آثار الإسكندرية تعاني الإهمال والاختفاء
|
آثار الإسكندرية لم تحظ باهتمام يتناسب مع قيمتها التاريخية |
أحمد عبد الحافظ -الإسكندرية
تواجه المواقع الأثرية في محافظة الإسكندرية شمالي مصر خطر الاختفاء والاندثار بسبب الأنشطة السكانية وعوامل التعرية الطبيعية، ومنها المياه الجوفية بالمنطقة.
وأمام هذا الواقع، طالب خبراء في المجال المجلس الأعلى للآثار بضرورة التحرك لإنقاذ المواقع الأثرية المهددة من خلال طرح مشروعات ترميم لها ودرء الخطورة عنها.
وتتجلى أبرز المخاطر في الاعتداءات العمرانية التي امتدت إلى المواقع الأثرية ومنها المدارس والمساكن والمساجد وحظائر المواشي بالإضافة إلى استيلاء البعض على مساحات كبيرة من هذه الآثار بطريقة تسيء إليها.
وانتقدت عدة تقارير رقابية بالمحافظة حصلت الجزيرة نت على نسخة منها، تقاعس المسؤولين أمام هذه الاعتداءات وعدم توفير الحماية الكافية للمناطق الأثرية التي تتعرض لعمليات تنقيب عن الآثار بصورة غير شرعية.
عوامل طبيعية
وقال المدير العام لآثار الإسكندرية وغرب الدلتا علاء الشحات إن المياه الجوفية تهدد مناطق أثرية هامة في المدينة بمنسوب عال جدا كما هو الحال في مقابر كوم الشقافة والأنفوشي وجبانة الشاطبي حيث تعاني هذه المناطق من ارتفاع في منسوب المياه بشكل كبير جدا يؤثر عليها سلبا.
وأضاف الشحات في تصريحات للجزيرة نت أن السبب في ارتفاع منسوب المياه الجوفية في هذه المواقع تحديدا يرجع إلى عمق هذه المقابر وقربها الشديد الملاصق للبحر بالإضافة إلى تعرضها لعوامل الجو السيئة، ووجود العديد من الصهاريج القديمة.
وشدد على ضرورة البدء في التطوير للحفاظ على هذه الأماكن والمباني الأثرية في مرحلة أولى درءا للخطورة.
الوعي الثقافي
وأكد عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عضو لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشعب أسامة جادو، تعرض العديد من المناطق الأثرية بالمحافظة للاعتداءات منذ عشرات السنين نتيجة ضعف الثقافة الأثرية وغياب وتقاعس الجهات المعنية في الحفاظ على التراث والمعالم التاريخية.
وأشار إلى أن هذه الاعتداءات تبدأ بمساحات بسيطة ثم تتضاعف لدرجة تهدد بإتلاف واختفاء المعالم الحقيقية لهذه المناطق ذات القيمة التاريخية.
وقال جادو إن ما يحدث في منطقة "تل كوم الناضورة" التي تعد أهم وأشهر الموانئ الأثرية القديمة بمصر في العصرين اليوناني والروماني، مثال صارخ لهذه الاعتداءات حيث تعاني من سلوكيات مربي الحيوانات وأصحاب الورش الصناعية والمسابك التي تنبعث منها أبخرة ضارة على مساحة كبيرة من الآثار تبلغ ثمانية فدانات بوسط المدينة.
وطالب النائب المصري بتشديد الحماية وتضافر جهود كل أجهزة الدولة للحفاظ على هذه الآثار وإعداد "قائمة سوداء" بأسماء الأفراد المعتدين على الأراضي المملوكة للهيئة العامة للآثار.
من جهته، حذر الخبير وأستاذ الآثار اليونانية الرومانية في جامعة الإسكندرية عزت قادوس من سلوكيات المواطنين التي تهدد بقاء الآثار التاريخية.
وقال إن العديد من المناطق الأثرية في المحافظة لم يحظ باهتمام يتناسب مع قيمته التاريخية وبات عرضة للاندثار والضياع بسبب الإهمال وقلة الإمكانيات.
وضرب مثلا بمنطقة "أساكل الغلال" الأثرية التي تحولت إلى مطرح للقمامة بعد أن تحطمت واختفت حجارة أسوارها بسبب عوامل التعرية الجوية رغم أنها تعد أثرا مشتركا بين الآثار الإسلامية والقبطية.
مشروع الترميم
ضمن نفس السياق، حذر رئيس الإدارة الهندسية لآثار الوجه البحري وسيناء محمد رضا يوسف من اختفاء المناطق الأثرية جراء هذه الاعتداءات بعد أن تسببت في توقف أعمال التطوير بها معتبرا أن استمرار مثل هذه الانتهاكات دليل على الجهل بالأهمية الحضارية لهذه الآثار التي تحكي تاريخ حضارات مضت.
وأوضح أن المجلس الأعلى للآثار قام بمشروع قومي لخفض منسوب المياه الجوفية في المناطق الأثرية عن طريق دراسات جدوى نفذتها لجان علمية متخصصة لاختيار الأسلوب العلمي الأمثل لخفض المنسوب إلى الحد الآمن على الآثار.
وأشار إلى أن مشروع الترميم والتطوير جاهز لطرحه على الشركات المتخصصة من خلال مناقصة عامة وذلك عقب الانتهاء من إجراء الدراسات اللازمة.