خبر مهدى إلى حكومة العشوائيات حيث حمام حقير لكل ثلاثين أسرة
...............................................................
بقلم : معتز شكري
.....................
|
لا مرحاض .. لا زواج .. في الهند ! |
سبق أن كتبت موبخا الحكومة – التي تبدي اهتماما شديدا ملحوظا ومرصودا وموثقا بمهرجانات المسرح التجريبي وبطولات الكرة العالمية وإنتاج المسلسلات بعشرات الملايين لمحاربة كلمة "حصري" وحتى يكون كل شيء "على التليفزيون المصري" ، إلخ - على عدم اهتمامها إطلاقا بإقامة دورات مياه عمومية موزعة على الأحياء في المدن والقرى طبقا لعدد السكان ، ولاسيما أن هذا يعد جزءا من الحضارة والتمدن ، وليس فقط الآثار التي ننفق على التنقيب عليها الملايين ، ولأن هذا أيضا من صميم مسئوليات أي حكومة متحضرة في العالم ، ولاسيما ثالثا لأن النظم التكنولوجية الحديثة وضعت عشرات التصميمات لكي نختار من بينها ، فهناك دورات مياه عامة بسيطة وغير مكلفة وسهلة الصيانة.
وطبعا ذهب مقالي أدراج الرياح ،مع أنني نشرته على موقعين من أشهر وأقوى مواقع الإنترنت ، مثلما تذهب آلاف المقالات والاحتجاجات والانتقادات والاقتراحات في بلدنا أدراج الرياح ، وحتى لو كنت كاتبا مشهورا مثل كتاب الصف الأول ، فالنتيجة لن تتغير ، بل حتى لو كنت من كتاب الحكومة أنفسهم ، لأن الحكومة "زهقت" كما هو واضح من كثرة النقد والتأنيب ، واعتبرت أن شعارها الذهبي في المرحلة الحالية – والسابقة والتالية أيضا – هي المثل العامي القائل "الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح" ، وحيث إن باب النقد وتوجيه الحكومة للأخطاء وأوجه القصور ومشكلات المجتمع والناس يأتي منه "ريح" ، فإن الحكومة "النظيفة" تسده وتستريح!
دعك من أن الحكومة اسم على غير مسمى ، فهي تحكم بلدا "غير نظيف" وفشلت حتى الآن في إزالة جبال القمامة والعودة بالبلد إلى حقبة قديمة نتحسر عليها الآن عندما كانت بلادنا جميلة نظيفة "تضوي وتبرق" كما نقول باللهجة العامية أو "تشف وترف" !
واليوم أكتب عن الجانب الآخر والأخطر من المشكلة ، وهو إهمال الحكومة لقطاع لا يستهان به من سكان مصر يعيشون في عشوائيات أو أحياء فقيرة ، حيث يشترك السكان في حمام واحد "بلدي" ، إذا جاز أصلا أن نسميه حماما ، بنسبة تبلغ أحيانا عشرين وثلاثين أسرة مقابل غرفة واحدة لقضاء الحاجة عبارة عن متر في متر يتوسطها فتحة في الأرض ، حيث لا توصيلات مياه ، فضلا حتى عن سيفون على الطراز العتيق ، وإنما على كل عشوائي أن يحضر معه إبريقا أو وعاء به ماء لتنظيف نفسه. يعني اليوم نترك مطالبة الحكومة بتوفير مراحيض (بره) البيوت لنطالبها بتوفيرها أيضا (جوه) البيوت !
وما أقوله ليس افتراء من عندي ، وإنما هو ما عرضه الكاتب والإعلامي الشهير مفيد فوزي على تليفزيون الحكومة قبل عدة أشهر في حلقة شهيرة جدا كل ما فعله فيها أنه ذهب وصور واحدا فقط من أحياء القاهرة ، هو على ما أذكر منطقة تسمى "عزيز عزت" بالقرب من إمبابه ، وصورت الكاميرا الغرف الحقيرة التي يعيش فيها السكان كالمدافن ، ثم الطريق الطويل الذي عليهم أن يسلكوه – سواء كان رجلا أو امرأة أوفتاة صغيرة شابة أو طفلا – من أجل التوجه لما يسمى "حماما" واحدا يخدم كل عشرين أو ثلاثين أسرة ، لقضاء الحاجة ، وسواء كان ذلك بالنهار أو بالليل ، حيث لا أضواء في المكان ، وحيث لابد من صعود سلم حجري قذر ، وحيث مخاطر أمنية وأخلاقية لا تخفى على أحد.
ترى ما الذي يمكن أن يعلق به مواطن يعيش في هذه الجحور البشرية إذا تصادف أن كان عنده تليفزيون متواضع تصدق به عليه أحد المحسنين وشاهد فيه الإعلان الشهير : انسف حمامك القديم ؟! أغلب الظن أنه سيقول : وهوه فين أصلا ؟ أنا ياحسرة لا عندي قديم ولا جديد ، صحيح الحكومة أعطتني كل حاجة (!) لكن يا حرام حرمتني من الحمام !
وقال مفيد فوزي كل ما يمكن أن يقوله أي إنسان في مصر عن أنه لا يصدق ما يراه بعينه وأن هذا مكان موجود في قلب عاصمة مصر في القرن الحادي والعشرين. تفتكرو يا أعزائي حصل إيه بعد الحلقة التي ظننا أنها ستهد الدنيا وستقيل الحكومة وستستدعي تدخل القيادات الكبرى ؟ الذي حصل لا شيء .. صفر مثل أصفارنا الأخرى في كل شيء! نحن شعب نعشق الصفر!
أما الخبر الذي جاء من الهند ، وأهديه للحكومة فهو كما يلي :
المرحاض.. شرط للزواج في قرى الهند
بات على الشباب الذين ينوون التقدم لخطبة إحدى الفتيات في عدد من القرى بالهند، تلبية مطلب جديد ومهم كجزء من المهر، لكنه ليس ذهباً أو ملابس، إنه مرحاض، وباتت العبارة المعروفة في بعض القرى "لا مرحاض .. لا عروس." وتقول سومترا راثي عضو المجلس المحلي في ولاية هاريانا، إنها الطريقة الوحيدة لمحاولة إيجاد خصوصية لهؤلاء البنات، فالأمهات لا يردن أن تعيش بناتهن نفس الظروف، وتضيف راثي : "العديد من الأمهات يضعن المرحاض شرطاً أساسياً في قبول العريس المتقدم."
وتضطر النساء إلى الذهاب قبل شروق الشمس لقضاء حاجاتهن، أو الانتظار لغروب الشمس، لتجنب مشاهدة الناس لهن، أو يبقى خيارهن الابتعاد كثيراً في الحقول. وساهمت راثي من خلال عملها في المجلس المحلي ببناء 250 مرحاضاً منذ عام 1996، لكنها تقول إن حوالي 60 منزلاً بقيت دون مراحيض.
وتعتبر هذه القضية من أكبر المشاكل في الهند، والتي تحتاج لإتمام خطتها الصحية الخاصة حتى عام 2012، بناء 112 ألف مرحاض، وفقاً لأرقام وزارة التنمية الريفية. كما تشير التقديرات الحكومية إلى أن أقل من 30 في المائة فقط من سكان القرى في الهند يستخدمون المراحيض، ما يعني أن الهند تعاني من مشاكل صحية كبيرة، كما إن ذلك سيزيد معاناة الناس من بعض الأمراض كالملاريا.
انتهى الخبر ، والمصدر مواقع كثيرة ، منها موقع محيط وموقع السياسي الإخباري ، إلخ ، وتاريخ الخبر 16 أكتوبر الحالي وقبل أن أختتم مقالي ، لا يمكن أن أدع ملاحظة طريفة هي أن الولاية موضوع الخبر في الهند اسمها "هاريانا" ، ياترى هل يذكركم ذلك بحكومة أخرى بعيدة عن الهند "هاريانا" هي الأخرى ؟!
أفلا يراجع المسئولون الكبار في بلادنا أنفسهم ، ولو من باب التغيير ودفع الملل والسأم ، وبدلا من أن تكون جميع جولاتهم الميدانية هي "افتتاحات" لمرافق وبنية تحتية وهو ما لا نشاهده في أي بلد في العالم إلا إذا كان مشروعا ضخما يستحق ، يتوجهون – أحسن الله إليهم – في جولة "أوريجينال خالص" إلى عشوائية من العشوائيات ومعهم كل الوزراء والمحافظون ذوو الشأن والاختصاص ، ويعطي المسئول الكبير جدولا زمنيا للمسئولين لكي يعود بعده إلى نفس المكان ومعه آلات التصوير لكي يرى الناس هذه العشوائية وقد تبدل حالها وصار للناس فيها حمامات آدمية ؟!
اللهم هل بلغت ؟ اللهم اشهد.
06/11/2014