نول " ساقية أبو شعرة " ينسج خيوطه حول البطالة
...............................................................
| |
النول مهنة الأسرة بقرية ساقية أبو شعرة | |
بقلم : أحمد جمال
....................
البطالة أصبحت كلمة تتعلق بالتاريخ يحكي عنها الآباء لأبنائهم والأجداد لأحفادهم في قرية "ساقية أبو شعرة" الواقعة بدلتا مصر بمحافظة المنوفية. فهذه القرية الصغيرة البالغ عدد سكانها 15 ألف نسمة تقريبا، استطاعت أن تغزو منتجاتها من السجاد اليدوي أسواق الاتحاد الأوروبي، وأصبحت محط أنظار الأفواج السياحية القادمة إلى مصر. السر خلف ذلك، آلة مكونة من أربعة قوائم خشبية تتوسطها أسطوانة دائرية يطلق عليها "النول"، يصل سعرها إلى 150 جنيها، ويجيد 80% من سكان القرية التعامل معها.أحمد عمر أحد أبناء هذه القرية يلخص ارتباط أهلها بهذه الصناعة بقوله: "السجاد اليدوي بالنسبة لنا كالماء والهواء، فلا يوجد منزل إلا وبه آلة النول المستخدمة في تحويل خيوط الحرير إلى أفخر أنواع السجاد اليدوي". ويوضح أن منتجاتهم وصلت إلى المعارض العالمية واستطاعت منافسة السجاد الصيني (شينوا) والسجاد الأفغاني والمغربي.
أربع مراحل
ويمر تصنيع السجاد اليدوي بأربع مراحل تبدأ -كما يشير أحمد- بإعداد النول من خلال تثبيت الحرير عليه، ثم تأتي المرحلة الثانية بوضع الماكيت الأساسي للسجادة ليسير عليه العمال أثناء التصنيع، وتأتي المرحلة الثالثة بصباغة الخيوط الحريرية البيضاء للحصول على الألوان المطلوبة، أما المرحلة الأخيرة فتكون من خلال غسل السجادة وكيها وتغليفها.
وعن أسعاره يقول أحمد إنه يباع بالمتر، وتصل تكلفة المتر الواحد منه إلى أكثر من 1200 جنيه، ويشتريه التاجر بحوالي 1600 جنيه، ويصل السعر عند التصدير إلى 2500 جنيه.
وتعتبر هذه المهنة مربحة جدا للعاملين بها، فوفقا لمرزوق عبد الله عياد يصل الأجر اليومي إلى 30 جنيها، وهو ما جعله حريصا عليها رغم حصوله على بكالوريوس أصول الدين جامعة الأزهر، ويقول: "أحمد الله على إجادتي لهذه المهنة، فلولا ذلك لكان مصيري مثل مصير الكثير ممن يحصلون على شهادة التخرج ويضعونها في برواز على الحائط".
ويطالب مرزوق الدولة بتقديم الاهتمام والرعاية لهذه المهنة التي تساهم بشكل كبير في الحصول على العملة الصعبة، بالإضافة إلى تخفيض الجمارك على المواد الخام المتعلقة بهذه الصناعة، حتى يتسنى للكثير من الشباب الإقبال على هذه المهنة التي تمنع انتظار الوظيفة الحكومية.
مهنة عائلية
ويغلب الطابع العائلي على هذه المهنة، فالكل يعملون بها بدءا من الجد والجدة، ومرورا بالآباء والأمهات، وانتهاء بالأطفال.
ويرى خالد إبراهيم -حاصل على ليسانس آداب- أن هذا الطابع هو سر نجاح الصناعة بهذه القرية واستمرارها، مشيرا إلى أنه تعلمها منذ صغره على يد والده في الإجازات الصيفية.
ولا يقتصر الأمر على الذكور فقط، بل تعمل الفتيات بها أيضا، فعزيزة محمد الطالبة بالصف الأول الثانوي تعمل بها منذ 4 سنوات، وتلخص سر نجاح الصناعة بقولها: "نحن نمارسها كهواية أكثر منها مهنة".
وتضيف: "هذا الحب يدفعني للعمل وقت الإجازة، واختصار بعض الوقت الدراسة لممارستها".
وتحصل عزيزة على 10 جنيهات في اليوم، لكنها لا تنظر إلى المقابل المادي، قدر اهتمامها بممارسة هذه الهواية.