لن ننتظر طويلاً
...............................................................
| |
الخريف والواقع | |
بقلم : محمود طرشوبى
.........................
لقد أصبحت السمة الغالبة لأهل الحكم في مصر هو الخداع , و عن ما يحكي عن الشفافية هو نوع من الميك آب الرديء الذي يباع عندنا في مصر داخل الأسواق الشعبية , فلم يكن من الداعي أن يخرج علينا كل يوم وزير الصحة الذي تعالج زوجته علي نفقة الدولة , كل يوم بتقرير مزور عن صحة الرئيس , و كما بدأت بالكذب و الخداع علي لسان الصحف الموالية للنظام , من إن زيارة الرئيس لألمانيا هي لإجراء مباحثات مع المستشارة الألمانية ميركل , ثم أدرك النظام نفسه بأنه سوف سيستمر مدة طويلة يصعب معها التصديق بأنه في ألمانيا لإجراء مباحثات , فأسرعت وكالة الشرق الأوسط الناطقة باسم النظام في الإسراع بتعديل الخبر , بأنها زيارة لإجراء عملية المرارة , العجيب إن كثير من الصحف المستقلة نقلت الخبر في البداية علي لسان صحف إسرائيلية , ثم أذاعت برامج التوك شو ليلأ خبر إجراء العملية علي لسان الوكالة , قائلة إجراء عملية الحوصلة المرارية للرئيس . و لم تذكر أي شيء عن وجود أورام في الأمعاء , و نقلت بالأمس بعض الأخبار عن إن الأورام في البنكرياس و هي أورام ليست حميدة .و هذه الأخبار تحتمل الصدق و الكذب , و لكن الخبر الذي لا يحتمل الكذب هو وجود الرئيس داخل العناية المركزة لعدة أيام بعد إجراء العملية , و بات اليوم من المؤكد إن إجراء عملية الحوصلة المرارية , بعد إجرائها بدون جراحة داخل مصر لا يستغرق اليوم سوى يومين في المستشفي و عدة أيام نقاهة في المنزل , لا تتعدي بكل الأحوال ثلاثة أيام أو أربعة .
إن الحياة و الموت بيد الله وحده , و إن الموت ليس فيها دخل من البشر و لكني أتسأل لماذا الخداع في صحة الرئيس , فإن كان المرض شديد فمن الأولي الإعلان عنه أيا كانت الحالة , فإنه لا يجب أن تتوقف أحوال البلاد , علي شخص واحد لم تنزل أي من الآيات آو الدلالات تدل علي انه قدر المصريين الحتمي و إلا تعرضوا لعقاب الله , إن مبارك و هو يخطو نحو عامه الثالث و الثمانيين يكن من الطبيعي أن يكون مريض مرضا يصعب معه القيام بأعباء الحكم , و هذا واضح في الحالة التي وصلت إليها البلاد و أصبحت الأزمات المتكررة هي سمة النظام الحاكم في مصر نهيك عن السلب و النهب الحاصل في مصر سواء بقروض من البنوك و سرقتها و تخريجها خارج البلاد , أو من استغلال نفوذ و سلطة وصلت بأصحاب السلطة في البلاد إلي أسوء استخدام , فلن تجد مسئول في مصر إلا ما رحم ربي و هم قليل , لم يجني من وراء سلطته الملايين , والأسماء أكثر من إن تحصي , و الأرقام مخيفة فاقلها إن أرقام الرشوة في مصر تصل إلي 2.2مليار دولار في مصر من مجموع الرقم العالمي و هو 100مليار دولار , ولم يسلم من ذلك أعضاء مجلس الشعب الذين دخلوا إلي المجلس نيابة عن الشعب في مراقبة الحكومة , و مازال منظر عضو المجلس الذي كان يذهب إلي مقر عمله بالدراجة , اليوم و بعد دخول المجلس أصبح يمتلك قصر و سيارة فارهة , و أصبح كل أفراد أسرته من ذوي الوظائف الحكومية في أفضل الوزارات في مصر من حيث الرواتب و المميزات العينية . و أخر لم يستفيد الشعب الذي انتخبه غير أنه كان الداعم القوي لأولاده الذكور لدخولهما كلية الشرطة و بعد التخرج أسرع في تعينهم داخل القضاء العسكري في وزارة الداخلية .
إن الثابت و الحقيقي إن مصر تعيش منذ فترة بطريقة الحكومات الانتقالية التي تنتظر حدوث شيئاً ما يعلمه أصحاب السلطة والنفوذ , فالرئيس الوزراء الذي أكدت كل الأخبار و التقارير عند تعيينه إنه رئيس وزراء لمدة سنة , و لكن ما حدث كان العكس , و استمر إلي الآن رغم أنه الأسوأ في تاريخ مصر . و الوزراء يتم تغييرهم بطريقة لا تنم عن أي تفكير سياسي و لا يصب تغييرهم في مصلحة البلاد , و المجموعة القديمة مازالت هي المهيمنة , و أصبحنا كل يوم نسأل نفس السؤال هو من يحكم مصر ؟ هل هو الرئيس المريض ؟ أم هل لجنة السياسات بزعامة مبارك الابن ؟ أما هي الملكة الأم سيدة قصر العروبة ؟ أم هو وزير الداخلية القابع في وزارته من ثلاثة عشر عاما و أصبح واحداً من أهم رجال النفوذ في مصر ؟ أم الحاصل بأن هناك تبعية لنظام آخر معروف , و كل ما ذكرناه و غيره يدور في فلكه و حسب تعليماته .
تكلم علماء الفقه السياسي الإسلامي منذ عدة قرون عن موجبات خلع الحاكم إذا طرأ عليه عدة أمور أذكر منها الأسر , الجنون , الكفر , المرض المزمن الذي لا يستطيع معه الحاكم القيام بواجباته في رعاية مصالح الرعاية .
و ها نحن الآن في خضم هذه الحالة فإما إن يخلع الحاكم نفسه , أو إن يجبره قاضى المظالم علي ذلك , و هو ما يشبه مجلس الدولة في النظام الجمهوري . و نظراً لأن الدستور المصري يشترط في منصب رئاسة الجمهورية بعد شرط الجنسية و الأربعين عاماً و غيرها أن يستطيع أن يقوم بأعباء الحكم , فإننا أهيب بكل من يخاف علي مصلحة هذا البلد أن يتقدم بطلب إلي جهة الاختصاص لطلب الرئيس بالتخلي عن منصبه نظراً لحالته الصحية , و التي يعلم الجميع أنها منعته من أداء واجبه تجاه البلاد بشكل كامل . و في حالة الرفض فأنا علي استعداد لتوكيل أي محامي علي استعداد لرفع دعوي قضائية لذلك .
و عند الحكم الذي لا يجب أن يخالف القانون و الشرع , فيجب أن يتم فتح باب الترشيح لاختيار الرئيس القادم . و لا داعي للانتظار إلي العام القادم.