ياأقباط المهجر.. رفقاً بالوطن !!
...............................................................
د. محمد فؤاد منصور
........................
|
د.محمد منصور |
الأخوة أقباط المهجر لديهم مشكلة تؤرقهم هى الخوف من المادة الثانية للدستور المصرى والتى تنص على أن الشريعة الأسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ولاأعرف مبعث الخوف من مادة تؤكد على هوية غالبية أبناء الشعب المصرى ؟! فالمادة تنص بين طياتها على أن هناك مصادراً ثانوية طالما نصت على أن هناك مصدراً رئيسياً هذا هو المفهوم من ظاهر النص ولاأدرى لماذا يفتعل هؤلاء مشكلة ويملأون الدنيا صراخاً مأساوياً على ماوصل إليه حال الأقباط فى مصر من إضطهاد وتهميش بزعمهم.
وماذا هناك من عناصر الأضطهاد التى أوردوها؟ لاشئ تماماً فأقباط مصر يعيشون معنا , نتنفس نفس الهواء ونعانى نفس المشاكل وليس هناك من تفرقة بين مسلم ومسيحى سواء فى فرص التعليم أو التوظيف ،والأنسان المصري يعتبر المسيحى أخاً له فى الوطن ،يحترم معتقده ويمكنه من آداء شعائر دينه حتى لو حصل على مزايا لايحصل هو شخصياً عليها كالحضور إلى العمل متأخراًساعتين فى أيام الآحاد عن زميله المسلم الذى يؤدى نفس العمل ويحصل على ذات الأجر لمجرد تمكينه من آداء صلاته فى كنيسته الشئ الذى لايُسمح به أى بلد آخر للمسلم إذا هو أختاره وطناً له حتى لو تجنس بجنسيته أو ولد على أرضه ، والقبطى يحصل على عطلات الأعياد الخاصة به إلى جانب العطلات الخاصة بأعياد المسلمين دون أن يفكر أحد فى الأعتراض أو المطالبة بتعويض عن هذه الأيام ليكون مساوياً له كمواطن فى بعض الأمتيازات التى يكفلها له دينه .
قد يشكو الأخوة الأقباط بأنهم محرومون من المناصب القيادية وهى شكوى صحيحة ولكنها ليست بسبب الدين لأن تلك المناصب فى أيامنا هذه لاتوزع حسب الكفاءة وإنما يحظى بها المقربون والأتباع حتى لو لم يكن لهم حظ من كفاءة أو تميز، فالبلوى إذن عامة وليست مقصورة عليهم دون غيرهم.
ماالذى يدفع أولئك الذين يعيشون فى أقطار بعيدة للتباكى على أحوال الأقباط فى مصر؟
إنهم ينادون بالمساواة،ويصرخون فى كل محفل بأنهم مضطهدون وإن حقوقهم ضائعة وأنهم يعانون من التعصب الأسلامى ضدهم فمن أين أتى هؤلاء بكل تلك الأفتراءات؟ إن المسلمين بدورهم يشعرون كما أسلفت بأن الأقباط يتميزون عنهم بالحقوق التى يكفلها كونهم أقباطاً ، السنة بها أثنان وخمسون أسبوعاً يحصل المسيحى فى كل أسبوع منها على ساعتين للصلاة إلى جانب نحو أثنى عشر يوماً عطلات دينية مسيحية فإذا أحصيت هذا وذاك تبين لك فى جلاء أن القبطى يحصل على نحوستة عشر يوماً زيادة فى الراحة أو الأنقطاع عن العمل لايحظى بها زميله المسلم رغم أن المادة الثانية من الدستور هى التى تحكم الموقف، لكنها لم تمنع الأقباط من أن يتميزوا فى الحقوق عن بقية المسلمين وإن كان العدل المطلق يقضى بأن يحصل الجميع على نفس عدد الأيام والساعات دون تفريق.
والأقباط ينادون بالمساواة فى تقلد المناصب العامة وهذا مطلب مشروع تماماً طبقاً لمبدأ المواطنة التى هى الأساس فى تقلد المناصب وليس الديانة لأن الفاسد يمكن أن ينبت من أى دين وأحتكار المسلمين للمناصب السيادية لم يضمن النقاء والشفافية وحسن السيرة والفاسدون المنتشرون بيننا والذين نهبوا البلاد وأفقروا العباد كان أغلبهم مع الأسف من المسلمين لكن الحقيقة ليست كما يصورها أخوتنا الأقباط فمناصب الدولة ليست حكراً على المسلمين ووزير ماليتنا اليوم هو أحد الأقباط البارزين وأحد قادة جيوشنا الثلاثة فى حرب أكتوبر المجيدة كان قبطياً بارزاً بل إن مصر حينما فكرت فى المنافسة على أكبر منصب عالمى لم تجد بين الملايين السبعين من أبنائها سوى قبطى بارز فمن أين يأتى ذلك الأحساس المرضى بالأضطهاد؟!
