مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 التعليم فى مصر .. مشكلات وحلول 7- التدريس مهنة نبيلة بلا نبلاء
...............................................................

 

قم للمعلم وفيه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا

 

بقلم : سعد رجب صادق
..........................


تحدثت فى مقالى السابق - الطالب المصرى ذلك المظلوم - عن المشاكل المختلفة التى تواجه الطلاب فى جميع مراحل التعليم الأساسية والجامعية ، وذكرت فى الجانب الأكاديمى من تلك المشاكل أن المدرسين فى مدارسنا ، وأعضاء هيئات التدريس فى جامعاتنا يفتقرون الى الاعداد الجيد ، والمران الكافى ، والالمام بالجديد فى مجالاتهم ، والحديث من طرائق التعليم وأساليبه ، ويفتقرون أيضا الى الفهم الصحيح للتركيب النفسى ، والظروف الاجتماعية وغيرها لطلابهم ، ويترتب على ذلك فى العادة افتقاد التواصل على أسس صحية وقويمة بين الطالب والمدرس أو الأستاذ ، بل ويصل الأمر الى اعتبار الطالب صيدا يجب استغلاله ماديا بالدروس الخصوصية وغيرها ، ويتجاوز الأمر أيضا الاستغلال المادى الى التحرش والاستغلال الجنسى للطالبات ، وفى بيئة كتلك يضيع الهدف من العملية التعليمية ، فلا الطالب استفاد من معلمه عقليا وفكريا ، ولا المعلم ضرب لطلابه المثل الذى يحتذى ، والقدوة التى تتبع ، وتصبح النتيجة النهائية ضحالة وسطحية ، وأمية ثقافية تضاف الى الأمية الأبجدية ، وملايين من الخريجين الذين يفتقرون الى الفهم والتدريب والمران ، بل ويفتقرون الى كيفية التفكير ، وايجاد الحلول للمشاكل التى تعصف بمجتمعهم فى كل مناحى الحياة ، وبذلك تتبدد طاقات الطلاب فى تلك الفترة من حياتهم ، المليئة بالنشاط والحيوية ، وينضم الى قوافل البطالة ، واليأس والاحباط ، مدد جديد ، يفتقد الى الولاء والانتماء لأرضه وأهله ووطنه ، والمتأمل فى حلقات تلك السلسلة المتواصلة ، يتملكه الأسى ، وتفيض نفسه بالهم والحزن على ضياع مواردنا البشرية ، وتبديد أجيالنا جيلا بعد جيل ، فى نظام تعليمى هو الهزل والعبث بعينه.

لا شك أن التدريس مهنة نبيلة ، وعلى مر التاريخ البشرى كان الأنبياء والفلاسفة والحكماء هم المعلمون الأوائل ، فنوح عليه السلام لبث فى قومه ألف سنة الا خمسين عاما ( ولقد أرسلنا نوحا الى قومه فلبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما..) العنكبوت 14، يعظهم ويعلمهم ويربيهم ، ويصبر على أذاهم ، ويجرب الوسائل المختلفة لهدايتهم ، وانارة عقولهم ، وتحمل موسى وعيسى عليهما السلام عنت اليهود وعنادهم ، وسفههم واصرارهم على الانحراف والعصيان ، وكذلك كان محمد (ص) فى دعوته لقريش وغيرها من قبائل العرب ، حاورهم وناقشهم ، وجادلهم بالحجة والبرهان ، وراعى ظروف كل واحد منهم ، ووضعه ومكانته الاجتماعية ، وتحمل فى سبيل ذلك الجهد والمشقة ، صابرا غير قانط ، ولينا غير فظ ولا غليظ ، وعلى نفس المنهاج سار كثير من أعلام البشرية ومصلحيها ، لا يبغون نفعا ماديا ، ولا فائدة دنوية ، وانما كل مرامهم انارة العقول ، وجلاء الأفهام ، وتوسيع المدارك ، وكشف الغشاء عن الأبصار والبصائر ، وتوجيه الناس لطريق الحق والعدل والخير ، ولكل تلك الصفات النبيلة فى مهنة التدريس ، فانها المهنة الوحيدة التى يلزم أن يحبها صاحبها حبا جما، ويمارسها باخلاص وعاطفة جياشة ، وينظر اليها على أنها رسالة وليست وسيلة ارتزاق ، فاذا افتقد التدريس تلك الشروط والمواصفات ، افتقد جوهره ، وتشوهت رسالته ، وضاعت منه لذة الاحساس بثماره العقلية والفكرية ، وأصبح كغيره من الحرف والوظائف ، ليس الا مبادلة لوقت وجهد المرء براتب يعينه على متطلبات الحياة .

