مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 هموم ضاحكة
...............................................................

في الميكروباص شاهد واسمع هموم المصريين

 بقلم د.هالة مصطفى
.....................

عاد أحد المصريين من الخارج بعد فترة طويلة من الغربة وتجول بالشوارع التي تغيرت كثيرا عما تركها، وشعر بمدى التقدم الذي ظهر في الكباري والأنفاق والسيارات الفارهة التي تسير ملتصقة إلى جوار بعضها البعض، ومحلات الأطعمة الفاخرة على الطراز الأمريكي والصيني والياباني.. وتعجب من الشكوى التي كان يقرأ عنها في صحف المعارضة عن الفقر والجوع الذي يعاني منه الشعب المصري، وقال في نفسه: "يبدو أن الحكومة فعلا معها حق، الشعب ده مدلع على الآخر ومش راضي بالنعمة".

ضعيف في اللغة

في رحلة تجواله تذكر الحي القديم الذي نشأ فيه ببولاق، وساقه الحنين ليرى أصدقاء الصبا فقرر أن يذهب هناك لعله يقابل أحدهم، وركب الميكروباص الذاهب إلى بولاق ليتذكر الأيام التي قضاها في أحياء القاهرة قبل هجرته، وصعد إلى الميكروباص وجلس على المقعد خلف السائق الذي كان ينادي بصوت بغيض: "بولاع بولاع بولاع".. وظن الرجل أنه ركب العربة الخطأ فسأل الراكب بجواره: "أهذا الميكروباص الذاهب إلى بولاق"؟ فقال الرجل: نعم ألا تسمعه ينادي؟!.. فأجابه صاحبنا بأنه يقول "بولاع".. فقال الرجل: "ما هو ده اسمها بلغة الميكروباصات".

وقبل أن تزول دهشته سمع بجواره صوتا آخر ينادي: "بوقي بوقي بوقي"، فنظر إلى صاحب الصوت الذي كانت تخرج منه الكلمات وكأنه يعاني من حاجة واقفة في زوره وقال للرجل الذي بجواره أظن أنه يقصد الدقي.. فضحك الرجل وقال: "باين عليك مش ركيب ميكروباصات، على العموم لو كنت ناوي يبقى لازم تتعلم اللغة كويس، وكذلك قاموس الإشارات الخاص بها".. ففتح صاحبنا فمه وقال: "أي إشارات؟!". فقال الرجل: "ما هو أصل السواقين بيبقوا مستعجلين وماعندهمش وقت يسمعوا اللي بيشاور لهم، ولكن لما تعملهم إشارة المنطقة اللي رايحها بيبقى أسهل".

إبداع .. تصور!

وقال صاحبنا في نفسه: والله المصريين دول دايما يبدعوا حتى في الميكروباص.. وفجأة زغده السائق قائلا وسع شوية يا أستاذ، الكرسي ده بيشيل أربعة، ونظر صاحبنا إلى الكرسي وإلى الرجل الرابع الذي ينتظر ليركب وقال: "استحالة أن يركب أربعة أشخاص على ذلك المقعد".. ولكن الرجل الذي بجواره قال له: اطلع قدام شوية يا أستاذ ورجع هو بظهره قليلا للخلف، وفى ثوانٍ قليلة ركب الأربعة وهو ينظر إلى الركاب الذين اصطفوا بهذا الشكل في مقاعد السيارة، وقال في نفسه حقا احنا شعب بارع.. منتهى الإبداع!.

وانطلق السائق وتابعه الطفل الصغير الذي تعلق على باب الميكروباص الذي ظل مفتوحا وهو ينادى بولاع، وقال صاحبنا أين سيركب الناس فلم يعد هناك أي مكان بالعربة؟ ولكن في ثوان نط شاب من الباب ووقف داخل السيارة وهو منحنٍ ثم تبعه آخر، ثم تشبث ثالث بباب السيارة التي التفت قائدها للركاب يطلب الأجرة، ونظر صاحبنا إلى التعريفة الموجودة على السيارة وأخرج المبلغ، ولكن الرجل بجواره قال له لا يا أستاذ الأجرة جنيه مالكش دعوة باللي مكتوب، وانطلق السائق الذي كان يميل ويرقص على نغمات الصوت الذي يصعد من الكاسيت عن أغنية عن الأسى والهم بصوت لا طرب فيه مطلقا، وفجأة زغده الراكب الذي في الخلف بجنيه في قفاه وقال له وصل الأجرة..

تضجر صاحبنا منه، ولكنه تمالك أعصابه التي كاد يفقدها من صوت الكاسيت، ونظر إلى الرجل الذي بجواره وسأله عن العيشة والأحوال، وأخبره أنه غائب عن البلد من فترة، فتنهد الرجل وقال: عايشين والحمد لله، الأسعار فجأة ولعت كل حاجة غليت، ولما تسأل ليه يقولوا لك البنزين غلي، فقال له صاحبنا يعني كيلو الرز بقى بكام مثلا، فقال الرجل إحنا بنشتريه بالحبة مش بالكيلو..!

يا هناه اللي يلاقي الخنفسة وحك صاحبنا ذقنه وقال: "طب العيش؟".. فقال الرجل: "لا العيش إحنا مخصصين له واحد في العيلة وظيفته يجيب العيش".. هو راجل طلع معاش وفاضي للمهمة دي، والراجل بصراحة بيتعب فيها أكتر مما كان في شغله، عارف لو اتأخر شوية صاحب الفرن يخصم له رغيفين، ده حتى لما رجله توجعه من الوقفة ويحب يريح شوية بره الطابور لازم يعمل إذن، ويوافق عليه اثنين موظفين في الطابور وإلا يرجع لآخر الصف، وساعتها مش ها يحصل رغيف واحد..!

والله والشهادة لله الراجل بيخرج من الساعة 8 بيرجع الساعة 3 مع خروج الموظفين، ده غير إنه أول ما يرجع لازم يفرز العيش لوحده والمسامير لوحدها والزلط لوحده، أصل صاحب الفرن عامل مسابقة كل ما تجمع 10 مسامير تاخد رغيفين هدية، وفيه سحب كل شهر على الرغيف اللي فيه خنفسة!.

أخيرًا فهم وانتفض صاحبنا من مقعده مذعورًا فقال له الرجل: "ما تخافش يا أستاذ الحكومة بتاعتنا طورت الرغيف ومبقاش فيه أعقاب سجاير زي زمان عشان السجاير بتلوث البيئة، دي كمان بتحط لنا رمل وطوب في المية عشان تدينا شوية كالسيوم، أصل الكالسيوم ده مهم جدا وخصوصا للعيال الصغيرة أمال إيه.

وأغمض صاحبنا عينه وهو يبلع ريقه في ألم، وعرف لماذا ترى الحكومة أن الشعب مفتري وماعندوش دم، ما هو الوزراء كلهم ما بيركبوش ميكروباصات ورفع يده للسماء وقال يا رب احفظ الشعب ده....

المصريون دونوا أول نكتة في التاريخ وسخروا حتى من أنفسهم.. واليوم باتوا أكثر عبوسا.. تعددت الاسباب والنتيجة واحدة.. قل الضحك في بر مصر

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية