مبارك و جمهورية مصرالأمريكية
...............................................................
| |
النائب النائم | |
محمود طرشوبي
...................
لم تكن تصريحات الدكتور مصطفى الفقى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، حول ضرورة موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على رئيس مصر القادم، وعدم اعتراض (إسرائيل) عليه والتي أثارت دهشة وصدمة شديدتين في الشارع المصري، وكشفت عن حقيقة بالغة في الأهمية وهي أن تعيين الرؤساء في مصر يتوجب عليهم اكتساب الشرعية أولاً من البيت الأبيض لكي يتبوءا منصب الرئاسة، لم تكن بالنسبة لكثير من المتابعين للشأن المصري و النظام الحاكم فيه أي استغراب أو معلومة بها جديد و لكنه فقط كان في إنها المرة الأولى التي يُصرَّح بها شخصية سياسية مصرية على هذا المستوى وبهذه الوقاحة من إعلان التبعية و العمالة للبيت الأبيض . و لم يكن رد الأستاذ هيكل أو الردود التي أعقبته من رؤساء تحرير الصحف القومية و خاصة ما جاء في مقال رئيس تحرير الجمهورية , أن تغير في الحقيقة التي أعلنها الدكتور الفقي أي شيء , خاصة و أن الأيام التالية أكدت كلامه , بشكل قاطع .
إن الإدارة الأمريكية تتعامل مع مصر الآن و في ظل هذا النظام علي أنها ولاية أمريكية, تقع علي البر الآخر من المحيط .
فتصريحات مارجريت سكوبي السفيرة الأمريكية تجاه مصر و الانتخابات القادمة و استقبال شخصيات معينه داخل السفارة و التواصل مع كل الأطراف السياسية في مصر , حتى جماعة الإخوان المسلمين , لهو يدل علي أنها تتعامل بمنطق المندوب السامي الأمريكي .
و في تأكيد للهيمنة الأمريكية هبطت إلي القاهرة في زيارة مقررة سلفا وفد من لجنة الحريات الدينية الأمريكية برئاسة فليس جاير, اليهودية الأمريكية، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع قيادات دينية إسلامية ومسيحية تركزت حول مزاعم أمريكية عن وجود اضطهاد للأقباط والبهائيين، ومعاداة للسامية من جانب صحفيين مصريين
و مهمة اللجنة تتركز بحسب رئيستها الحالية، هو تقديم رؤية عن أبعاد الاضطهاد والتعصب الديني في الدول الأخرى، وتقديم مقترحات لصناع السياسة الخارجية الأمريكية لتعزيز الحرية الدينية والمعتقد والتفكير وحماية الأفراد المعرضين لخطر انتهاك حرياتهم.ومهمة اللجنة هي أن تصبح توصياتها قانونا داخل الكونجرس وتتحول إلى سياسات تتبناها السلطة التنفيذية، بما يمكن الولايات المتحدة من التعامل بصورة جيدة مع تحديات التطرف الديني، والتعصب، والاضطهاد في كل أنحاء العالم، لاسيما الدول ذات الاهتمام الخاص على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية و علي رأسها مصر .
و في اليوم الثاني للزيارة استقبل الشيخ محمد طنطاوي شيخ الأزهر في مكتبه بمشيخة الأزهر وفد اللجنة حيث تباحث الطرفان حول علاقة المسلمين بالأقباط وأسباب الاحتقان الطائفي في مصر، ، وكانت الأخبار التي تسربت من داخل اللقاء تعليقاً علي أجواء اللقاء ، أنها كانت أشبه بجلسة تحقيق لشيخ الأزهر دارت حول الأقباط في مصر وسبب الحوادث الطائفية وجهود الأزهر لتنقية الكتب والمناهج الدراسية التي يتم تدريسها بالمعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر بشكل يساهم في قبول الآخر. كما طالب الوفد الأمريكي الشيخ طنطاوي بتشكيل لجنة لمراجعة وتنقية الكتب والمناهج الدراسية، وإلغاء تدريس الموضوعات التي تتناول عقائد الأديان الأخرى بدعوى أنها تحض على كراهية أتباعها، وأكد شيخ الأزهر أنه تم بالفعل تطوير وتحديث المناهج خلال الفترة الأخيرة، وفي الوقت الذي أعرب فيه شيخ الأزهر عن استعداده التام للقاء مع الوفد في أي وقت، رفض البابا شنودة الثالث لقاء وفد لجنة الحريات الدينية حيث أراد رفع الحرج عنه الذي سوف يسببه له مثل هذا اللقاء وتأكيداً منه على رفض التدخل الخارجي في ملف الأقباط، على الرغم من محاولة السفيرة الأمريكية في القاهرة التوسط من أجل إتمام اللقاء. وهذا ليس بغريب على الشيخ طنطاوي الذي عودنا على مثل هذه المواقف والذي يتولى منصب مشيخة الأزهر برتبة رئيس وزراء عند حسني مبارك الذي استمرأ الذل والمهانة والخنوع لأمريكا.
إلى هذا الحد من العمالة المفضوحة وصل النظام المصري في علاقته بأمريكا، وهو النظام الذي ما انفكت أبواق إعلامه تتحدث عن (الأمن القومي) المصري الذي لا يجرؤ أحد على المساس به، وعن (السيادة) المصرية التي لا يستطيع أياً كان اختراقها!!!. فأن يُستجوب أعلى مرجع ديني رسمي في مصر من قبل لجنة ( توراتية) أمريكية، فهذا لم يحصل من قبل إلاّ في الدول المستعمَرة، أو في أشباه الدول التي تُعتبر بمثابة مزارع لواشنطن تقبع في حديقتها الخلفية.
إن هذه الفضائح تؤكد أن مصر( العريقة! ) لا يختلف وضعها كثيراً عن وضع هاييتي التي احتلتها أمريكا بعد الزلزال في سويعات معدودة، ولم يلق احتلالها لها أي اعتراض ذو بال، ولا يختلف وضعها كذلك عن جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية التي كانت الشركات الأمريكية في القرن الماضي تستغلها أسوأ استغلال، ولم يكن أحد يلومها على فعلها ذاك باعتبارها من الممتلكات الأمريكية.
إن التدخل الأمريكي بكل صوره مرفوض وأقول لمن يستقوون بالأمريكان فى بلاد العرب والمسلمين إذا كنتم تدعون للمواطنة وحب الوطن فلماذا تستعينون بالأمريكان الأجانب ضد وطنكم وبلدكم
إن ما يحدث من تدخل أمريكي في الشئون الداخلية للدول العربية و الإسلامية و مساعدة الحكومات بل و ترحيبها بهذا التدخل فهو يفتح الباب أمام زيادة الهيمنة الأمريكية المسيطرة علي بلاد المسلمين , و الاستمرار في العيش تحت مظلة القبعة الأمريكية , التي لا تقف علي حدود اختيار الرؤساء بل وصلت إلي رؤساء الحكومات و قادة الجيوش .