مبارك آخر في شرم الشيخ! يخت حسنى مبارك داخل الحظيرة عادل حمودة يحقق من مدينة الرئيس المخلوع - السلطان قابوس زاره سرًا بعد أن رسا قاربه بالقرب من منتجع الجولف - يخت العائلة الرئاسية عاد إلي حظيرته في ميناء «ترافكو» وخبراء البحر يؤكدون أنه غير قابل للغرق - صورته نزعت من أعمدة الكهرباء واسم حسين سالم لا يزال علي الشارع الرئيسي في خليج نعمة - طيار يرفض تعليمات سوزان ثابت بالإقلاع بحجة وجود عطل ميكانيكي - شاهد جمال يخت أمير قطر في «كان» فطلب منه واحدا مثله ثم طلب واحداً آخر لعلاء ثمنهما 60 مليون يورو - الرئيس السابق يصلي الجمعة في مسجد قريب ويختلي بنفسه بعيدا عن الزوجة والوريث - الحراسة الظاهرة لا تزيد علي سيارة شرطة تسد الطريق يسترخي أفرادها تحت شجرة - تصفية الحسابات بدأت بين الموظفين والمستثمرين باتهامات الاستيلاء علي الأراضي دون الاقتراب من 8 ملايين متر حصل عليها الشربتلي في نبق - توقعات بعودة السياح الألمان والإيطاليين خلال أسابيع قليلة لكن هناك خوفاً من غياب الأمن وهجمات البدو 1 في سرية تامة توقف موتور يخت السلطان قابوس بن سعيد خارج ميناء شرم الشيخ.. ليغادره حاكم عمان في هدوء يحسد عليه قبل الشاطئ بنصف كيلو متر.. وبعد أن استقل قارباً سريعاً من طراز " زودياك " وصل إلي مرسي منتجع مرتيم الجولف.. حيث يقيم مبارك منذ تنحيه.. وبعد أن اطمأن عليه.. وتحدث معه.. وجدد عرض استضافته.. عاد بنفس الطريقة من حيث أتي. بطريق الأسفلت.. يسهل الوصول إلي المنتجع لو عرفت علامته المميزة.. وهي تمثال رجل يلعب الجولف يتصدر مدخله.. والمنتجع بناه حسين سالم.. به 205 فيللات بيضاء.. وفندق خمس نجوم.. يعيش مبارك وعائلته في أربع منها.. بالقرب منها فيللا للحراسة.. وفيللا للسلطان قابوس نفسه.. وأخري لمبعوثه الشخصي ومستشاره السياسي عمر الزواوي.. لكن.. هذه الفيللات يصعب الوصول إليها.. فهي مستقلة عن غيرها.. لها شاطئ خاص بها.. وبوابات تعزلها عن باقي المنتجع. علي الطريق المؤدي إليها تقف سيارة شرطة (بوكس) زرقاء.. يجلس بجانبها تحت ظل شجرة عدد من الضباط والجنود في حالة استرخاء.. وبالقرب منها مدافع صغيرة مضادة للطائرات لا تراها العين من الطريق العام.. المعروف بطريق السلام. ويصلي مبارك الجمعة في المسجد الداخلي للمنتجع مع الموظفين والعمال وربما السكان.. ولم يعد يسمح لأحد من الخارج مشاركتهم الصلاة بعد أن استقر بينهم الرئيس السابق.. ولاحظ من يرون مبارك أنه أطلق لحيته (كما قلنا من قبل) وترك الشعر الأبيض يعبر عن نفسه بوضوح دون مقاومته بالصبغة حالكة السواد.. كما أن مبارك لا يزال يقاطع زوجته وابنه جمال ولا يسمح لهما بدخول غرفته.. حيث يقرأ القرآن أحيانا.. ويتأمل في حسرة ما حدث دائما.. كما أنه لا يتكلم معهما.. إلا فيما ندر. 2 ولابد أن الوريث الذي فقد عرشه يعاني من اضطراب نفسي حاد.. فقد كان يحكم ثم هوي من علي عرشه.. وانتظر أن يصبح رئيسا.. وتبخر حلمه.. بجانب أنه أساء إلي أبيه.. وأخرجه من التاريخ بعد أن خرج من الجغرافيا.. وهي ضغوط نفسية حادة ضاعفت من سرعة غضبه.. وفقدان أعصابه.. وإن كان لا يزال يتولي إدارة شئون العائلة.. فهو الذي اتصل بالمحامين للدفاع عنها.. مثلا. وشاركته في حالته النفسية المتردية أمه سوزان ثابت التي تصرفت في سنوات حكم زوجها بعنصرية امرأة بيضاء وضعها حظها العاثر في أمة من الزنوج لا تقدر النعمة التي فيها. ومؤخرا.. حاولت استعمال الطائرة الخاصة الوحيدة التي تحط علي أرض المطار بالقرب من مستودعات الوقود.. لكن.. الطيار رفض.. بحجة وجود عطل ميكانيكي يمنع الإقلاع.. لكنه في النهاية رضخ.. وحملها أكثر من مرة إلي القاهرة.. وسط تساؤل مهم: لماذا لا يحملها المرة القادمة خارج مصر؟ وعاد يخت مبارك إلي حظيرته بعد أن حاول أحد أفراد عائلته السفر به يوم الأحد الماضي قبل ساعات من قرار منع العائلة من السفر.. والحظيرة تقع ما بين ميناء اليخوت الخاصة، وهو ميناء تديره شركة ترافكو (شركة يمتلكها حامد الشيتي المجمدة أمواله هو وعائلته) وبين ميناء القوات المسلحة الملاصق له.. وبجانب اليخت يقف زورقان صغيران لعلاء مبارك كان يستخدمهما في الرياضات البحرية.. وللحظيرة بوابة عريضة من الحديد تؤدي إلي استراحة. ويصر خبراء السفن والبحارة في ميناء ترافكو علي أن يخت مبارك مصنوع من مواد خاصة تحميه من الغرق مهما كانت شدة العواصف وقوة الرياح وحدة الأمواج. 3 ونقلا عن السفير القطري بدر الدفع فإن أحد افراد العائلة الرئاسية السابقة شاهد يخت أمير قطر في مدينة كان (الريفيرا الفرنسية) فطلب واحدا مثله هدية لجمال مبارك.. وبعد أن استجاب.. طلب واحدا آخر هدية لشقيقه علاء.. فاستجاب أيضا.. ويصل ثمن اليختين إلي 60 مليون يورو.. وبسبب هذه الاستجابة وغيرها شعر القطريون بأنهم كسروا عين الحكم في مصر.. فلم يهذبوا من هجوم " الجزيرة " عليه.. بل ضاعفوا منه.. وإن توقعوا هجوما علي سفارتهم في القاهرة خلال أحداث الثورة انتقاما مما تفعله القناة.. فأغلقوا سفارتهم.. واستأجروا شقة أداروا منها شئونهم الدبلوماسية والقنصلية العاجلة حتي تستقر الأمور. لكن.. لا أحد من عائلة الرئيس المتنحي يستطيع أن يجاهر الآن بما يملك.. فهم صامتون.. قابعون.. لا أحد في شرم الشيخ يراهم.. أو يسمع لهم صوتا. 4 ويتحدث المستثمرون الأوائل في شرم الشيخ عن قطعة الأرض الشاسعة التي يمتلكها بطريق مباشر أو غير مباشر علاء مبارك في منطقة الهضبة.. وتسمي " أرض المزاد ".. وهي من أجمل بقاع المدينة.. وتطل علي الميناء القديم الذي اشتهر بشاطئ " ترا سينا ". لقد بيعت منذ سنوات كل قطع الهضبة التي تتراوح مساحتها ما بين 500 و800 متر بمبالغ لا تزيد علي الخمسين ألف جنيه وبعد أن تحولت إلي فنادق ومنتجعات ارتفع سعر القطعة الوحيدة التي لم تبن بعد ويمتلكها علاء مبارك وتزيد مساحتها علي ضعف المساحة العادية للقطعة الواحدة. ومؤخرا أقيم سور حول هذه القطعة بعد تسويتها وأضيف إليها شارع جانبي بعرض 6 أمتار ووضعت تحت حراسة أفراد يرتدون ملابس كاملة ويرفضون الرد علي التساؤلات. المقربون من خالد بن حسين سالم يؤكدون أنه في إحدي جلساته مع علاء مبارك في فندق موفنبيك ( مارتيم حاليا ) تحدثا في موضوع أرض الهضبة وقدرها خالد بنحو 20 مليون جنيه وتمني شراءها وكان سعرها في هذا الوقت لا يزيد علي مليوني جنيه. وفي اليوم الأول للثورة جري تغيير أقفال بوابة الأرض ومنذ أيام احتلها البدو ووضعوا عليها لافتة مكتوباً عليها «ملك البدو». 