مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 
...............................................................

 


محطة معالجة مياة الصرف فى فيينا ـ النمسا و أسمها
Die EbS-Hauptkläranlage in Wien-Simmering
 

بقلم : غريب المنسى
.........................

كنا قد حددنا المشكلة التى تواجه الشعب المصرى فى المقالة السابقة من مجموعة ثقافة الهزيمة .. "صراع فى النيل" ‏فتلوث المياه الصالحة للحياة بمياه المجارى يعتبر أمر خطير جدا على المستوى الطبى والقومى والمجتمعى ناهيك عن السمعة الدولية لشعب قد قرر الموافقة على شرب مياه المجارى !! وهذا فى واقع الأمر هو قمة الهزل والخبل والاستهبال والاستخفاف بمقدرات الناس البسطاء اللذين يعتقدون أن هناك حكومة ساهرة على راحتهم تحاول أن تخلط لهم مياه الشرب بماء الورد!! وحتى أثبت حسن نيتى وحتى لايتهمنى البعض بأننى أثير المشاكل فأننى أتعرض للمشكلة وفى نفس الوقت أحاول أن أجد لها حلا منطقيا حتى نوصد باب الشكوك والاتهامات.

 فمن المعروف جغرافيا أن الدول العربية و منها مصر تقع فى منطقة مناخية تتصف بالجفاف و تنتشر بها الصحارى و تتسم بندرة المياة و من هنا تأتى أهمية أقامة محطات لمعالجة مياة الصرف المختلفة ليس فقط بغرض الحفاظ على البيئة من التلوث و لكن إيضا لأعادة أستخدام الماء ذى الجودة الأقل مثل مياة الصرف الصحى و الزراعى و الصناعى.

على بعد 3 ساعات بالطائرة من القاهرة توجد واحدة من أكبر و أحدث محطات تنقية مياة الصرف فى أوروبا و بالتحديد فى العاصمة النمساوية فيينا ، و بالتعاون مع كلية الهندسة ـ جامعة فيينا ، تم البدء فى أنشاء محطة معالجة و تنقية مياة الصرف التابعة لمدينة فيينا عام 1976 ، و دخلت الخدمة عام 1980 و فى عام 2005 تمت عمل توسعات للمحطة ، قام بأعمال البناء شركة بناء نمساوية أسمها  : Steiner-Bau GesmbH

أما التجهيزات الهندسية فمن عدة شركات مختلفة ، وبلغت تكاليف أنشائها 420 مليون إيرو ( و هذا مقوم بأسعار عام 2005 ) منها 225 مليون إيرو لتوسعات المرحلة الثانية التى تمت ما بين عام 2000 - 2005 ، و يعمل فى المحطة 150 فرد ، و هذة المحطة مملوكة بنسبة 100% لمدينة فيينا.

وتبلغ تكاليف تشغيل المحطة حوالى 57 مليون إيرو سنويا ، و يتم تحصيل رسم شهرى بسيط من المنازل و المصانع و كافة المبانى لحساب مياة الصرف و بذلك يمكن تغطية مصاريف التشغيل و الصيانة للمحطة ، علما بأن هذة المحطة تعالج مياة الصرف لحوالى 1,7 مليون نسمة فى مدينة فيينا و الدائرة المحيطة بها.

و تعمل محطة معالجة و تنقية مياة الصرف على مدار ال 24 ساعة يوميا طوال العام ، و فيها يتم معالجة ألية و بيولوجية لحوالى 200 مليون متر مكعب سنويا من مياة صرف المنازل و المنشأت و الصناعة و قد تم أنشاء المحطة على مساحة 40 ألف متر مربع و يدخل المحطة ما يعادل 7000 لتر فى الثانية من مياة الصرف ، و يتم تنقية مياة الصرف من أكثر من 80% من النتروجين و أكثر من 90% من الفسفور و أكثر من 95% من الشوائب الموجودة بها ، و هذة العملية تستغرق حوالى 20 ساعة ، و المواد الصلبة المتبقية بعد تصفية المياة تقدر ب 5 % من إجمالى مياة الصرف ، و هذة يتم أحراقها بصورة تتفق مع المحافظة على البيئة فى منشأة أخرى لتوليد الطاقة تابعة لمدينة فيينا أسمها Fernwärme Wien و هذا يعنى أن 95% من أجمالى مياة الصرف يمكن أعادة أستخدامها.   

والمياة المعالجة يتم صرفها عبر قناة تصب فى نهر الدانوب علما بأنه لا يتم أستخدامها كمياة للشرب ، وهذة التكنولوجيا المتقدمة محل فخر من قبل العاملين فى محطة تنقية مياة الصرف لأن مياة الصرف الملوثة تغادر المحطة بعد 20 ساعة مياة صافية و لا رائحة لها بنفس نوعية و مواصفات المياة الجديدة القادمة من نهر الدانوب مما يعنى المحافظة على البيئة و نوعية حياة أفضل لسكان مدينة فيينا.

بقى أن نعرف أنه يتم بصورة دورية تنظيم زيارات مجانية للعامة و لطلبة المدارس ولمن يرغب من الضيوف الأجانب لمحطة معالجة و تنقية مياة الصرف التابعة لبلدية فيينا ، وتستغرق الزيارة بمرافقة مهندس مختص بالمحطة حوالى ساعتين ، بالبداية يتم فى صالة عرض سينمائى مشاهدة فيلم حوالى 18 دقيقة يتبعها شرح على لوحات و صور للمحطة ، ثم جولة فى كل أجزاء المحطة مع الشرح التفصيلى لمشاهدة كل خطوات معالجة مياة الصرف ، و التى تكون فى البداية مياة قذرة ذات روائح كريهة و بعد معالجتها تصبح مياة صافية لا رائحة لها تتجمع فى أحواض دائرية ضخمة ، وتنتهى الجولة بزيارة غرفة التحكم المركزى لتشغيل المحطة و تقوم المحطة بعمل هذا بغرض نشر الوعى فى الحفاظ على البيئة و الدعوة مفتوحة للجميع.

و يمكن أستخدام مياة الصرف المعالجة كمياه لدورات المياه ورى ملاعب الجولف ورى الأشجار الخشبية الغير مثمرة لأنتاج الأخشاب و مكافحة التصحر وزراعة محاصيل غير غذائية مثل نبات "الجاتروفا" لأنتاج الوقود الحيوى ، و على أسؤ الظروف فأن أستخدام مياة الصرف المعالجة فى الزراعة أفضل بكثيرا جدا من مياة الصرف الخام .

ولأستخدام مياة الصرف المعالجة يجب ملاحظة مشكلة نقل المياة و تكاليف النقل بالأضافة إلى مشاكل قد تحدث فى الصيانة وشراء قطع الغيار لذلك علينا مراعاة ذلك بأقامة محطات لمعالجة مياة الصرف و أعادة أستخدامها فى مناطق قريبة نسبيا منها و يجب على مصر و الدول العربية ألا تكتفى فقط بأنشاء محطات تنقية مياة الصرف بالتعاون مع الخبرات الأجنبية و أنما علينا أمتلاك التكنولوجيا الخاصة بها من ناحية الصناعة والتركيب والتشغيل والصيانة.

كما يجب على مصر بالتنسيق مع الدول العربية الأتصال بالأمم المتحدة و دول الأتحاد الأوروبى و الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على إسرائيل ليتم أنشاء محطة معالجة حديثة التكنولوجيا لمياة الصرف فى غزة و التعهد بعدم تدميرها تحت أى ظرف فى المستقبل حفاظا على البيئة ومنعا للتلوث فى البحر الأبيض المتوسط وأما التمويل فيكون عن طريق المساعدات الدولية لغزة .

مصر ليس لديها فقط مشكلة تلوث و أنما أيضا تخلف فى تكنولوجيا محطات تنقية مياة الصرف ، و يجب علينا أن نتعاقد مع أحد الدول المتقدمة فى هذا المجال على الأقل لبناء محطة واحدة حديثة التكنولوجيا ، و نقوم بمفردنا أو بالأستعانة بالخبرة الأجنبية فى بناء باقى شبكة المحطات و على أسؤ الظروف أن لم نستطيع عمل ذلك فيمكن الأستعانة بدول متقدمة لبناء كل شبكة المحطات ، و هذا ليس عيبا و أنما العيب أن نستمر فى التخلف و التهريج الموجود الأن .

مصر تحتاج فورا لعشرات من المحطات الحديثة لمعالجة مياة الصرف ، مثل محطة فيينا ، تكون منتشرة فى جميع أنحاء مصر لمعالجة مياة الصرف و الأستفادة منها و يجب أن يكون أنشاء هذة المحطات على رأس أولويات الحكومة المصرية حرصا على صحة الشعب و سمعة الصادرات الزراعية و السياحة و حفاظا على البيئة للأجيال القادمة.

أيضا .. فى عام 2006 بدأت حملة تابعة للأمم المتحدة لزراعة الأشجار للحفاظ على البيئة و مكافحة التغيرات المناخية و الفقر فى العالم ، و تم بالفعل زراعة أكثر من 3 مليارات شجرة و قرر المنظمون وضع هدف جديد و هو زراعة 7 مليارات شجرة حول العالم.

 

يفضل زراعة النخيل للأستفادة من التمور كغذاء

 

و حسب ما أوردة برنامج الأمم المتحدة للبيئة تصدرت أثيوبيا قائمة الدول الأكثر زراعة للأشجار برصيد أكثر من 725 مليون شجرة و تلتها تركيا 708 مليون شجرة والمكسيك 473 مليون شجرة و كينيا 140 مليون شجرة و كوبا 138 مليون شجرة و أندونيسيا 101 مليون شجرة و الهند 84 مليون شجرة و الصين 54 مليون شجرة و روندا 51 مليون شجرة و كوريا 47 مليون شجرة و بيرو 47 مليون شجرة.

و هنا أود أن ألفت أنتباة القراء أن أغلب هذة الدول دول نامية و فقيرة و أن أثيوبيا تعد واحدة من أفقر دول العالم و مع ذلك أجتهدت و نجحت. و للأسف الشديد مصر و أغلب الدول العربية لا دخل لهم بهذا الموضوع !!  ، بل أن هناك مأساة فى العراق الذى فقد الملايين من أشجار النخيل خلال العقدين الماضيين، فبعد أن كان يضم قرابة 30 مليون نخلة تناقصت تلك الأعداد لتصل حاليا إلى نحو 6 ملايين فقط ، ونأمل أن يتغير هذا الوضع قريبا وأن تقوم مصر و الدول العربية بحملة يتم فيها زراعة مليارات الأشجار من المحيط إلى الخليج ( على أن تكون من النخيل كلما أمكن ) و بنظام رى حديث مثل الرى بالتنقيط للحفاظ على الماء.

ولا يفوتنا هنا التنوية بقصة نجاح من دولة الأمارات العربية المتحدة ، على الرغم من الطبيعة الصحراوية القاسية والظروف المناخية الصعبة وقلة مصادر المياة وشح الأمطار بها ، نجحت فى التوسع في زراعة أشجار النخيل حتى فى داخل المدن و وصل عددها إلى حوالى 41 مليون شجرة ، وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة ( 1971 - 2004 ) يؤمن بأن الزراعة والحضارة هما وجهان لعملة واحدة، و كان يقول في هذا الصدد : "اعطوني زراعة ... أعطكم حضارة "

وفى المملكة العربية السعودية وبالتحديد فى واحة الأحساء بالمنطقة الشرقية تم حمايتها من الرمال التى تحملها الرياح عن طريق تشجير المساحات التى تتراكم فيها الرمال بنحو 10 ملايين شجرة تتحمل الجفاف و تعتمد على الظروف المناخية فى الحصول على حاجتها من الرطوبة ، ونجح المشروع وأصبحت الرمال المحتجزة تشكل مرتفعات رملية مزروعة بالأشجار و يزيد أرتفاع المرتفعات الرملية عن مستوى واحة الأحساء بعدة أمتار ، وبذلك حجزت الرمال عن الواحة.

ويعد ما فعلته السعودية نموذجا لما يجب أن تفعله مصر لحماية المدن و الواحات من رمال الصحراء ، علما بأن مصر تفقد حوالى ألف متر مربع من الأراضى الزراعية كل ساعة ولذا يجب على الحكومة المصرية دعم التمويل لبرنامج مكافحة التصحر لزيادة فاعليته والبدء فى حملة لزراعة مئات الملايين من الأشجار ( و يفضل زراعة النخيل للأستفادة من التمور كغذاء ) بالأضافة إلى منع البناء نهائيا على الأراضى الزراعية بعقوبات رادعة تكون بأزالة المبانى و غرامات مالية مرتفعة وذلك بالتوازى مع التوسع فى أقامة المدن و المجتمعات الجديدة فى الأراضى الغير صالحة للزراعة بالصحراء و البعيدة عن الأراضى الزراعية و وادى النيل.



 


..............................

أسم و عنوان وبيانات محطة معالجة مياة الصرف فى فيينا ـ النمسا و يمكن قراءة الصفحة الخاصة بالمحطة باللغة الأنجليزية و الألمانية و لمن يرغب بالزيارة عليه الأتصال بالأيميل أو التليفون:

Ebs - Entsorgungsbetriebe Simmering GmbH
Hauptkläranlage Wien
11, Haidequerstraße 7, 1110 Wien
Tel. 01/ 76099-5840
info@ebswien.co.at
www.ebswien.at
 

........................

ويمكنك مشاهدة فيلم مصور عن  محطة معالجة مياة الصرف فى فيينا

 

ثقافة الهزيمة.. صراع فى النيل
ثقافة الهزيمة .. صراع فى الوادى‏‏

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية