المواطنة هي أولوية الأقباط
...............................................................
| |
مجدى خليل | |
مجدى خليل
..........
مع نهاية عام وبداية عام جديد نتمني لقرائنا ولشعبنا ولمصرنا الحبيبة وللعالم اجمع كل خير وازدهار وتقدم.
سقف مطالب الأقباط هو المواطنة الحقيقية الكاملة غير المنقوصة، ويسعون لتحقيق ذلك بآليات سلمية وقانونية.أذن المطالب مشروعة ودستورية والآليات مشروعة وقانونية، ولكن يتحتم علينا أن ننبه الأقباط إلى التركيز على المواطنة وعدم تشتيت جهودهم فى أمور ثانوية ومؤجلة، فالمشاكل الحقيقية التي يعاني منها الأقباط هي الانتهاك المتزايد لحقوقهم في المواطنة بشقيها المتعلق بالمساواة والمشاركة.
كل القضايا الأخرى بخلاف قضية المواطنة هي قضايا صغيرة وفرعية ولا مجال للحديث عنها الآن.
ولكن مما يؤسف له ما حدث في الشهور الأخيرة من تركيز بعض الأقباط على قضايا فرعية، وقضايا صغيرة ودخلوا في معارك وهمية وبطولات دون كيشوتية لا معني لها سوي تبديد الجهد والطاقة والبعد عن جوهر قضيتهم الأساسية في حقوق المواطنة.
ونتيجة لهذا الخلل المؤسف في ترتيب الأولويات القبطية غاب الأقباط بشكل قد يكون كاملا عن المشاركة بفاعلية في الجدل والحوار الدائر حاليا والممهد للتعديلات الدستورية المرتقبة، رغم أن هذه التعديلات تصب بشكل أساسي ومباشر في حقوقهم كمواطنيين وفي صلب وضعهم كأقلية دينية تخالف دين الأغلبية وتتعرض للإضطهادات المستمرة من جراء ذلك.
العمل نحو تحقيق المواطنة يتطلب تفعيل الجانب السلبي الدفاعي، وتكثيف جانب التحرك الإيجابي:
أولا: فيما يتعلق بجانب الدفاع السلبي.
هناك العديد من القضايا التي تصب بشكل مباشرة أو غير مباشر في تعزيز حقوق المواطنة مثل:
� مقاومة التمييز والتفرقة والاضطهاد وفضح ممارساته.
� مقاومة ظهور الدولة الدينية ومن يقف ورائها ويدعمها.
� مقاومة الإرهاب والتعصب الديني والمساهمة في الحملات الوطنية والعالمية ضده.
ثانيا: تكثيف جانب التحرك الايجابي
ومع ضرورة العمل الدفاعي في مقاومة الأضطهاد فإن العمل الإيجابي يمثل ضرورة ملحة للإنتقال من الحالة الدفاعية إلى التحرك الإيجابي، ومن وضع المدافع إلى وضع الشريك، ومن مقاومة إنتهاك الحقوق إلى التمتع بميزات المواطنة، ومن الصراخ والعويل إلى المشاركة في التغيير ،ومن تقبل الأمر الواقع إلى السعي نحو تغييره للأفضل. هناك العديد من العوامل الايجابية التي تصب بشكل مباشر في تحقيق مواطنة الأقباط منها:
*المشاركة السياسية النشطة بكافة مستوياتها مثل، انتخابات اتحادات الطلاب والنقابات وأتحادات العمال والمحليات وصولا إلى أنتخابات مجلس الشعب والشوري والمشاركة في العمل الحزبي والثقافي وفي كافة أوجه النشاط السياسي.
* التنسيق والتعاون مع القوي الليبرالية والعلمانية وقوي المجتمع المدني وأنصار الدولة المدنية، ودعاة الديموقراطية وحقوق الإنسان.
* التسلح بالوعي السياسي والاجتماعي في فهم الذات والآخر وما يدور حولنا وفى عالمنا من أحداث وتحديد أولوياتنا وكيفية تحقيقها بأقصر الطرق.
* تنسيق وتفعيل الجهود القبطية في إطار تحقيق الفاعلية والترابط.
* التفاعل مع مكونات المجتمع الأخرى فيما يتعلق بالتعايش المشترك ولكن بحكمة ووعي وحرص، حتى يكون تفاعلا إيجابيا مثمرا.
* مساندة الكنيسة القبطية في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها من أجهزة الدولة ومن الإعلام المتحامل والمثير ومن المتعصبين ومن بعض الأقباط المغرضين والمندسين.
* التفاعل الايجابي النشط مع المجتمع الأقليمي الدولي.
* تحصين الشباب والشابات عائليا وكنسيا ضد عوامل التذويب والاستهداف والضغوط والاغراءات.
* التسلح بالواقعية السياسية في إطار وضوح المبادئ والأهداف الحاكمة للعمل العام.
* تفعيل التنسيق مع الكنائس الاقليمية والعالمية، وهناك تفهم متزايد من الكنائس العالمية حاليا لأوضاع الأقباط وكنيستهم والضغوط والأضطهادات التي يتعرضون لها.
يأتى على رأس اولوياتنا في الأسابيع القادمة تكثيف الجهود لضمان تواجد حقيقي في النقاشات الدائرة حول التعديلات الدستورية.
إن التعديلات الدستورية مسألة لا تحدث كل يوم بل كل عدة عقود، وربما لا تحدث مرة أخرى في حياة جيلنا، وغيابنا المؤسف عن النقاش والضغوط الدائرة لصالح تعديلات دستورية متوازنة يجعلنا أمام مسئولية تاريخية وتقصير تاريخي سوف نحاسب عليه أمام ضمائرنا وأمام شعبنا وأمام الله.
إذا فشل الأقباط في الحصول على ضمانات دستورية في التعديلات القادمة تعزز مشاركتهم السياسية نحو المواطنة وتحمى حقوقهم فى دولة مدنية حديثة فإن ذلك سوف يكون أمرا مؤسفا للغاية. ولكن السؤال، ما هو المطلوب منا كأقباط في الأسابيع والشهور القادمة حتى تتم التعديلات الدستورية بشكل لا يتجاهل واقعنا السياسي الحزين ومحاولة إصلاحه؟، وما هي الأسس التي نسعي إليها في التعديلات القادمة؟، وهل مطلبنا في التمثيل النسبي يشكل ضمانة مستقبلية من آجل المشاركة السياسية الحقيقية؟، وما هو الفرق بين التمثيل النسبي والتمثيل الطائفي؟ وما هي الخطوات والجهود العملية العاجلة المطلوبة منا بدون كلام نظري لكى نشارك في هذا الحدث الهام ولا نخرج من المولد بلا حمص كما يقول المثل الدارج؟.
كل هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عليها بالتفصيل في فى مقالنا البحثى الاسبوع القادم، و والذى سوف يركز على مسألة التعديلات الدستورية ودورنا العاجل في تفادي تجاهلنا أو المتاجرة بنا من قبل البعض، وكيف ننسق جهودنا الإيجابية في هذا الاتجاه.
التعديلات الدستورية المقترحة التى ارسلها الرئيس مبارك إلى مجلسى الشعب والشورى تتجاهلنا بشكل مؤسف، وإقرار هذه التعديلات المقترحة بشكل نهائى يأخذ أكثر من ثلاثة أشهر وهذه هى فرصتنا الأخيرة لتفادى هذا التجاهل.
التحرك السريع الفعال العاجل هو ما يجب أن نفعله حتى يتم تصحيح هذا الخلل قبل إقراره....فلنكن جميعا على مستوى المسئولية.
انتظرونا فى المقال القادم لتوضيح خطوات هذا التحرك.
magdi.khalil@yahoo.com