الحديث عن التدريس والمدرس كغيره من كل موضوعات التعليم فى مصر حديث طويل يثير الشجن ، سأتناول منه الجزئيات التالية : مواصفات المدرس الجيد - تقييم المدرس - مشكلات المدرس فى النظام التعليمى المصرى - كيفية النهوض بالتدريس والمدرس.

أولا : مواصفات المدرس الجيد

أصدرت منظمة اليونسكو UNESCO فى عام 1996 كتابا بعنوان? What Makes a Good Teacher ، ويتناول مواصفات المدرس الجيد ، والكتاب متعة ذهنية ، وجولة تحسبها من الخيال اذا ما قارنتها بما عليه حال مدرسينا وأساتذتنا ، وقد استفاض الكتاب فى تعديد ما يجب أن يكون عليه المدرس ، وأضاف الى ذلك بعدا آخر عير محسوب فى نظامنا التعليمى ، وهو رأى الطالب نفسه ، باعتباره المتلقى لما يطرحه المدرس عليه من معلومات وأفكار، وقد ساهمت فيه آراء 500 تلميذ فى المرحلتين الابتدائية والاعدادية ، من 50 دولة مختلفة ، ويمكن تقسيم تلك المواصفات الى الآتى :

1- مواصفات أكاديمية
المدرس الجيد لا بد أن يكون على درجة عالية من الفهم والالمام فى مجال تخصصه ، والمقدرة على توصيل المعلومة مهما كانت معقدة بأسلوب سهل وبسيط ، واستعمال وسائل التدريس وأساليبه المناسبة للموضوع ، مع نهم دائم للقراءة ، ومعرفة وفهم للجديد من الأبحاث والدراسات والاضافات الحديثة ، وكذلك التطورات فى طرائق التعليم وفنونه.

2- فن التواصل

بدون المقدرة والكفاءة فى التواصل مع الطلاب ، يفقد المدرس أهم أسلحته ، ولا تشفع له عندئذ معرفته الأكاديمية ، أو غيرها من الملكات والمواهب ، لأن التدريس فى حقيقته هو فن التواصل communication مع الطلاب ، ولذا يلزمه فهم التركيب النفسى للطالب فى المراحل العمرية المختلفة ، وكذلك فهم الظروف الاجتماعية وغيرها من العوامل التى تؤثر على الفهم والاستيعاب .

3- فن الادارة

اذا كان الجانب الأكاديمى مهما لشرح المعلومة بأفضل الطرق ، والجانب التواصلى مهما لتوفير الحالة التى يتلقى فيها الطالب من معلمه ، فان فن الادارة هو الذى يسيطر على ذلك كله ، ويضع له الضوابط والقواعد التى تنظم علاقة الطالب بمدرسه ، وبغيره من الطلاب ، وتوفر فى النهاية جوا مدرسيا صحيا يؤدى فيه الجميع أدوارهم بانتظام ، وبعيدا عن الفوضى والاضطراب ، ولذا يلزم المدرس الجيد أن يكون قادرا على ادارة الوقت time management، وتوزيع الأنشطة المختلفة فى الحصة أو المحاضرة ، وكذلك على مدار العام أو الفصل الدراسى ، وهى خاصية مهمة لأنها ستؤثر فى سلوكيات الطالب فى حياته الدراسية والحرفية بعد ذلك ، ويلزم المدرس الجيد أيضا أن يكون قادرا على فرض النظام disciplinarian بدون تفريق بين طالب وآخر ، وهو أيضا ما يطبع فى ذهن الطالب فى حياته الدراسية وبعدها الاحساس بالعدل ، واحترام اللوائح والقوانين ، وعدم المحاباة أو المجاملة ، ومن فنون الادارة أيضا استخدام أنسب الطرق ، وأكثرها دلالة فى وضع الامتحانات ، وغيرها من أساليب تقييم الطالب evaluation، بما يراعى الحرفية ، ويبتعد عن ادخال العوامل والاعتبارات الشخصية.

4- الابداع

المدرس الجيد ليس ماكينة تردد المعلومة عاما بعد آخر ، بطريقة رتيبة ومملة ، وانما هو شخص يخرج عن النمطية ، ويجتهد فى التغيير والتجديد والابداع creative ، ويقدم ذلك بتفان ، وعاطفة جياشة passionate ، وبدون ذلك لن يكن مستحثا ولا مستحفزا ولا مثيرا لملكات الطالب وقدراته inspirational ، وهو الغرض الحقيقى من التعليم ، فالتعليم الجيد ليس تلقينا ، وانما كل ما يفتح مدارك العقل البشرى ، ويدفع به للتفكير والخيال.

5- مواصفات أخرى

ما ذكرناه سابقا هى المواصفات الضرورية الواجب توافرها جميعها فى المدرس الجيد ، غير أن هناك مواصفات أخرى كثيرة معظمها ينضوى تحت السلوكيات الانسانية العامة ، والهامة فى نفس الوقت لتيسير العملية التعليمية ، وجعلها متعة واشباعا ذهنيا واجتماعيا ، ومنها التفاعل بين المدرس وطلابه عقليا ، وفى الأنشطة المختلفة ، واعطاء الطالب الاحساس بالثقة ، ومعاملته بود ومحبة وصداقة ، ولا بأس من أن يكون المدرس متفكها فى بعض المواقف sense of humor ، مع تجنب احباط الطالب ، أو السخرية منه ، واتاحة الفرصة له دوما للسؤال والاستفسار ، واعطاؤه المثل والقدوة مهنيا وانسانيا ، والصبر والأناة فى معاملته ، وبذل الجهد والوقت دائما فى الفصل وخارجه بما يضمن الوفاء له باحتياجاته العلمية ، والمساهمة فى حل ما يعترضه من مشكلات نفسية أو اجتماعية ، أو على الأقل ارشاده الى المصادر التى تقدم له العون والمساعدة ، وألا يجد حرجا فى التعلم من طلابه والاستفادة منهم ، وغير ذلك الكثير مما يدركه المدرس المحب لعمله خلال تجربته واحتكاكه ورحلته التعليمية على مدار الأعوام.

ثانيا : تقييم التدريس والمدرس

عملية التقييم عملية معقدة وضرورية ، ويبذل المسئولون عن التعليم والجامعات فى دول العالم المختلفة ، وخاصة التى تولى اهتماما كبيرا بمستوى طلابها ومدرسيها وجامعاتها جهودا كبيرة لوضع السياسات ، وطرق التقييم المناسبة ، والتى يتم على أساسها عمليات التطوير المختلفة للأنظمة التعليمية ، وكذلك أيضا عمليات الترقية promotion للمدرسين ، وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات ، وتقدير المنح المالية اللازمة للبحث والأقسام المختلفة ، وتختلف تلك الطرق بين المدارس فى التعليم الأساسى وبين الجامعات ، فهى أكثر بساطة فى المدارس التى تخضع للسياسة العامة، وتعتمد عادة على المستوى العلمى للطلاب ، ودرجاتهم فى الامتحانات ، وما تحققه المدرسة من نتائج على المستوى القومى ، بينما فى الجامعات تتفاوت من قسم الى آخر ، ومن جامعة الى أخرى ، حيث تحظى الجامعات فى البلاد المتقدمة بحرية وضع السياسات ، والمقررات الدراسية ، وبرامج التدريس والبحث التى تلائم ظروفها وأهدافها ، ففى الجامعات الأمريكية على سبيل المثال يتم الربط بين التدريس والبحث ، حيث يعتبر كلاهما من واجبات أعضاء هيئات التدريس ، وتعتمد ترقياتهم على الامتياز فى كليهما ، وقد اطلعت على بعض من تلك السياسات ، وأثار انتباهى مجموعة من النقاط الهامة والجديرة بالتأمل علها تفيد فى جامعاتنا المصرية ، وأخص منها ما تتبعه University of California, Berkeley ، حيث يقيم أعضاء هيئات التدريس فيها اعتمادا على الآتى:

1- وضع المقررات الدراسية design and redesign of courses ويراعى فى ذلك وضوح أهداف المقرر ، وكونها مقبولة ومناسبة ، وتوصيل متطلباته للطلاب بجلاء ، والتحديث المستمر للمعلومات بما يعكس آخر التطورات فى هذا المجال.

