فلسطين تنتظر همَّة حمد بن جاسم آل ثاني!!!.
| |
الشيخ حمد | |
بقلم: سماك العبوشي
..........................
"ألعب لو أخـَرْبُط الملعب" ... تلكم لعمري عبارة عراقية شهيرة دارجة تجري على لسان أي صبي مشاكس حين يُرْفـَض إشراكُه بحلقات اللعب الجماعي للصبية وذلك إما لسوء خلقه أو لعدم التزامه بقواعد اللعب النظيف، فينفش ذاك المشاكس الصغير ريشه ويهدد أقرانه الصغار ويتوعدهم ويخيرهم بين أن يُشْرَك باللعب معهم رغم خشونته وسوء خلقه وعدوانيته، أو منعهم من إتمام لعبتهم تلك وفركشتها لينصرف بعدها كل صبي إلى داره خائب الرجاء مصدوما!!.
ما أقرب تلك العبارة بما تفعله "إسرائيل" وتردده هذه الأيام، حين تهدد بمواصلة تجميد العائدات الضريبية الخاصة بالسلطة الفلسطينية والبالغة 400 مليون شيقل، "عقاباً !!" منها للسلطة الفلسطينية التي آثرت الابتعاد عن سطوة الكيان الصهيوني وفرضه لشروط لعبه العقيم والعبثي التي طالت لسنوات طويلة خلت، و"عقاباً !!" منها لتوجه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو بخطوة وصفتها حكومة تل أبيب بأنها أحادية الجانب، ومحاولة خبيثة منها لإجهاض اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس ولقاء الرئيس الفلسطيني عباس بالسيد خالد مشعل!!.
هكذا الأمر إذن، دونما حياء ولا خجل ولا وجل راحت حكومة يهود في تل أبيب تعلن موقفها و"عقابها!!" ذاك، وتناست تماماً خذلانها لجهود السيد محمود عباس وسعيه الحثيث من أجل تحقيق "السلام!!" معها طيلة عقدين من الزمن، وها هو وزير المالية الصهيوني "يوبل شتانتس" يعلن متفاخراً عن إنجازه المتمثل بإقناعه وزراء حكومة النتن ياهو بالتصويت لصالح اقتراحه بمواصلة تجميد العائدات الضريبية للسلطة والبالغة 400 مليون شيقل، مبرراً ذاك الإجراء بأنه يأتي كعقوبة للســلطة الفلســطينية لاتخاذها إجــراءات أحـــادية الجانب تمثلت بالتوجه إلى الأمـــم المتحــــدة ومـــنظمة اليونســـكو على حد تعبيره!!، في خطوة اعتبرها كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات أنها ابتزاز وبلطجة وسرقة لأموال الشعب الفلسطيني!!.
دعونا نتساءل، ما الذي دفع وزير المالية الصهيوني لتلك الخطوة!؟، وما الذي يعنيه تسريب نبأ عن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مفاده بأن النتن ياهو قد رفض طلب السيدة كلينتون بتحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية، متذرعاً بحجة انتظاره لنتائج اللقاء بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل!؟، وما دخل نتائج لقاء السيدين عباس ومشعل بأموال فلسطينية منعتها حكومة تل أبيب!؟، ألا يعني ذاك كله بأن النتن ياهو:
1- أنه يراهن على ديمومة الانقسام والاحتراب الفلسطيني لضمان استمرار ضعف الفلسطينيين والتوسع والهيمنة الصهيونية!؟.
2- وأنه يريد إبقاء السلطة الفلسطينية تحت طائلة الضغط والابتزاز!؟.
3- وأنه قد بات يتخوف من نجاح إنهاء الانقسام الفلسطيني!؟.
4- وأنه لا يعير بالاً ولا وزناً لأي ضغط أمريكي أو أممي بخصوص إطلاق المستحقات المالية الفلسطينية!؟.
5- وأنه غير معني بتنفيذ التزاماته القانونية.تجاه الفلسطينيين القابعين تحت نير الاحتلال من خلال ممارسته للمقولة التي استهللنا بها مقالنا هذا "ألعب لو أخـَرْبُط الملعب"!!؟.
لنعترف مسبقاً بأن للكيان الصهيوني مصالح ترعاها حكومته، وأن لذلك الكيان الغاصب أجندة تنفذها حكومته وفق ما تراه مناسباً لها، ولعل قرارها بإجهاض قرار وعرقلة خطوة السلطة الفلسطينية الخاص بالأمم المتحدة ولقاء المصالحة إنما يندرج ضمن تلك الأجندة التي تحرص عليها وذلك من أجل إجهاض حلم تحقيق إقامة دولة فلسطينية بعد إتمام المصالحة، ومن هذا المنطلق ووفقاً للأجندة الصهيونية، فإننا قد نستطيع تبرير رفض تل أبيب لطلب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، لتحويل أموال عائدات الضرائب للسلطة الوطنية الفلسطينية، بحجة أن المجلس الوزاري المصغر لم يوافق بأغلبية ساحقة على تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، آخذين بنظر الاعتبار ما يربط الطرفين "الأمريكي والصهيوني" من روابط حميمية واستراتيجية!!، وقد نجد من جانب آخر تبريراً منطقياً لرفض تل أبيب لدعوات بان كي مون واستهانته بدعوته تلك باعتبار أن السيد بان كي مون "لا يهش ولا ينش"، وأنه مجرد دمية نـُصِّبت على رأس المنظمة الأممية!!، لكننا لن نجد تبريراً منطقياً لتقاعس أنظمتنا العربية وجامعتهم بعدم نصرة أبناء فلسطين في سعيهم الحثيث للخلاص من وطأة وتداعيات الضغوطات المالية التي تمارسها بحقهم كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني على حد سواء!!.
قد يرى البعض منا ضرورة نقل معركة الابتزاز الصهيوني وقرصنة المال الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، من خلال شكوى عربية "والتي لن يكون صداها غير قرار إدانة بحده الأقصى سيوضع على رف أرشيف قضيتنا الفلسطينية كغيره من القرارات الصادرة من قبل!!"، لكنني أرى ضرورة أن يتزامن ذاك التحرك العربي الفلسطيني نحو الأمم المتحدة، بدعوة قادة الأنظمة العربية لاجتماع قمة عربية طارئة يتم فيها إصدار قرار جماعي بمساعدة شعب فلسطين تعويضاً لهم عما حجب عنهم من عائدات ضريبية كانت من استحقاقهم، كي لا يجهض حلم وأد فتنة الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة التي غدت على لأبواب، وإذا كانت "إسرائيل" بما عرفت من غطرسة ونهج صلف تمارس لغة التهديد والوعيد فنجحت طيلة عقود من السنوات، فإن الكرة الآن في ملعب الأنظمة العربية وجامعتها العتيدة، وإننا تالله لنتحرق شوقاً ولهفة بأن نرى عُشْرَ مِعشار همة جامعتنا العربية ورئيس دورتها الحالية "الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني" - رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها- في التعامل مع الملف الفلسطيني لإنجاز وتحقيق حلم المصالحة الوطنية الفلسطينية "فعلاً لا قولاً" وتذليل ما يعيق إتمامها من ضغوط راحت تمارسها حكومة تل أبيب وتلوح بها في ظل عجز أممي وتدليس مشترك أمريكي ولجنة رباعية، تماماً كتلك الهمة التي يحسد عليها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني - رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها- بمعالجته وتبنيه للملف السوري اليوم ومن قبله الملف الليبي، أم أن أمر قضية فلسطين وملف التجاوزات الصهيونية على شعب فلسطين والاهتمام الجدي بإنجاز التصالح وإنهاء الانقسام "فعلاً لا قولاً" لا يندرج ضمن أولويات الولايات المتحدة الأمريكية واهتمامات دولة قطر العظمى!!.
مجرد تساؤل!!.
وبانتظار إجابة جامعة دولنا العربية وسعادة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني عليه!!.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
25 /11 / 2011