من يقرأ كلمات جاك عطا الله أو مجدى خليل يتصور أن المسلمين فى مصر يذبحون الأقباط على قارعة الطريق ، لقد ذهب بهم التعصب الأعمى للحد الذى أصبحوا فيه يهاجمون رموزاً أسلامية قديمة وجديدة هجوماً لايليق بمواطن متحضر ومحترم،إنهم يصمون كل مسلم بأنه إرهابى مع أن الأسلام الصحيح يتبرأ من كل فعل إرهابى بل إنه ضد ترويع الآمنين باسم الدين أياً كانت ديانتهم ، إنهم مع الأسف لايكفون عن التطاول على رموز دينية معتدلة مثل شيخ الأزهر أو مؤسسة الأزهر العريقة والتى كانت وماتزال تحمى صحيح الدين من هجمات المغالين والمتطرفين، إنهم كذلك يتطاولون فى كتاباتهم الرخيصة على الصحابة وأمهات المسلمين بالرغم من أن ألف وأربعمائة سنة تفصلنا عن هذه الحقبة التاريخية وبالرغم من أنه لم يصلنا عن الرسول عليه الصلاة والسلام إلا كل مافيه إكرام لأقباط مصر والحرص على حسن معاملتهم بإعتبار أن لهم صهراً ونسباً "إذا فتح الله عليكم مصر فاأستوصوا بأقباطها خيراً فإن لهم صهراً ونسباً ".
إن المصرى المسلم لايجرؤ على المساس ببطريرك الأقباط فهو رأس الكنيسة القبطية ومكانته عند المصريين جميعاً لاخلاف عليها فهو شخصية محترمة لايختلف على مكانتها مصريان فكيف والحالة هذه طاوعتهم نفوسهم على تحطيم الرموز؟
إن المسلم لايجرؤ على المساس بمنزلة ومكانة السيد المسيح وإلا أعتُبر كافراً وخارجاً عن الملة ولايجوز ذكر السيد المسيح إلا بمايليق بمكانته من قداسة وأحترام أما الذى أدعى أنه عليه السلام –حاشا لله – قد تزوج من مريم المجدلية فهو مع الأسف مؤلف رواية "شفرة دافنشى " والتى أحتفى بها الغرب ونشرها كتاباً ثم أخرجها فيلماً سينمائياً بينما هى ممنوعة تماماً فى مصر المسلمة والتى تعرف أقدار أنبياء الله أولى العزم من الرسل .
إن كتّاب المهجر لايجيدون قراءة التاريخ بل إنهم لايقرأون كتابات أهل ملتهم الذين لم يمنعهم إختلاف الدين عن إنزال كل عقيدة منزلها فتحدثوا عن الأسلام بما يليق به من إنصاف فهاهو "جوستاف لوبون" فى كتابه "حضارة العرب" يقول " إن القوة لم تكن عاملاً فى إنتشار الأسلام فقد ترك العرب المغلوبين أحراراً فى أديانهم فإذا حدث وأعتنق بعض النصارى الأسلام وأتخذوا العربية لغة لهم فذلك لما رأوا من عدل العرب الغالبين مالم يروا مثله من سادتهم السابقين ولما كان عليه الأسلام من السهولة التى لم يعرفوها من قبل، وقد أثبت التاريخ أن الأديان لاتُفرض بالقوة فلما قهر النصارى عرب الأندلس فضّل هؤلاء القتل والطرد عن آخرهم على ترك الأسلام، ولم ينتشر القرآن بالسيف إذن بل أنتشر بالدعوة وحدها.. وبالدعوة وحدها أعتنقته الشعوب التى قهرت العرب مؤخراً كالترك والمغول.."
وهاهو روبرتسون فى كتابه"تاريخ شارلكن" يقول " إن المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى"
ويقول "ميشود" فى كتابه ( تاريخ الحروب الصليبية) " إن القرآن الذى أمر بالجهاد نحو أتباع الأديان الأخرى قد أعفى البطاركة والرهبان وخدمهم من الضرائب وحرّم محمد قتل الرهبان لعكوفهم على العبادات ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى بسوء حين فتح القدس أما الصليبيون فقد ذبحوا المسلمين وحرقوا اليهود بلا رحمة حين دخلوا القدس" إن الراهب ميشود كان غاية فى الأنصاف وهويذكر فى كتابه (رحلة دينية إلى الشرق ) " من المؤسف أن تقتبس الشعوب النصرانية من المسلمين التسامح الذى هو آية الإحسان بين الأمم وأحترام عقائد الآخرين وعدم فرض أى معتقد عليهم بالقوة."
فمابال الأخوة عطا الله وخليل ومن لف لفهم يقيمون الدنيا ولايقعدونها ويتطاولون على رموزنا وشيوخنا ويجأرون فى كل محفل بدعوى إضطهاد لاوجود له ولادليل عليه ؟
إننا كمسلمين مصريين نرفض مصطلح الأقلية حتى وإن جاز فى مجتمعات أخرى فإنه لايجوز فى مصر فنحن فى مصر شعب واحد نتقاسم المعاناة ونشكو من نفس الأوجاع ولاننظر للأقباط كأقلية بل نعتبرهم شركاء فى الوطن لهم مالنا وعليهم ماعلينا ونحفظ فيهم وصية نبينا الكريم " من آذى ذمياً فقد آذانى ".
إننا نناشدهؤلاء الأخوة بحق ماء النيل الذى يجرى فى عروقنا معاًً أن يكفوا عن اللعب بالنار حتى لاتحرق أصابعهم