فى ذكرى حادث دنشواي : 13 يونيو 1906 ............................................................... عادل مليكة ..............
هل كان ضروريا إغتيال بطرس باشا غالى ناروز فى قضية دنشواى؟ أم كنا نتركه لحكم التاريخ كما فعلنا بإبراهيم بك الهلباوى ممثل الإتهام وممثل الدفاع أحمد فتحى زغلول شقيق سعد باشا زغلول؟ إليكم بعض الحقائق التى تناساها التاريخ كما عودنا ، ومهما كان الدور الذى لعبه المصريون المشتركون فى هذه الفجيعة الممثلة فى محكمة دنشواى، فلن يسامحهم التاريخ لإشتراكهم بصورة أو بأخرى فيها. هؤلاء المصريون هم بطرس باشا غالى ناروز رئيسا للمحكمة، إبراهيم بك الهلباوى ممثلا للإتهام وأحمد فتحى زغلول ممثلا للدفاع. كان أقل ما يجب أن يفعلوه أن يعتذروا عن الإشتراك فى هذه المهزلة. بعض المصريين من أمثال إبراهيم الورداتى، الذى إغتال بطرس باشا، كثيرا ما يأخذون القانون بأيديهم ينفذونه كيفما يفسرونه.
المجرم الحقيقى فى مأساة دنشواى هو اللورد كرومر ممثل الإستعمار الإنجليزى، وسوف نتناول ذلك بالتفصيل فيما يلى.
بدأت بحثى عن تفاصيل "دنشواى" بعد ما شد إنتباهى ما قرأت فى وطنى عدد أول إبريل 2007 فى مقال عنوانه النادى الأهلى ...مصنع الأبطال ... ورد فيه أن مصطفى كامل قد شكل (8 ديسمبر 1905) نادى يجمع فية طلبة المدارس العليا ليكون بمثابة شوكة فى جسد الإحتلال البريطانى الذى بدأ فى 1882. ويستطرد الخبر ليقول وبعد شهور خرجت من النادي 6 رصاصات هزت مصر كلها وهزت أيضا الاحتلال الإنجليزي أطلقها الطالب إبراهيم الورداني الذي درس صيدلة في لوزان بسويسرا أطلقها علي بطرس باشا غالي وزير الحقانية لأنه كان القاضي الذي أصدر أحكام الإعدام في حادث دنشواي المشهور". بعد ذلك أغلق النادى وبدأت فكرة إنشاء النادى الأهلى لينافس نادى الجزيرة، نادى الإنجليز. وأردت الإستزادة عن دنشواى فلجأت الى الإنترنت. وقفة سريعة هنا. أولا مصطفى باشا كامل كان يدعو لإنهاء الإحتلال الإنجليزى، خاصة بعد دنشواى، ولكنه كان يدعو الى عودة الحكم العثمانى بدلا منه. والحزب الوطنى كانت له هوية دينية. والآن نعرف من أين تخرج إبراهيم الوردانى.
دنشواى القرية تقع فى مركز الشهداء، شبين الكوم، المنوفية. دنشواى الحادث، مأساة بشعة بكل المقاييس الإنسانية. مأساة إهتز لها ضمير العالم أجمع وخاصة فى مصر وأيضا فى إنجلترا. وقعت منذ أكثر من مائة سنة فى يوم الأربعاء 13 يونية سنة 1906 فى أيام الإحتلال البريطانى لمصرالذى بدأ عام 1882 وأيام الحاكم العسكرى لمصر "أيفيلين بيرنج" المعروف باللورد كرومر 1883-1907 وكان العامل الأساسى الذى دفع "إنجلترا" الى البقاء في مصر بعد أن كانت عازمة على الخروج منها.
ما علق بذهنى عن هذه المهزلة بصفة عامة هو: عساكر إنجليز يصطادون حمام بالقرب من أبراج حمام الفلاحين فى دنشواى، إصابة إمراة المأذون، موت أحد الإنجليز بضربة شمس، قتل أحد شباب القرية بسونكى الإنجليز، محاكمة الفلاحين، محكمة برئاسة بطرس باشا غالى حكمت بالإعدام على أربعة فلاحين وجلد وسجن آخرين ثم إغتيال رئيس المحكمة بطرس باشا غالى على يد الصيدلى إبراهيم الوردانى، وأخيرا صوت عبد الحليم وهو يشدو من كلمات الفنان صلاح جاهين "ودم أحرارنا اللى راحوا فى دنشواى".
وبعد مراجعتى لأحداث هذه الفجيعة على الإنترنت وجدت الكثير مما كتب لم نسمع عنه فى مصر، فلم توضع أمامنا الحقائق بأكملها. وصدمت بالحقائق التالية:
1- المحكمة مشكلة عام 1895. 2- معظم القضاة إنجليز. 3- كان للإنجليز السيطرة الكاملة على كل مراحل القضية. 4- المشانق معدة قبل النطق بالحكم. 5- لم يقل غضب الشعب الإنجليزى عن غضب الشعب المصرى. 6- تم إغتيال بطرس باشا غالى 1910 ودنشواى وقعت فى 1906. 7- إختلفت الأحكام التى أصدرها الشعب المصرى على أعضاء هيئة المحكمة من المصريين.
1- المحكمة مشكلة عام 1895. من أرشيف الأهرام (11 يونية 2002)، ذكرت الدكتورة لطيفة سالم بعد أن عددت المشاحنات التى دارت بين الإنجليز والشعب المصرى قام اللورد كرومر "وشكل محكمه مخصوصه في25 فبراير1895..." وعضويه كل من المستشار القضائي الانجليزي, وقاض انجليزي".
كذلك ذكرت جريدة المقطم (http://www.coptichistory.org/new_page_425.htm) أن الإنجليز كانوا قد أنشأوا عام 1895 محكمة مخصوصة لمحاكمة المصريين الذين يعتدون علي الإنجليز! إذن ما حاجتهم لتشكيل محكمة جديدة لدنشواى طالما أن المحكمة موجودة ومشكلة وما تشكيل المحكمة برئاسة بطرس باشا غالى ما هو إلا مناورة دنيئة للإيحاء بأن قراراتها نابعة من مصريين على مصريين وأن الإستعمار ممثلا فى اللورد "كر ومر" منها براء.
2- معظم القضاة إنجليز. من أرشيف الأهرام (11 يونية 2002) المشار إليه أعلاه أن المحكمة المشكلة فى 1895 كان بها أعضاء إنجليز " وعضويه كل من المستشار القضائي الانجليزي, وقاض انجليزي". وذكر موقع دانى موريسون: http://www.dannymorrison.com/articles/pigeons.php: ِِ A summary trial was held (The judges were mostly British) أى عقدت محاكمة سريعة وكان معظم القضاة إنجليز. من منّا يعرف هذه الحقيقة بأن هناك عديد من القضاة؟! أليس كل ما نعرفه أنه لم يكن سوى قاض واحد هو بطرس بشا غالى؟! ليس لهذا الموقع مصلحة لطمس الحقيقة وإن كان لة أن يطمسها فكان أجدر به أن يكيل اللوم على المصريين.
3- كان للإنجليز السيطرة الكاملة على كل مراحل القضية. بعد الحادث، سيطر الإنجليز على كل الخطوات، من تشكيل المحكمة، الى قراراتها وحتى أسلوب تنفيذ العقوبات. استشاط غضب اللورد كرومر إذ كيف يتجرأ رعاع أسافل يتطاولوا ويعتدون على أسيادهم جنود الإحتلال ويقتلوت جنديا إنجليزيا، بالرغم أنة ثابت حتى للإعلام الغربى أنة مات بتأثير ضربة شمس. أليس هذا منطق الإستعمار الإنجليزى؟ وتأييدا لذلك ذكر هذا الموقع: "كان رد الفعل من الإنجليز مدويا (explosive)". أى أن النية مبيتة للإنتقام وبعنف. فجاء الجيش البريطانى (وليس قوات الشرطة المصرية) وقبض على 52 من الفلاحين وقدمهم للمحاكمة. كما ! ذكر موقع www.siyassa.org.eg/egypttales/Months/june.html تأكيدا لهذا الخبر: "أراد اللورد كرومر، كرد فعل لهذا الحادث، أن يعطى درسا لكل المصريين. فعقدت محاكمة سريعة وجلد بالسياط وأعدم المتهمون أمام عائلاتهم بعد 15 يوما من الحادث". قضية بهذا الحجم فيها 52 متهما تستغرق 15 يوما. ونلخص موقف الحكومة ورعبها من الإستعمار يترجمه نص الرسالة الأولى التى إنطلقت من مركز الأحداث فى دنشواى المرسلة الى المسؤولين فى القاهرة، تقول: "أن معركة وقعت بين الأهالى والضباط تبادل فيها الطرفان اطلاق النار ... وكان البحث جاريا عن هؤلاء الذين "تجرئوا" على رفع عصيهم وقذف احجارهم على جنود جيش الإحتلال البريطاتى". دفاع الفلاحين عن أرضهم وعرضهم يراه حتى المسؤولون المصريون أنه "تجرؤ. وكذلك ذكر الموقع: http://randompottins.blogspot.com/2006/10/hanging-matters-from-denshawai-to-suez.html "وأصر الإنجليز على الإنتقام وحوكم 52 من القرية أمام محكمة يرأسها أضحوكة أو أداة (stooge)أسمه بطرس غالى وهذا إشارة بأنه وضع للمخادعة فقط وليس له الا صفة صورية. وتوج صلف المحتل وعدم إحترام رموز السلطة المصرية فاعتمد اللورد كرومر قرار المحكمة متخطيا الخديوى. أين خديوى مصر من محولة ظلم الفلاحين؟ بطرس باشا " كان أول من يحصل على رتبة الباشاوية من قبط مصر بعد توسط أحمد عرابي شخصيا لحصوله عليهإ. فهل خُدع فيه أحمد عرابى؟
ومن أرشيف "الأهرام" وعلى لسان كتاب أفاضل يلفتون النظر الى الجناة الحقيقيين: أنيس منصر: ولو طالبنا باعتذار الانجليز عن جرائم دنشواي... 17عدد ديسمبر 2006 عزت السعدني: ومنذ مائه عام حدثت في مصر واقعه دنشواي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال البريطاني في يونيو عام1906... 24عدد يونيو 2006 اقبال بركه: ومنذ مائه عام حدثت في مصر واقعه دنشواي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال البريطاني في يونيو عام1906. .. عدد 12 مايو 2004
4- المشانق معدة قبل النطق بالحكم. وكانت الأحكام قد صدرت قبل المحاكمة فذكر موقع http://www.coptichistory.org/new_page_425.htm أن جريدة المقطم يوم 18 ونيو 1906 ذكرت إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق!
5- لم يقل غضب الشعب الإنجليزى عن غضب الشعب المصرى. وهذا الموقع يبين غضب إنجلترا على ممثليهم فى مصر لما جروه عليهم من إستياء العالم بهم من جراء هذا التصرف:
"لقد حدثت حادثة مؤلمة فى قرية من قرى الدلتا بمصر هى دنشواى تحركت بسببها العواطف الإنسانية فى العالم كله، ورفع رجال أحرار الفكر مستقلوا الأخلاق والأطوار فى إنجلترا رافعين أصواتهم سائلين عما إذا كان يوافق لكرامة الدولة البريطانية وشرفها ومصلحتها أن تسمح أن ترتكب بإسمها أمر ظالم وقاس وأنه لمن الواجب على الذين يشغفون حقيقة بالإنسانية والعدل، أن يدرسوا هذه المسألة ويصدروا فيها حكمهم العادل، وهى المسألة الشاغلة لأمة بأسرها!! ... جئت أسأل الأمة الإنجليزية إذا كان يليق بها أن تترك الممثلين لها فى مصر يلجأون بعد احتلال دام أربعة وعشرين عاما الى قوانين استثنائية ووسائل همجية بل وأكثر من همجية، ليحكموا مصر ويعلموا المصريين ماهية كرامة الإنسان؟
وتهكم الفبلسوف "برنارد شو" ويسرد موقع دانى موريسون فى مكان آخر عن "برنارد شو" قوله أنه فى مقدمة لمسرحية له بإسم ‘John Bull’s Other Island’ ذكر فيها عن فظاعة تدخل الإنجليز فى الشرق الأوسط وما أسماه شو "ذعر دنشواى"... وكيف كان مثال لوحشية الإستعمار. النقد موجه للإنجليز ولم ينوه أحد لظلم القضاء المصرى. وأستطرد برنارد شو متهكما " وحيث لم يكن هناك غير مشنقة واحدة فيترك المشنوق نصف ساعة معلقا (يا للفظاعة) للنأكد من موته وليتحقق من مشاهدة أهلة له وهو يتأرجح. ولما كان يستلزم الأمر ساعتان لشنق أربعة رجال، حرص الإنجليز، إستمرارا للتسلية، جلد ثمانية رجال آخرون فيما بين مشاهد الشنق. ومن كثرة إحساس الإحتلال بالذنب والجرم، كذب اللورد كرومر على مجلس العموم بإنجلترا فى ذلك الوقت "وكانوا قد صوروا لمجلس العموم البريطانى بأن المحاكمة والعقوبات قد نفذت بكل إنسانية وكرامة." وحذر "شو"، إشارة الى دنشواى، ما معناه، إننى أخشى على الإمبراطورية أنها بتصرفاتها هذه لن يكتب لها غير الزوال. اللوم فى إنجلترا ذاتها ينتقد تصرفات الإحتلال الإنجليزى على غطرستة فى دنشواى. وكتب عزت السعدنى أهرام 24 يونية 2006 إذ قال: "وكتب عنها الكاتب الانجليزي الساخر برنارد شو قائلا:هذا يوم عار علي بريطانيا العظمي!
6- تم إغتيال بطرس باشا غالى 1910 ودنشواى وقعت فى 1906. يقول الموقع: http://randompottins.blogspot.com/2006/10/hanging-matters-from-denshawai-to-suez.html عن توقيت إغتيال بطرس باشا "وكان هناك إحتجاجات كثيرة فى بريطانيا وفى مصر... وإغتيل بطرس غالى بعد إعنمادة مد صلاحية قناة السويس لمدة 40 سنة." وفعلا أغتيل بطرس غالى 1910 بينما دنشواى وقعت 1906. ألم يعلق بذهننا جميعا أن الوردانى قد قام بعملية الإغتيال للإنتقام من أحكام دنشواى؟ أنا لا أبرر ساحة بطرس غالى فكما ذكرت، كان علية، علىأقل تقدير، أن يعتذر ويرفض الِإشتراك فى هذة المهزلة. هل كان محقا أو غير محق فى مد صلاحية قناة السويس؟ هذا موضوع آخر.
7- إختلفت الأحكام التى أصدرها الشعب المصرى على أعضاء هيئة المحكمة من المصريين. لم يكن بطرس باشا المصرى الوحيد فى تشكيل هذه المحكمة. وكتب هذا الموقع: "وإشترك فى المحاكمة نخبة من المصريين الحكوميين على رأسهم بطرس بلشا غالى ناروز رئيسا للمحكمة ... وثانيهم هو كبير محامى مصر المحروسة الملقب بشيخ المحامين "إبراهيم بك الهلباوى" ممثلا للإدعاء، وثالثهم هو الكاتب أحمد أفندى زغلول "شقيق سعد باشا زغلول" عضو المحكمة الذى كتب حيثياتها بيده ويمينة (شلت يمينه). وترافع الهلباوى كما لم يترافع من قبل وأجاد فى تصوير الواقعة على كونها صراعا حضاريا بين ضباط إنجليز أخيار وبين "سفلة" من فلاحين متوحشين ناكرين للجميل!" . وقام بإختيار الهلباوى المستشار ميتشل سكرتير الداخلية اختارته ليمثلها فى "إثبات" التهمة ضد المتهمين.
وللنظر الآن عما فعل الشعب المصرى بهؤلاء الثلاث: 1- أصدر إبراهيم الوردانى الحكم بإغتيال بطرس باشا غالى. أين بطرس باشا غالى أو حتى ممثل الإتهام إبراهيم بك الهلباوي من مشاهد تنفيذ الأحكام؟! المشاهد وقعت حيث إنتهت المحاكمة ولم يعد لأى منهم دور فى القضية. 2- ورد بهذا الموقع: أما ابراهيم الهلباوي فلقد عمر طويلا بعد الحادث لأكثر من ثلاثين عاما ذاق خلالها الذل والهوان من المصريين الذين قابلوه بالكراهية فى كل مكان. يقول الأديب يحى حقي: "حضرته –أي الهلباوي- يخطب في سرادق ضخم أزدحم فيه أنصار حزب الأحرار الدستوريين من أجل تخليص البلاد من يد المحتلين وقوبل خطابه بالهتاف والتصفيق وامتلأ الرجل ثقة وزهوا وظن ان الدنيا قد صالحته ولكنه لم يكد يفرغ من خطابه حتى أرتفع صوت في آخر السرادق يهتف: - يسقط جلاد دنشواي... كنا واثقين انها دسيسة بعث بها حزب الوفد لافساد الحفل بدليل ان المبعوث اتخذ مكانه بجانب الباب ليسهل عليه الهرب ومع ذلك فكأني بالحاضرين وقد مستهم الكهرباء فجأة واذا بهم كلهم – وهم أنصار الهلباوي – يقفون وقفة رجل واحد ويهتفون بصوت واحد يجلجل كالرعد: - ليسقط جلاد دنشواي. انه كان صوت مصر ينطلق من حلوقهم على الرغم إرادتهم". وفي عام 1940 مات الهلباوي وهو فى الثالثة والثمانين.
3- فأما أحمد فتحي زغلول، فإن شيئا لم يغفر له ما فعله يوم دنشواي حتى كونه شقيق سعد زغلول، وحدث انه رُقي لمنصب وكيل وزارة الحقانية (العدل) عام 1907 واقيم له حفل تكريم بهذة المناسبة بفندق "شبرد" وطلب منظمو الحفل من أمير الشعراء أحمد شوقي بالاشتراك فى الحفل بقصيدة فوعدهم بلإرسالها لتلاوتها – وكان لا يتلو شعره بنفسه – وفي الميعاد المحدد وصل رسول شوقي بمظروف الى فندق شبرد وفتحته لجنة الاحتفال فوجدت به ابياتا تقول : اذا ما جمعتم أمركم وهممتموا بتقديم شئ للوكيل ثمين خذوا حبل مشنوق بغير جريرة وسروال مجلود وقيد سجين ولا تعرضوا شعري عليه فحسبه من الشعر حكم قد خطه بيمين ولا تقرأوه في شبرد بل أقرءوه على ملأ من دنشواي حزين. وكانت لطمة... وأنقذ أحمد فتحى زغلول نفسه فغادر الدنيا كلها بعد ذلك بسنوات قليلة عام 1914 غير مأسوف عليه من أحد. نرى أن الأحكام التى أصدرها الشعب المصرى تختلف ما بين الوحشية والكراهية وضيق الأفق والغروروطبقت فلسفة الإغتيال الخاطئة دائما على بطرس باشا غالى وبينما تركت الأمور فى يد الله والزمن بالنسبة للهلباوى وفتحى زغلول، إذ عمر ابراهيم الهلباوي طويلا بعد الحادث لأكثر من ثلاثين عاما ذاق خلالها الذل والهوان من المصريين ورُقي أحمد فتحي زغلول لمنصب وكيل وزارة الحقانية. ولم يذكر أحد دور الخديوى من هذه القضية. إن لم يحكم القانون بسلطة القانون، فحكم الزمن هو العادل كما طبق على أمثال الخديوى والهلباوى وفتحى زغلول. ولكن يختلف الأمر فيصدر الحكم على بطرس باشا غالى بالإغتيال لأن دمه حلال وحاول البعض أن ينوه بأن الإغتيال كان سياسيا وليس دينيا (كأن الإغتيال السياسى محلل!). لم نفق بعد من غيبوبة التطرف الدينى وفلسفة الإغتيال ولم نتبين أن الوقت قد حان لنسمو بفكرنا ونحكّم سيادة القانون، وكفانا إنفعالات متخلفة يملأها التعصب فالرجولة هى المواجهة وأى جبان يستطيع ان يغتال ولكنها لا يجب أن تحتسب لة بطولة.
عادل مليكه adelmeleka@aol.com
|