2- عرض وتقديم مواد المقرر ، وما يعكسه من حيوية ومنطق واثارة لفضول الطالب ، ونزعة الابداع فيه.

3- تمكن المدرس من موضوعه ، ومدى عمق معرفته ، وانشغاله بالقراءة أو البحث فيه .

4- مساهمة عضو هيئة التدريس فى وضع المقررات والتعليمات curriculum and instruction سواء فى صورة كتب دراسية textbooks ، أو شرائح slides ، أو منشورات أو مطبوعات publications ، أو برامج كمبيوتر computer courseware ، أو أشرطة videotapes , dvds ، وغيرها من الجهود اللازمة لوضع المقررات وتطويرها.

5- التوجيه والاشراف على البحوث العلمية للطلاب.

6- التوجيه والاشراف على اعداد طلاب الدراسات العليا للتدريس.

7- تقييم الطالب نفسه للمقرر، وطريقة التدريس فى نهاية الفصل الدراسى ، وهو ما يساهم فى انضاج ملكات الطالب النقدية ، وما يلزمها من حيدة وأمانة وموضوعية ، وكذلك تقييم الخريجين alumni ، وطلاب الدراسات العليا الذين يساعدون فى التدريس.

8- تقييم عضو هيئة التدريس نفسه self-evaluation ، وكذلك الأعضاء الآخرين فى القسم.

ثالثا : مشكلات التدريس والمدرس فى النظام التعليمى المصرى

1- تسبب النظام العقيم للثانوية العامة ، ومكتب التنسيق فى دخول أجيال متعاقبة الى كليات التربية والآداب واللغة العربية والعلوم وغيرها بدون رغبة ، وبدون دافع ، ليتخرجوا وليمارسوا التدريس بدون رغبة ، وبدون دافع أيضا ، وليصبح الأمر بالنسبة لهم وسيلة ارتزاق ، رغم أن التدريس مهنة لا بد أن يتملك صاحبها الحب الجارف لها ، والتفانى فى أدائها ، وأن تمتلك عليه قلبه وعقله ، فهى رسالة وليست وظيفة ، وهى تتعامل مع العقول والأفهام ، وليس مع الأوراق أوالملفات أو الماديات ، وتعد للمجتمع رواده ، وقادة مستقبله ، انها مهنة نبيلة ، يلزمها نبلاء لا مرتزقة.

2- ضعف اعداد المدرسين ، وتدنى مستواهم العلمى والمعرفى ، وهى ظاهرة عامة لجميع خريجى الجامعات المصرية ، لفساد التعليم ، وتدهور مستواه ، وافتقاره الى التدريب والمران ، وغياب الجانب العملى ، والاعتماد بصورة كلية أو شبه كلية على الجانب النظرى ، مع جمود المقررات وقدمها ، واعتمادها على التلقين الذى يقتل الفكر والابداع.

3- استخدام وسائل تقليدية تجاوزها الزمان ، والاهمال الكامل أو شبه الكامل لكل طرائق التدريس الحديثة ، وغياب استعمال وسائل الايضاح المختلفة ، وما يترتب على ذلك من الملل والرتابة ، وافتقاد الطالب لما يجذب فكره وانتباهه.

4- غياب الالمام والمعرفة بعلم النفس التعليمى ، مما يترتب عليه الجهل بالتطورات النفسية التى يمر بها الطلاب فى مراحلهم العمرية المختلفة ، وينعكس ذلك على انعدام الفهم والتواصل بين المدرس وطلابه ، مما يؤثر سلبا على سلوكيات الطالب ، وكذلك على مقدرته على التفاعل والاستيعاب.

5- يضاف الى الجهل بنفسية الطالب ، ومراحله العمرية المختلفة ، الجهل بالظروف والأوضاع الاجتماعية ، والتى تتباين بين القرية والمدينة ، وبين بيئة وأخرى فى المجتمع ، وما يترتب على ذلك من تأثير على الطلاب ، وهو جانب هام لازم لاعداد المدرس وتدريبه.

