مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 
...............................................................


بقلم : غريب المنسى
........................

منابع النيل العظيم

لم يعد مخطط تقسيم السودان إلى دويلات – بالأمر السري الذي تتداوله أجهزة مخابرات الدول الكبرى بل أصبح متداول فى وسائل الأعلام الأوروبية و الأمريكية . فالسودان سيتم تقسيمه إلى خمسة دويلات هي : دارفور ، جبال النوبة ، الشرق ، السودان الجديد ، السودان الشمالي والمقصود بالسودان الجديد – بداهةً – جنوب السودان. ويهدف هذا المخطط لخدمة "إسرائيل" أولاً وأخيراً، وحرمان العرب من أن يكون السودان الغني بأراضيه الخصبة وموارد المياه "سلة الغذاء العربية"، ومحاصرة واستهداف مصر، بالتحكم في مصدر حياتها، أي مياه النيل، ودفعها لأن تضطر إلى شراء مياه النيل بعد اجتراح قوانين جديدة بتقنين حصص الدول المتشاطئة القديمة والدويلات الجديدة.

فى تصريحات صحفية عام 2008 قال أستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، الدكتور أحمد فوزي دياب، “إن الولايات المتحدة تحاول طرح فكرة نقل تخرين المياه من بحيرة ناصر إلى أثيوبيا مع تشجيع مخطط قديم يقضي بمحاولة تحويل مجرى نهر النيل في أثيوبيا وان المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي يقوم بعمل الدراسات الخاصة بهذا المخطط !! وأن الولايات المتحدة تطرح أيضاً خطة في الجنوب من حوض نهر النيل تقضي بتحويل كل مصادر المياه في تلك المناطق لتصب في منطقة البحيرات العظمى وسط القارة كخزان عملاق للمياه على أن يتم بيعها لمن يريد كالبترول تماماً, كما يمكن أيضاً تعبئتها في براميل تحملها السفن أو عن طريق أنابيب”.

في كتاب صادر عن مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة تل أبيب عام 2003، بعنوان: إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان: نقطة البداية ومرحلة الانطلاق، من تأليف العميد موشى فرجى، وهو ضابط متقاعد من الجيش الإسرائيلى، ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع جهاز المخابرات الأسرائيلية ، و محور هذا الكتاب عن التفكير الاستراتيجي 'الإسرائيلي' في التعامل مع العالم العربي ودول الجوار التي تحيط به، وقد لخصت تلك الاستراتيجية في السياسة التي تبنت موقف 'شد الأطراف ثم بترها'، بمعني مد الجسور مع الاقليات وجذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها علي الانفصال (وهذا هو المقصود بالبتر) لاضعاف العالم العربي وتفتيته، و قامت المخابرات الأسرائيلية بفتح خطوط اتصال مع تلك الاقليات و منها الأكراد في العراق والجنوبيون في السودان، والحركة الانفصالية في جنوب السودان كانت من البداية أداة استخدمتها إسرائيل لتحقيق هدف استراتيجي بعيد المدي هو : اضعاف مصر وتهديدها من الخلف.

وبدأت الاتصالات مع الجنوبيين من القنصلية الإسرائيلية في أديس أبابا، فى البداية ركزت إسرائيل على تقديم المساعدات الأنسانية للجنوبيين (الأدوية والمواد الغذائية والأطباء) و استثمار التباين القبلي بين الجنوبيين أنفسهم وتعميق هوة الصراع بين الجنوبيين والشماليين ثم بدأت صفقات الأسلحة الإسرائيلية تتدفق علي جنوب السودان عبر أوغندا واثيوبيا وكينيا و قام بعض ضباط القوات الإسرائيلية الخاصة بتدريب الأنفصاليين في مناطق جنوب السودان. كما قامت إسرائيل بانشاء مدرسة لضباط المشاة في" ونجي كابول" لتخريج الكوادر العسكرية لقيادة فصائل التمرد، و أوفدت إسرائيل بعض خبرائها لوضع الخطط والقتال إلي جانب الانفصاليين . تماما مثل مافعلته اسرائيل فى نيكارجوا و أمريكا الجنوبية فى ثمانينات القرن الماضى.

