مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الإصلاح والتغيير .. والمسألة القبطية .. 2
...............................................................

 

يتصرف الأقباط من منطلق سيكولوجى بسيط وهو التمحك فى الغرب والظهور بمظهر المضطهد وبالتالى يحصلون على الاهتمام الدولى وبطبيعة الحال الحماية من وهم الاضهاد!! غير مبالين بأن هذا الغرب هو أول من استغل موضوع الأقليات فى تكدير جو الأمن والأمان فى كل المجتمعات التى وطئوها

 

بقلم: سعد رجب صادق
.........................

تحتاج المجتمعات البشرية كما ذكرت فى مقالى السابق الى التناغم والتوافق والتعاون بين طبقاتها ومللها ونحلها وأعراقها ، وبدون ذلك لا تستطيع الوصول الى السلام الإجتماعى ، والذى هو ضرورة لتحقيق الأمن والإستقرار اللازمين للنهضة والتقدم ، كما تحتاج أيضا الى المصارحة والشفافية ، فلا مجال للمراوغة والكتمان والأسرار، كما فى قضية عدد أقباط مصر ، والتى تعرضت لها فى المرة الماضية ، وتحتاج الى تناول مشاكلها بتجرد وأمانة وشجاعة ، بعيدا عن المزايدة والتهويل أو التهوين ، وبعيدا عن إدخال جهات أجنبية فى شئونها الداخلية ، وبعيدا عن تحويل التباينات والخلافات الشخصية الى عداوات وأحقاد مع الدولة والنظام والمجتمع .

ولو نظرنا الى الولايات المتحدة الأمريكية كمجتمع متعدد الأعراق والأديان ، لوجدنا أن هذا المزيج المتآلف هو سبب من أسباب قوة وثراء المجتمع الأمريكى ، والتى تتجاوز القوة والثراء الإقتصاديين الى القوة والثراء فى العلوم والفكر والثقافة والفنون والأطعمة والمأكولات وغيرها ، أى أن التعدد سر من أسرار غنى المجتمعات وثرائها ، ولا ينبغى أن يكون أبدا عاملا للبغضاء والشحناء والتنافر، وطبقا لمكتب الإحصاء الأمريكى U.S.Census Bureau , 2007 ، فإن عدد السكان بلغ 301,290,332 مليونا ، منهم %79.8 من البيض ، و %15.4 من أصول أسبانية أو لاتينية Hispanic or Latino ، و %12.8 من السود ، و%4.5 من الآسيويين ، و %1 من الهنود الحمر ، و %1.7 من متعددى الأعراق multicultural ، و %0.2 من Hawaiian & Pacific Islanders ، ويعتنق النصرانية بمذاهبها المختلفة %78.4 من الأمريكيين ، يليهم الملاحدة ومن لا دين لهم بنسبة %16.1 ، ثم اليهود %1.7 ، فالبوذيون %0.7 ، فالمسلمون %0.6 ، فالهندوس %0.4 ، بينما إذا نظرنا إلى بلادنا العربية والإسلامية ، ورغم قواسمنا المشتركة الكثيرة ، نجد أن تدهور السلطة المركزية ، وغياب الحكمة ، وضعف القانون ، وإنعدام العدالة الإجتماعية ، والوقوع فريسة للتدخلات الخارجية ، أدى إلى خلخلة الألفة والوئام بين الطبقات والأديان والأعراق ، وإنتشار الفتن والمؤمرات ، والسودان نموذج جلى لذلك ، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة فى تحقيق اللحمة بين أبناء الوطن الواحد ، رغم ثرواته الطائلة ، وموارده الهائلة ، ومساحته الشاسعة ، مما مكن لإسرائيل والغرب من تأجيج نيران الصراعات والعداوات ، وتهيئة الأوضاع للتفكك والإنقسام ، والحادث فى السودان يحدث مثله فى العراق مع الأكراد ، وفى الجزائر مع الأمازيغ ، وفى اليمن بين قبائله ، وجنوبه وشماله ، وسنته وشيعته ، وهو ما يحدث أيضا فى باكستان ، وحدث فى أندونسيا ، وترتب عليه إنفصال تيمور الشرقية ، ومازال يحدث بعنف ودموية فى نيجيريا رغم ثرواتها ومواردها ، وهو ما يجعلنى أكرر دائما ضرورة وجود الدولة القوية ، التى تبسط سلطان العدل على الناس جميعا ، بما يحمى المجتمع من الفتن ، ويقيه من المؤمرات الداخلية والخارجية ، ويحقق التآلف بين الأفراد والجماعات ، ويفوت الفرص على المتآمرين والمزايدين .

ثانيا : وضع الأقباط فى المجتمع المصرى

العائلة المالكة

 

 

أنسى ساويرس
 

 

 

ناصف ساويرس
 

 

 

نجيب ساويرس
 

 

 

سامح ساويرس
 

 

ذكرت مجلة Forbes الأمريكية فى عددها السنوى عن أغنى أغنياء العالم ، والذى صدر منذ أسابيع قليلة ، أن هناك 20 عربيا زادث ثرواتهم على البليون دولار ، منهم أربعة مصريين ، جميعهم من الأقباط ، وهم :

1- ناصف ساويرس ( 48 عاما ) ، وتقدر ثروته ب 5.9 بليون دولار ، وترتيبه 127 عالميا ، وهو الرئيس التنفيذى لشركة أوراسكوم للصناعات الإنشائية ، ونجل أنسى ساويرس رئيس ومؤسس مجموعة أوراسكوم المتعددة النشاطات ، وبمراجعة تقرير المجلة للعام الماضى ( 2009 ) ، كان ناصف يحتل المكانة ال 196 عالميا ، بثروة تقدر ب 3.1 بليون ، أى أن ثروته زادت فى عام واحد بمقدار 2.8 بليون ، أى تضاعفت تقريبا ، وهو أمر جدير بالملاحظة ، وغير معهود أيضا فى عالم التجارة والأعمال .

2- أنسى ساويرس ( 80 عاما ) ، وتقدر ثروته ب 3.1 بليون دولار ، وترتيبه عالميا 307 ، ومما يجدر ذكره هنا أيضا أن تقرير المجلة للعام الماضى وضعه فى المرتبة 430 ، بثروة 1.7 بليون ، أى أن ثروته أيضا تضاعفت تقريبا فى عام واحد .

3- نجيب ساويرس ( 55 عاما ) ، نجل أنسى ساويرس ، وثروته 2.5 بليون ، وترتيبه 374 ، ويشغل منصب رئيس أوراسكوم للإتصالات ، وأوراسكوم للتكنولوجيا ، ويمتلك قناة O TV ، والتى أطلقت فى 31 يناير 2007 ، وقناة ON TV ، والتى أطلقت فى 6 أكتوبر 2008 ، وهو مساهم أيضا فى صحيفة المصرى اليوم ، وبمراجعة موقفه للعام الماضى ، نجد أنه كان فى المكانة 205 ، بثروة 3 بليون ، ومما يثير الفضول أن تقرير Arabian Business ، فى ديسمبر 2007 ، قدر ثروة نجيب ب 800 مليون دولار ، أى أن ثروته تضاعفت لحوالى أربع مرات فى عامين .

4- سامح ساويرس ، وهو النجل الأوسط لأنسى ساويرس ، وثروته 1.5 بليون ، وترتيبه 655 عالميا .

ولا يقتصر الأمر على أغنى الأغنياء ، وإنما يمتد ليشمل صناعات وتجارات ومهن مختلفة ، وقد نشرت صحيفة المصريون بتاريخ 23-7-2009 ، وثيقة رسمية قدمتها وزارة الخارجية المصرية للكونجرس الأمريكى عام 2006 ، ردا على إتهامات أقباط المهجر للحكومة بإضطهاد النصارى ، والسعى لطردهم من مصر ، ومما جاء فى الوثيقة أن عائلات قبطية تحتكر أوتتحكم فى صناعات ومجالات بعينها :

1- عائلة غبور : قطع غيار السيارات ، التأمين ، السياحة .
2- عائلة أيوب : المقاولات ، وأنشطة أخرى صناعية وزراعية .
3- عائلة ساويرس : المقاولات ، الإتصالات ، المطاعم والسياحة ، الإستيراد ، الأسمنت .
4- عائلة غالى : السياحة ، الإستيراد والتصدير .
5- عائلة سياج : الصناعة ، السياحة .
6- عائلة جبرة : السياحة .
7- عائلة فلتس : الصناعات الكيماوية .
8- عائلة سامى سعد : تجميع سيارات مرسيدس ، السياحة ، الصرافة ، أصحاب توكيلات شركة شويبس للمياه الغازية .
9- عائلة السمان : الفنادق ، المطاعم .

وذكرت الوثيقة قائمة بأسماء مجموعة من رجال الأعمال الأقباط ، والمصانع والشركات التى يمتلكونها :

1- يونان سيدهم : أكبر مصنع للأدوات الكهربائية .
2- يوسف رمسيس : مصنع ساراتوجا ، مصنع وردة تكس .
3- مينا حنا : مينا آرت لمواد البوية.
4- فايز سرور : مصنع الأسلاك الكهربائية .
5- رأفت ذريتا : جولدن فودز.
6- ميتس عياد فلتس : شركة مينا حلوان للمعادن .
7- رفيق بولس : السويس للصلب .
8- جمال بشاى : بشاى للصلب .
9- محفوظ متى : الأهرام للصناعة والتجارة .
10- مجدى عادل زكى ، وعصام فؤاد إسكندر : شركة كلارديون .

كما يمتلك أقباط مصر أيضا ، طبقا للوثيقة سالفة الذكر :

%22.5 من الشركات التى تأسست فى الفترة بين 1974-1995 ، أى فترة الإنفتاح والمعونات الأمريكية.
%20 من شركات المقاولات بمصر .
%50 من المكاتب الإستشارية .
%60 من الصيدليات .
%45 من العيادات الطبية الخاصة .
%35 من عضوية غرفة التجارة الأمريكية ، وغرفة التجارة الألمانية .
%60 من عضوية غرفة التجارة الفرنسية ، أو ما يعرف بمنتدى رجال الأعمال المصريين والفرنسيين .
%20 من رجال الأعمال المصريين .
%20 من وظائف المديرين بقطاعات النشاط الإقتصادى المصرى .
%20 من المستثمرين بمدينتى السادات ، والعاشر من رمضان .
%15.9 من وظائف وزارة المالية المصرية .
%25 من المهن الممتازة ( أطباء - صيادلة - مهندسون - بيطريون - محامون ).

وهذه الأرقام الأخيرة منشورة ومعلومة منذ سنوات ، ولم يشكك أحد فى مصداقيتها ، أو يطعن فى دقتها ، حيث أن مصادرها بعيدة عن الشبهات ، مثل إحصائيات وتقارير ( اتحاد المهن الطبية ) ، و ( اتحاد المقاولين ) ، ورسالة الدكتوراة لسميرة بحر ( الأقباط فى الحياة السياسية المصرية ) ، والتى حصلت عليها من كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، ونشرتها مكتبة الأنجلو عام 2008 ، وتقارير مجلة ( روز اليوسف ) ، وكتاب د. محمد عمارة ( الإسلام والأقليات .. الماضى والحاضر والمستقبل ) ، والذى نشرته مكتبة الشروق الدولية فى 2003 ، وكتاب ( الفتنة الطائفية ) ، تأليف جمال بدوى ، وطباعة القاهرة فى 1992 ، ومما يلفت الإنتباه فى هذا السياق أن مكانة الأقباط فى المجتمع المصرى ليست وليدة اليوم ، فقد تمتعوا بنفس الإمتيازات الإجتماعية والإقتصادية فى الماضى أيضا ، وتذكر د . سميرة بحر ، فى رسالتها للدكتوراة ، والسابق الإشارة إليها ، أنه أثناء الإحتلال الإنجليزى لمصر إمتلك الأقباط 5/1 ثروة مصر من الأراضى الزراعية والمبانى ، بخلاف ثروتهم فى المصارف ، ولذلك كانوا يدفعون %16 من الضرائب المستحقة على الأراضى ، رغم أن نسبتهم العددية لم تتجاوز وقتها %6 ، ومن تلك العائلات الثرية والتى تجاوزت ملكيتها ألف فدان ، عائلة خياط ، دوس ، بشرى حنا ، ويصا ، فى ألمنيا وأسيوط ، وعائلات أندراوس ، بولس وبشارة عيد فى قنا ، وتضيف أيضا أنهم احتلوا مراكز صناعية هامة ، ثم تلفت الإنتباه الى ملحوظة جديرة بالتأمل ( ورغم ذلك لم يعرف لهم نشاط إجتماعى وخيرى ) ، وهو أمر ما زال معهودا حتى الآن ، وكأنهم يعطون الإنطباع فى الماضى والحاضر بأنه إذا كانت غالبيتهم تتمتع بتلك المكانة ، وليس من المألوف أن يكون بينهم أميون أو عاطلون أو لا يجدون المسكن أو الغذاء أو العلاج أو عدم المقدرة على الزواج ، فإنه لا ضرورة للأعمال الإجتماعية والخيرية والتى ستذهب إلى إخوانهم فى الوطن من المسلمين ، رغم أن ما حققوه ويحققونه من مكاسب وثروات راجع إلى زبائنهم وعمالهم وتجاراتهم مع المسلمين .
ولم يقتصر الأمر فى فترة الإحتلال الإنجليزى على إمتلاك الأراضى والعقارات والصناعات وأرصدة البنوك ، بل تعداه الى الوظائف الحكومية المختلفة ، ورغم اعتراف بعض عقلائهم بالواقع المميز الذى يحيونه فى المجتمع المصرى ، مثل الأنبا موسى ، وهو أسقف الشباب فى الكنيسة المصرية ، حيث ينقل عنه د . سعد الدين إبراهيم ، فى كتابه (الملل والنحل والأعراق ) ، طبعة القاهرة 1990 ، قوله : ( إن الأقباط جزء هام من نسيج الحياة المصرية ، فهم أطباء وصيادلة ومهندسون ، وغيرها من المهن ، ونسبتهم فى رجال الأعمال مرتفعة أكثر من نسبتهم العددية فى مصر ) ، إلا أنهم لا يكفون عن الشكوى ، ففى الماضى ، وأيام الإحتلال الإنجليزى لمصر ، شكلوا وفدا عام 1897 ، يضم ويصا بقطر ، سرجيوس بطرس ، أندرواس بشارة ، د . أخنوخ فانوس ، تادرس شنودة المنقباوى ، وقصدوا مصطفى فهمى رئيس الوزراء ، واللورد كرومر ، للشكوى بأن هناك تمييزا للمسلمين عليهم ، والمطالبة بالمساواة فى الوظائف الإدارية ، مع مطالب أخرى فى عضوية مجلس الشورى ، ومجلس المراقبة القضائية ، وغير ذلك من المطالب ، وقد عبر الزعيم المصرى محمد فريد فى مذكراته عن تلك الحادثة ( أن الأقباط أرسلوا وفدا إلى اللورد كرومر ، والسير ألدون جورست ، وغيره من رجال الإنجليز ، يطالبون أن تُعطى لهم وظائف بنسبة واحد الى أربعة ، رغم أن عددهم لا يتجاوز واحد الى خمسة عشر ، وقد ردد بعض وجهائهم هذه المطالب على صفحات جريدة مصر ، معلنين أنهم لم يُحرموا فقط من الوظائف الرئيسية ، ومراكز المديرين ونحوها ، بل وصل بهم الغبن إلى الحرمان من نظارات معينة كنظارة المالية [ الوزير القبطى يوسف بطرس غالى هو وزير المالية الحالى ، وواحد من الوزراء ذوى المنزلة عند النظام ، وعند الخارج ، رغم كراهية الناس له ولسياساته ] ، والغريب أن كل مفتشيها تقريبا أيام إسماعيل باشا من الأقباط ) ، والمدهش فى الأمر أن السير ألدون جورست نفسه انتقد مسلكهم ، فى تقريره للحكومة البريطانية بتاريخ 10 مايو 1911 حيث قال فيما يرويه د . محمد مورو فى كتابه ( يا أقباط مصر إنتبهوا ) : ( إن المسلمين يشكلون %92 من مجموع السكان ، ويمثل الأقباط أكثر قليلا من %6 ، لهذا فإن فكرة معاملة قطاع من سكان البلاد كطائفة مستقلة فى نظرى يمثل سياسة خاطئة ، سوف تكون فى النهاية مخربة لمصالح الأقباط ...إن شكوى عدم تطبيق العدالة مثلا فى التعيين والوظائف الحكومية تناقض الإحصائيات التى تبين أن الأقباط يشغلون نسبة من الوظائف العامة تزيد بكثير عن نسبة قوتهم العددية التى تسمح لهم بذلك ..إن جملة العاملين بوزارات الحكومة 17,596 ، منهم 9,514 من المسلمين ، أى بنسبة %54.96 ، و 8082 من الأقباط ، أى بنسبة %45.31 ، بينما فى بعض الوزارات ترتفع هذه النسبة أكثر بكثير ، فوزارة الداخلية وإداراتها المحلية يشكل المسلمون العاملون بها %37.7 ، والبقية من الأقباط ، أى بنسبة الثلث تقريبا من المسلمين ، والثلثين من الأقباط ) .

وتذكر غادة طنطاوى فى دراستها ( جذور المسألة القبطية ) ، والتى نشرها مركز الدراسات الإشتراكية فى 2009 ( أن إحصائيات العقد الأول من القرن العشرين تشير إلى أن أقباط مصر سيطروا على %20 من الثروة ، %45 من الوظائف الحكومية ، %40 من الرواتب الحكومية ) ، ومما يجدر ذكره هنا أننا إذا أضفنا الى الأقباط اليهود فى فترة ما قبل 23 يوليو 1952 ، فإن كليهما استحوذا على أكثر من نصف النشاط الإقتصادى للدولة المصرية ، غير أن تلك المكانة فى الماضى والحاضر لم تمنع الأقباط من الشكوى المستمرة ، وهو ما دفع منظمة العمل الدولية أن تُصدر تقريرا عام 2007 ، عن أوضاع العمالة فى مصر بعنوان ( المساواة فى العمل .. معالجة التحديات ) ، وفيه اتهام للحكومة المصرية بتبنى ممارسات تمييزية ضد العمالة القبطية ، وأن الأقباط محرومون من الفرص المتساوية فى التوظف والترقى ، والمواقع الحساسة والمؤثرة ، والحق العادل فى التعليم ، وهو ما ردت عليه عائشة عبد الهادى ، وزيرة القوى العاملة والهجرة بأن أقباط مصر يمتلكون %40 من الثروة ، وذكرت فى ردها بعض ما أسلفناه نقلا عن مجلة Forbes الأمريكية ، وغيرها من الأرقام والحقائق والإحصائيات المذكورة فى هذا المقال .

 

شنودة يبدوا ضاحكا .. كل الأمور تسير فى اتجاه مراميه 

 

والشئ الذى يبعث على الدهشة هنا أن أقباط الحاضر يمارسون نفس أساليب الشكوى ، ونفس وسائل التعريض بوطنهم ، ونفس محاولات وألاعيب التحريف والتشويه التى مارسوها فى الماضى ، وهم فى الماضى والحاضر يتجنون على الحقيقة ، ويجافون العدل والأمانة والإنصاف ، ويتجاهلون الدراسات والتقارير التى تدلل على مكانتهم الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، وما يتمتعون به من حريات وثروات ، وإذا كان السير ألدون جورست ، معتمد الإحتلال البريطانى قد بين لهم ( أن فكرة معاملة قطاع من سكان البلاد كطائفة مستقلة يمثل سياسة خاطئة ، سوف تكون فى النهاية مخربة لمصالح الأقباط ) ، فإن مدافعا آخر فى الحاضر، ومفندا لأكاذيبهم ، وهى مجلة Foreign Policy الأمريكية ، ذكرت فى عددها فى مايو 2009 ( أن حكومة الرئيس مبارك قد تكون متهمة بأشياء كثيرة ، إلا أن التحيز ضد المسيحيين ليس واحدا منها ، فوجود شخصية مثل يوسف بطرس غالى ، وزير المالية ، وهو من أكثر الشخصيات السياسية نفوذا داخل الحكومة ، فضلا عن وجود عدد كبير من رجال الأعمال الأقباط البارزين داخل المجتمع لمما يبرئ الحكومة من هذه التهمة ) .

لتكتمل الصورة ، علينا أن ننظر الى الجانب الآخر من المجتمع المصرى ، ليستبين لنا كم المعاناة والفقر والحرمان الذى يعانى منه غالبية المسلمين ، والذين لا يجدون مدافعا لا فى الداخل ، ولا فى الخارج ، ولن أتطرق إلى كثير من التفاصيل ، حيث أننى سأتعرض لذلك فى مقال قادم ، وسأكتفى بأمرين :

الأول : كيف تعامل الدولة فصيلا آخر من المصريين ، وهم ( الإخوان المسلمون ) ، والذين لا ينكر منصف وجودهم فى كل أنحاء مصر ، وما عرف عن غالبيتهم من العلم والفضل ، والأنشطة الإقتصادية والإجتماعية والخيرية والدعوية المختلفة ؟ ولن أذهب بعيدا ، حيث تكفى نظرة عامة إلى أحوالهم فى عام 2009 ، والتى بينها محاميهم عبد المنعم عبد المقصود ، الذى قدم كشف حساب نشرته صحيفة المصريون بتاريخ 5-1-2010 ، وفيه أن عدد المسجونين إحتياطيا بلغ 1923 ، والمعتقلون حسب قانون الطوارئ 3102 ، بمجموع 5025 ، بدون تهمة محددة ، وحتى من ُوجهت إليهم بعض الإتهامات ، برأهم القضاء جميعا ، وهذا العدد يزيد عن عام 2008 ب %27 ، وعن عام 2007 ب %47 ، وفى نفس العام تعرض 1500 طالب منهم الى الشطب والفصل والإعتقال بسبب أنشطتهم الطلابية ، وصادرت الدولة 15 مليون جنيه من أموالهم ، والتى اكتسبوها من حلال ، وينفقونها فى حلال ، وأغلقت و تحفظت على 21 شركة تابعة لأعضائهم ، ومنعت من السفر إلى الخارج كثيرين منهم ، رغم حصولهم على أحكام قضائية تبيح لهم ذلك ، وكله بموجب قانون الطوارئ ، والمعمول به فى مصر منذ 1981 ، بينما لم تصادر مليما واحدا للأقباط ، ولم تغلق مصنعا أو متجرا ، ولم تحجر على دخول أو خروج أحد منهم لمصر ، حتى غلاتهم الذين لا يكفون عن شتمها والإساءة إليها ليل نهار ، ولم تعتقل أحدا منهم .

الثانى : كيف تدهور الحال بغالبية المصرين ، وكيف ينهشهم الفقر والجوع والبطالة والعنوسة ، وكيف يفتقر قطاع كبير منهم الى المسكن المناسب ؟
%45 من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر ، بأقل من دولار فى اليوم ( لجنة الإنتاج الزراعى بمجلس الشعب ) .

%46 من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافى للحركة والنشاط ( تقرير شعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومى للخدمات والتنمية الإجتماعية ، التابع للمجالس القومية المتخصصة ) .

%48.3 نسبة البطالة بين حملة المؤهلات المتوسطة ، %35.5 بين حملة المؤهلات العليا وما فوقها ( الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ) .
13.3 مليون عازب وعانس ممن تخطوا سن الخامسة والثلاثين ( الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ).

12 مليون بدون مأوى ، منهم 1.5 مليون من ساكنى المقابر ( الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ) .

صحيح أن هناك فقراء من الأقباط ، ولكن نسبتهم لا تكاد تذكر مقارنة بالمسلمين ، ويجدون من يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجلهم فى الداخل والخارج ، ولا يتعرض أحد منهم للإعتقال أوالتعذيب أوالإهانة ، أوتُلقى عليه التهم جزافا ، إذا مارس حقه فى الإعتراض أو الإحتجاج ، ويبقى السؤال الهام بعد كل ما استعرضناه من أرقام وحقائق : ماذا يريد أقباط مصر رغم ما يتنعمون به من المكانة والثروة ؟! ولماذا يصرون على إهانة وطنهم وتشويه صورته ؟! ولماذا يتعمدون تقطيع أواصر علاقتهم مع أخوة الوطن من المسلمين ؟! ، وهى أسئلة هامة سنتعرض لها ولغيرها فى مقالات قادمة .

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com

موضوعات ذات صلة :

الاصلاح والتغيير .. والمسألة القبطية ( 1 )

نعم.. نحن نظلم النصارى!
هل نحن فى طريقنا الى فتنه ؟


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية