قبائل سيناء وكشف حساب في ذكري تحريرها
| |
حررنا سيناء بدم الشهداء | |
بقلم الباحث. نبيل عواد المزيني
في 25 من شهر ابريل/نيسان من كل عام تحتفل مصر بتحرير سيناء الغالية ، ولاكن هذا العام تأتي ذكري التحرير بعد الثورة المصرية المجيدة بطعم اخر وامل جديدا ، طعم النصر علي الظلم والفساد ، وامل في الحرية والمساواة التي طالما حرم النظام البائد منها بدو سيناء ، تأتي هذة الذكري العزيزة علي قلب كل مصري وهي تحمل امل في غدا ينعم فية الجميع بالديمقراطية الحقيقية ، وقبائل سيناء الذين عانوا من التهميش والإقصاء علي مدار ٣٠ عاما الماضية يحق لهم في هذا اليوم فتح كشف حساب ، للاستفادة من الماضي والتطلع بثقة الي المستقبل .
لقد عمل النظام البائد علي التفريق بين ابناء سيناء وجعل أهلها شيعا يستضعفهم جميعا ، فهذا بدوي وهذا وافد ، وهذا سيناوي شمالي وهذا سيناوي جنوبي ، وعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية وحرمهم جميعا من العدل والمساواة ، إلا في الظلم والإهمال ، فأوغر صدر الاخ علي اخية عن طريق الوقيعة بينهم ، وأوهم ابناء سيناء الشمالية بأن أبناء الجنوبية يتنعمون في العمل بالسياحة والاستثمار ، وأوهم أبناء سيناء الجنوبية بأن أبناء الشمالية يتنعمون في العمل بالزراعة وتجارة الانفاق ، ولاكن الحقيقة هي ان جميع ابناء سيناء كلهم في الهم سواء .
فلم يكتفي النظام البائد بعزلهم عن بعضهم وتجريدهم من ابسط حقوقهم مثل السكن والعمل والتعليم والعلاج ، بل عمل علي تقطيع اوصال سيناء وعزلها عن بعضها بمعني الكلمة ، فقد حرم علي ابناء البدو المجاورين لمدينة شرم الشيخ دخول مدينتهم إلا في اوقات محددة ، وقام بإنشاء المتاريس الحديدية والأسوار العازلة واستعان بالسيارات المصفحة لمنع البدو من مجرد التفكير في دخول المدينة ، وترك معظمهم يعيش في العشوائيات وبدون أى مرافق أو خدمات علي بعد امتار فقط من القصور الشاهقة والفلل الفاخرة التي يتنعم فيها الفاسدين بخيرات مصر المنهوبة ، وما منطقة الرويسات من شرم الشيخ ببعيد ، ولهذا تساءل الشيخ حميد عواد مستكرا "هل يعقل أن يعيش مبارك فى قصر أفخم من قصور رؤساء العالم ونحن نعيش فى العشوائيات رغم أننا لا نبعد عنه سوى بضعة أمتار؟ " .
ولم يسلم من الظلم وأثار الفساد احد ، حتي المحاربين الفدائيين وفي هذا يقول النائب البرلماني السابق غريب حسان المزيني ، إن أبناء سيناء عانوا من الظلم والقهر طوال العهد البائد ، ولم ينالوا حقهم رغم ما قدموه من تضحيات أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، وهم الان لايجدون سكن أو مصدر عيش، وناشد حسان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بتمليك أبناء سيناء لأراضيهم حتى يتحقق الانتماء فعليا على أرض الواقع قائلا "من منا يقبل أن يعيش فى بيت ليس ملكه، أو يزرع أرضا يتوقع أن تسحبها منه الدولة فى أى وقت" .
كما تفنن النظام الفاسد وأعوانة في توصيل الظلم السياسي والاجتماعي الي داخل مجالس ودواوين ابناء البادية ، عندما جعل منصب شيخ القبيلة بالتعيين ، ولهذا طالب ابناء القبائل الشرفاء بعد نجاح ثورة 25 يناير بضرورة إلغاء نظام تعيين رؤساء ومشايخ القبائل الشمولي واستبدالة بالانتخاب الحر المباشر تحقيقا لمبدأ الديموقراطية الحقيقية ، تحت إشراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الباسلة والتي تتمتع بكل الحب والتقدير في داخل مصر وخارجها .
وبلإيضافة لمعاناة البدو من الظلم والاجحاف والذي وصل في بعض الحالات الي الاعتقال والتشريد بالجبال ، عانوا ايضا وفي نفس الوقت من التجاهل والاهمال الإعلامي ، ولم تكتفي وسائل إعلام النظام البائد هي الاخري بتجاهل معانات البدو وظروف معيشتهم الصعبة بل شنت في بعض الأحيان حملات تضليل وتشوية لصورة البدوي والمزايدة علي وطنيتة ، ويأتي رد بدو سيناء الشرفاء علي لسان الشيخ موسي الدلح الترباني قائلا " إن سيناء مصرية وجزء لا يتجزأ من الوطن ولا يمكن المزايدة على وطنية وانتماء أبنائها ".
ونتيجة لما تعرضو لة من تجاهل وتشوية إعلامي ، أراد أبناء القبائل ان يعبروا عن انفسهم بأنفسهم عملا بالقول "ماحك ظهرك مثل ظفرك" فقرروا إنشاء قناة فضائية خاصة بسيناء وأهلها ، كي تكون منبرهم الإعلامي ووسيلتهم لإلقاء الضوء علي مشاكلهم مع الحفاظ علي عاداتهم وتقاليدهم ، وفي هذا يقول الإعلامي خليل جبر السواركة " إنه يتم حاليا دراسة الجدوى اللازمة لإطلاق القناة السيناوية " وأشار الي انة من المتوقع ان تدار بأيدي إعلامية سيناوية تتمتع بكفائة عالية وخبرة بسيناء وأهلها .
وكرد فعل طبيعي لمعاناتهم علي مدار ٣٠ عاما ، يطالب أبناء القبائل بضرورة القصاص من النظام البائد وأعوانة فيقول يوسف صالح الاحيوي " ان شباب البدو مع محاكمة نظام مبارك وأعوانة الذين نهبوا مصر وحرموا البدو من حقوقهم والخدمات والمرافق وحرموهم من التنمية، وأنه لا تعاطف أبدا مع مبارك، ولابد من استرداد أموال الشعب منه ومن أسرته" ، كما طالب الناشط محمد المنيعي بمحاكمة المتورطين في قتل الشهداء وأسقاط الأحكام الغيابية ضد ابناء سيناء قائلا "إننا تحملنا كثيراً بسبب مخالفات وجبروت وظلم الشرطة ، ولا يجوز الاكتفاء بنقلهم إلى محافظات أخرى" ، واوضح الروائي مسعد ابوفجر الرميلي بأن مصر بعد الثورة انطلقت من القمع والظلم الي العدل والمساواة ، وطالب الرميلي بالحفاظ على مكتسبات الثورة المصرية والقضاء علي البيروقراطية والتوقف الفوري عن التعامل مع البدو من خلال العقلية الامنية البائدة .
وبعد نجاح الثورة المصرية ، يتطلع ابناء القبائل السيناوية الي المشاركة السياسية الكاملة ويأملون بترشيح احدهم لمنصب رئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة وهو المحامي حسين مدخل العليقي ، حيث يقول الشيخ سلمان ابوحسين السماعني اذا رشح مدخل نفسه فنحن خلفه وسندعمه ، والقبائل العربية منتشرة في جميع محافظات الجمهورية ويتجاوز تعدادها ١٧ مليون ، وأضاف السماعني ان عدد اصحاب الاصول العربية يصل الى 70 % من اجمالى تعداد الشعب المصرى علي حد قولة .
ويبدو ان رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف سمع بدعوة بدو سيناء لة لزيارة سيناء ، فاختار مناسبة أعياد سيناء لتلك الزيارة ، حيث أكد المستشار الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء علي زيارة شرف الي سيناء في ذكري عيد تحريرها ، والاجتماع بعواقل القبائل السيناوية وشيوخها ، للاستماع لمطالبهم والعمل علي تحقيقها ، وبعد الزيارة مباشرة سوف ينطلق شرف في جولة في بعض دول الخليج العربي منها السعودية والكويت وقطر بهدف إقامة مشروعات لتنمية سيناء ، وبهذة المناسبة استعدت القبائل السيناوية بإقامة احتفالية كبيرة لاستقبال رئيس الوزراء الذي يحظي بحب واحترام جميع اطياف المجتمع السيناوي .
نبيل عواد المزيني
باحث وكاتب سيناوي
رئيس مركز المزيني للدراسات والابحاث