واستخدمت إسرائيل' نفوذها لاستمرار التمرد وإثارة الجنوبيين عبر تصوير صراعهم بأنه مصيري،. بين شمال عربي مسلم محتل، وجنوب زنجي افريقي مسيحي. و تولت إسرائيل دفع مرتبات قادة وضباط جيش تحرير السودان وتقدر بعض المصادر الإسرائيلية ما قدمته إسرائيل للحركة الشعبية لتحرير السودان بحوالى 500 مليون دولار، حصلت إسرائيل على القدر الأكبر منه من الولايات المتحدة. وأغدقت إسرائيل على الأنفصاليين المال و السلاح لتعزيز موقف الحركة التفاوضي مع حكومة الشمال، حتي اصبح ندا عنيدا لها بل وأقوي منها عسكريا، و فى غياب أى دعم مصرى أو عربى تم أستنزاف الحكومة السودانية فأضطرت إلى توقيع أتفاق سلام مع الحركة في عام 2005 ينص على مرحلة انتقالية مدتها 6 سنوات يتم بعدها تحديد مصير الجنوب بالوحدة أو الانفصال عن الشمال.

راهنت إسرائيل علي جون قرنق (23 يونيو 1945 - 30 يوليو 2005) والذى أصبح فيما بعد النائب الأول لرئيس السودان و رئيس حكومة جنوب السودان وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان بعدما عقد ضباط المخابرات الأسرائيلية عدة اجتماعات معه لدراسة شخصيته فحصل علي منحة دراسية أمريكية مكنته من الحصول علي درجة الدكتوراة في الاقتصاد الزراعي وأهلته لتلقي دورات عسكرية هناك، وبعدها التحق بدورة عسكرية في كلية الأمن القومي بأسرائيل.

ويؤكد "فرجى" فى كتابه أن دور إسرائيل بعد أنفصال الجنوب وتحويل جيشه إلى جيش نظامي سيكون رئيسيا وكبيرا، ويكاد يكون تكوينه وتدريبه و أعداده صناعة كاملة من قبل الإسرائيليين، وسيكون التأثير الإسرائيلي عليه ممتدا حتى الخرطوم، ولن يكون قاصراً على مناطق الجنوب ، بل سيمتد إلى كافة أرجائه ليتحقق الحلم الإستراتيجي الإسرائيلي في تطويق مصر، وعندما حاول (قرنق) أن يعترض أو يعدل مسار التوظيف الإسرائيلي، تخير مصالح الجنوبيين في الوحدة تم اغتياله، بالتنسيق مع أوغندا، كما صرحت بذلك زوجته و قالت " إن زوجها مات مقتولاً وإنها تعلم السر ". وقتل قرنق هو سيناريو اسرائيلى كلاسيكى معناه أن دوره انتهى بمجرد أنه بدا يفكر مستقلا !!

علما بأن قرنق لقى حتفه فى حادث تحطم طائرة مروحية فى طريق عودته من زيارة لأوغندا إلى السودان وقد أثبتت التحقيقات أنه تم استبدال الطائرة الرئاسية الخاصة بقرنق بأخرى شبيهه لها تتبع القوات المسلحة الأوغندية بمطار عنتبي فى أوغندا وبعد التحرك كانت هنالك متابعة وحدث تشويش على أجهزة الطائرة و سقطت بعد 30 دقيقة فقط من إقلاعها.وعقب مقتل قرنق أرتفع عدد مقاتلى جيش جنوب السودان إلى 130 ألف جندى .

وبضؤ أخضر من الولايات المتحدة دخلت كميات هائلة من الأسلحة الثقيلة إلى جنوب السودان عن طريق كينيا و إثيوبيا . وقامت حكومة جنوب السودان بفتح 16 مكتبًا للحركة الشعبية الجنوبية في عدد من الدول الإفريقية والأوروبية والعربية على رأسها "قنصلية" في الولايات المتحدة الأمريكية و هذه الخطوة تمهد لفصل جنوب السودان عن شماله.

في لقاء عام 2009 مع مفكرين ومثقفين بمنتدى السودان بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية للأهرام بالقاهرة ، قال باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان: "إن تقييمنا في الحركة هو أن 90% من الجنوبيين لو صوتوا الآن على حق تقرير المصير -المقرر عام 2011- فسيصوتون لصالح الانفصال".

وإسرائيل ليست بعيدة أيضاً عما يجرى فى إقليم دارفور - ارييل شارون ( رئيس وزراء إسرائيل 2001 - 2006) قال في كلمة له القاها خلال اجتماع للحكومة في العام 2003 : حان الوقت للتدخل في غرب السودان وبالآلية والوسائل نفسها التي نتدخل بها في جنوب السودان ، وبالفعل نجحت إسرائيل من خلال وجودها فى جنوب السودان، وفى أوغندا وكينيا، فى أن تجند عناصر مهمة من سكان دارفور ذوى الأصل الأفريقى، لاسيما ممن ينتمون إلى حركة (العدل والمساواة). ويذكر موشى فرجى فى كتابه المشار إليه أن بعض قادة التمرد فى دارفور كانوا قد زاروا إسرائيل عدة مرات، وتلقوا تدريبات على أيدى قادة الجيش الإسرائيلى، كما أن إسرائيل أرسلت عشرات الخبراء لمساعدة هذه الميليشيات فى اكتساب مهارات القتال والتعامل مع الأسلحة الإسرائيلية، كما قامت إسرائيل بتدريب عناصر من هذه الميليشيات فى معسكرات حركة الحركة الشعبية لتحرير السودان وفى قواعدها العسكرية فى إريتريا بهدف مساعدة هذه الميليشيات، على غرار ما حدث فى جنوب السودان، سعياً من إسرائيل إلى تكرار سيناريو جنوب السودان فى إقليم دارفور، بهدف تمزيق وحدة الدولة السودانية، وتفتيتها إلى مجموعة من الدويلات الهشة الضعيفة المتصارعة.

و بجانب الدعم العسكري الإسرائيلي القائم والموجه لعدد من دول حوض النيل وخاصة أثيوبيا و أوغندة و كينيا و الكونغو الديمقراطية ، فإن إسرائيل تسعى إلى ما هو أخطر من ذلك الدعم من خلال مشاريعها المائية المشتركة مع دول حوض النيل. ففي عام 2009، قدمت إسرائيل إلى كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا (من دول المنبع) دراسات تفصيلية لبناء ثلاثة سدود كجزء من برنامج متكامل تهدف إسرائيل من خلاله إلى التمهيد لمجموعة كبيرة من المشروعات المائية في هذه الدول، أما في أوغندا، فتقوم إسرائيل بتنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات يقع معظمها في شمال أوغندا بالقرب من الحدود الأوغندية المشتركة مع السودان وكينيا، ويجري استخدام المياه المتدفقة من بحيرة فيكتوريا لإقامة هذه المشاريع، وهو ما يؤدي إلى نقص المياه الواردة إلى النيل الأبيض، أحد أهم الروافد المغذية لنهر النيل في مصر، وفق ما ذكرت نشرة "ذي إنديان أوشن نيوز" الفرنسية.

وفي أثيوبيا تقوم إسرائيل بأقامة أربعة سدود على النيل لحجز المياه، وتوليد الكهرباء، وضبط حركة المياه في اتجاه السودان ومصر، و تقدم شركات استثمارية إسرائيلية يملكها جنرالات متقاعدون في الموساد بعروض للمساهمة، سواء في مشاريع بناء السدود على منابع نهر النيل في الأراضي الإثيوبية؛ أو في مشاريع أخرى زراعية.علما بأن إثيوبيا أقامت بالفعل 102 سد وفي مقدرة أوغندا وكينيا إقامة سدود على نهر النيل مما يرجح إمكانية تجفيف منابع النهر في دول المنبع وحرمان مصر من هذة المياه.

و للعلم أيضا ولتنشيط الذاكرة فأن إسرائيل هي التي اقنعت الجنوبيين في السودان بتعطيل تنفيذ مشروع قناة 'جونجلي' الذي تضمن حفر قناة في منطقة أعالي النيل لنقل المياه إلي مجري جديد بين جونجلي وملكال لتخزين 5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، ويفترض أن يسهم المشروع في انعاش منطقة الشمال والاقتصاد المصري عندما قالت واقنعت 'إسرائيل' الجنوبيين انهم أولي بتلك المياه التي سينتفع بها غيرهم!!

وفي ما يخص السودان ذكر تقرير أعده المجلس القومي للسكان - وهو هيئة حكومية- أن نسبة الفقر بين السودانيين تزيد عن 45 % وانتقد المجلس القومي للسكان تدني الإنفاق الحكومي على القطاعات الاجتماعية, وحذر من تأثير ذلك على قطاعي الصحة والتعليم خاصة. و أكد تقرير للمجالس القومية المتخصصة في مصر أن 46% من المصريين -خاصة منهم النساء والأطفال- لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية.

وجاء في التقرير أن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم و أن نسبة الفقر في مصر تبلغ 41%.

عزيزى القارىء المتابع أن ما حدث فى مؤتمر وزراء حوض النيل بالأسكندرية فى يوليو 2009 من ملابسات ملخصها أنه هناك أتجاة من دول حوض النيل لعدم الألتزام بحصص المياة المنصوص عليها فى الأتفاقات التاريخية ووقوفهم جميعا ضد مصر و السودان هو مجرد رأس جبل الجليد و من السذاجة أن نعتقد أن ما تحاول مصر القيام به من أجتماعات و زيارات و تعزيز التعاون مع دول حوض النيل سيؤدى لنهاية هذة الأزمة.

والسؤال الأن بأي إستراتيجية تواجه مصر و السودان المخاطر الموجهة إليها من محاولة إثيوبيا و باقى دول حوض النيل منع تدفق المياه إلى مصر و السودان بالأضافة إلى مؤامرات تفكيك السودان؟ وقبل الأجابة على هذا السؤال لابد من ذكر حقيقة ربما يجهلها أغلب شعب وادي النيل نفسه وهو أن مصر و السودان كانت بلد واحدة فى عصر الفراعنة و لمدة تقارب 2500 عام و بعض أثار هذة الحضارة الفرعونية توجد اليوم بالسودان فى منطقة البجراوية، حيث يقف 140 هرما يعود تاريخها الى العهد المروي ، وأنه خلال الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديمة ، سيطر ملوك نبتة ( من السودان ) على مصر الموحدة ذاتها، وحكموا كفراعنة الأسرة الخامسة والعشرين ، وهذا التاريخ تم أهماله عمدا.

أن أنفصال السودان عن مصر خطأ تاريخى و يجب أصلاحه بأعادة أتحاد مصر و السودان فورا و به سيعود التوازن المفقود لكل من مصر و السودان و نكون فى وضع قوى و بالقرب من منابع النيل مما يسهل علينا التدخل لحماية مصالحنا عند الضرورة.

نطالب الحكومة المصرية و السودانية بعمل أستفتاء شعبى على الوحدة الفورية بين البلدين.

حكمة للتأمل : مثل انجليزى

الأتحاد قوة
Union is strength
 

............

يرجى متابعة هذه الموضوعات لتكوين صورة كاملة عن السودان:

حكاية نهر النيل
أهرامات البجراوية في السودان

أكذوبة التاريخ الفرعونى الحديث
أهرامات السودان ..التاريخ المهمل عمدا
خلافات حول مياه النيل؟

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية