| | | | أين نحن من الأمن الإعلامي ..؟ ...............................................................
د.محمد زمران ....................
من المعلوم أن بلادنا تعرف ومنذ مدة طويلة غزوا إعلاميا مكثفا، خصوصا في المجال المرئي، ويتجلى ذلك في القنوات الفضائية الغربية، منها والشرقية .. حتى أصبح إعلامنا موجها من طرف هذه القنوات الخارجية التي تفرض علينا نظرتها إلى الأمور، وهذا إن كان يلبي لدى المواطن المغربي حقه في الإعلام، فانه في ذات الوقت يشكل خطرا داهما على هويتنا الدينية والوطنية، وذلك ما أصبحنا نلمسه لدى شبيبتنا التي أصبحت تعيش حالة استيلاب حضاري، وعلى هذا الأساس، نتساءل ماذا أعد مسؤولونا لمواجهة هذا الخطر ..؟ طبعا لاشيء، فهم مثلنا يتفرجون تفرج العاجز عن النطق والتحرك، فقناتانا التلفزيتان (الأولى والثانية) لاتقويان على مواجهة هذا الزخم الإعلامي المرئي الوارد من الخارج، ولاتعطيان البديل، وهذا ما يجعل أنظار المشاهدين تتجه نحو القنوات الأجنبية، التي نجد أن معظم برامجها تفسد الأخلاق، وتدعو إلى الانحراف.
وإذا كانت القناة الثانية تحاول جهد الإمكان تقليد الآخرين بدعوى العصرنة، فان قناتنا الأولى وان كانت أداة فعلية للخطاب الرسمي الذي يكرس توطيد هويتنا، فان ضعف إمكانياتها من جهة، وعزوف النظارة عن مشاهدة جل برامجها التي ملها المشاهد من كثرة التكرار والاعادات من جهة ثانية، يجعلها مكتوفة الأيدي أمام هذا الغزو الإعلامي، وهو شيء غير مقبول من طرف بلد عريق يسعى إلى الحفاظ على أمجاده، والى الدفاع عن شخصيته أمام مجموعة من المؤثرات والعناصر الفاعلة في حياتنا اليومية.
واذا كان الشيء بالشيء يذكر .. فما الفضيحة الأخلاقية التي فجرتها كوثر الأعرج التي تجردت في لحظة من اللحظات من كل حياء، ومن كل مايربطها بوطنها المغرب، لما غرر بها وتم استدراجها من طرف مذيع برنامج " سيرة وانفتحت " الذي تبثه القناة الفضائية اللبنانية "المستقبل" والذي كانت ( كوثر) ضيفة على حلقة ليلة 23 فبراير الماضي، إلا جزء لايتجزأ من هذا الغزو الإعلامي الذي نحن بصدد الحديث عنه، بحيث دفعها الإعلامي المشرف على البرنامج الذي تناسى أنه لايملك حق تشويه سمعة شعب بأكمله من خلال استغلاله لسداجة كوثر المريضة والتي ما أحوجها للعلاج من إغرائها ودفعها إلى سرد مغامراتها الجنسية بوقاحة لانظير لها، وإفشاء أسرارها الشخصية أمام الملأ، وعلاوة عن ذلك، عممت وضعها على فئة كبيرة من بنات جنسها ببلدها المغرب .. كانت المسكينة تحكي بعفوية وبكل شجاعة، غير مبالية بما يثيره حكيها من استياء للنظارة، وخاصة منهم المغاربة، سواء المتواجدون في دولة لبنان .. أو الذين هم يوجدون على أرض الوطن، وأفتح قوسا هنا لأطرح السؤال الذي غاب على مسؤولي قناة المستقبل طرحه على أنفسهم وهم يقومون بالتشهير بفتاة تمر من مأساة نفسية قاسية أمام الملايين من المشاهدين، وهو كيف تسنى لهم ضرب أخلاقيات المهنة عرض الحائط ..؟!
وكان الشيء الذي حير عقول الكثيرين ممن شاهدوا البرنامج، هو كيف أقدمت قناة المستقبل وهي التي تحظى بسمعة طيبة بين القنوات العالمية، على الهجوم على الشعب المغربي - وبالضبط في هذا الوقت- بواسطة قصة فيها ما فيها من الألغاز، لفتاة ذات نفسية مهزوزة، لاتعي ماتقوله من كلام، وما تجنيه من عواقب وخيمة تؤثر عليها فيما يأتي من أيام، وكيف سكتت الجهات الوصية على الإعلام ببلادنا عن هذا الهجوم الواضح على عرضنا، ولماذا لم تحرك (الجهات) ساكنا تجاه معد البرنامج الذي اتخذ كوثر كمادة دسمة لجلب أكبر عدد من المشاهدين، طلبا لإنجاح برنامجه على حساب أعراض الناس، ودون احترام لمشاعرهم، مع العلم أن هذا الأخير لامحالة سينال جزاءه، طبقا للآية الكريمة من كتاب اللـه تعالى: "ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ".
وإذا كان من أهم مهام الدولة - وهذا شيء مؤكد - الحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، فهناك ما يسمى أيضا ب. " الأمن الإعلامي " الذي يهدف إلى توفير إعلام مرئي وسمعي فعال، يتجاوب مع بيئتنا ومع واقعنا، ليكون التفتح على الغير تفتحا يرمي إلى جلب الايجابيات وصد السلبيات، ولن يتم هذا إلا عن طريق مخطط إعلامي محكم، يبتعد عن الارتجال وعن سياسة " شوف واسكت " كما هو الحال في قضية كوثر الأعرج وقناة المستقبل، وما تركه ذلك البرنامج السيء الذكر من قلق وغبن في نفوس المغاربة الذين لاحول ولاقوة لهم .
وتعود بنا الذاكرة إلى الأيام الأخيرة من شهر يناير المنصرم، تاريخ انعقاد الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام التي احتضنها المغرب، حيث صرح جميع المشاركين بأن هذه الدورة، انطلاقة حقيقية وجديدة للتعاون الإعلامي المشترك، إذن أين الواقع من هذا التصور؟ ما دام أن الإعلام سلاح موازي لما تملكه كل دولة من أسلحة .. لكونه مؤثرا في عدة أشياء، منها على سبيل المثال، الرأي العام الوطني في المثابة الأولى، ومن هذا ينطلق السؤال التالي: "ما هو موقف السيد خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم المملكة، الذي حظي برئاسة الدورة المشار إليها"، والتي تدارس المشاركون فيها مشروع مدونة الأخلاق لأجهزة الإعلام في الدول .. والمتمثلة في وثيقة إرشادية لرجال الإعلام، والغاية منها توحيد الخطاب ومراعاة التنوع والتعددية وحفظ قيم الأمة ومصالحها .. وبالمناسبة يقفز سؤال آخر: " هل تصرفات قناة المستقبل ومعد برنامج " سيرة وانفتحت " على تعليمات هذه الوثيقة ماضون ..؟! "
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|