شيئ غريب ..
...............................................................
| |
خناقة مرورية | |
مجدي المصري
....................
القاهره قلب الأمه العربيه وبما لها من تاريخ وعراقه وأصاله أصبحت "بشعه" هذه الأيام .. فإذا نظرت اليها من أعلي تجد جميع شوارعها وميادينها بدون إستثناء تشبه بالوعات المجاري المسدوده والتي تطفح سيارات من كل شكل ولون متوقفه في صفوف ما لا نهائيه تنتظر أدني تسليك لتلك البالوعه أو الإشاره المروريه لتتحرك بسرعه لثواني معدوده وبنفس تلك السرعه تتوقف ثانيا ..
وإذا نظرت اليها من أسفل تشعر لأول وهله أن نواطيرها "غير مُتاحه" أو خارج نطاق الخدمه فإختلط ذئابها بذبابها في شوارعها بلا ضابط ولا رابط ..
تلك "البشاعه المروريه" التي وصلت اليها القاهره بعد أن تخطت القبح والدمامه بمراحل طويله هي أهم أعراض الموت المروري الاكلينيكي لعاصمه لها الكثير والكثير الذي تفخر وتزهو به بين العواصم ولكن عارها وعورتها هو هذا الإنسداد المروري والذي تشبه فيه السيارات مياه المجاري الطافحه وتحاول جاهده المرور من البالوعات دون جدوي ..
ووسط هذا الخضم من السيارات العالقه نشأ ونما سلوك جديد لقائدي السيارات تستطيع أن تسميه تفريغ الشحنات الداخليه الكامنه مجازا أو ممكن أن تسميه نوع من أنواع الإضطراب النفس عصبي أو أي مسمي آخر يدخل ضمن تعريفات البلطجه ..
وهنا لن نتحدث عن الحوادث المروريه أو الصدامات والتي ينتج عنها خسائر ماديه أو في الأرواح فهذا شأن آخر وإنما سنتحدث عن شأن آخر وهو التلامس أو شبه التلامس بين السيارات والذي علي أكثر تقدير ينتج عنه سحجه خفيفه علي الطلاء أو ربما لا ينتج .. وهذا يُعد بالأمر الهين الذي يحتاج الي إعتذار بسيط وقُضي الأمر ..
ولكن السلوك الغبي الجديد لدي بعض قاده السيارات والذي تدربوا عليه جيدا وأتقنوه هو إيقاف الطريق والنزول من السياره ثم الصياح والصراخ الجنوني وبطريقه هيستيريه .. لا أعرف كيف أصفها وكأنهم قد أصابهم مس شيطاني أو لوثه عقليه مفاجئه .. ولو شاء حظك العاثر أن تقع في براثن أحد هؤلاء ال...... “كلمه خادشه للحياء" فستصاب بالزعر والهلع لا خوفا منه ولكن ظنا بأنه أحد المجانين المتروكين أحرارا طلقاء في الشوارع والذين كلما حدث حادثا جللا في البلد يصدر بيان من وزاره الداخليه بأن الفاعل مختل عقليا .. وهنا تشعر بإقتراب المنيه ولا ديه لك لأن قاتلك مختل عقليا حسب وصف وزاره الداخليه فيما بعد ..
وهنا أنت تصبح في موقف لا تحسد عليه فأمامك أحد خيارين لا ثالث لهما .. إما أن تستكين تماما أمامه وتتركه يفرغ ما في جعبته وأنت في غايه الأسف والندم وتعرض أي مبلغ مادي للمراضاه والتسويه وأنت تطلق في سرك كل الأدعيه التي حفظتها طيله حياتك ..
والخيار الثاني وهو ينقسم الي شقين .. أولهما أن تدعي إصابتك أنت الآخر بلوثه عقليه وتتحول الي مختل عقليا وتبدأ في وصله ردح متبادل وترفع عقيرتك قدر الاستطاعه فصاحب الصوت الأعلي هو الرابح في مصر الآن ولا مانع أن تهدد وتتوعد وأن تكتب أرقام سيارته أو أن تجري إتصالات سريعه بالموبايل بهدف إحداث الرعب لدي الخصم وإيهامه بأنك "واصل" أو لديك قريب ضابط أو مستشار أو في وظيفه حساسه أو مركزا للقرار وأنك “ستمرمطه وتبهدل أمه وربما جدته أيضا” ..
وثانيهما وهذا يتطلب "بنيه قويه" أن تشعر بأن كرامتك قد إنجرحت من صعلوك فتشمر عن ساعديك وتكيل له الصفعات والركلات واللكمات وهنا القوه الجسديه عليها العامل الأكبر الحاسم في هذا الأمر ..
وفي كل ما سبق الشرطه غائبه تماما وعندما يتوقف المرور تماما ولفتره طويله جراء ما سبق شرحه ربما يستدعي أحدهم الشرطه ..
وعندما تصل الشرطه فإما أن يكفي الله المؤمنين شر القتال وتهدأ أعصاب كليكما وتنسحبا في هدوء .. وإما أن تذهبا معا الي أقرب قسم شرطه لعمل محضر .. وهنا إن كان أحدكما "واصل" لأي جهه كانت حتي لو كان صديقا لأمين شرطه فهنيئا له ولا جناح عليه لأن الأمور لن تميل كفتها لصالح الآخر علي الإطلاق ..
والآن .. عزيزي ساكن القاهره أو الزائر لها من إحدي المحافظات الأخري عليك بالتعليمات الآتيه :-
إن كنت ضعيف البنيه الجسديه عليك بإصطحاب شخص قوي البنيه مدرب علي التشاجر أينما سرت بسيارتك تحسبا لمثل هكذا مواقف ..
عليك بالتعرف الي أحد الأشخاص "الواصلين" أو ذوي المناصب أو المكانه وتسجيل رقم موبايله معك وإن لم تستطع فحاول أن تصادق أحد أمناء الشرطه وإن لم تستطع هذا ولا ذاك أنصحك بألا تمتلك سياره خاصه أو تركها وركوب تاكسي مهما طلب منك أجره ..
أما إذا كنت أجنبي ولا تحمل الجنسيه المصريه عليك بالإحتفاظ بأرقام الطوارئ في سفارتك في القاهره للإتصال بهم عند الضروره مع العلم أن مندوبي السفارات لهم كل الإحترام في الشرطه المصريه وجميع السفارات توفر الحمايه والدعم لمواطنيها ..
وأخيرا عزيزي القارئ ..
تستطيع أن تقول إذا مررت بهكذا موقف .. وقد صرح مسؤول رفيع المستوي أن مرتكب الحادث شخص مختل عقليا ولا تفكر كثيرا فليس علي المريض حرجا …