة للأورثودكس ، حوالى نصفها فى صعيد مصر ( 796 كنيسة ) ، تستحوذ محافظة المنيا بأبرشياتها الستة على 215 منها ، بينما يوجد فى القاهرة 125 ، وفى الجيزة 82 ، وذكر المقال أنه طبقا لمركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء فإن السنوات العشر الأخيرة شهدت زيادة فى عدد الكنائس تقدر بحوالى 400 كنيسة ، أى بواقع 40 كنيسة كل عام ، والجدير بالذكر أن تقرير المركزلسنة 2007 يضع عدد الكنائس عند 1878 كنيسة ، وفى تقرير وزارة الخارجية المصرية ، والذى أُرسل لبعض الدول الأوربية ، بعنوان ( الكنائس فى مصر) ، بتاريخ 18 -7-2008 ، ردا على اتهاماتها المدفوعة بأقباط المهجر ، وفيه أن عدد كنائس مصر هو 2524 كنيسة ، منها 1319 للأورثودكس ، بينما يبلغ عدد الأديرة 196 ديرا ، منها 84 للأورثودكس ، وذكرت الرسالة أنها موزعة على المحافظات كالتالى : المنيا 524 ، أسيوط 425 ، القاهرة 288 ، سوهاج 270 ، الأسكندرية 125 ، قنا 123 ، الجيزة 87 ، بنى سويف 84 ، المنوفية 67 ، الشرقية 62 ، القليوبية 62 ، الغربية 57 ، الدقهلية 46 ، البحيرة 45 ، أسوان 38 ، الفيوم 37 ، بور سعيد 22 ، الأقصر 21 ، الإسماعيلية 21 ، البحر الأحمر 15 ، كفر الشيخ 13 ، السويس 13 ، دمياط 7 ، جنوب سيناء 5 ، مطروح 4 ، شمال سيناء 2 ، الوادى الجديد 2 ، وفى تقرير وزارة الخارجية أيضا إشارة إلى عمليات الترميم والتجديد والصيانة للكنائس الحالية ، وكذلك تشييد الكنائس الجديدة ، يغطى الفترة الزمنية من 1988 إلى 2007 ، وبيانه كالآتى :

السنة توسيع وإصلاح وتجديد وصيانة كنائس جديدة
1988 179 5
1999 340 10
2000 399 10
2001 304 12
2002 175 2
2003 237 8
2004 165 6
2005 273 9
2006 310 1
2007 91 2
والتباينات بين الأرقام ترجع عادة إلى سرية الكنيسة المصرية وغموضها ، ومجافاتها للشفافية فى كل أمورها ، ولا أدرى معنى لإخفاء أعداد الكنائس ، وهى ليست مواقع عسكرية ، وليست أماكن غير قانونية ، وليست مبانى يمكن مداراتها ، كما أنه أيضا ليس من الصعب أو المستحيل إحصاؤها وبيان عددها ، وهى المبانى الضخمة المميزة بأبراجها وأجراسها ، وتجدر الإشارة هنا أيضا إلى أن جزءا من تباينات الأرقام يعود إلى ضم كنائس الطوائف غير الأرثودكسية فى بعض التقارير ، وحذفها فى البعض الآخر .

 

شنودة

 

خامسا : ما هى المشكلة ؟

المشكلة أن القائمين على الشأن القبطى فى مصر يبالغون ويكذبون ، والمبالغة والكذب صورتان قبيحتان من صور التضليل ، ولننظر مثلا إلى القس منسى يوحنا فى كتابه ( تاريخ الكنيسة القبطية ) ، حيث يقول : ( ..أن عدد الكنائس بلغ عند غزو الإسلام مصر زهاء 15,000 كنيسة ، وهذا العدد يقل كثيرا عما مقدر له ، لأن عدد المسيحيين كان يبلغ 25 مليونا ، غير أنها لبثت تتضاءل تحت عنفوان التخريب والتدمير وتحويلها إلى مساجد ، حتى أصبح عددها الآن 545 كنيسة بالقطر المصرى ، و 10 كنائس بكرسى النوبة ) ، وهو كلام تعوزه الأمانة ، ويفتقر إلى المصداقية ، وذلك لأن عدد سكان العال بأكمله عام 600 م ( الفتح الإسلامى لمصر تم عام 641 م ) كان 208 مليونا ( Concise History of World Population , Livi-Bacci, 2nd.Ed.,1997 ) ، ولا يعقل أن مصر وحدها كانت مأهولة بحوالى %12 من تعداد البشرية ، وهى التى عرفت بفترات من الجفاف تعقبها فترات من فيضان النيل ، صورها القرآن الكريم فى قصة يوسف عليه السلام ( يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون . قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون . ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون . ثم يأتى من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) يوسف 46-49 ، وذكرتها أيضا مصادر تاريخية مختلفة ، وما ارتبط بذلك من أوبئة وغيرها من العوامل التى أثرت سلبيا على النمو السكانى لمصر ، وفى عام 800 م أى بعد 159 عاما من الفتح ، كان عدد سكان العالم 220 مليونا (Atlas of World Population History ,Colin McEvedy ,1978 ) ، والثابت أن عدد سكان مصر لم يصل إلى حوالى 25 مليونا إلا فى تعداد 1966 ، والذى تم فى الحقبة الناصرية ، أى بعد 1355 عاما من الفتح ، ووصل فيه السكان إلى 27,833,306 مليونا ، منهم 2,017,536 قبطيا ، والثابت أيضا فى المراجع التاريخية أن عدد المصريين وقت الفتح الإسلامى كان 2,500,00 مليونا بين نصرانى ويهودى ووثنى ( أطلس معلومات العالم العربى ، تأليف رفيق البستانى و فيليب فارج ، طبعة القاهرة 1994 ) ، بل إن سكان كل المناطق التى فتحها المسلمون فى شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط ( الشام والعراق ) ، إضافة إلى الجزيرة العربية وبلاد فارس كانوا 29 مليونا وقت الفتح ( المسيحيون واليهود فى التاريخ الإسلامى العربى والتركى ، تأليف فيليب فارج ويوسف كرباج ، والصادر عن المعهد الفرنسى للدراسات الديموجرافية ، ترجمة بشير السباعى ، طبعة القاهرة 1994 ) ، أى كل ما يعرف الآن بالوطن العربى ، ويزيد عليه بلاد فارس التى هى إيران الآن ، كما أن ادعاء أن عدد كنائس مصر كان أكثر من 15,000 كنيسة ادعاء لا يمكن تقبله ، وخاصة أن ظلم الرومان واضطهادهم لنصارى مصر وقتها وصل إلى أعلى حدوده ، حتى أن الرهبان ، وبطريرك النصارى نفسه كانوا فارين إلى الصحراء ، مما يعكس حالة شديدة من العداء للنصرانية يستحيل معها تشييد هذا العدد الكبير من الكنائس ، ولو أخذنا بأرقام ( أطلس معلومات العالم العربى ) ، وافترضنا أن عدد سكان مصر وقتها (2,500,000 مليونا) كانوا جميعا من النصارى ، لكان ذلك يعنى أن هناك كنيسة لكل 166 مصريا ، وهو ما يصعب تقبله ، كما أن الزعم بأن كنائس مصر تعرضت للتخريب والتدمير والتحويل إلى كنائس زعم متهافت يكذبه ما أشرنا إليه فى النظرة التاريخية لبناء وصيانة الكنائس فى مصر ، منذ الفتح الأسلامى وحتى نهاية الدولة العثمانية فى بدايات القرن الماضى ، وينفيه أيضا جميع المراجع التاريخية الأكاديمية فى الماضى والحاضر ، وفوق ذلك أنه مما يتنافى مع تعاليم الإسلام ومبادئه .

ولنتأمل مثلا آخر للأكاذيب والأضاليل ، فى حديث نجيب جبرائيل ، والذى يشار إليه كمحامى أو مستشار الكنيسة القبطية ، كما أنه أيضا رئيس منظمة الإتحاد المصرى لحقوق الإنسان ، حيث يقول فى برنامج حوار مفتوح ، على قناة الجزيرة ، بتاريخ 16-6-2008 ، فى حلقة بعنوان المسألة القبطية ومستقبل التعايش الدينى فى مصر : ( ..حينما الأقباط يرزحون 160 سنة تحت خط همايونى ، ولا يوجد قانون لبناء دور العبادة .. يعنى أنا لما آجى أرمم حيطة أو أرمم دورة مياه ، لا بد آخذ قرار من المحافظ ، حينما أبنى كنيسة لا بد أن يصدر قرار جمهورى من رئيس الجمهورية ..) ، والخط الهمايونى كما ذُكر سالفا تم بناء على طلب الكنيسة القبطية ، لحمايتها وأتباعها من خطر التبشير الإنجيلى الأوربى والأمريكى ، علاة على تضمنه كثيرا من المبادئ السامية ، التى تعلى مكانة الأقباط ، وترفع من شأنهم ، وتساوى بينهم وبين المسلمين فى الحقوق والمعاملات ، ومن غير المتصور أن جبرائيل وكتاب الأقباط يجهلون تلك الحقائق ، فإن كانوا يجهلونها يصبح الأمر مصيبة كبرى لأنهم بذلك يجمعون مع الكذب والمبالغة والتضليل بعدا آخر وهو الجهل وعدم الدراية والإلمام بما يتحدثون عنه ، والعجيب فى الأمر أن هؤلاء تناسوا أمرا آخر شديد الأهمية ، وهو أن وثيقة الخط الهمايونى كانت بالنسبة لمصر إعلانا عاما للحقوق والواجبات ، ولم تكن قانونا معمولا به لأنها صدرت ومصر مستقلة تشريعيا عن الدولة العثمانية منذ عهد محمد على باشا ، وقد نص الفرمان العثمانى لمحمد على فى 1-6-1841 على هذا الاستقلال التشريعى ، والذى أكده فرمان عثمانى آخر صدر للخديوى إسماعيل فى 8-6-1867 ، والمعروف أيضا أن ما يحكم بناء الكنائس فى مصر هو قرار مجلس الوزراء المصرى ، والصادر فى عام 1927، ويختص ببناء المعاهد الدينية ، وتعيين القيادات الدينية .

وفى العصر الحالى فإن النصارى لم يواجهوا أية عقبات فى تجديد الكنائس ، أو بناء كنائس جديدة ، على عكس ما يدعيه جبرائيل وغيره ، فقد أصدر الرئيس المصرى حسنى مبارك القرار 2005/291 ، ليعطى لمحافظى مصر (26 محافظا ) سلطة إصدار تصريحات للأقباط لإعادة بناء أو تعمير الكنائس ، فى غضون ثلاثين يوما من تاريخ استلام الطلبات ، وفى حالة الرفض لا بد من بيان الأسباب ، وصرح محافظ أسيوط على سبيل المثال فى 17-2-2008 أنه أصدر 200 تصريح لتعمير وتجديد الكنائس ، وهو ما ذكره تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية حول العالم U.S.Deptartment of State ,International Religious Freedom Report ,2008 ، بل إن الرئيس مبارك نفسه ، وهو على فراش المرض بألمانيا ، لم ينتظر حتى عودته إلى مصر ، فأصدر القرار رقم 64 فى 19 مارس 2010 بالترخيص لطائفة الأقباط الأورثودكس بإقامة كنيسة السيدة العذراء والقديس أثناثيوس الرسول ، على قطعة الأرض الكائنة بالمركز الفرعى رقم 3 ، بالمرحلة الثالثة ، بالمجاورة 30 ، بمدينة 15 مايو ، محافظة حلوان ، والمخصصة من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، بموجب قرار التخصيص رقم 36 لسنة 2009 ، وقد نشر قرار الرئيس من ألمانيا فى الجريدة الرسمية بتاريخ 1-4-2010 ، والرئيس المصرى لم يترك مكانا يريد الأقباط بناء كنيسة لهم إلا وصرح لهم بذلك ، فعلى سبيل المثال صدر القرار الجمهورى 174 لسنة 2005 ، للترخيص بإقامة كنيسة مارجرجس بالواحة الداخلة بالوادى الجديد ، ثم صدر القرار 175 لسنة 2005 ، للترخيص بإقامة كنيسة مارمينا بالفرافرة بالوادى الجديد ، وهو ما دعا د . مفيد شهاب وزير الشئون الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية للتصريح كما نشرت المصريون بتاريخ 8-2-2010 أنه لا حظر على بناء الكنائس كما يدعى البعض ، وأن كل طلبات البناء ، تعامل مثل طلبات بناء المساجد ، يُنظر إليها ويتم دراستها ، وتقبل أو ترفض حسب مجموعة من الظروف والأسباب ، والحصول على التراخيص أمر معهود فى جميع بلاد العالم ، ولا يعقل أن من يمتلك المال يصبح بمقدوره شراء الأرض ، وتشييد ما يراه عليها ، بدون ضوابط أو خضوع للتنظيمات والقوانين التى تحددها المحليات أو المدن أو المجتمعات .

عدد الأديرة أيضا من الأمور التى تختلف فيها التقديرات ، وحسب تقرير وزارة الخارجية المصرية المشار إليه سابقا ، فإن عدد أديرة مصر 196 ديرا ، منها 84 للأقباط الأرثودكس ، بينما يذكر نشأت زقلمة ، المؤرخ الكنسى والباحث فى التاريخ القبطى ، أن عددها 32 ديرا ، يعيش بها 1500 راهب ، و 700 راهبة ، بينما تذكر إحصائيات الكنيسة لعام 2004 أن عدد الرهبان 1300 راهب ، و 600 راهبة ، غير أن الذى يبعث على التأمل هنا بصرف النظر عن تضاربات الأرقام ، هو المساحات الشاسعة التى تقع عليها هذه الأديرة ، وعلى سبيل المثال ، وحسب صحيفة الشرق الأوسط فى عددها 9037 ، بتاريخ 26-8-2003 ، فإن دير ( أبو مقار ) ، والواقع بوادى النطرون ، عند الكيلو 100 على طريق مصر - الأسكندرية الصحراوى ، بُنى على مساحة 2700 فدان ( 11,340,000 مليون متر مربع ) ، ويقيم به 120 راهبا ، بينما يقع دير السيدة العذراء بالمحرق ، جنوب غرب أسيوط بصعيد مصر ، وعلى بعد حوالى 450 كيلو متر من القاهرة ، على مساحة 8 كيلو متر مربع ( 8,000,000 مليون متر مربع ) ، ويحيط بتلك الأديرة أسوار عالية ، يصل ارتفاعها فى دير أنطونيوس إلى عشرة أمتار ، وإلى 11.5 متر فى دير السريان ، وكذلك دير البراموس ، ويصل سمك الحوائط إلى 3.5 متر فى دير ( أبو مقار ) ، و 2 متر فى دير الأنبا بيشوى ، وعلى تلك الأسوار أبراج محصنة يصل ارتفاعها إلى 16 مترا فى دير أنطونيوس ، و 60 مترا فى دير ( أبو مقار ) ، والمعروف أن الرهبنة تعنى الزهد فى الدنيا ، والعيشة البسيطة المتقشفة !!

ما هو الحل ؟

1- على الدولة أن تعلن عن تعداد أقباط مصر ، وبناء على نسبتهم العددية يتم التصريح لهم ببناء الكنائس التى تفى باحتياجات عددهم ، وهو ما يقول به عقلاء المجتمع ، وقد صرح بهذا الشيخ محمد الغزالى ( رحمه الله ) ، فى ندوة بنقابة المهندسين ، حضرها المهندس حسب الله الكفراوى ، عندما كان نقيبا للمهندسين ووزيرا للتعمير ، وحضر تلك الندوة البابا شنودة ، وكان مما قاله الشيخ الغزالى : ( إن ديننا يمنعنا من أن يكون إخوتنا وشركاؤنا فى الوطن يحتاجون إلى كنائس يتعبدون فيها ، ولا يجدون هذه الكنائس ، ويجب أن نخصص مساحة من الأرض لدور العبادة ، ويأخذ أهل كل دين نسبة من المساحة موازية لنسبتهم العددية ، أما أن يترك الأمر لمن لديه الإمكانيات فتُغير هوية الدولة ، ويحدث ما حدث فى لبنان من رسم الصلبان على الجبال فهذا مرفوض ) ، وقد لخص الشيخ فى تلك الكلمات القلائل المشكلة برمتها ، وهى رغبة الأقباط فى تغيير هوية الدولة ، ومظهرها الحضارى ، تحت دعاوى أن مصر كانت قبطية ، ويجب أن تكون حسب تلك الدعاوى الباطلة ، وحل تناسب دور العبادة مع النسبة العددية حل عادل ومنطقى ، وينبغى أن يصدر به قانون بناء دور العبادة الموحد ، والذى يعطل الأقباط صدوره ، فى نفس الوقت الذى يواصلون فيه البكاء والعويل على ما يقع بهم من ظلم وحرمان فى هذا المجال وغيره ، وذلك لأنهم حسب ما ذكر الأنبا بسنتى يريدون أن تكون لهم السلطة المطلقة فى تقرير عدد الكنائس وأماكنها ، بدون مراعاة لعدد الأقباط فى تلك الأماكن ، وهذا ببساطة شديدة دليل العنت والعجرفة ، كما أنه شاهد قوى أيضا على أن الأمر لا علاقة له بدور العبادة ، ولكنه الرغبة فى تغيير مظهر المجتمع الحضارى وهويته بما يوحى بأن مصر قبطية ، وأن المسلمين فيها ما هم إلا البدو الصحرايون الأعراب ، المحتلون لتلك الأرض ، والغاصبون لها ، كما يردد كتابهم وإعلامهم .

