توضيح حول مانشر فى المصرى اليوم
...............................................................
| |
مجدى خليل | |
بقلم : مجدى خليل
..................
مقدمة ضرورية: نشرت المصرى اليوم بتاريخ 9 مارس خبرا عنى مقتطعا من سياق محاضرة مغلقة القيتها أمام مجموعة من الباحثين فى احد المعاهد الأمريكية المعروفة وهو "منتدى الشرق الأوسط". عقب نشر الخبر كتبت هذه المقالة وارسلتها للجريدة كحقى للرد وتوضيح وجهة نظرى تجاه ما نشر، وهو حق أساسى وفقا لمواثيق العمل الصحفى المحترم، وبعد اسبوع من عدم النشر اتصلت برئيس مجلس الإدارة والمساهم الأكبر فى الجريدة المهندس صلاح دياب وقد وعدنى بنشر المقال، وبعدها اتصلت بالأستاذ مجدى الجلاد رئيس التحرير وقال لى أن ردى سينشر غدا... ومر الغد وبعد الغد.. ولم أجد المقال منشورا.أنا اقدر الضغوط التى تقع على الصحف من جهات معينة والاوامر التى يتلقونها لنشر خبر معين لتشويه سمعة بعض الشخصيات، ولكن يبقى حق الرد مسألة لا تحتمل النقاش فى الصحافة المحترمة. وها أنا أضع ردى امام الرأى العام لتوضيح وجهة نظرى على الأقل فيما قيل عنى.
مما هو جدير بالذكر أن المصرى اليوم قد اجرت معى حوارا عام 2008 فى القاهرة اجراه الصحفى عمرو بيومى، وعام 2009 بالتليفون من أمريكا أجرته صحفية من مقر الجريدة بالقاهرة، ولا اعرف مصير هذه التسجيلات الطويلة التى اجروها معى، وهل تقوم المصرى اليوم بعمل هذه التسجيلات لجهة أخرى غير الصحيفة؟.
منذ اشتغالى بالعمل العام واقترابى من مشاكل الأقباط وضعت ثوابت رئيسية فى كتاباتى ملتزم بها بصرامة واتحدى أن يواجهنى أى شخص بجملة واحدة كتبتها أو نطقتها ضد هذه الثوابت رغم كثرة كتاباتى واحاديثى، وفى كل هذه الكتابات والاحاديث ادعو الأقباط أيضا للإلتزام بهذه الثوابت.
الثابت الأول: عدم تبادل العنف بالعنف
ولهذا أدعو دائما الأقباط أن يستخدموا الوسائل السلمية والقانونية من آجل الحصول على حقوقهم المهدرة فى المواطنة غير المنقوصة، وأعتبر أن اللجوء للعنف يفقد القضية القبطية قيمتها ويفقد النضال القبطى قوته الإيجابية وفاعليته ،علاوة على أن أستخدام العنف هو بمثابة طريق الإنتحار للأقلية القبطية.
الثابت الثانى: الالتزام بوحدة التراب المصرى والأمة المصرية
ولهذا اعتبر ما قاله السادات عن البابا شنودة بأنه يسعى لإقامة دولة للاقباط فى اسيوط من قبيل الإتهامات الكاذبة والرخيصة وغير الأخلاقية، فوحدة التراب المصرى من أسرار هذا البلد الخالد.
الثابت الثالث: موضوع إسرائيل
وأنا التزم بالحذر الشديد فى التعامل مع هذا الملف الشائك، نظرا لحساسيته القومية وتراكم كم كبير من الهوس المرتبط به، حتى أن الكثيرين يبتزون بعضهم البعض داخل مصر بسبب هذا الموضوع وذلك برغم وجود علاقات بين السياسيين في مصر واسرائيل وبرغم تفاوت المواقف والآراء حول هذا الملف داخل مصر بين الكثير من السياسيين والمثقفين المسلمين والأقباط على السواء.
ومنذ عام 2001 سافر الكثير من الباحثين العرب فى أمريكا من مصر والاردن والعراق ودول الخليج ودول شمال افريقيا إلى إسرائيل للمشاركة فى فاعليات هناك، وجائتنى دعوات عديدة للمشاركة فى مؤتمرات فى إسرائيل أو كزائر لمراكز ابحاث هناك ولكننى رفضتها جميعها بلا تردد، ورغم الحاح بعض اصدقائى العرب.. وكنت أقول مهما إن حسنت النوايا ومهما إن كانت الموضوعات بعيدة عن الموضوعات السياسية الساخنة إلا ان مبدأ الزيارة نفسه مرفوض تماما بالنسبة لى.
أما بالنسبة لامريكا ذاتها فالمعروف أن الكثير جدا من المراكز البحثية والمنظمات الحقوقية والسياسيين والإعلاميين فى هذا البلد الضخم هم من اليهود، وطبعا هناك فرق شاسع بين اليهود وبين الإسرائليين، فنحن نتعامل مع اليهود بصفتهم الأمريكية، فالمجتمع الأمريكى غنى جدا بالتنوع الدينى والعرقى والسمة الأساسية التى تجمع كل هؤلاء هى المواطنة للدولة الأمريكية والالتزام بالدستور والقانون الأمريكى.... ورغم كل هذه الإعتبارات الواضحة إلا اننى باعدت نفسى عن الأمور ذات الصبغة الدينية الصارخة، ولهذا رفضت دعوة كبير الحاخامات فى لوس انجلوس لإلقاء محاضرة امام الجالية اليهودية هناك، وجاءتنى عدة دعوات لحضور المؤتمر السنوى لمنظمة إيباك ورفضتها وكذلك الرابطة اليهودية لمقاومة التشهير وغيرها من المناسبات التى يبدو الدين أو مساندة اسرائل بقوة واضحا فيها. أقول رفضت كل هذه الدعوات رغم أن كبار المسئولين والباحثين من مصر يشاركون فى هذه الفاعليات وياتون من مصر خصيصا لذلك، وأنا المقيم على بعد عدة أميال من هذه المنظمات ارفض المشاركة فى فاعليتها حتى اتجنب الإتهامات الرخيصة من المتربصين.
ولكن فى نفس الوقت هناك منظمات لها الطابع البحثى العام يديرها يهود وهناك سياسيين من اليهود، ونعلم أن من بينهم داعمون لإسرائيل ولكن لا بد أن نتعامل معهم، فأغلب المنظمات والهيئات والمراكز الكبيرة فى أمريكا يوجد بها يهود والكثير منها يديرها يهود.
هناك مثلا 13% من اعضاء مجلس الشيوخ من اليهود، وعشرات الأعضاء فى مجلس النواب، والكثير من كبار السياسيين من اليهود أيضا، بما يعنى أن الذى يمثلنى فى الكونجرس يهودى والسفير الذى يمثل بلده لدى مصر أحيانا يكون يهوديا (ديفيد وولش مثلا) وطبيب أبنتى الصغيرة يهودى، ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالكونجرس يهودى ... والقائمة تطول، وعلينا أن نتعامل مع كل هؤلاء بما يتوافق مع مصالحنا وقضايانا وإلا حكمنا على أنفسنا بإلانعزال والتهميش، كما أن الزعم بان كل يهودى هو عدو أو ضد مصر هو عنصرية بغيضة وهوس وكراهية غير مقبولة،فمعيار تعاملنا مع البشر هو صفتهم السياسية وصفة المواطنة لا بصفتهم الدينية.
بعد احداث نجع حمادى اتصل بى نائب مدير "منتدى الشرق الأوسط" وهو أمريكى من اصل مصرى، ريموند إبراهيم، ، للحديث فى لقاء مغلق بالفيديو كونفرانس امام باحثى واعضاء مجلس إدارة المنتدى عن اوضاع الأقباط فى مصر،وهم باحثون ينتمون إلى اعراق وأديان مختلفة ويجمعهم العمل فى مركز دراسات أمريكى. ويوم 26 فبراير أدار ريموند أبراهيم هذا اللقاء الذى أستمر 45 دقيقة تقريبا تحدثت فيها عن كافة الأمور المتعلقة بأوضاع الأقباط بصفتى الشخصية وامام مركز دراسات أمريكى ونائب الرئيس فيه ومدير الندوة مصرى... واختتمت لقائى بمناشدة جميع الأحرار فى العالم دعم قضية نضال الأقباط من آجل المواطنة. ولكن فى سياق المحاضرة جاءت جملة بأن الدفاع عن الدولة المدنية فى مصر هو فى مصلحة الجميع: الغرب وأمريكا واليهود وغيرهم، وأن الأقباط هم الكتلة الرئيسية التى تناضل من آجل منع مصر من أن تتحول لدولة جهادية معادية للجميع، وهو كلام مشابه لما قاله باحث مصرى معروف هو مأمون فندى فى جريدة المصرى اليوم ذاتها.. نعم هذه مقولات سياسية يتفق عليها الكثير من الباحثين فى العالم كله من أن الدفاع عن الدولة المدنية فى مصر هو فى مصلحة الجميع :الغرب والامريكيين والاوروبيين واليهود والمسيحيين والمسلمين المعتدلين، كما أن وجود الاقباط وتعزيز دورهم يحافظ على هذه الدولة المدنية....
نعم أنا أطلب من كل من أقابله فى العالم كله ومن اصدقائنا الباحثين والإعلاميين الأمريكيين بالدفاع عن الدولة المدنية فى مصر وعدم التجاوب مع هؤلاء الذين يسعون لتحويلها إلى دولة دينية طالبانية. وأفتخر أننى نشرت العديد من الأبحاث فى أمريكا ضد الدولة الدينية فى مصر فى وقت كان بعض المسئوليين الأمريكيين يساندون محاولة بعض الإسلاميين لحكم مصر. وأفتخر أيضا أن الكتلة القبطية فى مصر هى عامل أساسى فى منع مصر بأن تتحول لدولة دينية.
إن هذا الخبر الذي نشر فى المصرى اليوم يوم 9 مارس هو اقتطاع جزء من سياقه بهدف تشويه سمعتى، ولهذا فقد أرسلت نص المحاضرة لصحيفة الدستور وقد نشرتها كاملة يوم 11 مارس الجارى.
بقت مسألة الخلط بين "منتدى الشرق الأوسط" الذى تحدثت أمامه و "منتدى الشرق الأوسط للحريات" الذى أسسته فى القاهرة والإيحاء وكأنهم مركز واحد، وهذا بالطبع غير صحيح بالمرة بل ولا توجد علاقة بين المركزين بأي صورة من الصور. ولذا أيضا وجب توضيح هذه النقطة:
«منتدى الشرق الاوسط للحريات» المسجل فى مصر هو مركز مصرى مائة فى المائة ولا يحصل على أى دعم من أى جهة، ولم نحصل على مليم واحد او سنت واحد من اى منظمة أو حكومة أو هيئة فى أى مكان فى العالم، وميزانيته تقدم سنويا لمصلحة الضرائب منذ تأسيسه ويشرف عليها واحد من كبار المحاسبين فى مصر.. والجهات المصرية تعلم عنه كل شئ وتراقبه من جميع النواحى.
تبقى كلمة اخيرة أننى أرفض أن يزايد أحد على وطنيتى، واعلم أن الكثيرين متربصين بى.. ولكنى اطمئن هؤلاء المتربصين بأنهم لن يجدوا شيئا أخجل منه فى تاريخى كله لا على المستوى الشخصى ولا على المستوى الوطنى.
magdi.khalil@hotmail.com
المحرر : وصلنا هذا التوضيح بالايميل من الناشط القبطى مجدى خليل