الخطاب الدينى
...............................................................
| |
شيخ الأزهر بعد الظهر, ببرنيطة مخبرين تاكسس الشهيرة.. هكذا يريده الغرب ومن الطريف - دى نكته - أنه عند دخول اللجنة الى مكتبه سارع احد مساعديه بازاحة لوحة مكتوب عليها " ان جهاد النفس هو أعلى درجات الجهاد " حتى يتخلص من أى شىء يربطه بالجهاد !! | |
بقلم : غريب المنسى
..........................
رفض البابا شنودة لقاء لجنة الكشف على التطرف الدينى فى مصر والتى أرسلها الكونجرس الأمريكى لأسباب وجيهة , كان منها أنه لايريد أن يظهر فى صورة المستقوى بالخارج وبالذات الولايات المتحدة فى هذا الوقت , وهذا طبعا لم يمنعه من التحدث اليهم تليفونيا مهنئهم بسلامة الوصول !! , فى حين استقبل هذه اللجنة الشيخ طنطاوى شيخ الأزهر فى اجتماع سرى للغاية , ومن الممكن لنا أن نتكهن بما دار فى هذا الاجتماع , فاللجنة هدفها التأكد من أن الخطاب الدينى الاسلامى وتاريخ صلاحيته يتماشى مع حقوق الانسان والقوانين الأمريكية !! وهذه اللجنة يمكن تسميتها مجازا بلجنة الكشف عن المفرقعات الاسلامية الشاملة من أحاديث وتراث, ولأن اللجنة أمريكية – ولانعرف هوية أعضاؤها ويقال أن منهم صهاينه – فمن المؤكد أن الشيخ طنطاوى بما هو معروف عنه من مكر وتسامح وكاريزما قال لهم : أوكى .. نو بروبليم , وعند وداعهم وقف وابتسم وقال : جوود باى , فروم ذس أى – أند ذس أى .. !! طبعا الشيخ طنطاوى لاحيغير ولاحاجة وهو فقط بينفذ تعليمات عليا .. وفكرنا دور هذه اللجنة بلجنة هانز بليكس على أسلحة الدمار الشامل فى العراق , ولعبة القط والفار, فالبابا يقدم أدلة وشيخ الأزهر يخفى القرائن حتى تظهر الأمور آخر حلاوة وحتى تهدأ العاصفة.
وعملية ارسال لجان , وعودة لجان سواء من الكونجرس أو الاتحاد الأوروبى للضغط والتفتيش والتحرى فى العالم العربى عموما أصبحت لعبة مكشوفة لاتنطلى على عقلاء الأمة من مسلمين وأقباط , فالاقليات فى هذه الدول الغربية مازالوا يعانون ولم تتوصل هذه الدول الى علاج حاسم لمشاكلها العنصرية , ومع ذلك لانشم لهم رائحة لأن النظام القضائى والقوانين لها هيبة عظيمة وهى التى تخيف المتطرف العنصرى هناك , ولكن نفس هذه القوانين فشلت فى ازاحة الكراهية تماما من قلوب العنصريين عندهم . أما عندنا فالأمر محتاج لمجهود أكبر لأننا شعوب عاطفية نثق فى رجل الدين , ومايقوله رجل الدين لدينا له وقع عظيم على نفوس الناس , وبالتالى فأن تغيير الخطاب الدينى هو السهل الممتنع , وهذا لن يتأتى الا بمراجعة شاملة للأزهر والعودة والبدء من حيث ماانتهى اليه الامام الشيخ المتنور رفاعة رافع الطهطاوى فى عهد محمد على منذ مايزيد عن قرن من الزمان.
والكنيسة أيضا محتاجة للرجوع لسماحة ونضوج البابا المتنور كيرولوس , وهو البابا السابق مباشرة لشنودة لأننا لاحظنا أن كل مشاكل الطائفية فى مصر بدأت بالضبط منذ اوائل السبعينيات مع عودة الجماعات الدينية برعاية عثمان أحمد عثمان , فالبابا شنودة على عكس سابقه تدخل فى السياسة وجعل من الكنيسة المصرية الوطنية منذ الأزل منبر دينى وسياسى وهذا كان السبب المباشر فى عزله هو وأخيه متى المسكين – فريق المتمردين فى الكنيسة - على يد البابا كيرولوس فى ستنيات القرن الماضى . هذا طبعا قبل أن يعزله الرئيس السادات مرة أخرى لنفس السبب .
نحن لايمكننا بالطبع المطالبة بالغاء الدين, ولكن يمكننا المطالبة بتغيير الخطاب الدينى المتجهم وتحويله الى خطاب تنويرى متحضر, هكذا قال رئيس اللجنة .. طبعا طبعا , ونحن نتفق معه تماما وهذا بالطبع يقع على مسؤلية الأزهر والكنيسة فى ظل رعاية الدولة , والتى ينبغى عليها الاهتمام بالخطاب الاعلامى والخطاب الثقافى والخطاب التعليمى , بالاضافة الى تغيير الخطاب الاقتصادى . فعلى الرغم من اهتمام الغرب بمشاكل الاقليات نلاحظ أن هذا الغرب الرحيم مهتم فقط بنوعين من الاقليات وهم الأقليات الدينية والمرأة , ونسى هذا الغرب الأقليات المهمشة اقتصاديا فى العشوائيات وهم القنبلة الموقوته ضد أى تطوير لأى خطاب تنويرى , فالجائع والمحروم والمهمش غاضب ومتمرد وهو قنبلة متحركة والسبيل الوحيد لايقاف مفعولها هو الاهتمام بأحواله الاقتصادية. فلماذا لم نرى لجان من الكونجرس تزور العشوائيات أيضا ؟ بصراحة نريد أكبر عدد من اللجان الغربية لزيارة العشوائيات.
وطبعا هذا لاينفى أننا فى أمس الحاجة الى تعديل الخطاب السياسى المتحكم فى كل الخطابات التى ذكرتها أعلاه , فنحن نريد خطابا سياسيا متفتح لايؤمن فقط بتعدد الأراء , ولكنه يؤمن بتنفيذ هذه الأراء الصالحة , فمن الخطأ أن نتصور أن الديموقراطية ستكون ناجحة مع شعب جائع , نحن أيضا نريد قوانين صارمة تفرض العدل والمساواة على الجميع وعندما نحس بالمساواة جميعا أمام القانون نبدأ فى التفكير فى الديموقراطية التى تتناسب مع مستوانا الاقتصادى, لأن الديموقراطية مرتبطة ارتباط وثيق بالمستوى الاقتصادى .
ومن باب الطرق على الحديد وهو مازال ساخنا نريد أيضا تنفيذ قوانين دور العبادة الموحدة, لأن هذه القوانين ستجعل المناخ الدينى صحيا وعندما يكون المناخ الدينى متوازن, يمكننا بسهولة محاسبة الخارجين على حدود الدين والوطن.
وعاشت مصر حرة .
06/11/2014