اعادة التوازن المائى والزراعى لمصر
الباب الدوار وزراعة منخفض القطارة
لإعادة التوازن المائى والزراعى لمصر
| |
حماد | |
للمهندس: إسماعيل حماد
............................
الماء من الأيات الدالة على وجود الله فالماء أصل كل موجود وحى "وكان عرشه على الماء" وقد كثر الكلام بعد الثورة عن مشاريع أقرب إلى الأمانى الطيبة مثل تحويل مياه نهر الكونغو المهدرة والملقاة فى المحيط الأطلنطى بكميات هائلة إلى مصر للإستفادة منها, فى حين أن كمية المياه العذبة المهدرة التى يلقى بها النيل فى البحر الأبيض تقدر بما بين 1.2 مليون متر مكعب يوميا إلى 5 مليار متر مكعب سنويا. وهذه الكمية المهدرة تستطيع أن تصنع فرقا سواء فى مياه الشرب أو المياه الواصلة إلى ترعة السلام المتجهه إلى سيناء أو ترعة النصر والحمام إلى مطروح, فكلا الترعتان قريبتان من فرعى دمياط ورشيد وتتغذيان منهما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. . ولو كان نهر النيل يجرى فى إسرائيل لما سمحت بإلقاء نقطة من هذه الكميات الهائلة فى البحر الأبيض قبل أن تعود لتتكلم عن تحليه مياه نفس البحر مرة أخري أو الحلم بنقل مياه نهر أخر إليها.
وسيحاول النيل شئنا أم أبينا إلقاء كميات كبيرة من مياهه العذبة في البحر كى تستمر المياه في الانحدار نحو الدلتا من جنوب مصر إلي شمالها. وأظن أن وضع باب دوار عند مداخل فرعى رشيد ودمياط من شأنه إلإبقاء على هذه الكميات المهدرة وإعادة التوازن المائى لمصر, فوجود مثل هذا الباب سواء ثلاثى أو رباعى الأذرع سيعمل على إقامة فاصل مستديم بين مياه البحر الأبيض ونهر النيل عند كل درجة من درجات دوران الباب بهدف فتحه لإغراض الملاحة مثلا. ومعظم المراكب المارة من البوغاز هي فى مجملها مراكب صيد أو لنشات تستطيع بأحجامها المتوسطة المرور من الباب الدوار.
ودوران مثل هذا الباب سيحتاج إلى موتور كهربائى متوسط القدرة لإن ضغوط المياه متعادلة تقريبا على جميع أوجه أذرع الباب. وبالإعتناء بالشكل الجمالى إلى جانب الشكل الوظيفى للباب الدوار يمكن جعلة أعجوبة من عجائب الدنيا ومزار سياحى كبوابة سيدنى وبوابات فينيسيا وقناة بنما, وذلك بعد أن تعودت أعيننا على كل ما هو كتلى وخرسانى وقبيح من كبارى وقناطر بدعوى أنها تؤدى وظيفتها وكفى فى حين أن العالم يستغل وجود أنهاره لإنشاء كبارى وقناطر كالتبلوهات الفنية تسر الناظرين إلى جانب القيام بوظيفتها خير قيام. .
وعند إرتفاع منسوب المياه أمام الباب الدوار إلى حد معين, تؤخذ هذه الزيادة من مآخذ مياه ترعة السلام المتجهه إلى سيناء وترعة النصر أو الحمام المتجهه إلى الساحل الشمالى ومطروح ,كل ذلك بالتنسيق مع قناطر فارسكور وإدفينا وما قبلهما فى منظومة واحدة وبرنامج واحد يعمل على الإستفادة والحفاظ على كل قطرة من مياه النيل داخل مصر.
أما فى حالة زيادة منسوب المياه أمام الباب بشكل خارج عن السيطرة لأى سبب أو الحاجة إلى غسيل النهر فيمكن عمل بوابات طوارئ تفتح فى جسم زراع الباب نفسه فى إتجاه البحر. ونستطيع بالترع والقنوات الموجودة بالفعل والقليل منها التى يتم إنشاؤه تحويل ما سيتم توفيره من مياه فرع رشيد المهدرة فى البحر إلى منخفض القطارة لإستصلاحه وزراعته كما هو الحال فى منخفض الفيوم.
لست مع الرأى السائد فى مصر والقائل بإستخدام مياه النيل لإستصلاح الصحراء, فصحراء مصر الغربية لديها مصادر مياهها الطبيعية سواء أمطار فى الساحل الشمالى بكامله بما فيه أجزاء كبيرة من منخفض القطارة فمعدل سقوط مياه الأمطار على صحراء مصر الغربية يتراوح سنويا مابين 150مم على ساحل البحر وحتى 25 مم على بعد 80 كم جنوبا منه, أو مياه جوفية فى الكثير من مناطقها مثل الخزان النوبى والنهر العظيم الذى تستغله ليبيا وحدها.. وما أتصوره عن تعمير الصحراء هو أن تصبح مساحات وواحات زراعية ورعوية فى مناطقها الغنية بالأمطار وبالمياه الجوفية, ومدن ومراكز سكانية قائمة على التعدين وأعمال المناجم وأبار البترول ومحطات عملاقة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية, وأماكن جذب سياحى قائمة على الأثار والمعابد والأديرة وعلى عجائب الطبيعة بها مثل الصحراء البيضاء ووادى حيتان.
ولست مع الرأى السائد فى أوساط علماء مصر بتخزين مياه البحر الأبيض فى منخفض القطارة من أجل توليد الكهرباء لفترة محدودة من الزمان تنتهى بإمتلاء المنخفض بمياه البحر ,فلهذا الرأى خطورته على تسرب مياه البحر المالحه لمخزون مياه الصحراء الجوفى العذب وتمليحه. أما الرأى بتخزين مياه النيل فى المنخفض بدلا من مياه البحر الأبيض فلهذا الرأى طرافته, فأى كمية يتم توفيرها من مياه نهر النيل على قلة إيراده سترمى فى المنخفض على إتساع مساحته التى تقترب من مساحة دولة الكويت ستكون أشبه بمن يلقى كوب ماء على سطح صفيح ساخن فمصيرها إلى البخر. .
ولكنى أميل إلى زراعة منخفض القطارة نفسه للأسباب الأتية:
أولا) مصر لا تنقصها مزيد من البحيرات المالحة حتى وإن كان الهدف توليد الكهرباء. فلدي مصر الكثير منها والتى تحاول ردم بعض أجزائها للإستفادة من أراضيها كما حدث قديما مع بحيرة كنج مريوط لإنشاء حى سموحة بالإسكندرية, وكما يحدث الأن فى معظم بحيرات مصر. وهولندا على سبيل المثال لم تستغل أراضيها الواطئة فى توليد الكهرباء بماء البحر ولكن زرعتها وإستغلتها كيابسة وإعتمدت على طاقة الرياح لإدارة طواحينها.
ثانيا) المنخفض غنى بمياهه الجوفية وبمياه الأمطار سواء الساقطة عليه مباشرة أو التى يمكن أن تنحدر إليه من مناطق الساحل الشمالى المشغولة بالقرى السياحية المواجهه للمنخفض والتى لا تحتاج لها, وكذلك قريب من خزان المياه الجوفى المتجدد بمياه النيل والموجود أسفل الدلتا والذى يقدر بمئات المليارات من الأمتار المكعبة. . وكل هذه المياه تصلح لزراعة إقتصادية مع رية تكميلية بالمياه التى سيتم توفيرها من مياه النيل المهدرة فى البحر والتى ستصل إلى المنخفض بالترع والقنوات كما هو الحال فى زراعة منخفض الفيوم ودون الحاجة إلى محطات رفع عملاقة كما فى مشروع توشكى.
ثالثا) مساحة منخفض القطارة مع النطاق الممطر المحيط به تقارب المساحة الزراعية بوادى ودلتا النيل مما قد يؤدى إلى إنشاء مجتمعات عمرانية حقيقية جديدة تستوعب المزيد والمزيد من الزيادة السكانية ومضاعفة مساحة مصر الزراعية بمساعدة مياه الأمطار بدلا من إهدار هذه المساحات بتحويلها إلى خزان للمياه المالحة يملح ما حوله من أراضى, الأمر الذى قد يضر على المدى الطويل بأراضى الدلتا الزراعية المتاخمة له فيملحها بدلا من مضاعفة مساحتها. .
رابعا) الإتجاه الطبيعى لهجرات المصريين الداخلية منذ قديم الزمان هى من الجنوب الحار والمغلق والفقير نسبيا فى ثرواته إلى الشمال المعتدل مناخيا والرحب بدلتاه والمنفتح على العالم ببحره الأبيض. لذلك يصبح منخفض القطارة هو المكان المثالى لإقامة مشروع مصر الزراعى المستقبلى. . ولنا فى مشروع توشكى الجنوبى العبرة والدرس وكذلك لنا فى مشاريع إستصلاح مديرية التحرير والنوبارية المثل فكلها مشاريع أقيمت فى شمال مصر ومتاخمة أيضا لمنخفض القطارة وتقريبا لها نفس ظروفها المناخية وهى مشاريع إجتذبت جموع المصريين من مختلف أنحاء البلاد جنوبها وشمالها بإقبال لا يشوبه حاجز نفسى. . ومن الخريطة يتضح أن ميول المنخفض متدرجة ناحية الشرق والجنوب عكس حوافه الشمالية والغربية ذوى الحوائط الصخرية الممتدة من شماله إلى غربه بإرتفاعات تتراوح ما بين 200 متر إلى 350 متر. وهذا التدرج شبيه إلى حد قريب بميول منخفض الفيوم, مما يجعل المنخفض من ناحية الشرق إمتداد متصل للوادى و للدلتا.
خامسا) الطاقة الشمسية قد تكون البديل المناسب لمصر لتوليد الكهرباء عن أى طاقة أخرى بترولية أو نووية أو بتساقط مياه البحر فى منخفض القطارة. فكمية الطاقة الحرارية الشمسية الساقطة على صحراء مصر بالكيلووات قد تفوق أى من هذه الطاقات السابق ذكرها مفردة أو مجتمعة.
إن هذا الفصل المستديم بالباب الدوار بين مياه البحر ومياه النهر سيمكننا من الإستفادة من كل نقطة من مياه نهر النيل وسيكون بمثابة حائط صد يدفع مياه البحر بعيدا عن الإختلاط بمياه النيل بفرعى رشيد ودمياط ودخول الدلتا وتمليح أراضيها ومخزون مياهها الجوفى. وكذلك زراعة منخفض القطارة على مياهه المباشرة والغير مباشرة قد يكون الإستغلال الأمثل لمواردنا وثرواتنا الطبيعية من أراضى و أمطار ومياه نيل وطاقة شمسية.
مهندس/ إسماعيل حماد
E/mail: ismhamad@yahoo.com
Mob: 01006018732
B.SC. of Mechanical Engineering
-Power branch-
Mechanical Engineer in EGYPTAIR
لنفس الباحث : حل مشكلة الألغام فى مصر