متلازمة العمدة وشيخ الغفر
| |
السيسى | |
بقلم : غريب المنسى
......................
من واقع التجربة الحية فى الشرق الأوسط وربيعه الثورى اكتشفنا وبعد أن أريقت دماء كثيرة غالية أنه اذا أردات القوى الخفية الشيطانية أن تشوش فؤادنا فهى تسلم مشاكلنا للخبراء الاستيراتيجين المحليين ليدلوا بدلوهم فيها على أن يتلقفها منهم الأكاديميين المحليين برضه ليضيفوا عليها بصماتهم ليسلموا المشكلة أكثر تعقيدا للسياسيين على أن يضعها السياسيين شديدة التعقيد أمام الاسلاميين وهم فصيل مؤمن بقول المتنبى :
لا يخدعنك من عدو دمعه *** وارحم شبابك من عدو ترحم
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى *** حتى يراق على جوانبه الدم
وفى حقيقة الأمر أن مشاكلنا كلها يمكن حلها لو استعملنا الحكمة الفطرية وتجردنا من الفذلكة والفشخرة والتمسح بالغرب والتقليد والبعد عن القيم المحلية التى تناسب مشاكلنا , فالغرب يضع حلولا لمشاكلنا بمعطيات غربية وتكون دائما النتائج لاهى غربية ولاهى شرقية انما نتائج مهجنة مشوشة ممسوخة , والغريب فى الأمر أننا نستعذب هذا التخبط وهو بيزنس ممتاز لهذا الفيلق الذى ذكرته عاليه وهم الاستيراتجيون والاكاديميون والسياسيون واخيرا الجهاديون.
وعندما تصل المشكلة الى مائدة الجهاديون وهى المرحلة الأخيرة فنحن بصدد المواجهة مع عفريت من الجن لانعرف ولايمكننا أن نتوقع رد فعله وبالتالى يعيش المجتمع أسير صراع غامض مع شبح وتكون مواجهة الدولة غير متكافئة بالمرة ويعانى جنودنا وضباطنا من هكذا حرب مبهمة , فهم غير مدربين لمحاربة المجهول. ومشكلة مصر ليست معقدة بالدرجة التى يحاول البعض المستفيد منها تصويرها ,فهى مشكلة يمكن لأى شيخ عرب لابس جلباب وصديرى حلها مستخدما الفطرة السليمة .
مشكلة مصر الحالية تكمن فى سؤالين فى منتهى البساطة :
السؤال الأول هو : هل يحق لأهل القرية الثورة ضد عمدة القرية وازاحته من مقعده ؟ والاجابة على هذا السؤال طبعا ستكون نعم بنسبة سبعين فى المئه على الأقل أما باقى الثلاثين فسيكونون من اقارب ونسايب وحاشية ومحبى وداعمى العمدة.
أما السؤال الثانى وهو الأهم : بعد ازاحة العمدة بناء على رغبة الناس هل يحق لشيخ الغفر أن يسطو على منصب العمدة وأن يتزوج أرملته ؟ وهنا تكون الاجابة أصعب قليلا وتتوقف على درجة ايمانك بالعرف والأصول المحلية والتى هى أقوى من القانون الدولى , وبالتالى ستقل نسبة المؤيدين لتصرف شيخ الغفر الطموح , وتزداد هذه النسبة مع الأيام عندما يكتشف هؤلاء القرويين السذج أن شيخ الغفر لم يكن برىء بالدرجة التى صورها لنا.
قبل أن أدخل فى الموضوع أكثر أريد أن أخبركم بأن مانراه من رد فعل للأخوان فى مصر هو متلازمة - Crying for attention - وهى متلازمة يعانى منها أى انسان أو مجموعة من الناس لها مطلب ولكن تواجه بالتجاهل التام , وكل حوادث القتل الجماعى التى تمت فى المدارس الأمريكية والغربية عموما كانت نتيجة معاناة الأطفال من اهمال وتجاهل المدرسة والأسرة معا وبالتالى لم يجد الطفل أى وسيلة للتعبير عن مشاكله الا بقتل جماعى لزملاؤه فى المدرسة بما فيهم المدرسين , وهذا مانراه جليا فى ردود فعل الأخوان فى مصر وهو أمر يستدعينا أن نفكر فى الطريقة المثالية لوقف نزيف الغضب لديهم واقناعهم بأن هناك أمام الغاضب عالمين : الأول واقعى والثانى افتراضى وعلينا أن نساعدهم على البقاء فى العالم الواقعى لأن ولوجهم الى العالم الافتراضى سيكلف مصر والمصريين الكثير وسيعطل أى خطة للتقدم وهذا ما أرادته قوى خفية تريد بمصر الدمار.
ايمانى بنظرية المؤامرة معقول ولكن العناد قد يكون هو الوقود اللازم للمؤامرة.....
أنا شخصيا ضد الدولة الاسلامية ولكن هذا لايعنى أننى أكره الاسلاميين لاسمح الله , وأنا بطبيعة تكوينى وخلفيتى الاجتماعية أفضل العسكر وأعتقد أن لديهم القدرة على التخطيط والتنفيذ لأى فكرة سواء كانت عسكرية أو مدنية ولكننى بطبيعة الحال أحب بلدى وناسى أكثر واتمنى أن نعيش جميعا فى سلام ووئام وبالتالى أنا أتصور أن حل المشكلة فى مصر لن يخرج عن هذه الخطوات :
أولا : أعتقد أن الاخوان قد وصلوا للبديهية الظاهرة لكل ذى عينين وهى أنهم غير مدربين على الحكم ناهيك عن أنهم غير قادرين ومؤهلين على النهوض بمصر من خلال مشروعهم الاسلامى وهو مشروع نظرى ليس له قواعد صلبة وأن مجيئهم للحكم كانت نتيجة لمجموعة أخطاء اجرائية بعد سقوط مبارك وكان اختيارهم للسلطة كان عبارة عن المفاضلة بين السيىء والأسوأ للشعب المصرى.
ثانيا : وبناء على ماسبق فنحن نتفهم الألم والضيق الذى يعانون منه سيما بعد ازاحة مرسى ووضع معظم قيادتهم فى السجون ومطاردة من تبقى منهم , وأيضا منعهم من ممارسة حقوقهم السياسية تحت غطاء دينى والأنكى قفز شيخ الغفر ممثلا فى السيسى وطموحه للفوز بمقعد العمدة والزواج من أرملته !! ولربما كان هذا هو السبب الرئيسى لغضبهم المكتوم والمعلن .
ثالثا: نحن نأسف جدا لتشويه صورتهم بكل ماأوتينا من قوة فنحن شعب بما فيه الأخوان أيضا دائما نجنح فى الحب أو الكره الى أقصى اليمين وعليه فنحن مازلنا شعب واحد بكل مالنا وماعلينا وماورثنا من عيوب تربوية واجتماعية وعلمية وأعتقد أن هذه ممارسة مفهومة فنحن شعوب تناصر من غلب !!
رابعا : وهو الأهم هو أن يخرج شيخ الغفر من دائرة المرشحين للفوز بالمقعد والزوجة !! فهذا سيريحهم الى درجة أنهم سوف يعودون الى عالم الواقع وعندما يعودون اليه سيباركوا لمن فاز بالمقعد والزوجة شريطة الا يكون هو شيخ الغفر.
خامسا : على شيخ الغفر أن يعلم أنه بطموحه للفوز بالمقعد والزوجة قد يعرض القرية الى خطر الفتنه وهو أمر لايرضاه ولايرتضيه الرجل , فشيخ الغفر رجل وطنى جدا ولن يورط جيشه وشعبه فى محاربة شيطان غامض فليعلنها صريحة حتى تهدأ النفوس.
سوو صفوفكم ...