6- افتقاد الآلية المناسبة للتقييم الدورى للمناهج والمقررات والمدرسين وأعضاء هيئات التدريس ، وما وجد من آليات فهى غير فعالة ، ولا تعطى الدلالة الأمينة والصادقة ، علاوة على شيوع أمراض اجتماعية كالمجاملات والرشوة والواسطة وغيرها مما يسهم فى غياب الدقة والنزاهة فى التقييم ، وغياب التقييم ، أو افتقاده للدقة والأمانة يعنى استمرار الأخطاء وتراكمها ، وغياب الاصلاح والتطوير.

7- شيوع مفاسد جديدة عصفت بالتعليم خلال العقود القليلة الماضية ، وأخطرها تفشى الدروس الخصوصية فى جميع مراحل التعليم العامة ، وامتداد ذلك الى الى الجامعات ، وهو ما يعنى تخلى المدرس عن دوره ، وتحوله الى الاستغلال المادى لطلابه ، ويعنى أيضا حصر المناهج الدراسية فى ملخصات هزيلة ، وأسئلة وأجوبة يحفظها الطالب ، ثم يسردها فى الامتحانات ، وارتبط مع ذلك آفات أخرى مثل الغش ، وتسريب الامتحانات وبيعها ، والتلاعب فى النتائج والدرجات، ومن مظاهر الاستغلال المادى أيضا تلك المذكرات الهزيلة التى يبيعها أساتذة الجامعة للطلاب ، وتفتقر الى الطباعة الجيدة ، ويغيب منها الصور والأشكال الايضاحية والجداول ، علاوة على أنه لم يتم تحديثها منذ عقود ، ولا يوجد عليها اسم لمؤلفها أو مؤلفيها ، وتفتقر تماما الى أسماء المصادر والمراجع ، وكلها أمثلة سيئة ، تعطى للطلاب تصورا خاطئا عن الحياة ، وعن التعامل بين الناس ، وعن احترام العلم والحق والعدل ، وغيرها من القيم والفضائل والأخلاقيات.

8- اساءة المدرس للطلاب بدنيا بالضرب ، وهو أسلوب قبيح فى التقويم ، يترك آثارا نفسية وسلوكية لا تنمحى ، وكذلك الاساءة النفسية للطالب بتسفيهه ، والسخرية منه ، وشتمه ، واطلاق أسماء غير مقبولة ، وغير مناسبة عليه.

9- التحرش والاستغلال الجنسى للطالبات فى المدارس والجامعات ، وقد نشرت صحيفة اليوم السابع بتاريخ 2 -6-2009 مقالا لمحمد حمدى عنوانه ( تعليم على واحدة ونص ) ، وفيه أن أستاذا بجامعة جنوب الوادى بقنا أوقف ستة أشهر لأنه كان يشترط على طالباته الرقص الشرقى فى مكتبه للحصول على تقدير امتياز فى مادته ، وكثير من حالات التحرش والاستغلال الجنسى تمر بدون أن يعلم عنها أحد شيئا لخوف الطالبات من الفضيحة ، والاضرار بسمعتها ، وسمعة أهلها ، وغياب القانون الذى يضمن الحقوق ، ويحفظ الأعراض.

10- غياب المقررات الدراسية الخاصة بأخلاقيات التدريس teaching ethics، رغم ضرورة ذلك وأهميته فى خلق مدرس يعرف الضوابط والمعايير الواجب اتباعها ، ولذا فلا عجب أن نعانى من كل تلك الصور من النقائص والمفاسد.

11- الكادر المالى المتدنى والذى يترك المدرس والأستاذ تحت ضغوط العوز والحاجة ، مما يكون سببا فى لجوء الأغلبية الى الوسائل غير المشروعة ، وانصرافها عن واجبها الأساسى فى التدريس والبحث.

12- أسهم الاعلام والفن فى المجتمع المصرى فى مزيد من تشويه صورة المدرس ، والاحطاط من قدره ، وهو ما يترك أيضا أثرا سلبيا على فهم الطالب لطبيعة العلاقة التى تربطه بمدرسه أو أستاذه.

