التفاصيل الكاملة لقضية محاولة إسرائيليين الاستيلاء على أراض في سيناء
...............................................................
كتب : صابر مشهور وأحمد حسني - جريدة الشروق القاهرية
| |
النائب العام المصرى | |
حصلت «الشروق» على التفاصيل الكاملة فى قضية محاولة استيلاء إسرائيليين يحملون جنسيات أوروبية على ألفى قطعة أرض وفيلات فى سيناء المحبوس على ذمتها لواء شرطة سابق بمديرة أمن جنوب سيناء، ومتهم فى القضية كذلك 9 أشخاص آخرين بينهم هارب فى لندن.
تبين أن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام ألغى 50 حكما صدرت من محكمين معتمدين بمركز تحكيم جامعة عين شمس تساعد الإسرائيليين فى الاستيلاء على أراضى سيناء، وأن الشركة المتهمة فى القضية طعنت أمام محكمة النقض، فقامت هيئة قضايا الدولة بتقديم مذكرات لمحكمة النقض لتوضيح سلامة موقف الحكومة المصرية.
واتضح من التحقيقات أنه فور اكتشاف إدارة التفتيش القضائى بوزارة العدل للقضية مطلع عام 2008 قيدتها برقم 1 لسنة 2008 تحقيقات إدارة الدعاوى بوزارة العدل، وأمر المستشار ممدوح مرعى وزير العدل بفرض سرية شديدة حول القضية، وأرسل إلى 4 جهات أمنية سيادية للتحرى عن طبيعة المشترين الأجانب، واستمرت التحريات لمدة عام كامل، تبين خلالها أن العديد من المشترين يهود أوربيون يحملون الجنسية الإسرائيلية، وقامت فى النهاية مباحث الأموال العامة بكتابة التحريات فى القضية.
وجاء فى التحريات أن الدولة خصصت لشركة سيناء للتنمية السياحية قرية «كورال باى بمنطقة مرسى الدخيلة بمدينة شرم الشيخ» وقامت ببناء العديد من الفيلات، ولكن الشركة لم تستكمل بناء باقى الفيلات، وبدلا من أن تبيعها للمصريين أو تكتفى بتأجيرها للأجانب للأغراض السياحية، توجه محاميا الشركة وهما ساهر فخرى واللواء ماهر عبدالله غبريال الذى عمل بالمحاماة بعد إحالته للتقاعد إلى إسرائيل لمدة 5 أيام فى ديسمبر عام 2005، ثم عادا إلى مصر.
وأضافت التحقيقات أنه عقب ذلك بدأت الشركة فى تسويق القرية فى دولة إيطاليا، وفتحت مكتبا هناك، ونشرت العديد من الإعلانات فى وسائل الإعلام الإيطالية، وبالفعل تقدم العديد من الإيطاليين وبعض الجنسيات الأوروبية لشراء الفيلات، وبالتحرى عن بعضهم تبين أنهم يهود يحملون الجنسية الإسرائيلية إلى جانب جنسياتهم الأوروبية.
وتبين أن هوية المشترين الأجانب كيهود إسرائيليين لم تتضح للسلطات المصرية نظرا لأنه لا يتم ذكر الديانة فى التعاقد، وتذكر الجنسية الأوروبية فقط.
وأكدت التحقيقات أن قانون تنظيم تملك الأجانب فى مصر نص على عدم جواز شراء الأجانب لأكثر من وحدتين سكنيتين بغرض السكنى فقط، وأنه يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرارات بمنع تملك الأجانب فى مناطق معينة إلا بعد موافقة عدة جهات أمنية، وعلى الرغم من ذلك قامت الشركة بالمخالفة للقانون وقرارات مجلس الوزراء بشأن منع بيع أراضى سيناء للأجانب ببيع الأراضى لإسرائيليين.
وواصلت التحقيقات بأن المتهمين أدركوا أنه فى حال اتباع الطرق القانونية الصحيحة، فلن يتمكن الإسرائيليون من شرائها، نظرا لأن ذلك يتطلب عرض الأمر على العديد من الجهات الأمنية، وإخطار الشهر العقارى.
وأوضحت التحقيقات أن المتهمين هداهم تفكيرهم إلى اتباع حيلة قانونية هى اللجوء لما يعرف بالتحكيم، حيث ينص القانون على أحقية من ينشب بينهم نزاع على اللجوء إلى التحكيم بدلا من القضاء العادى، ويتم اختيار المحكمين بمعرفة أصحاب النزاع وقد يكون المحكمون محامين أو أساتذة جامعات، ويدفع أطرف النزاع لهم أتعاب عملية التحكيم.
وقام المتهمون بافتعال نزاع وهمى، واختاروا 10 محكمين معتمدين بمركز تحكيم جامعة عين شمس غالبيتهم من المحامين مقابل حصول كل محكم على 500 جنيه عن إصدار الحكم وفقا لرغبة الطرفين، حيث كان الطرف الإسرائيلى يرفع القضية، ثم يحضر المتهمان ماهر عبدالله غبريال «لواء الشرطة السابق» بصفته محامى الشركة للإقرار بصحة عملية البيع أو يحضر المتهم الهارب ساهر فخرى «محام»، فيصدر المحكم حكما بصحة ونفاذ عقد البيع تمهيدا لتسجيل الحكم فى الشهر العقارى.
وتبين أن المتهمين لواء الشرطة السابق والمحامى الهارب على الرغم من أنهما محاميا الشركة إلا أنهما كان يحضران عن الإسرائيليين، مما يدل على أن عملية التحكيم كلها وهمية وصورية، فتارة يحضر المحامى عن الشركة، وتارة يحضر عن خصوم الشركة.
بل أكدت تقارير الطب الشرعى أن المحكمين فى القضية لم يهتموا بمن يحضر أمامهم، إذ اتضح أن بعض محاضر الجلسات تحمل توقيعات منسوبة للمتهم ماهر عبدالله غبريال «لواء الشرطة» بصفته محامى الشركة لإقرار بصحة البيع، واتضح أن التوقيعات لا تخصه، وأنها تخص أشخاص مجهولين، مما يعنى أن المحكمين كانوا يعقدون جلسات وهمية، بينما اتضح أن بعض التوقيعات تم بخط يده.
وكشفت التحقيقات عن مفاجأة وهى أن المتهمين استعانوا بمحكم واحد بدلا من ثلاثة محكمين كما جرى العرف توفيرا للنفقات.
وحصل المتهمين على 50 حكما من المحكمين وكانوا بصدد الحصول على أحكام أخرى، لكن اكتشاف تلاعبهم أعجزهم عن الاستمرار فى محاولات الاستيلاء على أراضى سيناء.
وأكدت التحقيقات أن المتهمين تسلموا الأحكام الصادرة عن المحكمين، ونفذوا ما ورد فى قانون المرافعات، بضرورة اعتماد القضاة لها، وتذييلها بالصيغة التنفيذية، تمهيدا لتسجيل الأراضى فى الشهر العقارى، لكن الشهر العقارى رفض لمخالفة الأحكام للقانون، حيث لم يتم اختصام الشهر العقارى فيها منذ البداية، كما لم يتم مراعاة قانون تنظيم تملك الأجانب.
وأوضحت التحقيقات أن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام استخدم سلطته المنصوص عليها فى قانون تنظيم تملك الأجانب، حيث يسمح القانون للنائب العام باستئناف أى أحكام تسمح بالبيع للأجانب، فاستأنف النائب العام جميع الأحكام الصادرة من المحكمين أمام محكمة استئناف الإسماعيلية، وبالفعل ألغت المحكمة جميع الأحكام وعددها 50 حكما.
وقال المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة لـ«الشروق» إن شركة سيناء قامت بالطعن على الأحكام أمام محكمة النقض، وقدمت الهيئة مذكرة فى 7 مايو الماضى بدفاعها عن النائب العام أوضحت فيها أن المشترين الأجانب لم يبدوا تضررهم من إلغاء الأحكام الصادرة لصالحهم، وعلى الرغم من ذلك قامت الشركة بالتطوع والطعن نيابة عنهم على الرغم من أنها لا تحمل توكيلا عنهم.
وأضاف أن التحكيم لا علاقة له بمسائل تسجيل الأراضى لأنه لا بد من اختصام الشهر العقارى فيها ولأملاك الأصليين والحصول على موافقات الجهات الإدارية قبل البيع للأجانب.
بينما برر المتهم ماهر عبدالله غبريال «محبوس» فى أقواله فى التحقيقات أن زيارته لإسرائيل برفقة المتهم الهارب بلندن ساهر فخرى كانت لزيارة الأماكن الدينية المسيحية لأداء الطقوس الدينية.
وعندما سأله المحقق عن الأتعاب التى كان يتقاضاها، ادعى أنه غير متذكر.
ووجه مستشار التحقيق عدة اتهامات للمتهمين هى النصب وتزوير أحكام لصالح أجانب، واستعمال محررات مزورة.
وشهدت التحقيقات مفاجأة، إذ تبين أن شعبان سعيد محامى المتهم الأول انسحب من الدفاع عن موكله، ورفض الاستمرار فى القضية، وقال لـ«الشروق» إنه كان يعتقد أن القضية عادية، ولكنه اكتشف أن بعض المشترين يحملون الجنسية الإسرائيلية فقرر الانسحاب، على الرغم من قناعته ببراءة موكله، وواصل بأنه ضد بيع أراضى سيناء التى ضحى الشهداء من أجلها للإسرائيليين حتى ولو أباح القانون ذلك، ورفض إعطاء أية تفصيلات عن سير التحقيقات فى القضية.
بينما قال الدكتور أبو العلا النمر رئيس مركز الشرق الأوسط للتحكيم الدولى النقاب عن أن وزير العدل أصدر تعليمات كتابية لجميع القضاة على مستوى الجمهورية بعدم اعتماد أحكام المحكمين إذا صدرت بشأن ببيع الأراضى نظرا لاحتمال تلاعب أطراف الخصومة، كما أنه يجرى التنبيه على المحكمين خلال الدورات التى يتلقونها فى الجامعات المصرية بعدم اختصاصهم بقضايا التصرف فى الراضى والعقارات.
نقلا عن الشروق
06/11/2014