مبارك في عيد الشرطة : عفواًَ لقد نفذ رصيدكم
...............................................................
| |
مبارك | |
بقلم : محمود طرشوبي
..........................
كان الخطاب الغير تاريخي الذي ألقاه الرئيس مبارك في عيد الشرطة يعبر حقيقة عن غياب الدورالفعال لمؤسسة الرئاسة , و إن الموضوعات الذي تشغل الرأي العام المصري , لم يتم طرحها في الخطاب و الذي تم طرحه كان التعبير عنه بشكل إستفزازي , خاصة بالنسبة لبناء الجدار الفولاذي علي الحدود مع غزة .
و لست أدري بأي منطق يبدأ الخطاب بالتهئنة للشرطة , و علي ماذا تكون التهئنة , إن مصر لم تشهد مثل هذه الحالة من العداء بين الشعب و الشرطة منذ عصر المماليك , وحتي في بعض عصور المماليك كان هناك نوع من احترام المواطنين لم يعد لها وجود الآن , كان من الآولي علي سيادة الرئيس أن يطلب من الشرطة في يوم عيدهم أن يحترموا أدمية المواطن .
إن مجرد فتح كشف حساب مع وزارة الداخلية في عام مضي , لن يصب آبدا في مصلحة المواطن و الوطن , إن قضايا التعذيب المنشورة تكفي للنظر الي ضباط الشرطة علي انهم وسيلة لإرهاب المواطن و ليست لأمنه , أم التعذيب الغير منشور , فلن تكفي عدد أوراق كتاب الفنون لابن رجب و المكتوب في 700 مجلد أن تحصره .
إن تقارير حقوق الإنسان في مصر و العالم لتشهد شهادة قوية عن ما تمارسه أجهزة الشرطة علي الشعب المستضعف , حتي علي فرض إن نصف أخبار هذه التقارير كاذبة , فيبقي النصف ألاخر شاهدا علي المعاملة المهينة التي يتعامل بها المواطن المصري داخل أقسام الشرطة و داخل مقارات الأمن .
و تكلم الرئيس في خطابه إن الجدار الفولاذي بين مصر و فلسطين لم يكن استجابة لرغبة أحد , و لكنها حماية لأمن مصر و شعبها .
و لست أعرف كيف يرضي النظام أن يفصل بين رفح المصرية و بين رفح الفلسطينية , رغم إنها مدينة واحدة لم يفصل بينهما إلا الحدود المصطنعة الذي صنعتها معاهدة ( سايكس بيكو ) و تم تكريس هذا الفصل بعد معاهدة السلام .
إن خدعة تهريب السلاح من غزةإلي مصر لهي خدعة سخيفة , فأيهما من يحتاج السلاح ؟ أهل غزة أم أهل مصر ؟
إن الثابت هو إن الجدار حماية لأمن إسرائيل من تهريب سلاح إلي الفلسطينين لكي يحاربوا به عدوهم و عدونا , و لكن اليهود الآن هم أقرب للنظام المصري من أهل فلسطين .
و من يقول إن الأسلحة التي أستخدمت في تفجيرات طابا و شرم الشيخ قد تم تهريبها من فلسطين فهو و اهم , فإنها متفجرات محلية الصنع , و أسالوا المتهمين في قضية طابا و شرم الشيخ .
أم مهاجمة حماس لأنها ترفع شعار المقاومة فهذا لا يصب إلا في مصلحة اليهود , أنا اشد منتقدي حماس لإنخراطها في السلطة و تركها المقاومة المسلحة الحل الوحيد للقضية القلسطنية , و لكن هذا ليس معناها أن أهاجم حماس و اعتبرها خارجة علي الشرعية مع انها حكومة منتخبة من الشعب الفلسطيني و أساعد أبو مازن الرجل الذي كشفت كل التقارير إنه لا يعمل إلا في صالح إسرائيل و كان أخرها نتائج التحقيق في تقرير غولدستون الذي كشفت أن ابو مازن كان وراء نأجيل مناقشة التقرير داخل مجلس الأمن حتي لا يتم إدانه إسرائيل .
و إذا كان بناءالجدار ليس لرغبة أحد كما يقول الرئيس في خطابه , فلماذا لا تنقطع الزيارات الأمريكية عن منطقة الحدود التي يتم فيها بناء الجدار , و لماذا صنعت الحوائط الفولاذية داخل الشركات الأمريكية , و إذا كان القرار صادر من الإدارة المصرية بدون تدخل خارجي فلماذا لم يتم الكشف عنه إلا علي أوراق الصحف الإسرائيلية ؟ أليست للدولة و كالة أنباء تذاع من خلالها أخبار الدولة ؟
إن التكذيب الذي نطقت به صحف و أجهزة الدولة عندما بدأت و سائل الإعلام الإسرائيلية و الأجنبية تدواله لهو دليل عن إن ما يحدث في الخفاء لا يرضي الشعب المصري و هوعمل استجابة لإملاءات خارجية , و عندما بدأت الدولة في تأكيد الخبر , بدأ رؤساء تحرير الصحف القومية في تبرير ما فعله النظام في الخفاء , و الهجوم علي حماس كأنها السبب في بناء هذا الجدار , و كأنها هي التي إحتلت فلسطين و ليس اليهود .
إن الإتهامات التي ألقيت علي الدولة العربية المقصودة في خطاب الرئيس , من أنها تقيم مؤتمرات الخطابة لهجوم علي مصر .
آيا كانت هذه الدولة فلم يكن من اللائق أن يكون الكلام علي طريقة الخناقات البلدي ( بيوتهم من زجاج ) و كان من الأولي أن نفكر لماذا تجرأت هذه الدولة و من فيها علي أن تفعل مع مصر ما فعلت .
إن المؤكد إن تخاذل النظام المصري لدعم قضية فلسطين منذ حرب غزة و إلي الآن كان هو السبب وراء تشويه سمعة مصر في العالم الإسلامي كله , و إن كل ما تقوم به مصر الآن هو الإشراف علي اتمام المصالحة بين الفضائل الفلسطينية , و التي تتم تحت إشراف الوسيط الأمريكي الغير نزيه , أما التعامل مع إسرئيل , فيتم علي انها دولة صديقة من جانب النظام علي الأقل و لقد أظهر تقرير ( إعمار ) إن مصر هي البلد العربي الأكبر في التبادل التجاري مع اليهود .
إن خطاب الرئيس في عيد الشرطة قد كشف عن ضعف النظام المصري و تهافت الخطاب الرسمي , حتي متابعة و سائل الاعلام العربية للخطاب , كلها كانت تتمحور حول من هي الدولة العربية التي قصدها الرئيس في خطابه .
و بالنسبة لإهتمام الشارع المصري فقد كان ضعيف و هو إنعكاس لضعف رصيد الرئيس داخل المواطن المصري .
أعرف أن هناك شريحة كبيرة من المصريين يحبون الرئيس مبارك , و ليس لذلك سبب غير إنهم لا يعرفون لمصر رئيس غيره .
فهناك جيل ولد في مطلع السبعينات لم يدرك حكم الرئيس السادات فلم يري غيرمبارك رئيساً لمصر , و جيل آخر و لد في مطلع الثمانينات , هذا الجيل ولد و تربي و تعلم و تخرج و تزوج و أنجب و لم يعرف رئيساً لمصر غير مبارك .
اللهم احفظ مصر و المصريين .