رابعا : كيفية النهوض بمستوى التدريس والمدرس

1- لا بد من تغيير نظام القبول بالجامعات من أجل اعداد وتخرييج مدرسين على درجة عالية من الكفاءة الأكاديمية ، والتدريب والمران ، بحيث يصبح اختيار مهنة التدريس رغبة ، وايمانا برسالة التعليم ، وليس اكراها من مكتب التنسيق .

2- التقييم الدورى للمدرس ، واشتراط اجتيازه دورات تدريبية دورية للاطلاع على الجديد فى مجال تخصصه ، وأيضا الجديد فى وسائل التعليم وأساليبه.

3- الالمام بما يلزم من علوم النفس التربوية والتعليمية ، وعلم الاجتماع ، ليكون المدرس مؤهلا لفهم الطالب والتعامل معه ، كما يجب المام المدرس بأمور الصحة العامة التى تجعله فاهما للتغيرات البدنية والفسيولوجية التى يمر بها الطلاب أثناء نموهم ونضجهم ، وتأثير ذلك على الجوانب النفسية والاجتماعية والسلوكية.

4- وضع الضوابط واللوائح والقوانين التى تجرم الدروس الخصوصية فى جميع مراحل التعليم الأساسى والجامعى ، وكذلك تسريب الامتحانات وبيعها ، والتلاعب فى الدرجات والتقديرات ، وأن يشمل اعداد المدرس وتدريبه على شرح تلك اللوائح والقوانين ، وبيان العقوبات والجزاءات لمن يخالفها ، وأن يتم تسليم نسخة مطبوعة منها لكل مدرس.

5- تدريس أخلاقيات التدريس لكل المدرسين ، وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات.

6- تجريم التحرش والاستغلال الجنسى ، ووضع العقوبات الصارمة لذلك ، وتناول ذلك خلال الاعداد والتدريب للمدرس ، مع تسليمه نسخة مطبوعة تشمل بيانا بكل ما يعتبر تحرشا أو استغلالا جنسيا ، مع بيان الضوابط والعقوبات.

7- تجريم العقاب البدنى للطلاب ، وكذلك اعتبار الأذى النفسى عملا مخالفا لآداب التدريس ، والـتأكيد على ذلك فى مراحل الاعداد والتدريب للمدرس ، وتسليم نسخة مطبوعة باللوائح والعقوبات.

8- وضع مواصفات للكتاب الجامعى ، وضوابط لأسعاره ، حتى يتم القضاء المبرم على المذكرات الهزيلة والملخصات المخلة ، والاستغلال المادى للطلاب ، مع وضع الضوابط التى تجرم السرقات العلمية ، وتعاقب عليها عقابا رادعا.

9- الاستفادة من خبرات الأنظمة التعليمية ، والجامعات الأجنبية فى اعداد المدرسين وأعضاء هيئات التدريس وتقييمهم ، مع تغيير نظام تعيين المعيدين أو تحسينه ، واشتراط مزيد من التدريب والمران تحت رقابة أساتذة الأقسام ، وذلك لاعدادهم للمساعدة فى التدريس ، واعدادهم أيضا لمراعاة الضوابط والمعايير السلوكية والمهنية فى التعامل مع الطلاب ، وهذه نقطة شديدة الأهمية حيث أن الانحرافات السلوكية والعلمية للمعيدين أكثر من أن تحصى ، وسرعان ما يصبحون مدرسين وأساتذة ، ويحملون معهم تلك الانحرافات ، وهو عامل هام من عوامل الفوضى العلمية والسلوكية التى تعصف بجامعاتنا.

10- تحسين الكادر المادى للمدرسين ، وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات ، مما بعصمهم من الوقوع فى أخطاء الاستغلال المادى للطلاب بالدروس الخصوصية ، أو بيع المذكرات ، أو غير ذلك ، ويعطيهم مستوى من الحياة الكريمة ليتفرغوا لعملهم فى البحث والتدريس ، واعداد أجيال الأمة الاعداد السليم بما يضمن مقدرة المجتمع على التنافسية فى عالم اليوم.

ان النظام التعليمى فى مصر أمامه طريقان لا ثالث لهما ، اما اصلاح التدريس والمدرس ضمن خطة شاملة لاصلاح النظام التعليمى بجميع عناصره ، أو مزيد من الانهيار والتدهور ، الذى لا ينفع معه الترقيع ، وتمتد آثاره السيئة لتشمل المجتمع بأكمله .

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية