| | | | إشتراك رجال الأعمال فى الحكم ...............................................................
طارق حجي .............
إختيار القادة (على كافة مستويات الهرم الإداري والتنفيذي والبيروقراطي) كان (ولايزال) أبرز أوجه الضعف فى جمهوريات يوليو فى مصر منذ 23 يوليو/تموز 1952 وحتى هذه اللحظة الراهنة . فمن جهة ، فإن "وعاء الإختيارات الرئيس" تبدل من "الضباط" قبل كارثة يونية/حزيران 1967 ، الى "أساتذة الجامعات" منذ 1968 ، الى خلطة من "ضباط الجيش" و "ضباط الشرطة " و " الأكادميين" و "القضاة" طيلة ردح غير قصير إستمر من منتصف سبعينيات القرن الماضي ولقرابة ربع القرن ... أخيرا (ومنذ أقل قليلا من عشر سنوات) إنتقلت مصر لتجربة الوعاء الرابع وهو وعاء "رجال الأعمال" . ومن المؤكد أن الأوعية الأربعة فشلت (فشلا كليا) فى تحقيق المراد : خلق وظائف حقيقية تستوعب معظم الطاقات القادرة على العمل ، تحسين كافة الخدمات الأساس ، إنقاذ المؤسسات التعليمية من الإنهيار المروع فى كل مستوياتها وتقديم تعليم عام ومهني وجامعي على المستوي العالمي ، العودة بالطبقة الوسطي للمستويات العصرية الكريمة لهذه الطبقة فى المجتمعات المتقدمة ، الوصول بالإقتصاد المصري لحال تنافسية مرضية ، القضاء على صور الإنهيار المجتمعي (مثل العشوائيات وحياة الأحياء فى المقابر) ، وبموازاة ذلك تطوير الحياة السياسية من "أسلوب إدارة معسكرات الجيوش" الى حياة سياسية عصرية تقوم على ركائز الديموقراطية (التى لا تتبدل من مجتمع لآخر ، على خلاف ما يدعيه أعداء الحرية) وهى الحريات العامة وكون الشعب هو مصدر كل السلطات وتداول السلطة والفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية ، والشفاقية والمحاسبة وحرية الصحافة وتأسيس العلاقة بين الدولة والشعب على مبدأ المواطنة . ولكن فشل الحقبة الحالية (حقبة إستوزار وإستئساد رجال الأعمال وأصحاب الثروات) هو بلا شك عندي "الفشل الأكبر" مقارنة بفشل الأوعية الأخري . فلا يوجد مجتمع متقدم (بإستثناء إيطاليا ، بلد المافيا) يشارك فيها رجال الأعمال وأصحاب الثروات والتجار فى الحكم . فمن جهة ، فالذين يظن البعض فى واقعنا أنهم (من بين وزراء الغرب) رجال أعمال ، فإنهم ليسوا كذلك . فرؤساء البنوك والشركات الكبري ليسوا رجال أعمال وإنما "قادة إداريون " أي أنهم مديرون محترفون ، وليسوا "رجال أعمال" . والمدير التنفيذي المحترف هو (مثل الطبيب والمهندس والفزيائي ولمهندس الزراعي ) ليس من طائفة رجال الأعمال وإنما من الخبراء الذين تعلموا تقنيات الإدارة الحديثة وإدارة الموارد البشرية والتسويق والإقتصاد . وهؤلاء هم خلطة من العلم والدراسة الراقية والخبرة والموهبة . أما رجل الأعمال (وهو عضو أساس فى المجتمع) فهو إنسان إرتبط تكوينه بتحقيق الربح "فقط" ، أما المصلحة العامة والتوازن بين القادرين وغير القادرين والسلام المجتمعي والمنفعة الإجتماعية طويلة المدي ، فهى إعتبارات لا تحكمه ، وقد لا تعنيه . وليس فى هذا عيب ، ولكن العيب أن نأتي به ليجلس (مع زملاء له من صنفه) على مقعد من مقاعد قيادة المجتمع ، فهو من جهة غير مؤهل لذلك ، ومن جهة ثانية فإن أسلوبه فى القيادة قد (بل غالبا) يقود المجتمه للحظة إنفجار . ويمكن أن نضيف أن رجال الأعمال قد يكونوا كحكام (خطرين) وهذا إذا كانت ثرواتهم هى ثمرة عمل وجهد وكفاح ، ولكنهم قد يكونوا (شديدي الخطورة) إذا كانت ثرواتهم قد تكونت بفعل العلاقات مع الحكم والحكام ، كما هى الحال فى كثير من دول العالم الثالث حيث تؤسس الثروات الطائلة على العضلات السياسية فى المقام الأول . إن مصر أمامها الآن فرصة كبيرة للتخلص من مأساة (بل وكارثة) إشتراك رجال الأعمال فى الحكم (والتى قد تأخذ المجتمع بأسره للحظة إنفجار) .... وأن تتجه للإيمان بأن مصر لن ينقذها ويخرجها من سائر مشكلاتها ومعضلاتها إلا المديرون التنفيذيون الأكفاء الذين يأتون لمواقع القيادة المختلفة بالعلم الإداري العصري ، وبالخبرة القيادية التى تشهد لهم بالقدرة الإدارية ، وبالثقافة (وهى للأسف مكون لا يتحلي به معظم رجال الأعمال فى مجتمعنا) . أما رجال الأعمال ، فليبقوا فى مؤسساتهم الخاصة ، وليحققوا لأنفسهم ما يقدرون على تحقيقه بالوسائل المشروعة (وبدون ذلك التقارب المشبوه من السلطة والحكام) ... وكل ما يريده المجتمع منهم هو أن يعملوا بوسائل شفافة ويسددوا الضرائب الواجبة وأن يخلقوا الوظائف التى يحتاجها المجتمع وأن يبعدوا عن إثارة المجتمع بنهم بعضهم الغريب للتألق والوجود فى معظم دوائر الضوء . 06/11/2014
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|