2- على الأقباط أن يكفوا عن تزييف الحقائق ، والزعم بأن المسلمون خربوا الكنائس ودمروها ، وحولوها إلى مساجد ، لأن تلك المزاعم أوهام وأكاذيب ، وليس عليها أى دليل ، بل أن الأسقف يوحنا النقيوسى ، وهو من شهد الفتح الإسلامى ، يكذب ذلك قائلا : ( ..وكان عمرو بن العاص يقوى كل يوم فى عمله ، ولم يأخذ شيئا من مال الكنائس ، ولم يرتكب شيئا ما سلبا أو نهبا ، وحافظ على الكنائس طوال الأيام ..وهو الذى أمن البطريرك بنيامين بطريرك المصريين ، الذى ظل هاربا من الرومان 13 عاما ، حتى أمنه ، واستقبله ، وحرر كنائس مصر ، لا ليتخذها مساجد ، وإنما ردها للأقباط يتعبدون فيها ) [ تاريخ مصر ليوحنا النقيوسى ، ترجمة د . عمر صابر عبد الجليل ، طبعة القاهرة 2000 ) .

3- على الأقباط أيضا أن يتوقفوا عن التضليل فيما يتعلق بوثيقة الخط الهمايونى ، وأن يلتمسوا الدقة والصدق والأمانة فيما يغرسونه فى عقول وقلوب أجيالهم من أكاذيب ، وتحريفات للحقائق ، وعليهم أن يعلموا أن إيغار صدور غالبيتهم ممن يصدقون تلك الدعايات ، لا يخدم إلا أعداء الأمة ، وستكون له العواقب الوخيمة على أمن مصر واستقرارها .

4- لا يمكن أن تتحقق تلك الحلول إلا فى ظل نظام قوى ، يفرض سلطان الحق والعدل على أفراد المجتمع جميعا ، ولا يقع فريسة لمزايدات وضغوط أقباط الداخل والخارج ، ومن يتكاتف معهم من دول الغرب ومنظماته ، فالشفافية التى تعلن على العالم كله عدد أقباط مصر الحقيقى ، ستخرس الألسنة المعددة والمولولة فى كل وقت وحين ، فيما يخص دور العبادة وغيرها من قضايا ، لا يقصد منها إلا العبث بسلامة المجتمع ، ووحدة أراضيه ، وتمكين أعدائه من التدخل فى شئونه ، وخلق القلاقل والاضطرابات فى أنحائه .

5- الطوائف النصرانية غير الأورثودكسية فى مصر تتمتع بحرية بناء دور العبادة ، فمثلا الأقباط الكاثوليك لهم 221 كنيسة ( Catholic Allmanac,1998 ) ، وال Egyptian Baptist لهم 12 كنيسة ، وال Free Methodist لهم 120 كنيسة .

إن من مصلحة النظام المصرى ، والشعب المصرى بأكمله مسلميه وأقباطه ، أن يُوضع حد لتلك المهازل المتعلقة بالملف القبطى ، حتى يستعيد المجتمع لُحْمته وتماسكه ، وينصرف إلى قضاياه المهمة فى التنمية ، ومكافحة الفقر ، وإرساء دعائم الحكم الرشيد ، الذى ينشر العدل والأمان على جميع رعيته ، وجنبات بلاده ، ويقطع الطريق على كل الأفاكين والمضللين فى الداخل والخارج ، ويفوت الفرصة على الغرب المتربص بنا ، والمنتظر للفرصة المناسبة للتدخل فى شئوننا ، وتأجيج الخلافات والصراعات بيننا ، فيا عقلاء المجتمع ، والغيورين على سلامته ومستقبله .. أفيقوا من غفوتكم ، وتنبهوا لما يدبر لنا من فتن ومؤمرات .

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية