تأملات فى الشأن الايرانى
...............................................................
| |
أحمدى نجاد | |
بقلم : سعد رجب صادق
...........................
الحديث عن ايران تحركه عوامل مختلفة ، منها أن ايران دولة اسلامية ، لها تاريخ طويل ، وحضارة ممتدة عبر القرون ، كما أن ثورتها الاسلامية عام 1979 ، والتى تمر ذكراها الواحدة والثلاثون فى هذا الشهر، تمثل حركة شعبية فريدة فى التاريخ المعاصر ، ولا يخفى أهمية ايران اقليميا ، ودورها المتنامى مع حلفائها فى لبنان وسوريا وفلسطين للتصدى لمشاريع الهيمنة الاسرائيلية الغربية ، يضاف الى ذلك ملفها النووى ، ونذر الحرب التى تحوم حول المنطقة بسببه ، علاوة على تأثيرها على الساحة العراقية والأفغانية ، حيث تتورط الولايات المتحدة وحلفاؤها فى صراع خاسر مع حركات المقاومة الاسلامية ، ومع اشتداد هجمة الاعلام الغربى ، وتوابعه من الاعلام العربى على ايران ، وخاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، والمحاولات المستميتة لتصويرها وكأنها عدو العرب ، وخصمهم اللدود ، بينما اسرائيل فجأة أصبحت الصديق الوفى ، والحليف المخلص ، من أجل كل تلك العوامل يصبح التأمل فى الشأن الايرانى أمرا هاما ، لما له من أهمية فى مجرى الأحداث حاليا ، وما له أيضا من مؤثرات مستقبلية على وضع المنطقة ، وتحالفات بلدانها ، ومدى نجاح أو فشل مخططات أعداء الأمة الرامية الى فرض سيطرتها السياسية والاقتصادية والعسكرية على بلاد العرب والمسلمين ، وتغيير هويتها الثقافية والاجتماعية ، وكلها كما يبدو أمور شديدة الخطورة ، تستحق نظرة متأنية فاحصة ، بعيدا عن الخلل الذى أصاب الأنظمة العربية الفاشلة ، وتهريج اعلامها المبتذل ، غير أنه للخوض فى كل ذلك ، لا بد من فهم طبيعة النظام والمجتمع الايرانى ، وهو الشئ الذى لا يخفى على المتأمل أن الاعلام العربى يجافى الصدق والأمانة فى تناوله ، ربما عن جهل ، أو تجاهل عمدى بغرض التشويه والتضليل ، ويتناول هذا المقال الجوانب التالية :
أولا : طبيعة النظام ونوعية مؤسسات الحكم
لكى يفهم المرء طبيعة النظام الايرانى ، فان عليه الالمام بمؤسساته المختلفة ، وتكوينها ، ووظيفتها ، وهذه المؤسسات كالتالى :
1- رئيس الجمهورية ، والذى ينتخب لفترتين ، مدة كل منهما أربع سنوات ، ويتولى مسئولية السياسة الاقتصادية ، وتسيير أمور المجتمع اليومية ، وذلك بمساعدة الوزراء ، وقد ألغى الدستور الايرانى وظيفة رئيس الوزراء عام 1989 ، ووسع من سلطات الرئيس ، والتى تشمل رئاسة مجلس الأمن القومى ، والذى يتولى تنسيق السياسة الدفاعية والأمنية ، ويتبع الرئيس المرشد الأعلى ، ويخضع لرقابة مجلس صيانة الدستور.
2- مجلس صيانة الدستور، ويتألف من اثنى عشر عضوا ، ستة منهم من كبار العلماء ، ويعينهم المرشد الأعلى ، والستة الآخرون من القضاة ، ووظيفة المجلس ضمان توافق القوانين التى يقرها مجلس الشورى أو البرلمان مع أحكام الشريعة الاسلامية ، ودستور البلاد ، كما أن المجلس أيضا يقوم بفحص أوراق المرشحين للرئاسة والبرلمان ، واجازة من تنطبق عليهم القوانين واللوائح ، ورفض من لا تنطبق عليهم .
3- مجلس الشورى ، ويتكون من تسعة وعشرين مقعدا ، ومدة دورته أربعة أعوام ، ويقوم باقرار القوانين ، واستجواب الرئيس والوزراء ، ويخضع لمجلس صيانة الدستور.
4- مجلس الخبراء ، ويتكون من ثمانية وتمانين عضوا ، وقد تأسس عام 1982 ، وهو هيئة دينية وظيفتها الحفاظ على تطبيق أسس نظام ولاية الفقيه ، ويعين المرشد الأعلى ، ويراقب أداءه ، ويقيله اذا اقتضت الضرورة .
5- مجلس تشخيص مصلحة النظام ، ووظيفته حل الخلافات التى تنشأ بين البرلمان أو مجلس الشورى ، ومجلس صيانة الدستور.
والمتأمل فى تلك المؤسسات يجد أنها تراقب أداء بعضها البعض ، فالرئيس يراقبه المرشد ، ومجلس صيانة الدستور ، بينما يراقب مجلس الخبراء أداء المرشد ، ويراقب مجلس صيانة الدستور مجلس الشورى ، ويراقب كلا المجلسين ، ويحل ما قد ينشأ بينهما من خلاف مجلس تشخيص مصلحة النظام .
ثانيا : المرشد الأعلى أو الولى الفقيه
آثرت أن أفرد جانبا خاصا أتحدث فيه بشئ من التفصيل عن المرشد الأعلى ، رغم أنه أحد مؤسسات الحكم ، التى تتربع على قمة هرم النظام ، وذلك بسبب اللغط الذى يثيره الكثيرون من الناقدين والاعلاميين حول مكانة المرشد ودوره ، ظانين أن سلطاته مطلقة ، وأن لا رقيب عليه ، وأنه يشبه كمن يملك أو يدعى التفويض الالهى للأمر بما شاء ، والنهى عما يشاء ، وحجته فى ذلك هذا التفويض الالهى ، ومن أمثلة ذلك ما كتبه د . يحيى الجمل ، والذى يوصف بالفقيه الدستورى ، فى صحيفة المصرى اليوم ، بتاريخ 8-2-2010 ، تحت عنوان ( لماذا الحديث عن الثورة الايرانية الآن ؟ ) يقول : ( .. ولكن الدين فى قداسته يجب ألا يخلط بالسياسة ، لأن خلط المقدس بالمتغير يسئ الى كليهما ، ولذلك فأنا ضد الدولة الدينية ، وأرى أن استبداد الدولة البوليسية التى يعيش فى ظلها أغلب الاقطار العربية ليس أكثر قسوة من استبداد الدولة الدينية التى يتصور حكامها أنهم يحكمون بارادة الله ، وأنهم يعبرون عن حكم الله .. ومن الذى يستطيع أن يعارض حكم الله .. انه اذن من المارقين الكافرين الذين تحق عليهم اللعنة وسوء العذاب والتعذيب والجلد والحرابة ، أليس كذلك ؟ .. ولكن الامام الخومينى فى محاولته تثبيت دعائم الثورة ونظامها ابتدع نظرية ولاية الفقيه ، وجعل حكم الفقيه فوق مؤسسات الدولة ، وفوق ارادة الشعب ، وبذلك نستطيع أن نقول أن نظرية ولاية الفقيه هى البوابة نحو الدولة الدينية ) ، والحقيقة غير ذلك ، فالمرشد الأعلى وان كانت له سلطة الفصل فى شئون الدولة ، وسلطة وضع الخطوط العامة للسياسات الداخلية والخارجية ، بما فيها السياسة النووية ، وقرار الحرب والسلم ، والسلطة على الجيش والمخابرات ، الا أن مجلس الخبراء يراقب عمله ، وله حق عزله اذا أساء الأداء ، كما أن المقارن بين سلطاته وسلطات الرؤساء فى الأنظمة الأخرى لا يجد فرقا كبيرا ، فالنظام الأمريكى على سبيل المثال يعطى الرئيس صلاحيات كبيرة فى أمور الحرب والسلم ، حتى أن الرئيس الأمريكى السابق قال لناقديه بعد تورطه فى العراق أنه ماض فى الحرب حتى ولو لم يبق له من مؤيد سوى زوجته وكلبه ، ورغم سلطات الكونجرس الا أنه من الصعب ، بل من المستحيل فى معظم الأحوال التوافق ، وحيازة الأغلبية الكافية للحد من صلاحيات الرئيس ، كما أن للرئيس الأمريكى سلطة نقض veto ما يقره الكونجرس من قوانين ، وله أيضا سلطة تنفيذية executive power لاتخاذ ما يراه ، وحتى فى حالة الحرب فان له سلطة شن الحرب بدون مراجعة الكونجرس ، وما قاله د. يحيى الجمل تلخيص لما يكتبه ويقوله الكثيرون غيره ، وهو فى حقيقته لأنهم جميعا يعارضون حكم الاسلام ، وتطبيق الشريعة ، ومن أجل ذلك يستخدمون كل الوسائل للطعن فى امكانية ذلك ، وقد أخطأ الجمل فى ادعائه أن الامام الخومينى قد ابتدع نظرية ولاية الفقيه ، وذلك لأنها مسألة قال بها علماء الشيعة قديما ، حيث يرى الشيعة الامامية أن أركان الايمان هى الايمان بالله ، ونبوة محمد (ص) ، واليوم الآخر ، وأداء الدعائم التى بنى عليها الاسلام وهى الصلاة والصوم والزكاة والاجتهاد والاعتقاد بالامامية ، والمعروف أن عدد فرق الشيعة هو ست وعشرون فرقة ، وأن الفرقة الامامية تتبنى ولاية الفقيه المعمول بها فى ايران ، وأن بعض الفرق المغالية ، والتى لا وجود لها الآن تدعى عصمة الأئمة ، بينما الشيعة الامامية لا ترى عصمة الا لرسول الله (ص) ، والأئمة الاثنى عشر ، ومبعث موضوع الولى الفقيه فى الفكر الشيعى هو أن الفقيه العالم العادل ، العارف بشرع الله هو الأحق بحكم المسلمين ، وهناك شروط لا بد من توافرها فى الولى الفقيه ومنها مقدرته على الاجتهاد ، وهو شرط لازم لاستنباط الأحكام ، وكذلك قدراته السياسية والادارية ، ومواكبته لمتطلبات المجتمع ، ولهذا يقول الامام الخومينى فى تعريفه للولى الفقيه فى كتابه ( منهجية الثورة الاسلامية ) : ( لا يكفى الاجتهاد المصطلح عليه فى الحوزات ، بل حتى لو وجد انسان هو الأعلم فى العلوم المعروفة فى الحوزات ، ولكنه غير قادر على تشخيص مصلحة المجتمع ، أو لا يقدر على تشخيص الأفراد الصالحين والمفيدين من الأفراد غير الصالحين ، ويفتقد بشكل عام للرأى الصائب فى المجال الاجتماعى والسياسى ، والقدرة على اتخاذ القرار ، فان مثل هذا الانسان يكون غير مجتهد فى المسائل الاجتماعية والحكومية ، ولا يمكنه التصدى لاستلام زمام المجتمع ) ، أى أن الامام الخومينى هنا يولى اهتماما خاصا بالقدرات السياسية والادارية اللازمة لقيادة المجتمع المسلم ، والذى يرى أنه لا بد له من ولى ( لابد للمجتمع الاسلامى بكل طبقاته من ولى ) ، بينما يرى الشيخ نعيم قاسم ، نائب الأمين العام لحزب الله اللبنانى ( أن ولاية الفقيه تمثل الاستمرارية لولاية النبى والأئمة فى الدور المناط بها ) ، هذا بالاضافة الى صفاته الشخصية من العدل والورع والتقوى ، وهى صفات هامة فى علاقته مع الله جل وعلا ، وفى الرقابة الذاتية على تصرفاته ، بما يضمن المحافظة على الحدود الشرعية ، ولا يشترط فى الولى الفقيه أن يكون من جنسية معينة ، فقد يكون ايرانيا أو غير ذلك ، ويحدد فقهاء الشيعة صلاحيات الولى الفقيه فى أمانته على تطبيق أحكام الاسلام ، والسهر على النظام الاسلامى ، وضمان التزام الدولة بالأحكام الشرعية ، وتحمل مسئولية أمن الناس وأموالهم وأعراضهم ، والتصرف فى الأموال الشرعية من زكاة وخمس وغيرها ، واتخاذ القرارات السياسية الكبرى التى تمس مصالح الأمة ، بما فيها قرارات الحرب والسلم ، وتحديد الأحكام العامة ، ومراقبة تنفيذها ، والمقارن بين ما يراه علماء السنة من مواصفات للخليفة أو أمير المؤمنين ، وبين الكثير مما يراه فقهاء الشيعة فى ولاية الفقيه ، يجد تشابها كبيرا فى مواصفات ووظيفة الخليفة عند السنة ، ومواصفات ووظيفة الولى الفقيه عند الشيعة ، وعموما فان الاسلام لم يضع نظاما معينا للحكم ، وترك لأتباعة وضع ما يرونه ملائما لظروفهم وأوضاعهم ، شريطة الشورى والعدل ، وتطبيق شرع الله ، ولذلك فان لوم ايران على اختيار نظام الولى الفقيه لا معنى له .
ثالثا : الانتخابات الايرانية الأخيرة وتبعاتها
فاز الرئيس الايرانى أحمدى نجاد بولاية ثانية فى الانتخابات الرئاسية التى عقدت فى العام الماضى ، وعقب اعلان النتائج الرسمية طالب المرشح الاصلاحى مير حسين موسوى باعادة الانتخابات مدعيا التزوير ، وانضم اليه المرشح الآخر مهدى كروبى ، وواستطاعا اثارة أنصارهما للنزول الى الشارع ، واستغل الاعلام الغربى وتابعه العربى الفرصة لتصوير الأمر وكأنه ثورة شعبية ستطيح بالنظام الاسلامى فى ايران ، ليحل محله نظام معتدل ، يتولى الأمر فيه الاصلاحيون ، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو : هل حدث فعلا تزوير فى الانتخابات الرئاسية الايرانية ؟ والاجابة لا أظنها صعبة للمتابع الأمين للشأن الايرانى ، وهى لا للأسباب التالية :
1- لم يعهد من النظام الايرانى عمليات التزوير خلال عمره الممتد لثلاثة عقود ، تبادل فيه الحكم برلمانات ورؤساء تختلف توجهاتهم وميولهم ، ولا يعقل أن يحدث التغيير من النزاهة الى التزوير فجأة ، وخاصة أن ذلك سيضير النظام أكثر مما سيفيده ، ولو وصفنا الأنظمة العربية مثلا باجراء انتخابات نزيهة ، لكان الأمر باعثا على الشك والريبة ، لأنها أنظمة ألفت التزوير والتدليس ، ولا يعقل تحولها الفجائى الى النزاهة ، بدون مبرر منطقى ومعقول.
2- اجماع المصادر المختلفة حتى الغربية منها على سلامة العملية الانتخابية ، وأن المخالفات الصغيرة التى حدثت أمر مألوف فى العملية الانتخابية فى جميع بلاد العالم .
3- موسوى نفسه لم يذكر فى شكواه أية تجاوزات منظمة أو مركزية ، وكل ما أشار اليه أن بعض أتباعه لم يسمح لهم بدخول اللجان من أجل المراقبة ، وأن الكروت الانتخابية قد نفدت فى بعض الدوائر ، وأن النتائج النهائية قد أعلن عنها بسرعة ، رغم أنه نفسه قد وقع فى فخ الاعلان عن فوزه عصر يوم الانتخابات ، رغم أن عملية التصويت وفرز الأصوات لم تكن قد انتهت بعد ، وقد ذكرت قناة الجزيرة أنه تلقى رسالة text message على هاتفه المحمول تخبره بالفوز ، وأن مصدر ها وزارة الداخلية ، وبدل التيقن من الأمر أعلن ذلك لأنصاره ، وعند اعلان النتائج الرسمية أصر على الفوز ، وأدعى التزوير ، أى أنه كان ضحية لعبة لاثارة القلاقل ، وكان الأحرى به أن يفوت الفرصة على مدبريها ، والناظر الى النتائج الرسمية يرى ضخامة الفارق بينه وبين نجاد ، مما يجعل التزوير أمرا صعبا أو مستحيلا ، فقد حصل نجاد على %62.6 من الأصوات ( 24,583,020 صوت ) ، بينما حصل موسوى على %33.75 ( 13,253,625 صوت ) ، والعجيب أن مهدى كروبى والذى كان رئيسا أسبق للبرلمان حصل على 1,119,195 صوت ، وما كان له مع هذا العدد من الأصوات أن ينساق الى دعاوى التزوير ، والغريب أيضا أن موسوى تجاهل أيضا تطابق النتائج مع التوقعات قبل الانتخابات ، حيث توقع المراقبون فوزا كاسحا لنجاد فى القرى والمناطق الريفية ، وهو ما حدث بالفعل ، حيث حصل على ضعف ما حصل عليه موسوى ، وصراعا حادا فى المدن ، وهو أيضا ما وقع بالفعل ، حيث تفوق موسوى على نجاد فى طهران أكبر المدن الايرانية ، وفى أردبيل ، بينما تساويا فى أربع مدن أخرى ، أى أن النتائج جاءت مطابقة للتوقعات ، ومتماشية مع شعبية نجاد الكبيرة فى الريف والقرى والمناطق الفقيرة .
4- وقع موسوى وكروبى فى خطأ فادح باصرارهما على اعادة الانتخابات بالكلية ، رغم عدم وجود مايشير الى عمليات تزوير واسعة النطاق ، والانتخابات لا تعاد فى أية مجتمع لأخطاء صغيرة هنا وهناك ، ووقعا أيضا فى خطأ آخر قاتل برفضهما للتحكيم والقبول بفحص مجلس صيانة الدستور لعينات عشوائية تشمل %20 من الأصوات ، حسب دستور البلاد وقوانينها ، مما أفقدهما الشرعية ، وأظهرهما كمن يثيران القلاقل ، ويبغيان الاضرار بنظام المجتمع وأمنه ، وهو ما أدى الى تقلص أتباعهما الا من القلة التى تعادى النظام الايرانى أيا كانت الأسباب ، وترى فيما حدث فرصة لاثارة الزوابع والاضطرابات.
رابعا : تغيرات المجتمع الايرانى ، وظهور معسكرى المحافظين والاصلاحيين
لكى يفهم المرء ما حدث فى الانتخابات عليه أن يتأمل فى التغيرات التى طرأت على المجتمع الايرانى بعد انتهاء حربه مع العراق ، وهى تغيرات لها دلالات كبيرة على الحاضر والمستقبل ، ويمكن ايجازها فيما يلى :
1- بعد الثورة الاسلامية فى عام 1979 ، وأثناء الحرب الايرانية العراقية ، شهد المجتمع الايرانى التفافا كاملا حول الامام الخومينى ، ولم يكن بمقدور الطبقات المعارضة للنظام الاسلامى الجديد التعبير عن نفسها ، حيث كانت كل الظروف ضد أية محاولة لزعزعة الجبهة الداخلية تحت أى زعم أو أى مسمى .
2- بعد انتهاء الحرب ، وكذلك هزيمة المعارضة المسلحة متمثلة فى مجاهدى خلق ، وفدائيى خلق ، والاطاحة بآية الله منتظرى من خلافة الامام الخومينى ، بدأ المجتمع الايرانى يشهد جدلا ولو خافتا حول مكانة الولى الفقيه أو المرشد وسلطاته ، فينما يرى المعارضون أن الأفضل هو نظام ديموقراطى ومرجعية اسلامية ، يرى المحافظون وجوب ذلك لكونه جزءا من المذهب الشيعي ، بينما بعض المحافظين يرون أنه لا ولاية مطلقة فى غياب الامام المهدى .
3- الحريات الشخصية ، والحريات العامة ، وحرية الصحافة ، وحرية المعارضة ، وسلطة الدولة ، وكيف يمكن وضع الأطر لتلك الحريات ، وعلاقاتها مع سلطة الدولة .
4- كيفية تحديد دور ايران اقليميا ، وعلاقتها بالغرب ، وخصوصا الولايات المتحدة.
5- تباين الرؤى بين قوى المجتمع الايرانى وأطيافه ، واختلاف فهمها وموقفها من تلك التغيرات أدى الى ظهور معسكرين متباينين هما المحافظون الذين يضمون قطاعات كبيرة من قوى المجتمع مثل أعضاء الحرس الثورى السابقين ، والذين يتولون رئاسة بلديات ومحافظات ومؤسسات مختلفة ، وأيضا جمعية العلماء المناضلين المحافظة ، والمعسكر الآخر هو معسكر الاصلاحيين ويضم اتجاهات ليبرالية مثل حركة العدالة والتنمية والتى ينتمى اليها مير حسين موسوى ، وكذلك حركة حرية ايران ، وهى حركة ليبرالية أيضا ، ومن المنتسبين للمعسكر الاصلاحى حركات اسلامية مثل جماعة العلماء المناضلين التى يرأسها مهدى كروبى ، وكذلك حزب الثورة الاسلامية ، وهناك أيضا التكنوقراط مثل حزب كارغوزاران والذى ينتسب اليه هاشمى رفسنجانى ، والجماعات النشطة فى صفوف الطلاب كمكتب تعزيز الوحدة ، والجماعات التى تنادى بنظام ديمقراطى كامل كحزب المشاركة الاسلامى.
6- ظهر الاصلاحيون أثناء الحملة الانتخابية لمحد خاتمى فى 1997 ، ويضم برنامجهم تحسين الأحوال الاقتصادية ، والتخلى عن دور ايران اسلاميا وعربيا باسقاط تحالفها مع حزب الله وحماس وسوريا ، والتصالح مع الغرب ، وتحديد دور المرشد ، ورغم حكم خاتمى لفترتين فانه فشل فى تحقيق أهدافه ، مما حدا بالايرانيين الى الميل تجاه المحافظين ، ففازوا فى الانتخابات البلدية عام 2002 ، وفى 2003 حققوا أغلبية فى البرلمان ، وفى 2005 وصل أحمدى نجاد الحاصل على الدكتوراة فى هندسة تخطيط المدن للرئاسة ، وقد جذب اهتمام الكثيرين لبساطته وتقشفه ، وما عرف عنه من النزاهة ، والالتزام الدينى ، وانحيازه للطبقات الفقيرة ، وكذلك صلابته فى التعامل مع الغرب ، وقد كان برنامجه فى حملته الانتخابية الأولى قائما على محاربة الفساد ، واستغلال النفوذ ، المستشرى بين أوساط الطبقة الحاكمة القديمة ، وعلى رأس هؤلاء رافسنجانى ، وفى حملته الانتخابية الثانية ركز أيضا على المضى فى محاربة الفساد ، والاطاحة برموزه نهائيا ، ومن هنا يفهم المرء ما حدث فى الانتخابات الأخيرة ، وهو ببساطة صراع يحدث فى كل المجتمعات بين أصحاب المال والثروة والنفوذ ، وبين من يريد تحجيم نفوذهم ، والحد من امتيازاتهم ، ومحاربة مفاسدهم ، ولذلك تكالبت قوى ما يسمى بالاصلاحيين ، وهم فى الحقيقة كما يراهم المحافظون منبهرون بمناهج الغرب وأساليبه ، والاعتدال عندهم يعنى موالاة الغرب ، والرضوخ لشروطه ومطالبه ، والتفريط فى سيادة البلاد ، وقيم الاسلام ، ولا بأس من تضليل العامة بالحديث عن الحريات ، والشرعية الدولية ، وغيرها من كلمات الحق والتى يراد بها الباطل ، وتعاونت مع تلك القوى شخصيات الحرس القديم وعلى رأسها رافسنجانى ، وأبناء الطبقات العليا ، أو الأغنياء ، وهم ما كانوا فى يوم من الأيام من أنصار الثورة الاسلامية ، يضاف الى هؤلاء العملاء والخونة الذين ينفذون أجندة الغرب المتربص بايران .
7- يلاحظ المتأمل أيضا امتداد هجوم تلك الفئات ليشمل المرشد ، وهو أمر يمكن فهمه اذا عرفنا ولاء نجاد للمرشد ، وتوافق الاثنين فى كثير من الرؤى والتصورات .
خامسا : ماذا يحمل المستقبل لايران ؟
نجاح النظام الايرانى فى احتواء زوبعة الانتخابات المختلقة ، ودعم المرشد لنجاد ، وابطاله لدعاوى الاصلاحيين بتمسكه باحترام الدستور ، واتباع الطرق القانونية لحسم الخلافات ، وتماسك الحرس الثورى خلف النظام ، واحساس المواطن العادى بتحفز الغرب ، وسوء طويته نحو بلادهم ، فوت الفرصة على موسوى وأنصاره ، وزاد من تلاحم أغلبية الناس مع نجاد ، مما أضعف الزخم الاصلاحى ، وسرعان ما انفض معظم المؤيدين له ، ولم يتبق الا الليبراليين والراديكاليين ، وهم أعداء النظام الدائمون ، غير أن هذا ليس نهاية المطاف ، وستظل ايران تواجه تحدين كبيرين :
1- التحديات الداخلية والتى ستعاود الظهور مع أقرب فرصة لاثارة القلاقل والاضطرابات من جديد ، وعلى النظام أن يمضى بخطى متسارعة لتحقيق الاصلاح الاقتصادى ، وتحسين مستوى الطبقة الوسطى والفقراء ، ورغم الحصار الاقتصادى والممتد الآن لثلاثة عقود ، فان تحسين الأوضاع ، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية ، والتأليف بين شرائح المجتمع ، وضمان الحرية والعدل ، واستمالة مناطق السنة فى الأحواز وغيرها باعطائهم الفرص المتكافئة مع غيرهم دينيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، والاهتمام بقطاع الطلاب ، وهم أنشط طبقات المجتمع الايرانى ، وأكثرها حيوية ، وتلبية مطالبهم ، ومحاورتهم فى قضايا تجديد المجتمع ، ومواءمته مع تطورات العصر ، كل تلك الأشياء ضروريات ملحة لتماسك الجبهة الداخلية ، ووقوفها مع النظام ، وتمكينها من الصمود أمام المحن والمؤامرات ، وقد أظهر الايرانيون بالفعل كثيرا من الوعى والتماسك خلال العقود الثلاثة المنصرمة ، وعندما يعلم المرء أن عدد من يحق لهم التصويت هو 46.2 مليون ، صوت منهم فى الانتخابات الأخيرة %85 ، أى 39,270,000 مليون ، وهى نسبة عالية جدا مقارنة حتى بالديمقراطيات الغربية ، يدرك مدى مساهمة الشعب فى العملية السياسية ، وادراكه لأهمية دوره فى قضايا المجتمع ، كما أنه من المطمئن لايران أن أغلب من تناولوا الأحداث الأخيرة من المنصفين أجمعوا على أن ما حدث كان صراعا بين تيارين ، وليس استفتاء على شرعية النظام ومؤسساته وهويته الاسلامية .
2- التحديات الخارجية : ذكرت CNN فى 18-2-2010 أنها حصلت على ما تسميه draft report لوكالة الطاقة الذرية IAEA، يحمل نفس التاريخ ، وفيه تقول الوكالة أن ايران ربما may be تعمل سرا على بناء رأس نووية تصلح للاستعمال على صاروخ ، وقبل ذلك بأيام ، وبالتحديد فى 13-2-2010 اتهمت وزيرة الخارجية الأمريكية Hillary Clinton ايران بأنها تتجه نحو الديكتاتورية العسكرية ، وأنها فشلت باستمرار فى الوفاء بتعهداتها الدولية ، وذلك برفضها البرهنة للمجتمع الدولى على أن برنامجها النووى يهدف كلية الى الاستخدام السلمى ، والعجيب أن وكالة الطاقة الذرية تستخدم لغة غير جازمة فى تقريرها ، وأن وزيرة الخارجية الأمريكية تلقى باتهاماتها من قطرمن خلال المنتدى الاسلامى الدولى ، وأن عددا من دويلات الخليج نشرت بطاريات صواريخ أمريكية مضادة للصواريخ على أراضيها بحجة التعاون الخليجى الأمريكى لمواجهة ايران ، وأن الأنظمة العربية الموصوفة بالاعتدال واعلامها انطلقت فى حملة لتقديم ايران على أنها الخطر الذى يهدد المنطقة بطموحاتها التوسعية ، ورغبتها فى تصدير ثورتها الاسلامية الى المنطقة ، وزعزعتها للأمن والاستقرار فى اليمن والعراق ولبنان وغيرها ، وسعيها لامتلاك السلاح النووى مما يضيف مزيدا من التوتر وعدم الاستقرار ، لذلك يجب تحالف المعتدلين العرب مع الولايات المتحدة واسرائيل لمواجهة الخطر الايرانى ، ولا يدرى المتابع لتلك التطورات الا أن يعجب لفساد منطق الأنظمة العربية ، التى تحول اسرائيل والتى تمتلك بالفعل 200 رأس نووية ، ولها مصلحة دائمة فى اثارة المشاكل ، وتأجيج العداوات والخصومات والحروب ، تحولها الى الصديق والحليف ، بينما لم يعد للمعتدلين العرب الا الكيد لغيرهم من بلاد العرب والمسلمين ، وكأن مأساة العراق قد طواها النسيان ، وهى التى ستبقى فى مخيلة كل عربى وذاكرته ما بقى حيا ، يقول سلامة أحمد سلامة فى مقاله ( خرافة خطر ايران النووى ) ، والذى نشرته صحيفة الشروق بتاريخ 16-2-2010 : ( أنا من الذين يعتقدون أن امتلاك ايران للتكنولوجيا النووية ، ونجاحها فى تطويرها لتمتلك القدرة على انتاج أسلحة نووية ، لا يمثل خطرا على مصر والعالم العربى ، كما أنه ليس من مصلحة أحد فى منطقتنا العربية نشوب توتر عسكرى مع ايران ، يفضى الى اندلاع حرب بسبب برنامجها النووى ... دعوة عمرو موسى والتى حث فيها الدول العربية على المبادرة الى الحوار مع ايران للاتفاق على ترتيبات أمنية هى الحل العملى الوحيد لتجنب الوقوع فى الفخ الذى انساقت اليه الدول العربية مغمضة العينين فى الحرب على العراق والذى فرق العرب اربا فلم تقم لهم قائمة حتى الآن ) ، والعرب لن يستجيبوا لدعوة عمرو موسى ، لأن ايران وجهت الدعوة من قبل مرارا الى الدول العربية ، وخاصة مصر للتعاون والتنسيق ، للتغلب على محاولات الغرب واسرائيل للهيمنة على المنطقة ، ولكنهم جميعا رفضوا مفضلين الولاء لأعدائهم على التعاون مع ايران التى تشترك معنا فى الدين والتاريخ والثقافة الاسلامية ، وتواجه نفس الأخطار التى نواجهها ، لقد عميت بصائر الأنظمة العربية وأبصارها ، ورضيت بتبديد طاقاتها وأموالها الطائلة فى دفع فواتير المغامرات العسكرية فى المنطقة ، ونشر القواعد الأمريكية على أراضيها ، وانفاق البلايين لشراء أسلحة لا قيمة لها الا تنشيط الاقتصاد الأمريكى والغربى ، والحرب النفسية ، وتهديدات الضربة الأمريكية أو الاسرائيلية أو المشتركة للمنشئات النووية الايرانية ، والعقوبات الاقتصادية ، وتخصيص الميزانيات لاثارة الفتن الداخلية ، كلها أمور اعتادت عليها ايران ، غير أن السؤال يظل ملحا عن احتمالات الحرب على ايران ، ورغم ان ذلك يحتاج من الغرب الى حسابات مختلفة ، لأن ايران ليست أفغانستان التى لم تمتلك جيشا ، أو العراق التى أنهكها الحصار الذى امتد لأكثر من عقد من الزمان ، علاوة على الغارات التى استمرت على شماله وجنوبه طوال تلك الفترة ، وتدمير جميع أسلحته ، ورغم ترجيح كثير من المحللين أن الادارة الأمريكية أو الاسرائيلية لن تتورط بشن حرب على ايران ، الا أنه من البله اغفال المؤسسة العسكرية الأمريكية ،وما ترتكبه من حماقات المرة بعد الأخرى ، وغلاة المحافظين الجدد ، ورغبتهم فى تأجيج بؤر الصراع ، وزعزعة الأمن والسلام العالمى ، وجماعات الضغط اليهودية ، وكل هؤلاء من داقى طبول الحرب ، أو على الأقل شن هجوم محدود ، اذا أضفنا الى ذلك أن الكيان الاسرائيلى لا يستطيع العيش بدون الاجرام والعدوان ، وأن ايران النووية ستكون أكبر تهديد لوجوده ومستقبله ، وهى تهدده بالفعل الآن فى دعمها لحزب الله وحماس وسوريا ، ووقوفهم جميعا حجر عثرة أمام مخططها لتصفية القضية الفلسطينية ، لكل تلك الأسباب فاننى أميل الى توقع عمل عسكرى ما ، تقوم به الولايات المتحدة ، أو اسرائيل، أو كلتاهما ، وتشارك فيه الأنظمة العربية البلهاء فى الخليج ودول الاعتدال بأرضها وبحارها وأجوائها ، وتدفع أيضا تكلفته المادية ، وربما تدفع أكثر من ذلك هذه المرة ، اذا اتسع نطاق الحرب ، وعمت الفوضى المنطقة ، بل ربما تدفع تلك الأنظمة وجودها نفسه لتوريطها شعوبها ، وتعريض أبنائها للخطر ، وتبديد أموالها ومواردها ، ان عداء الغرب واسرائيل لايران عداء مستحكم ، وليس له من حل الا تنازل ايران وقبولها بالولاء والتبعية ، وتنفيذ الأوامر ، كما فعلت مصر وباكستان ، ومن يصمد لثلاثة عقود من الحصار والتهديد ، ويصمد لزهاء عقد من الحرب التى شنتها العراق على ايران بايعاز من الغرب ، وبأموال العرب ، من يفعل ذلك لن يتنازل ، أو يقبل بالتبعية ، ويبقى الحل الآخر بتغيير النظام الايرانى عن طريق القلاقل الداخلية ، وهو حل يحتاج الى طول نفس وصبرلن تقدر عليه القوى المتحفزة فى الغرب واسرائيل ، كما أن احتمالية نجاحه ضئيلة لتماسك النظام والشعب الايرانى ، ولا يبقى بعد ذلك الا الحل الأخير بتغيير النظام عنوة بالحرب ، أو على الأقل اضعافه بضربة للمنشئات النووية والعسكرية ، وشغله باعادة البناء ، ومحاولة رأب الصدع الذى تخلفه ضربة من هذا النوع .
سادسا : لماذا تتقدم ايران ويتأخر العرب ؟
سؤال لا بد أن نسأله جميعا ، ويمكن أن نوسع دائرته ليشمل تركيا أيضا والاجابة ليست عصية على المتأمل لحال ايران وحال تركيا وحال العرب ، ويمكن تلخيصها فى أربعة أسباب :
1- النظام الايرانى رغم كل محاولات التشويه الاعلامية الغربية والعربية نظام ديمقراطى يتم انتخاب رؤسائه ونوابه بنزاهة وبدون تزوير ، وكذلك تركيا حزب العدالة والتنمية ، وتلك النوعية من الأنظمة تخلق حالة من الحراك والحيوية فى شعوبها ، فيساهمون فى الانتخابات بنسب عالية تفوق ما عليه الديمقراطيات الغربية ، واحساس الفرد باحترام صوته ورأيه ، يجعله أكثر ولاء لوطنه ، وأكثر اخلاصا له ، وأكثر تفانيا فى الجهد والعمل لرفعة شأنه.
2- الشعوب العربية والاسلامية تريد أن تكون مرجعية أنظمتها مرجعية اسلامية ، وعندما تحترم الأنظمة ذلك ، يتحقق الوئام والسلام الاجتماعى الضرورى للنهضة والتطور ، وفى الحالة التركية ورغم الارث العلمانى المعادى للاسلام فى كل شئ ، الا أن التحولات بدأت لعودة تركيا الى جذورها وحضارتها الاسلامية ، حتى وان كانت بطيئة متأنية ، أما فى الحالة الايرانية فان الثورة الاسلامية أعادت ايران الى تراثها وثقافتها ومذهبها الشيعى بعد حكم الشاه بعلمانيته وفساده ، بينما جميع البلاد العربية ألقت أنظمتها بكل جوانب الاصلاح جانبا ، وتفرغت لحرب كل مظاهر الاسلام ،وسجن كل الداعيين له ، وتونس والمغرب والجزائر ومصر أمثلة لذلك .
3- من ضرورات التقدم أن تتخلص المجتمعات من التبعية للغير ، والعرب جميعا تابعون أذلاء للغرب ، يفعلون ما يفرض عليهم ، وهو فى كل الأحوال لا يتفق مع بيئتنا وظروفنا وثقافتنا وأحوال شعوبنا ، وتلك النوعية من التغيير لا تنجز اصلاحا ، ولا تصنع حضارة ، وانما تحقق مزيدا من الفساد ، وتبديد الموارد ، والخصخصة وغيرها من التحولات الاقتصادية فى مصر مثال على ذلك ، بينما المجتمع صاحب الارادة الحرة ، يفعل ما يفيد أبناءه ، وينعكس عليهم بالخير والرفاهية ، ولذلك تقدمت ايران وتركيا ، واهتمتا بالتصنيع ، وتحسين أحوال الناس ، والانتاج الحربى الذى يضمن عدم الخضوع للغير ، فى حين تخلت كل البلاد العربية عن الصناعات الحقيقية ، وعن الصناعات العسكرية ، وأصبحت مجتمعات للخدمات والاستهلاك ، واستيراد كل شئ ، والاعتماد على المعونات ، وتبديد الموارد فى شراء الغذاء والسلاح والكماليات.
4- التعليم الجيد ، والذى بدونه لا يمكن لأى مجتمع أن ينجز شيئا ، فى أى مجال من المجالات ، وبدونه أيضا لا يمكن للمجتمع أن ينافس فى أى ميدان ، وقد ذكرت فى مقال ( الجامعات المصرية ومكانتها ) ، والذى نشر فى هذا الموقع أن الجامعات التركية والايرانية تتفوق على الجامعات المصرية فى كل النواحى ، وتتفوق على الجامعات فى جميع بلاد منظمة المؤتمر الاسلامى ، والتى يبلغ عددها 56 دولة.
saad1953@msn.com
موضوع ذات صلة:
اسرائيل تنتج طائرة ضخمة ومتطورة بلا طيار