نحو جامعات مصرية عالمية جامعة القاهرة د. رشا علي الدين ..................... كل عام نتطلع للتصنيف العالمي للجامعات بعيون حزينة، وقلوب ينتابها الشعور بالأسى علي حال جامعاتنا المصرية، والخوف علي مستقبل هذه الجامعات. فقد خلت التصنيفات جميعها من جامعة واحدة مصرية. لا يمكن أن تنهض أمة دون منظومة تعليمية ناجحة، ولا تستطيع دولة أن تعبر الطريق نحو التقدم والرخاء دون اهتمام واضح بالبحث العلمي والعلماء. ولهذا يثير تعجبي دومًا الحديث عن أن جامعاتنا المصرية بخير. لا عفوًا ليست بخير إنها كالمريض الذي اشتد مرضه، وأهمله طبيبه ونسيته ممرضته، وصار بقاؤه علي قيد الحياة واستمرار مقاومته مرهوناً بجهازه المناعي الذاتي. ولهذا استمرت جامعاتنا المصرية بفضل عقول وإبداعات الشرفاء من أبناء هذا الوطن الذين أبوا أن تنهار أحلامهم. ولكن السؤال إلي متي يتحمل المريض آلامه، وهل يستطيع هذا المريض أن يتعافى. لا أزعم أني أحمل عصاة سحرية لحل كل المشكلات الجامعية، وأعلم علم اليقين أن ما فسد في أعوام يحتاج لأعوام أخري ليتم إصلاحه، ولكني أحمل أحلام أستاذة جامعية تحلم بغد أفضل. سطرت بعض الأفكار والمقترحات لمعالي رئيس الوزراء الشريف/ عصام شرف، ومعالي وزير التعليم العالي، علها تجد آذانًا صاغية لديهم: 1ـ إن الجودة الحقيقية لابد من فهمها في التعليم الجامعي فهمًا صحيحًا، فلقد تحولت في جامعاتنا المصرية إلا مجموعة من الأوراق واهتمام مبالغ فيه بالمباني ونسي القائمون علي مشاريع الجودة أن أساس العملية التعليمية الجامعية هو الأستاذ، والطالب. 2ـ توفير بيئة بحثية صالحة من خلال توفير معامل بحثية للكليات العلمية تحتوي علي أحدث المعدات والأدوات والخامات اللازمة لاستمرار البحث العلمي، وإعفاء الباحثين من أي رسوم خاصة باستخدامها. والعمل علي اشتراك الجامعات في دوريات علمية إلكترونية ومكتبات وقواعد بيانات مناسبة لكافة التخصصات، واختيارها من قبل شباب الباحثين بعيدًا عن هيمنة كبار الأساتذة. بالإضافة إلي إمداد المكتبات الجامعية بكل جديد وحديث من وسائل البحث والمراجع دون تحمل أعضاء هيئة التدريس والباحثين في مقابل هذا أي عبء مادي. 3ـ السعي نحو إنشاء قاعات دراسية مجهزة بأحدث المعدات والأدوات الدراسية اللازمة لقيام عضو هيئة التدريس بمهام المحاضرة علي الوجه الأكمل. 4ـ العمل علي اختيار اللجان العلمية بطريقة موضوعية تسمح بوصول العلماء الأكفاء لها، دون وساطة أو محسوبية أو اختيار علي أسس حزبية. 5ـ توفير دخل مناسب لعضو هيئة التدريس بدءًا من تعينه معيدًا حتى درجة أستاذ، بعيدًا عن زيادات ومنح مشروطة، وأن يكون الشرط الوحيد لأي زيادة هو البحث العلمي والنشر البحثي والمشاركات في المؤتمرات الدولية، مع ضرورة التأكيد علي وضع حد أقصي لمرتبات ومكافآت القيادات الجامعية. 6ـ دعم شباب الباحثين المتميزين من خلال حوافز ومكافآت لكل من ينهي رسالته العلمية (الماجستير والدكتوراه) في وقت مناسب ومبكر ـ بدلاً من استعمال التعسف ضدهم من قبل مشرفيهم لوأد مواهبهم وأحلامهم في المهد ـ كذلك منح مكافآت لدعم كل من يرقي لدرجة أستاذ مساعد أو أستاذ في المدد التي حددها القانون. 7ـ اختيار القيادات الجامعية بدءًا من رئيس القسم، وحتى رئيس الجامعة بطريق يجمع بين الانتخاب وتقييم أدائه العلمي والبحثي والأكاديمي والمجتمعي، حتى يتولى المنصب فعلاً الرجل المتميز المختار بإرادة زملائه، ومعبرًا عنهم، وليس مجرد رجل وصل لكرسيه بوصفه عضو بالحزب الوطني أو عضو بلجنة السياسات. كما يتعين علي القيادة المختارة ألا تمارس أي نشاط سياسي طوال مدة اختياره، ويكون متفرغًا تمامًا لمهام منصبه، مما يعني عدم اشتغاله بأي عمل حر طوال مدة اختياره، حتى يتسنى له مباشرة عمله بكل حيدة وموضوعية. هذه كانت محاولة مني لرسم صورة حول تطلعات أستاذة جامعية لمجتمع جامعي أفضل يصبو للعالمية، وبحلم بخريج قادر علي الانضمام لعجلة التنمية في مصرنا الحبيبة. د/ رشا علي الدين أستاذ القانون الدولي الخاص كلية الحقوق جامعة المنصورة   06/11/2014 مصرنا ©