كتاب " الديموقراطية الإلكترونية "يطرح نهاية الديموقراطية
...............................................................
أحمد عزت سليم
عضو اتحاد كتاب مصر
............................
" الديموقراطية الإلكترونية " هو عنوان الكتاب الجديد الذى صدر للكاتب عبد الحميد بسيونى عن " دار الكتب العلمية " بالقاهرة و فيه يتعرض للعديد من قضايا الديموقراطية و المعلوماتية , و العولمة و تكنولوجيا المعلومات . و الحكومة الإلكترونية و الديموقراطية الإلكترونية و الحكم الرشيد , و قضايا الديموقراطية الإلكترونية من توقعات المواطن و الخصوصية و الأمن و الثقة و الشفافية و قضية المواطن فى مقابل الزبون و العميل , و شكل الديموقراطية القادم مع فيض المعلومات و المزيد من المساواة و حرية المعلومات و الشعبية و التصويت الإلكترونى و تجاربه و مشاكله و الانتخابات الجديدة و البرلمان الإلكترونى و مدى الثقة فى المعلومات و الأخبار و حقوق الإنسان الرقمية و الخصوصية و حماية البيانات و المخاوف من مطابقة البيانات و الممارسات العادلة للمعلومات و مراقبة الإنترنت و الإنترنت و الرقابة و موضوعات فنية كثيرة , و رغم أن الكاتب يطرح هذه الموضوعات بشكل علمى دقيق , موضوعى و موسوعى على مدار أكثر من 380 صفحة من القطع الكبير إلا أنه يقدم خلال عرضه الشيق و المثير , أخطر القضايا التى تطرح من خلال آليات الديموقراطية الإلكترونية , و منها قضية النتوقراطية ( اختصار لديموقراطية النت ) , حيث يقرر النتوقراط الاستفادة من المعلومات لمصالحه الخاصة و تبادلها فى إطار نخبة ضيقة تتحكم فى استثمار المعلومة و هذا يمكن ان يؤدى بالنظام الديموقراطى إلى نهايته حيث يلعب انتشار الشبكات دورا لصالح جماعات المصالح فقط بأكثر مما يستفيد المجتمع , و بالتالى تلعب هذه الجامعات دورا يفقد الديموقراطية معناها , كما يمكن لهذه الجماعات ان تدفع بمصالحها إلى الأمام و تجبر السياسة على تبنى وجهه نظرها و اعتمادها فى البرلمانات مما يجعل الحكم حكم أقليات وجماعات مصالح مع تراجع اهتمام الجماهير بالمشاركة فى الانتخابات العامة فبمساعده الإعلام و تكنولوجيا يجرى تحويل السياسة و السياسيين إلى مادة إعلامية و تكنولوجية مثيرة تشبع فهم القارئ و المشاهد الذى يتدلى اهتمامه بتفاصيل القوانين التشريعية و بالتالى يتم تعويض الديموقراطية كمان أن حلم نشر العدالة و الديموقراطية لا يعنى انه يتحقق بامتلاك ادواتية معلوماتية لان الفرق يبقى كبيرا بين منتجى المعلوماتية و مستهلكيها , كما يستحيل تحققه لطالما ظلت الإنترنت شبكة خاضعة لسيطرة كلا من أباطرة المعلومات الذين يمتلكون أسرارها و قوتها وجوهرها بينما تتكوم حولها مجموعات من المستهلكين للنفايات الإلكترونية و يرى الكاتب إن كامن الخطورة فى المدونات و صحافة المواطن إن أحدا لا يعرف على وجه التحديد من الذى يكتب و لماذا ؟ ولماذا تلهث شركات تكنولوجيا المعلومات وراء إفساح المجال للمدونات و المنتديات مثل شراء شركة أمريكا اون لاين تايم وارنر موقع ويبلوجز المحدودة للمدونات بمبلغ 15 مليون دولار ؟ ورغم ذلك عندما تحولت بعض المدونات و المنتديات إلى منبر لمعارضة حرب العراق و انتهاكات حقوق الإنسان وصفهم الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش بأنهم ضد الحرب على الإرهاب و انشأ فرق عمل لملاحقة المدونين و بث على مواقع الشبكة قضايا وهمية عن تحول العراق بعد الغزو إلى بلد يتمتع بالحرية و الديموقراطية , كما تستطيع الحكومات التحكم فى الوصول إلى الانترنيت ووقف عمل مقدمى خدمات الإنترنت وترشيحها و حجبها كما تضع القوانين ضد مستخدمى الإنترنت الذين يناقضون سياساتها , و يطرح الكاتب سؤالا هاما هل يمكن ربط الديموقراطية بالفضاء السبرانى ؟ و يرى إن مشكلة الإنترنت التى هى أداة تواصل و حوار و مجال لحرية الرأى هى أيضا أداة مراقبة و تجسس و سيطرة و رقابة , و يرى انه مع تزايد إدخال " تكنولوجيا تآكل الخصوصية " فإن ذلك يؤدى إلى تطبيع وتأقلم المواطنين مع التعدى على حريتهم وانتهاك خصوصياتهم , و فى ظل غياب سياسة لحماية الخصوصية القوية فإن المخاطر تصبح حقيقة مؤكدة و تنهى التفاعل الحقيقى للمواطن و بالتالى تنتفى القيم الأساسية فى وجود مجتمع ديموقراطى , و يطرح المؤلف قضية خطيرة هى ان لغة الحكومة الإلكترونية , مهما كان الأمر , هى لغة التجارة الإلكترونية ومن لبنات ألفاظ السوق , و بدلا من سيادة مفهوم المواطن ساد مفهوم التحدث مع العملاء والزبائن والمستهلكين ، والمواطن ليس مجرد عميل أو زبون لحكومة بلاده ولا الحكومة شركة بيع منتجات تتنافس مع غيرها و الواقع إن هذه الحكومات لا تملك هذه المنتجات و إنما المالك الحقيقى لها هو المواطن و إن تقديم الحلول على أساس ثقافة الاستهلاك ونظام شركة تديرها الحكومة و تتولى التجارة فيها القيادة , و المستهلكون هم المواطنون فإن هذا يعد إلغاء ً للعقد الاجتماعى الذى بموجبه تمتلك الحكومة حق الشرعية , و بالنسبة للتصويت الإلكترونى فهناك اختراق لخصوصية الناخب و تستطيع الحكومة معرفة بيانات التصويت بالإضافة إلى عيوب طرق فرز النتائج و إعادة فرزها و أعطال الأجهزة و التلاعب البرمجى و التحقق من سلامة التصويت بالإضافة إلى غياب المسؤولية والمحاسبة التى تثير الشكوك حول مستويات الدقة و النزاهة و عدم وجود ما يكشف التزوير , و يبين لنا المؤلف إن جامعة برينيستون خلص فى دراسة خاصة عن التصويت الإلكترونى إلى استحالة إزالة التحديات التقنية لجعل التصويت الإلكترونى معتمدا , و انه فى خلال دقيقة واحده يستطيع شخص ما إنزال برنامج قرصنة بإمكانه سرقة أصوات يستحيل كشفها و إن يعدل التسجيلات بحيث تنسجم مع النتائج المزورة و إدراك فيروس تصويت لقرصنة متكاملة تسرق أصوات مرشح بإعطائها إلى آخر دون إن يتم اكتشاف ذلك كما انه لا توجد ضمانات على تحميل برمجيات فى الحواسيب أو تغييرها أثناء العملية الانتخابية ولا توجد ضمانات ان يكون الناخب هو الشخص بذاته وانه يمكن التصويت مرة واحده فقط , وإذا كان ذلك يحدث فى بلد مثل فرنسا تستطيع فيه الأجهزة الرقابية والإعلامية لعب دور كبير فى فضح النتائج فإنه فى بلد تقوم فيه وزارة الداخلية أو أجهزة الأمن بتشغيل و تحميل برمجيات الآلات فلا توجد مراقبى على هذه البرمجيات أو كيفية تحميلها أو تشغيلها أو مراقبة نتائجها . و الخلاصة كما يرى المؤلف إن التغيير على قدم وساق و إن العبرة فى التطور هو تطور الأمم و البشر وأن الديموقراطية قيم وليست دروسها على شاشات الحوسبة , فبريطانيا الديموقراطية أول بلاد العالم فى المراقبة الإلكترونية حيث تحصى مليونى كاميرا تحركات المواطنين دون إن يستطيع أحد معرفة حجم المراقبة الأخرى كما إن الديموقراطية ليست قوة عسكرية تطغى فغالبية الشركات الأمريكية التى فازت بعقود إعمار العراق الذى خربته أمريكا بالنار والدم والدمار كانت من أنصبة المساهمين فى تغطية الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى جورج بوش .
مصرنا ©