القيادة المؤمنة
...............................................................
| |
أبو الغيط | |
بقلم : غريب المنسى
.......................
بكل هدوء وصبر سيمضى المخطط الجهنمى لتحويل مصر من دولة "مصب" لنهر النيل الى دولة "ممر" على أن تكون دولة المصب الجديدة هى اسرائيل, قد تختلف معى بكل ماتملك من وطنية , ولكن تذكر ياعزيزى أن هذه ليست خطتى ومقترحاتى وأنا مثلك ليست لدى قدرات خارقة حتى أستطيع أن أغير من القدر أوحتى أغير من سياسات بالية أدت بنا الى هذا الطريق المسدود , طريق المحاكم الدولية والتحكيم فيما هو أصلا ملكا لنا , ومنقوش بالمقادير على خريطة الكرة الأرضية .. فالنيل يبدأ من النقطة "ألف" وينتهى عند النقطة "ب" التى هى مصر , والآن يريدون أن يغيروا من مسار التاريخ والجغرافيا والواقع .. قد لايكون هذا معقولا لو فكرنا به بمنطق الحساب ولكنه سيكون معقولا لو فكرنا به بمنطق الانهزام الاستيراتيجى والتراجع التكتيكى .
ومنطق الانهزام الاستيراتيجى والتراجع التكتيكى ببساطة هى حالة نفسية واقعية تصيب القيادة تجعلها فى وضع المتسامح , كلما فقدت أرضا بسطت الأمور وحمدت الله كثيرا أنها لم تفقد كل الأرض , وهذا هو اسلوب قيادتنا العقائدى على المستوى الرياضى والاجتماعى والاقتصادى والسياسى .. فقيادتنا المؤمنة ترى وتؤمن بأنه لو علم الناس الغيب لأختاروا الواقع , وبالتالى فهذه القيادة المؤمنة تحث نفسها على الاستمرار فى تطبيق هذه السياسات المثالية بمحاولة اقناعنا بأنه كان من الممكن جدا أن نفقد نهر النيل والحمد لله أننا لن نفقده تماما !!
وهذه الاستيراتيجية الغير تنافسية جعلتنا من ضمن الشعوب التى وصلت لمرحلة من الهوان يصعب معها التمسك بالحقوق الأساسية لنا كبشر من مسكن مناسب وتعليم مناسب ومستوى صحى وغذائى مناسب , فالقيادة ترى أنه ينبغى عليك أن تحمد الله كثيرا على حالك الآن فلقد كان من الممكن جدا أن تكون فى حال أسواء مما أنت فيه!! وبالتالى فهذه القيادة ترى أن القضاء والقدر هو المحرك الفاعل والمؤثر فى كل سياساتنا الخارجية والداخلية , وهذا مانلمسه بوضوح فى ايمان القيادة الحكيمة بعدم ضرورة التصارع على الرزق فالارزاق بيد الله .
وسياساتنا الخارجية ليست منفصلة عن سياساتنا الداخلية ونحمد الله كثيرا أن من تولى أمور هذه السياسات مجموعة من كبار الزاهدين الناسكين العارفين بالله والمؤمنون بأن كل شىء بمقادير وأن الله سبحانه وتعالى قادرا على أن يرزق هذا الشعب من حيث لايحتسب فلا داعى ابدا أن نتعارك على الرزق ومن يريد أن يطمع فينا فهو كافر وسيدخل نار جهنم لأنه لايحق دينيا وأخلاقيا أن يخطف أحدا من جيراننا رغيف الخبز المخصص لنا , وحتى وان خطفه فالتسامح مطلوب فى هذه الحالة ,لأنه يوضح ببساطة وجلاء سمو أخلاق هذا الشعب الكريم المتسامح العارف بالله والمؤمن بضرورة الصبر على البلاء .
من الصعب على أى متابع أن يصل لحقيقة مايجرى على أرض الواقع , فالقيادة ترى أنه من الواجب عدم اخبار الشعب بالتفاصيل المملة , فالشعب لديه مايكفيه من مشاكل ولابد للقيادة أن تستخدم الاسلوب السرى المتكتم فى التعامل مع المشاكل فهى مؤهلة للدفاع عن مصالح هذا الشعب بكل الطرق التى تراها مناسبة , ولا بأس من اتباع درجة عالية من السرية مغلفة بقدر من الأخلاق والتسامح والزهد فى ادارة مفاوضات مياه النيل , فالمشكلة كما تراها القيادة من وجهة نظر أخلاقية مترفعة عن الصغائر أن الطمع عمل غير مقبول أخلاقيا وبالتالى فنحن لن ننزل لهذا المستوى الغير أخلاقى .. ومن الواجب أن نلقن الطامع درسا فى الأخلاق هذا الدرس مؤداه : أتركه يسرق ماء النيل فهو بعد ألف عام من الآن سكتشف أنه سرق حقا ليس له وبالتالى فهو المسؤول عن مواجهة النتائج السلبية لطمعه وجشعه , أما نحن فسنموت عطشا ولكن بكل تأكيد سنموت رافعين الرأس كالفارس النبيل .
وأخلاق القيادة النبيلة والمثالية هذه لاتظهر الا فى المواقف التى تخص هذا الشعب النبيل , أما فيما يخص القيادة والقادة فهم متكالبون على متاع الدنيا وما فيها, يقتل القائد أخيه بكل شجاعة اذا اعتدى على حقوقه الأقتصادية والاجتماعية والمنفعية , فنحن أمام رعيل من القادة لن يجود التاريخ بمثله : مثاليون ومؤمنون ومتدينون فيما لايخصهم , كافرون فيما يخصهم.
أرجوكم رجاء المؤمن بحق الشعب فى الدفاع عن حقوقه الطبيعية والمكتسبة الا تزعجوا القيادة الحكيمة المؤمنة فى هذه الظروف التاريخية الصعبة وأن تكفوا عن التحليل السياسى واتركوا القيادة تعمل فى صمت , فهى ترى مالانراه وبكل تأكيد تحتاج الى بعض من الهدوء , اتركوها تختار لنا الطريق الصحيح البعيد عن المخاطر والمعارك , فقيادتنا أولا وأخيرا قيادة مؤمنة ,تؤمن بكل الاتفاقيات الدولية وتؤمن بسياسة التسامح الذى هو عنصر رئيسى من سمات الترفع الذى سيؤدى بنا الى مرحلة السمو والرقى والصفاء الذى هو غاية من غايات الشعوب النبيلة التى تسير على طريق النور والحق والعدل والصبر على البلاء والعطش والجوع وهذا هو الطريق الصحيح الذى تسلكه كل دول العالم النايم.