مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 دولة المؤسسات
...............................................................

 

دولة المؤسسات

 

بقلم : غريب المنسى
........................


الحديث عن الديموقراطية فى دول العالم النامى أصبح موضوع الساعة وموضة اليوم وهو حديث يضفى على توجهات النخبة الواعية طابع الكفاح والجدية فى التغيير والثقافة والتحضر , فليس غريبا أن ترى جلسة سياسية بين النخبة تستغرق عدة ساعات يتكلمون فيها عن الديموقراطية وضرورتها لتغيير حياة المواطن المطحون , وطبعا يكون الحديث فى هذا الموضوع الشيق مفتوح ليس له نهايات وبطبيعة الحال يأخذ منحنى آخر ومعانى أخرى مختلفة تماما عن معناه الأصلى ويتشعب لينتهى بمواضيع أخرى , ويصبح الحديث كمن يتحدث عن أهمية الطعام للجائع والماء للعطشان !! ولكن المتحدث دائما وابدا يغفل تحديد ماهى طبيعة كمية الطعام الصحية المتوازنة للجائع ؟ وماهى الكمية المناسبة من الماء للعطشان ؟!! وهل هى مياه ترع أو مياه معدنية صحية ؟ وطبعا يتخلل الحديث عن الديموقراطية كام مصطلح انجليزى لزوم الثقافة , وكام مثال عن دول أوروبية ديموقراطية لزوم المعرفة , ولامانع ابدا من زج كارل ماركس وهنرى فورد وليبون والبولورتاريا فى المنتصف حتى تكتمل الرؤية الديموقراطية الشاملة. وهذه النخبة من المفترض أنها تعبر عن مواطنيين نسبة الأمية بينهم عالية ومحاصرون بضغوط اقتصادية وأمراض واكتئاب ومشاكل لايعرفون معها الفرق بين الديموقراطية والتكنولوجيه , وهذه الفجوة هى سبب عدم وضوح الرؤيا.

وموضوع الديموقراطية فى دول العالم النامى موضوع سهل وبسيط لو تناولناه فى سياقه بتجرد بعيد عن المزايده المعرفية والفذلكة الثقافية , فليس هناك شىء اسمه ديموقراطية بالمعنى المفلطح للكلمة ولكن هناك شىء أهم من الديموقراطية اسمه دولة المؤسسات , وعندما تكون دولة المؤسسات مضبوطة ومنتظمة يظهر أى تصرف للمواطنين وللسياسيين فى المجتمع وكأنه ديموقراطى . هكذا بكل بساطة وتجرد. والتجربة الأمريكية والأوروبية فى تطبيق الديموقراطية واستخدامها لاتخرج عن التطبيق الجيد لدولة المؤسسات والحديث عن ديموقراطية بدون ذكر دولة المؤسسات هو حديث ناقص ومبتور غير مجدى على الاطلاق .

مثلا : عندما يصل الرئيس الأمريكى للبيت الأبيض عادة يكون قد حصل على نسبة 55% من أصوات الناخبيين على أحسن الفروض وبالتالى فهو يجلس على قمة الهرم ببرنامج سياسى ليس معبرا بالضرورة عن توجهات واحتياجات كل فئات الشعب ومع ذلك فالحماية للمواطنين الرافضين لسياسات هذا الرئيس هى دولة المؤسسات وليست الديموقراطية !! وبالتالى نرى أنه من الواجب والأمانة أن تركز النخبة الواعية فى دول العالم النامى على موضوع دولة المؤسسات لأن نجاح دولة المؤسسات حتى بمقاييس دول العالم النامى هو الحل المثالى والواقعى لعملية التغيير ومايترتب عليها من نهضة اقتصادية وتعليمية وثقافية وصحية ومجتمعية تصب فى النهاية فى خانة رفع مستوى الاداء للفرد .

ودولة المؤسسات فى وضعها الراهن فى دول العالم النامى تحتاج الى اعادة بناء لأنها وصلت الى مرحلة من البيروقراطية اختلط فيها الحابل بالنابل وتداخلت فيها المسؤوليات وتشابكت لدرجة أنه أصبح من الصعب محاسبة المقصرين ومعرفة مصدر الخلل بدقة حتى يتم الاصلاح والذى ينعكس بدوره على حياة الفرد , ونشأت مع هذه البيروقراطية طبقة من الطحالب السياسية هذه الطبقة هى التى تقف عقبة كئود فى سبيل التنمية والنهضة . وبدون اعادة هيكلة دولة المؤسسات سيكون الحديث عن الديموقراطية هو ضرب من اهدار للوقت والطاقة والمصالح لعامة الشعب.

وحتى تنجح دولة المؤسسات لابد أن يكون هناك قانون صارم يطبق على الجميع , فكل التجارب الديموقراطية فى الغرب بما فيهم التجربة الأمريكية تستخدم القانون الصارم لعقاب كل من تسول له نفسه للتنطع واستغلال مركزه السياسى لتحقيق مصالح شخصية , وبدون هذه القوانين كان من الجائز جدا أن يكون الكونجرس الأمريكى مشابه لمجلس الشعب المصرى , وكان من الجائز جدا أن يهتف الأعضاء فيه : بالروح بالدم نفديك ياباراك !!

ودولة المؤسسات الحديثة تعطى صلاحيات وحصانات وتضع رقابة , فليست هناك حصانة مطلقة لأى انسان أو لأى جهة , فالقضاء له حصانه ولكن هناك رقابة على اداء القضاه والسياسى له حصانة ولكن هناك رقابة على عمله وتصرفاته والصحافة لها حصانة ولكن هناك رقابة على عمل الصحفى , هذه الرقابة هى فى الواقع قوانين تفرض الالتزام وتمنع تكوين مراكز قوى تضر بصالح المواطن .. والرئيس بطبيعة الحال له صلاحيات وحصانة ولكنه يخضع للرقابة والمساءلة لو حدث منه تقصير .. وهكذا حتى نصل للمواطن فهو له حصانة وله حقوق ولكن هناك رقابة عليه.

وخير دليل على أنه لاتوجد ديموقراطية بدون دولة المؤسسات هو أن عدد السجون فى الولايات المتحدة فى ازدياد ونسبة المساجين فى الولايات المتحدة مرتفعة بالقياس لعدد السكان , وفى هذه السجون يقبع السياسيون ورجال الاعمال والقضاة والصحفيين والاطباء ورجال البوليس واساتذة الجامعات والمواطنيين اللذين خرجوا على حقوق الدولة واستغلوا الحرية والديموقراطية استغلال سىء يضر بمصلحة الوطن. فكل انسان بطبيعته قابل للفساد والآباء المؤسسين لابد أن يكونوا على اقتناع تام بأنهم بشر يخططون لبشر وبالتالى فالواقعية والبعد عن المثالية شرط ضرورى ومهم لنجاح النهضة.

ولابد من الوضع فى الاعتبار أنه لايوجد فرق بين دولة المؤسسات فى النظام الراسمالى والنظام الاشتراكى ففى كل من النظامين يحاكم المقصر والخلاف الوحيد أنه فى النظام الاشتراكى يرسل المقصر الى سيبريا فى عملية نفى سياسى أما فى النظام الرأسمالى يوضع المقصر فى السجن مع عامة عتاة الاجرام ويسمح له بمشاهدة التلفزيون.

لابد لنا من اعادة التفكير فى " الهدف والوسيلة" بدلا من ترديد شعارات مطاطة وعلينا أن نصمم الوسيلة المناسبة لواقعنا لتحقيق الهدف المطلوب , وأن نكف عن التقليد فليس كل مايصلح "لجون" ينفع بالضرورة "لعبسميع" .

ودنك منين ياعم جحا.. ؟!! -4" اللامركزية "


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية