خلافات حول مياه النيل؟
...............................................................
بقلم أريبيان بزنس
وصلت بعض الخلافات حول تقسيم المياه بين دول حوض النيل درجة وصفها مسؤول مصري بأنها بمثابة "إعلان حرب".
ولا يتوانى مسؤولون وخبراء مصريون عن استخدام تعبير "الحرب" في مواجهة أية أحاديث تتردد عن إعادة توزيع حصص دول حوض النيل من مياهه، فالأمر بحسب تعليق شهير لوزير الري السابق الدكتور محمود أبوزيد "عمل خطير جدا.. إنه يرقى إلى إعلان حرب..". بحسب ما نشرت الخليج الإمارتية اليوم.
وفي مطلع الأسبوع الجاري رفضت مصر الموافقة على توقيع الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة مياه النيل "بدون وجود بند صريح يحافظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل".
وقال وزير الري والموارد المائية الدكتور محمد نصر الدين علام إن مصر اشترطت للتوقيع على الإطار القانوني والمؤسسي أن تتضمن الاتفاقية نصاً صريحاً يتضمن عدم المساس بحصة مصر وحقوقها التاريخية في مياه النيل. إضافة إلى ضرورة أن يتضمن البند الخاص بالإطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، اتباع إجراءات البنك الدولي في هذا الشأن صراحة وأن يتم إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس في الملاحق الخاصة بها.
وأشار إلى أن مصر اشترطت أيضا في اجتماع دول حوض النيل بالكونغو أن تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية أو الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة التمسك بالأغلبية فيجب أن تشمل دولتي المصب (مصر والسودان) لتجنب انقسام دول الحوض ما بين دول المنابع التي تمثل الأغلبية ودولتي المصب اللتين تمثلان الأقلية.
المفاوضات تبعها اتجاه مصر إلى وضع مشروعات اقتصادية وتنموية لدول المنبع، ضمن ما يسمى بـ"مبادرة حوض النيل"، تكلفت 211 مليون دولار لكن ذلك لم يأت بعائد إيجابي على مصر، فدول المنبع تعتبر الاتفاقيات التاريخية التي تنظم حصة مصر من مياه النيل الموقعة في عام ،1929 وأيضاً الاتفاق المصري السوداني في عام 1959 اتفاقيات ظالمة لهذه الدول ويجب تعديلها.
وتقترح مصر تشكيل لجنة رباعية مكونة من مصر والسودان وإثيوبيا وإحدى دول الهضبة الاستوائية وخبيرين من الهيئات الدولية لإيجاد صيغة مناسبة للاتفاقية التي تمسكت دول الحوض بالتوقيع على إطار لها خلال ستة أشهر على أن يتم رفعها للمجلس الوزاري لاعتمادها وإقرارها.
ويقول وزير الري إنه بالرغم مما حدث في الكونغو فإن مشروعات التعاون المشترك مع دول الحوض سوف تستمر وكذلك المساعدات باعتبارها ضمن محطات التفاوض، مؤكدا أن القاهرة سوف تستوعب رغبات دول حوض النيل بما يضمن في ذات الوقت مصلحة مصر، مشيرا إلى أن دول الحوض السبع ستعلن في يوليو/تموز المقبل موقفها من الاقتراحات المصرية وأن الوضع الحالي لا يضيرها، فالقاهرة "موقعة على اتفاقيات ملزمة لجميع دول الحوض بما فيها السودان".
ومنذ استقلال دول حوض النيل تثور مطالب بين الحين والآخر من جانب حكوماتها بإعادة النظر في اتفاقيات قديمة، باعتبارها تمت إبان وقوع هذه الدول تحت الاستعمار وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول (خاصة كينيا وتنزانيا) لموارد مائية متزايدة.
بل إن تنزانيا أعلنت منذ استقلالها عدم اعترافها بهذه الاتفاقيات من الأصل، فيما كانت القاهرة تتمسك دائما بالدعوة إلى احترام الاتفاقات التاريخية كي لا تتحول القارة الإفريقية إلى فوضى، كما سعت مصر إلى الدخول في تعاون فني واقتصادي مع هذه الدول، خاصة مع إدراكها لوجود تدخلات من قبل قوى خارجية وبالتحديد من قبل "إسرائيل"والولايات المتحدة لدفع المنطقة إلى حافة الصدامات.
وتغذي هذه القوى مطالب دول الحوض السبع بتغيير الاتفاقيات القديمة وصولا إلى صيغة تقضي ببيع مياه النيل لكل من مصر والسودان، كما تدعم هذه القوى إقامة مشروعات في دول الحوض السبع على النيل وفي المقدمة منها إقامة السدود بما ينال من حصة البلدين العربيين الوحيدين في حوض النيل مصر والسودان.
ويقول الخبراء إنه بالرغم من محاولات التهدئة التي تتبناها القاهرة إلا أن هناك خطورة كبيرة في الأمر في ظل ما يتردد عن حروب المياه القادمة في المنطقة، مؤكدين أن مبادرات التعاون مع دول حوض النيل ليست سوى مسكنات ومهدئات في ظل تزايد الاحتياج الفعلي من جانب هذه الدول للمياه، إضافة إلى العبث الصهيوني والغربي في هذا الملف الاستراتيجي لاتخاذه أداة لابتزاز مصر والضغط عليها، مشددين على أن تأمين مصر مواردها المائية يشكل على الدوام أحد التحديات المباشرة للأمن القومي المصري.
يوم الجمعة, 29 مايو 2009
06/11/2014