مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 جعلونى مجرما
...............................................................

بقلم : غريب المنسى
........................


عندما يجلس توماس فريدمان الى مكتبه ليكتب مقاله الاسبوعى "للنيويورك تايمز" يكون فى حالة نفسية جيدة فمن الطابق العشرين يمكن له بسهولة مشاهدة "نهر هودسون" وأمامه التقارير الاخبارية الجادة والصادقة, وحوله مؤسسات ديموقراطية تعمل بتناغم , ولديه خط اتصال مباشر مع صناع القرار سواء فى الكونجرس أو القضاء أوحتى الرئيس الأمريكى شخصيا .. ومستر فريدمان ليس محسوبا على أية مؤسسة حاكمة أو حزب ولكنه محسوب على نفسه وضميره وحبه لبلده, ولذلك تجد كتاباته نقد بناء للحث على زيادة العطاء والقاء الضوء على الأخطاء والتجاوزات فى الأداء , وبكل بساطة تكون مساهمته لبناء المستقبل الذى يبدأ من اليوم. وعلى رغم قسوته أحيانا كثيرة فى النقد الأ أننا لم نسمع أنه وضع على لائحة المعارضة أو حرم من مصادره الاخبارية التى تساعده على معرفة الواقع لتكون أفكاره واقعية. ولهذا فليس غريبا أن يتقاضى خمس دولارات عن كل كلمة فى مقاله , وأن تكون حياته أكثر سهولة ويسر تجعله هو وزوجته "آن" يزوران دول العالم ويمارسان الحب بتجدد وانشراح.

أما عندما يلجأ الكاتب العربى عموما الى مكتبه ليكتب مقاله الاسبوعى فهو أمام مجموعة تقارير متضاربة كلها عبارة عن ألغاز تحتاج الى تحليلات لمجرد فهم مغزاها , ومصادره الصحفية لو لم تكن حكومية فهى مصادر مضروبة ولو حاول النقد للأوضاع المقلوبة فهو معارض حقود رذل وربما ينتهى به الأمر الى زنزانة فى أحد السجون !! ولهذا فليس مستغربا أن تجد أمامه على المكتب فناجين القهوة السادة وكميات هائلة من أعقاب السجائر وبعض من عقاقير الضغط وسرنجات السكر !! لياتى مقاله فى النهاية معبرا بحياء شديد عن واقع منهار وسياسات فاشلة. وببساطة لكى يكتب المقال عليه أن يستخدم الحاسة الخامسة والسادسة والسابعة ويتحول من كاتب الى مخبر يتابع المجرم ويحاول رسم صورة تقديرية للجريمة وظروفها وهنا يتحول تدريجيا للكتابة عن الماضى أما المستقبل فله رب يحميه فهو فى علم الغيب !! ومرتبه طبعا يتحدد حسب توجهاته فعلى قدر أهل الكذب تأتى البرايز!!

بعد نشر مقالة العسكر والسلطة تلقيت بعض من تأنيب القراء وكانت كلها تركز على معنى واحد تقريبا فكيف يكون رجل عاش فى الغرب مايقرب من ربع قرن ومازال يعتقد أن العسكر هم الأقدر لتولى السلطة فى مصر ؟ أين الديموقراطية اذن؟ نحن نريد نظام ديموقراطى سليم ونزاهة برلمانية وحرية وعدالة اجتماعية وأنت تطالب بحكم العسكر ؟ انت رجل رجعى !! هكذا قال أحدهم.

وللحقيقة أقول أننى لم يكن أمامى خيارات صالحة كثيرة واخترت من بينها العسكر !! ان اختيار العسكر للحكم هو بالنسبة لى مثل الاستعانة بالشرطة للقبض على المجرم وتسوية الأمور واعادة الحياة الى طبيعتها فى مدينتنا الفاضلة. فمصر تمر بأكبر عملية سرقة منظمة فى وضح النهار ونحن نضيع وقتنا وجهدنا فى البحث عن شخص ينقذنا فى حين أن العصابة على شفا انهاء المرحلة الأخيرة من الخطة والسيطرة الى مالانهاية على ثروات ومقدرات الوطن وفى هذه الحالة لابد من الاستعانة بالشرطة فهى القادرة على مواجهة هذه العصابة. ففى الغرب عندما يكون هناك مجرم عتيق هارب من العدالة يبث التلفزيون بيانا معناه: " أن هذا المجرم خطير ومسلح ولو فرض والتقيته فى الشارع لاتواجهه ولكن اتصل بالشرطة فى اسرع وقت فالشرطة هى التى تقدر على هذه النوعية !!."

وهنا تعالوا نفكر بعقلية المجرم قليلا لنرى الصورة بوضوح لاتخفيه عين شمس الحقيقة , ونفترض أن هناك منجما للذهب فى مدينة ما , وأن مدير هذا المنجم أراد أن يستولى عليه فقط لأولاده وأحفاده وفى سبيل ذلك تواطىء مع المتواطئين على افقار واذلال وتشويش أهل هذه المدينة حتى يكون تفكيرهم منصب فقط على بطونهم , وفى نفس الوقت قام بتعطيل كاميرات التصوير بداخل المنجم وقطع عنه الكهرباء حتى لايرى عمال المنجم الشرفاء مايجرى بداخله وهو الآن فى مرحلته الأخيرة للسيطرة على مقدرات هذا المنجم !! وللأسف الناس خارج هذا المنجم منهم من هو غير مكترث , ومنهم من يجادل على نوعية الادارة الجديدة لهذا المنجم وهذه المجادلة العقيمة قد تستغرق سنوات لأن لصوص المنجم قد تخلصوا من عقلاء هذه المدينة الشرفاء , ومن الناس أيضا من يؤمن بضرورة مواجهة لصوص المنجم وجها لوجه وبالتالى ستنشأ فوضى خلاقة سيستفيد منها لصوص آخرون عبر الحدود يريدون أن يسيطروا على هذا المنجم وخيراته وموقعه الجغرافى الفريد.

هل أمامكم خيارات ؟

نحن أمام جريمة مكتملة الأركان والحل الأمثل هو الاستعانة بشرطة المدينة ونحن نعلم أن عناصر من هذه الشرطة قد تلوثت بفعل الاغراء ولكن الأغلبية الكبرى من قوات هذه الشرطة مازالت شريفة ومازالت تريد أن تحافظ على هذا المنجم لصالح أهل المدينة ..

ونمضى فى التفكير بعقلية المجرم ونتوقع أيضا أنه فى حين تدخل الشرطة السريع سيدعى هؤلاء اللصوص أنهم لم يكونوا بصدد سرقته ولكن كان هدفهم ترميمه واعادة الذهب اليه مرة أخرى !!

لربما أكون جعلتك مجرما أيضا !!

مصرنا ©

مقال العسكر والسلطة

 

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية