بليكس يعترف أخيراً بان اسلحة العراق ذريعة لاحتلاله
...............................................................
| |
الخطة الاميركية البريطانية لاجتياح العراق كانت تسير في اتجاه لاتعير فيه أهمية لعمل المفتشين | |
لندن – من كرم نعمة
استنتج هانس بليكس رئيس لجنة التفتيش الدولية عن اسلحة الدمار الشامل في العراق "بشكل متأخر" ان التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل لدى نظام صدام حسين لم تكن الا ذريعة لتبرير احتلال العراق.
وجاء استنتاج بليكس في مقال كتبه بصحيفة الغارديان الثلاثاء، بمثابة رد على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي أكد على ان احتلال العراق كان لتغيير نظام صدام حسين وليس بسبب اسلحة الدمار الشامل.
وبدت مراجعة بليكس أشبه بالتخلص من إدانة نفسه حول دوره في اطالة أمد الحصار الذي كان مفروضاً على الشعب العراقي آنذاك تحت مسوغ البحث عن اسلحة الدمار الشامل.
وقال بليكس "ان كلام بلير عن ان الهدف الاساسي للاجتياح كان تغيير النظام في العراق، لا يغير الانطباع الذي كان لدى العالم كله كان ان الهدف هو نزع اسلحة الدمار الشامل التي كانت بحوزة نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين".
وتساءل بليكس رئيس لجنة (انموفيك): "الا يجب ان نستخلص بأن حجة اسلحة الدمار الشامل لم تكن الا الذريعة الانسب لتبرير الاحتلال"؟
وأضاف بليكس "بلير كان لديه يقين بانه كان هناك اسلحة دمار شامل في العراق، ولكن عندما لم يعثر المحققون على هذه الاسلحة فهذا اليقين اضحى عبارة عن قصر نظر كونه غير مدعوم بادلة".
وأكد أخيراً على ما كان يقوله العراقيون بشكل مرير وهم يرزحون تحت طوق التجويع "ان الكثيرين كانوا يعتقدون ان الخطة الاميركية البريطانية كانت تسير في اتجاه وان كل ما كان يقوم به المفتشون لا اهمية له، مشيرا الى ان نسبة من المفتشين كانوا يعملون لحساب مخابرات دولية".
واعترف بليكس في وقت لا قيمة له اليوم بتعاون العراق مع المفتشين الدوليين، مؤكداً ان التزام بريطانيا مع واشنطن بالسير في مشروع الاجتياح كان بمثابة مقامرة ورهان فاشل "ولكن كان هناك قرارا باطلاق عجلة الحرب دون العودة الى الامم المتحدة".
وكتب بليكس في مقاله "أن مئات من عمليات التفتيش لم تعثر على أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى العراق، وكل الأدلة حول ذلك قد تهاوت".
وتساءل وكأنه خارج تلك اللعبة الدولية والاكاذيب المستمرة والمتصاعدة آنذاك "كيف تسنى تضليل العالم لاكثر من 10 أعوام؟".
ويرى بليكس ان منع المفتشين من دخول بعض المواقع العراقية كان لمنح الانطباع بأن العراق ما زال قوياً ويمتلك أسلحة للدفاع عن نفسه، ثم التحدي والانتفاض على الكرامة المجروحة، بعد التعرف على بعض المفتشين الذي يعملون لحساب المخابرات الغربية.
واعترف بليكس بانه كان يرى التهديد بالحرب من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا يرغم العراق على التعاون مع مفتشي الامم المتحدة.
وقال "ان المخابرات الأميركية كانت على قناعة تامة بامتلاك العراق لاسلحة دمار شامل وفق معلومات كاذبة، مثلما حدث في صفقة اليورانيوم الموهومة بين العراق والنيجر والتي ركز عليها الرئيس الاميركي آنذاك جورج بوش في تقريره عام 2002، والذي اتضح فيما بعد انها رسالة عقد مزورة".
وأكد ان قطار الحرب كان يواصل سرعته بالرغم من عدم العثور على أسلحة دمار شامل، ولوردات الحرب يخططون لاجتياح العراق قبل حلول الصيف.
واختتم بليكس مقاله برسم صورة للنفاق الذي ساد مجلس الأمن آنذاك قبل شن الحرب على العراق والخضوع لرغبات بوش وبلير من دون الرجوع الى قرارات مجلس الأمن الدولي، او كما أدعت وزيرة الخارجية الاميركية آنذاك كوندوليزا رايس بأن القرارات الدولية السابقة تجيز احتلال العراق من دون العودة الى سلطة مجلس الأمن.
الى ذلك اكد احد الموظفين الكبار السابقين لدى توني بلير ان رئيس الوزراء البريطاني السابق اقحم بريطانيا في الحرب على العراق من باب "التملق" للولايات المتحدة.
ونقلت صحيفة "تايمز" البريطانية هذا الاتهام عن لسان المدير السابق للملاحقات القضائية في وزارة العدل المدعي العام كين ماكدونالد، ردا على اعلان توني بلير في تصريح لهيئة الاذاعة البريطانية "بي.بي.سي" انه كان مستعدا لاقحام المملكة المتحدة في الحرب على العراق حتى وان علم بان بغداد لم تكن تمتلك اسلحة دمار شامل.
وقال ماكدونالد ان بلير استعمل "حيلة مثيرة للخوف" لجر البلاد الى الحرب وخداع البريطانيين، مؤكدا ان تقاسم النفوذ مع الولايات المتحدة في هذه القضية "افقده رشده".
ودعت جمعية "اوقفوا الحرب" الى "ملاحقات قضائية" بحق توني بلير "اذا جدد هذا الاعتراف بارتكاب جرائم حرب امام لجنة التحقيق".
ولاقت تصريحات توني بلير بشأن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 انتقادات لاذعة في لندن.
واثارت المقابلة حالة من الغضب بين شخصيات بريطانية عامة.
وقال بلير في مقابلة اجرتها معه هيئة الاذاعة البريطانية انه كان على صواب في الاطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين من السلطة رغم عدم العثور على اسلحة دمار شامل في العراق.
وقال بيل بورينج استاذ القانون الدولي في كلية بركبيك ان بلير كان مصمماً على الانضمام للقوات الاميركية في غزو العراق بصرف النظر عن وجود اسلحة دمار شامل ام لا.
واضاف في تصريح لتلفزيون رويترز باللغة الانكليزية "اعتقد ان من المستحيل قراءة تلك التصريحات باي طريقة اخرى غير انه كان قد حسم امره وانه قرر المضي قدما. وانه كان سيغزو العراق رغم عدم وجود اسلحة دمار شامل فهذا هو توني بلير".
وأكد بقوله "انه كان سيجد بعض الحجج الاخرى لغزو العراق ولكن ليس هذا بالطبع السبب الرئيسي".
وقال كارول تيرنر من تحالف اوقفوا الحرب "الادلة التي ساقها وقتها للشعب والبرلمان كانت تقول ان صدام حسين لديه القدرة على استخدام اسلحة الدمار الشامل ضد بريطانيا في اقل من ساعة. والان يقول انه كان هناك تهديد في المنطقة. العراق لم يكن يشكل اي تهديد".
واتهم متحدث باسم الديمقراطيين الليبراليين بلير بالاستعداد لتضليل البرلمان.
وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية للحزب الديمقراطي الليبرالي ايد دافي "لو كان توني بلير قال هذا لحكومته ولبرلمانه وللشعب البريطاني وقتها فلا اعتقد انه كان سيحظى باي تأييد في اي مكان بالبلاد لخوض الحرب. اعتقد ان هذا يبين انه كان مستعدا لتضليل البرلمان".
وقال بلير في المقابلة ان التهديد الذي كان يشكله صدام على المنطقة كان له اولوية في ذهنه وان احتمال امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل لم يكن سوى احد العوامل وراء قراره.
وأضاف انه يدرك ان بعض الاشخاص عارضوا هذا القرار وان الغضب انتاب اباء بعض الجنود البريطانيين الذين قتلوا.
وقال جون رينتول كاتب السيرة الذاتية لتوني بلير "هذا هو الالتباس بين ما اراد ان يفعله وما كان قادرا على ان يفعله. اذا كان قد عرف قبل الحرب بان صدام حسين اذعن الى قرارات الامم المتحدة لما كان باستطاعته الانضمام الى الغزو الاميركي لاننا كنا اشد حساسية من الاميركيين بشأن تفسيرنا للقانون الدولي. لو لم يكن ذلك قانونياً لما استطاع اقناع الحكومة والبرلمان بان ذلك كان الشيء الصواب. ولهذا فانه نعم كان يريد ازاحة صدام حسين ولكن ما كان ليستطيع ان يفعل ذلك".
وكشفت صحيفة "إندبندانت أون صندي" أن القسم الأكبر من شهادة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير حين يمثل أمام لجنة التحقيق حول حرب العراق مطلع العام المقبل، ستتم في اطار من السرية.
وقالت الصحيفة إن المحادثات التي اجراها بلير مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وتفاصيل بالغة الأهمية عن عملية صنع القرار الذي قاد بريطانيا للمشاركة في غزو العراق، سيجري تصنيفها تحت بند المعلومات المتعلقة بالأمن القومي وحماية علاقات بريطانيا مع الولايات المتحدة.
واضافت أن مصادر مطّلعة اقترحت أن يتم تغليف أي معلومات مثيرة في شهادة بلير بطابع السرية، ما سيجعل ظهوره العلني أمام لجنة التحقيق حول حرب العراق لا يحتوي إلا على القليل مما هو غير معروف عنها.
واشارت الصحيفة إلى أن هذا الكشف بدد آمال قيام بلير أخيراً بتقديم تفاصيل بصورة علنية عن أسباب اشراكه القوات البريطانية بغزو العراق استناداً إلى معلومات استخباراتية واهية.
وشجب نك غليغ زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار البريطاني المعارض هذا التحرك، وشدد على أن تقديم بلير افادته وراء أبواب موصدة "سيدفع الجمهور للاعتقاد بأن التحقيق حول حرب العراق ضعيف لكي يكشف الحقيقة".
ونسبت "إندبندانت أون صندي "إلى كليغ قوله "سيكون من غير المقبول أن يقدم بلير أي جزء من افادته بالسر، باستثناء الجزء الذي يمكن أن يشكّل تهديداً على أمننا القومي".
06/11/2014