المؤسَّسة العـسكريَّة الأمريكيَّة والرئاسة
...............................................................
| |
من روزفيلت الى بوش | |
تأليف : الدكتور ديل هيرسبرنغ
مراجعـة : الدكتور عبـد القـادر حسين ياسين *
.......................................................
السياسة الخارجية الأمريكية هي ، في الواقع ، انعكاس لنشاط ثلاث قوى تلتقي كلها عند المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. وهذه القوى هي: الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات، والمؤسسة العسكرية الأمريكية ( البنتاغون) ووكالة المخابرات المركزيةCIA ، غير أن الأضواء لم تتركز في السنوات القليلة الماضية إلا على الشركات الاحتكارية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية. أما البنتاغون فلم تسلط عليه الأضواء الكاشفة التي تبين مختلف جوانب المؤسسة العسكرية الأمريكية الا بعـدالحرب التي شـنتهـا الولايات المتحـدة الأمريكية ضـد العراق . أصدرت دار Simon and Schuster الطبعة الثانية من كتاب الدكتور ديل هيرسبرينغ ، Dale R. Herspring "البنتاغون والرئاسة : العلاقات المدنية ـ العسكرية من روزفيلت الى بوش" The Pentagon and the Presidency : Civil-Military Relations from FDR to George W. Bush
يلقي الدكتور هيرسبيرغ المزيد من الأضواء على المؤسسة العسكرية الأمريكية ويكشف لنا عن هيكلها التنظيمي و الآراء المتصارعة بداخلها ، ومدى تأثير هذه الصراعات الداخلية على مختلف المؤسسات السياسية و الاقتصادية في الولايات المتحدة ، وبالتالي على صانعي القرار السياسي..
يبدأ المؤلف كتابه بالحديث عن أهداف المؤسسة العسكرية الأمريكية في الداخل و الخارج ،
فيتحدث عن صعوبة الاتفاق حول هذه الأهداف في الوقت الحاضر ، نظراً لاختلاف المفاهيم الاستراتيجية للأجهزة المختلفة التي يتكون منها البنتاغـون، فهناك ، دائماً ، خلاف بين كبار ضباط سلاح البحرية وبين قادة القوات البرية حول إعطاء الأولوية الى مختلف الأساليب ، ابتـداء من النظريات السياسية ـ العسكرية التي تتـعـدد حول أهمية القوة البرية (أو البحرية) للـدولة ، الى عمليات المناورة السياسية داخل أروقـة الكونغرس وفي أوسـاط رجال المال والأعمـال والصناعـة، بل وفي داخل البيت الأبيض نفسـه .
كما يثور الخلاف حول تحديد أهداف المؤسسة العسكرية الأمريكية بين دعاة نظرية "الحرب المحدودة"Limited War وبين مؤيدي استخدام الأسلحة النووية في هذه الحروب. وأمام هذا كله لم يكن ثمة مفر أمام الجنرال برادلي ، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة ، من أن يضع عـدة أهداف "مطاطة" للمؤسسة العسكرية الأمريكية .
وقد حدد برادلي لهذه المؤسسة الأخطبوطية أربعة أهداف هي :
1- ضمان السلم و الأمن.
2- الحفاظ على أسلوب الحياة السياسية الأمريكية.
3- تحسين مستوى المعيشة [كذا... !!]
4- ضمان تحقيق الأهداف الآنفة الذكر.
وكان من الطبيعي أن يؤدي تخبط المؤسسة العسكرية الأمريكية في البحث عن أهداف لها ( أو بالأحرى في تبرير وجودها) إلى أن أصبحت العوامل الاقتصادية هي العوامل الرئيسية التي تتحكم في كل ما يجري داخل أسوار تلك القلعة (البنتاغون) . فبالإضافة إلى نفوذ رجال المال و الأعمال والصناعة في شارع البورصة Wall Street أصبح القيد الحقيقي الذي يحكم مخططات البنتاغـون هو قيد الميزانية وحده.
فقد بدأت الحكومة منذ عهد الرئيس الأسبق هاري ترومان بإتباع أسلوب جديد يتلخص في قيامها بأن تحدد ـ أولاً ـ كمية "البلايين" من الدولارات التي يجب إنفاقها ، على أن يقوم كبار القادة العسكريين في البنتاغون بعد ذلك بتحديد الأهداف المختلفة على ضوء ما يتوفر لديهم من دولارات..
المساومة وصنع القرار
في بداية العام 1946 طلب جيمس فورستال، وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، إلى الجنرال كولينز، قائد القوات البرية الأمريكية، إعداد تقرير حول إعادة تنظيم وزارة الدفاع . وتضمن التقرير الذي أعـده كولينز توصيات بأن تتمتع الأقسام المختلفة في البنتاغون بقدر كبير من الاستقلال الذاتي، ومن الحرية في التصرف ، وفي تقدير الأمور...
غير أن الحقيقية التي يؤكدها هيرسبيرغ هي انعدام متابعة التنسيق المفروض أن يوجد بين الأجهزة المختلفة في البنتاغون، ذلك أنه لا رئيس الجمهورية ، ولا غيره من كبار المسؤولين، يستطيع أن يتدخل لتتبع مسألة معينة في داخل البنتاغون إلا في حالات نادرة، وهي الحالات التي تتعلق عادة بمركز الرئيس الحزبي وبشعبيته. وهذا بدوره يؤدي إلى صعوبة متناهية في متابعة العمليات الخاصة بمسألة ما، ومعرفة ما اذا كانت تأخذ مسارها الصحيح نحو الهدف الذي حـُدد لها أم لا..
وتؤدي كل هذه العوامل إلى أن تصبح المساومة هي الحقيقية الرئيسة السائدة بين مراكز القوى المختلفة داخل البنتاغون. وقـد تتخـذ هـذه المسـاومة صور الحلول الوسـط بين مجموعة معينة من كبار الضباط وبين مجموعـة أخرى ، وقد ترتكز على كسب تأييد جماعات الضغط المختلفة كدوائر المال والأعمال ...
وإذا ما نشب خلاف حاد بين فريق من العسكريين و فريق آخر يصعب على رئيس الجمهورية أو الكونغرس، للأسباب الآنفة الذكر، التدخل لفضه إلا في حالات نادرة. وهنا يكون المجال واسعاً أمام دوائر المال و الأعمال التي تتدخل لفض الخلاف عن طريق نصرة الفريق الذي يتبنى السياسات الأكثر اتفاقاً مع مصالحها.
العلاقات بين البنتاغـون و الكونغـرس
إن الاسلوب الذي اتبعه الدكتور هيرسبيرغ في عرضه للعلاقة بين البنتاغون و الكونغرس يعتبر دليلاً واضـحاً على طبيعة دور المجلس التشريعي في بلد يزعم قادته أنه "نموذج رائع للحكومة البرلمانية)" ، ذلك أن هيرسبيرغ لا يخصص فصلاً معيناً من الكتاب للحديث عن دور الكونغرس في وضع سياسة الدفاع، ولكنه يقدم لنا مناقشة لدور الكونغرس باعتباره عاملاً من بين عدة عوامل تسهم معاً في الترتيبات التنظيمية للدفاع الوطني للولايات المتحدة.
ويخلص الكاتب من استعراضه لطبيعة العلاقة بين الكونغرس و البنتاغون إلى أن هذه العلاقة قد مرت بثلاث مراحل رئيسية منذ مطلع القرن الماضي وحتى الآن . تبدأ المرحلة الأولى مع بداية القرن العشرين ، وكان الكونغرس قادراً حينئذ على السيطرة على تخطيط وتنفيذ السياسة الدفاعية بواسطة اللجان التابعة له لدى مختلف أجهزة الجيش و البحرية .
والواقع أن سيطرة الأجهزة التشريعية على المؤسسة العسكرية في هذه الفترة ترجع ، في اعتقادي ، إلى مجموعة الظروف التاريخية التي أحاطت بالواقع الأمريكي آنذاك. وأبزر هذه الظروف هو ما يسمى بـ "سياسة العزلة" التي اتجهت إليها الولايات المتحدة قبيل الحرب العالمية الأولى ، والتي قصد بها أن تكون الولايات المتحدة بعـزلة عن الصراعات الاستعمارية بين دول أوروبا . ويرجع السبب الرئيسي لهذه "العزلة" إلى أن بنيان الاقتصاد الأمريكي ، في ذلك الوقت ، كان لا يزال في مرحلة الانطلاق ، ولم يكن بوسعه أن يتوسع على الصعيد العالمي على النحو الذي تقوم به الشركات الاحتكارية في الوقت الحاضر.
وهذه الحقيقة ، في حد ذاتها ، تدعونا إلى التحفظ في تقبل مدلول سياسة العزلة هذه، ليس من الناحية الاجتماعية فقط، وإنما من الناحية الجغرافية أيضاً ، ذلك أن هذه العزلة لم تكن تشمل أمريكا اللاتينية التي كانت تقع تحت حماية الولايات المتحدة بمقتضى " مبدأ مونرو" Monroe Doctrine منذ عام 1814.
بيد أن سيطرة الكونغرس على السياسة الدفاعية تضاءلت بسبب قيام الحرب العالمية الأولى واشتراك الولايات المتحدة إلى جانب الحلفاء في هذه الحرب.
وعلى عكس ما كان متوقعاً بعد الحرب مباشرة لم يتمكن الكونغرس من السيطرة مرة أخرى على المؤسسة العسكرية الأمريكية ، على الرغم من ميل الرأي العام الاميركي إلى سياسة العزلة وهو ما انعكس على رفض مجلس الشيوخ التصديق على معاهدة فرساي عام 1919 ، وعدم اشتراك الولايات المتحدة في عضوية "عصبة الأمم" .
ويشير هيرسبيرغ في كتابه إلى أن ستيمون الذي كان وزيراً للدفاع في ذلك الوقت قد أطاح بكل الضباط الموالين للكونغرس. فقد كان ستيمون يدرك أن الوقت قد حان لكي تصبح الولايات المتحدة قوة عظمى في السياسة الدولية، وأن الاستثمارات الأمريكية في الخارج تحتاج أول ما تحتاج إلى قوة عسكرية كبرى تقوم بحمايتها من خطر الدول الكبرى ، ومن الشعوب في دول العالم الثالث التي تستثمر فيها رؤوس الأموال الاميركية على السواء.
أما المرحلة الثالثة و الأخيرة لتطور العلاقة بين الكونغرس و البنتاغون فتبدأ من الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية حتى اليوم . وقد خضعت هذه المرحلة للحقيقة الرئيسية التي تحكم الحياة الاميركية اليوم ، وهي الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات. إذ كان من الطبيعي أن تحتضن هذه الشركات الاحتكارية المؤسسة العسكرية " صاحبة الفضل الأول" في الحفاظ على الثروات الطائلة في الخارج، سواء أخذ ت هذه الثروات شكل مواد خام أو أسواق واسعة لاستهلاك المنتجات الصناعية . ونتيجة لذلك أخذت سيطرة الكونغرس تتضاءل حتى كادت أن تتلاشى.
يقول هيرسبيرغ في هذا الصدد: " منذ عام 1945 واحدى اللجان التابعة لمجلس الشيوخ منهمكة في دراسة إعادة تنظيم وزارة الدفاع ، وفي كل مرة تنتهي فيها اللجنة من مسألة ما كانت تدعو الكونغرس الى دراسة هذه المسألة والى "الموافقة" عليها ، وكان الكونجرس يتردد إزاء تزايد المركزية في وزارة الدفاع ، ويحاول أن يخفف من حدتها. ولكنه لم يتمكن في النهاية إلا أن يتقبل هذه المركزية ...
وهكذا أصبح أقصى ما يستطيع الكونغرس أن يفعله في المسائل العسكرية هو أن يؤخر من مدة إصدار قرار معين ، لا أن يلغي هذا القرار! وهذا الأمر يتعارض مع الحقيقة الرئيسية في الديمقراطية البرلمانية ألا وهي قيام الكونغرس بإصدار التشريعات. وهذا يعني أن الآية قد عكست وان الأمور تسير بعكس الأسلوب السليم ، وأن الكونغرس لم يعد سوى أداة لإضفاء المشروعية على قرصنة وزارة الدفاع ... واستمرت الأوضاع على هذا المنوال إلى يومنا هذا".
والمحصلة النهائية لهذا التطور هو أن البنتاغون أصبح مؤسسة عسكرية بالمعنى الحرفي للكلمة. فهو جهاز ينفرد بخصائص أهمها أنه الجهاز الوحيد الذي في حوزته هذا الحشد الهائل من الأسلحة التقليدية و النووية ، وهو جهاز لا يخضع لسيطرة الكونغرس أو الأحزاب بل إن سيطرة رئيس الجمهورية عليه محدودة للأسباب الآنفة الذكر . ولكن المسيطر الحقيقي على الكونغرس و البنتاغون هو الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات، خاصة وان نظام الإنتاج الحربي في الولايات المتحدة يقوم على رأس المال الخاص...وهذا يعني أن الأمر قد يصل إلى أن تفرض المؤسسة العسكرية على رئيس الجمهورية اتخاذ بعض القرارات.
الأساس العـقائدي للمؤسسة العسكرية
إن السؤال الذي يطرح نفسه هو : ما هو الأساس العقائدي الذي تقوم عليه المؤسسة العسكرية الأمريكية ؟ في الواقع لا يستطيع المرء أن يلتمس للدكتور هيرسبيرغ عذراً لخلو الكتاب من الإجابة على هذا السؤال. فالمفروض أن المؤسسة العسكرية هي ذلك الجهاز الذي يقوم بتعبئة القوى الوطنية وتزويدها بالأسلحة بهدف حماية الأمن القومي ضد الأخطار الخارجية. والدولة التي تؤمن بعقيدة معينة لا بد أن تسلح جيشها بهذه العقيدة قبل أن تسلحه بمعدات الحرب الحديثة. فما هي العقيدة التي كان الجندي الاميركي يدافع عنها في فيتنام أو في الدومنيكان أو في غرانادا أو أفغـانستان أو العراق؟ إن الإجابة على هذا السؤال تقودنا الى تبيان الثغرة الحقيقية في بنيان الدفاع الاميركي ، وهو أن هذا البنيان الرهيب لا يعمل في خدمة قضية إنسانية معـينة ، وأنه ليس في حقيقة أمره سوى أنياب حادة يتسلح بها الوجه البشع للشركات الاحتكارية الاميركية.
الإنفاق العسكري الأمريكي
ويشير الدكتور هيرسبيرغ الى أن الإنفاق العسكري الأمريكي وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 1988 عشية انتهاء الحرب الباردة تقريبا. وينقل عن تقرير جديد أصدره "مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية" في واشنطن يؤكـد أن برامج الإنفاق العسكري السرية تظهر زيادة بنحو 30.1 مليار دولار (ثلاثون مليار ومائة مليون دولار) أو 19 بالمائة عن المبلغ الذي طلبته البنتاغون للعام المالي 2007.
ويعتبر المبلغ أكثر من ضعف ما كان البنتاغون طلبه في عام 1995 عندما شهد الإنفاق العسكري الأمريكي انخفاضا بعد انتهاء الحرب الباردة. ويعتقد الدكتور هيرسبيرغ أن الارتفاع غير المسبوق في الإنفاق العسكري يعكس زيادة تمويل الاستخبارات الأمريكية وزيادة الأبحاث الخاصة بالأسلحة الجديدة ومشترواتها منذ هجمات الحادي عشر من أيلول 2001. وينسب هيرسبيرغ الى ستيفن كوسياك ، محلل الشؤون الدفاعية في المركز ، قولـه : "من الواضح أن الكثير من برامج الفضاء والأقمار الصناعية الجديدة قد تم تمويلها من هذا البرنامج السري وأيضا أنظمة تجسس أخرى مثل طائرات بدون طيار وما إلى ذلك." ويشرف سلاح الجو الأمريكي على أكثر من 70 بالمائة من الأموال الإضافية السرية للبنتاغون.
ويحذر هيرسبيرغ من أن برامج الإنفاق العسكري السرية للبنتاغون قد لا تخضع كثيرا لرقابة الكونغرس الأمريكي وهو ما يؤدي إلى تبذير الأموال الحكومية وإساءة استخدامها.
ويقول ستيفن آفترغود ، مدير مشروع السرية الحكومية في اتحاد العلماء الأمريكيين ، إن الزيادة في الإنفاق على البرامج السرية هو جزء من زيادة عامة في السرية في عهد حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش
ويعتـقـد الدكتور هيرسبيرغ أن الأمن "يستخدم كذريعة لبرامج سرية على مستوى الولايات المتحدة كلها." مضيفا أن الميزانيات السرية كان معمول بها خلال الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي ولكنها الآن لا يوجد ما يبررها. ويقول : " كان للاتحاد السوفييتي شبكة استخبارات كونية وقاعدة صناعية هائلة من شأنها أن تدمر حتى التكنولوجيا الاستخبارية." مشيرا إلى أن هذا يختلف عن وضع القاعدة التي قال إنه "لا يوجد لديها جهاز استخبارات كوني ولا قاعدة صناعية متطورة تسمح لهم نسخ أو هزيمة الأسلحة الأمريكية المتطورة، لذلك فإن منطق الميزانية السوداء يمتلك القليل من التبرير في الحرب على الإرهاب مقارنة بما كان خلال الحرب الباردة."
ومن جهـة أخرى ، يكشف المؤلف أن الممارسات المالية للبنتاغون تعيش "حالة من الفوضى" إلى حد أن كبار المسؤولين في البنتاغون "لا يستطيعون متابعة كمية المعدات التي يمتلكها الجيش الأمريكي وأين هي والكيفية التي يتم فيها إنفاق ميزانية البنتاغون السنوية" ، ويرى الدكتور هيرسبيرغ أن الوضع "محرج" وهو أمر لا يمكن حتى أن يمر في القطاع الخاص .
وتخطط الولايات المتحدة لإنفاق 441 مليار دولار في العام الجاري لا تتضمن تكاليف الحرب في العراق وأفغانستان والتي يتوقع أن تصل إلى 120 مليار دولار في العام الجاري بما يزيد بنسبة 45 بالمائة منذ عام 2001 . ويؤكـد الدكتور هيرسبيرغ أن الإنفاق العسكري الأمريكي للعام الجاري سيصل إلى أعلى مستوياته منذ الحرب الكورية في بدايات الخمسينات من القرن الماضي.
ورغم أن الرئيس جورج بوش يقول إن الأموال مخصصة لخوض "الحرب ضد الإرهاب" فإن هيرسبيرغ يقدر بأن أكثر من 60 مليار دولار على الأقل في ميزانية العام المالي 2007 سوف تنفق على إنتاج أسلحة مصممة بالأساس لمحاربة الاتحاد السوفييتي بما فيها المقاتلة ستيليث إف-22 والغواصة "فرجينيا" والصواريخ البالستية علما أن الاتحاد السوفييتي قد انهار عام 1991.
مستقبل المؤسسة العسكرية الاميركية
ما هو مستقبل المؤسسةالعسكرية الاميركية ؟ ليس ثمة شك في أن هذه المؤسسة قد تلقت صفعات عديدة أطاحات بكرامتها أمام العالم ابتداء من أحداث كوبا والدومنيكان و فيتنام ومؤخراً في أفغانستان والعراق. ويعـتـقد المؤلف بأن المؤسسة العسكرية الاميركية سوف تزداد قوة و شراسة لسببين رئيسيين :
الأول اقتصادي وهو تزايد قوة الشركات الاحتكارية الاميركية في العالم ، إذ يتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين لها أن تصبح "القوة الاقتصادية الثانية في العالم" بعد الاقتصاد الأمريكي المحلي. وهذا سوف يؤدي ، بالضرورة ، إلى توسع هائل في الإمكانيات العسكرية للولايات المتحدة. والسبب الثاني عسكري بحت، وهو أن استبعـاد قيام حرب نووية يتطلب من الدول الكبرى عـند الضرورة الإبقاء على الأسلحة التقليدية كإحدى وسائل السياسة الخارجية.
كل ذلك يقودنا إلى أن نقرر ، في النهاية ، أن مستقبل المؤسسة العسكرية الاميركية يتوقف إلى حد كبير على كفاح شعوب العالم الثالث ضد سيطرة الاحتكارات الاميركية. وذلك لسبب بسيط وهو أن دول آسيا و أفريقيا و أميركا اللاتينية هي الميدان الذي تصر الاحتكارات الاميركية على استنزافه حتى النهاية.
* كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في السويد .
نقلا عن عرب تايمز
06/11/2014