5 ولا أحد ممن يعرفون شرم الشيخ جيدا.. يصدق أن مبارك فيها.. فكل مظاهر وجوده السابقة وقت أن كان رئيسا اختفت تماما.. الحرس الجمهوري الذي كان يقف علي الطرق المؤدية إلي المنتجع الذي يسكنه تواري في قريته البيضاء القريبة من المطار.. أكمنة الشرطة الشرسة التي كانت تخنق المدينة تقلصت.. وأصابها الترهل.. وأصبحت مثل خيال مآتة.. لا تفزع أحدا.. ولا توقف أحدا.. ولا تفتش أحدا.. وصور مبارك التي كنت تراها علي أعمدة الكهرباء نزعت من مكانها.. ووضعت بدلا منها لوحات ثورية ترفع شعار " نحن نبني مصر ". والحقيقة أن المدينة السياحية الأولي في مصر تحولت ــ بكل ما فيها من سحر وجمال ــ إلي مدينة خالية من الحياة.. إلا قليلا من السياح الإنجليز.. رفضوا مغادرتها.. وأغلبهم من كبار السن الذين امتلكوا شققا تقاعدوا فيها.. وبينما أغلقت فنادق لا حصر لها فإن نسبة الإشغال في الفنادق المفتوحة لا تزيد علي عشرة في المائة مع انهيار في الأسعار لا يمكن تصديقه.. ويندر أن تلمح علي الشواطئ امرأة بالبكيني.. أو شاباً يستعد للغطس.. ومنذ ظهر القرش المفترس لم تنزل الراية الحمراء من مكانها.. ومات الزحام والصخب تماما من ممشي خليج نعمة.. وقلبت المقاهي والمطاعم علي جانبيه معظم مقاعدها.. وعرضت المحلات التجارية بضائعها في انتظار زبون يهبط من السماء.. وأبطلت اليخوت في الموانئ محركاتها.. وأطفئت الأضواء المبهرة لكازينوهات القمار.. وخرست الموسيقي التي كانت تخرج من كل مكان. 6 ما بقي علي حالة اسم حسين سالم علي الشارع الملاصق لفندق موفنبيك الذي نجح في بيعه بسبعين مليون دولار لناصر عبد اللطيف.. واجهه قذاف الدم في شراء المنتجعات والأراضي السياحية المحرم بيعها للأجانب حرصا علي الأمن القومي.. ولكن.. تدخل مبارك ومنع الصفقة.. فقد كان إتمامها علامة علي أن أقرب الناس إليه لم يعد يثق في النظام.. ويصفي ممتلكاته لينجو بنفسه قبل العاصفة.. ولا شك أنه يتمتع بحس مخابراتي قوي.. جعله يهرب في الوقت المناسب.. حاملا معه كل ما هو سائل ونفيس. وحسين سالم تزوج مرتين.. وأنجب من الأولي خالد وماجدة.. وتوصف بأنها الآمر الناهي.. وقد تزوجت أول مرة من محمد فتوح وهو أحد مساعدي والدها وأنجبت منه بنتا ثم طلقت لتتزوج من ضابط شرطة عمل في الكهرباء والمرور اسمه حاتم الشيخ أنجبت منه بنتا وولدا.. وكان يصلح الخلافات بينهما شخص يدعي أحمد جلال.. ويعرف وسط شلته في مصر الجديدة بميدو.. أصبح فيما بعد زوجها الثالث.. كان متزوجاً من قبل من هالة أم أولاده.. ويتاجر في ساعات رولكس وسيارات بي أم دبليو بعد أن أضاع ما ورثه في الهواء.. وكانت تعيش معه في فيللا تملكها في القطامية هايتس.. وتستعد لقضاء الصيف معه في فيللا بهاسيندا.. ويوم قرر حسين سالم الهروب طلب منه أن يأتي بكل ما يملك.. لكن.. عند صعود الطائرة منعته المضيفة لعدم وجود اسمه في قائمة الركاب.. ولم يتدخل خالد لمساعدته.. فقد كان مشغولا بابنه وابنته وزوجته «يتيت حمامي». وحاتم الشيخ جاء اسمه في بلاغ أخير ضد إبراهيم سليمان الذي منحه 3 قطع من الأرض في جولف القطامية مساحتها 2112 مترا لم يدفع منها سوي 150 ألف جنيه ثم باعها بمليون و600 ألف جنيه لرجل الاعمال أيمن العيوطي. 7 كانت فيللا حسين سالم في منتجع موفنبيك خليج نعمة هي أول مكان يسكنه مبارك في شرم الشيخ عندما شعر ــ في بداية التسعينيات ــ أنها مدينته المفضلة.. ثم انتقل إلي منتجع «مرتيم الجولف».. منذ خمس سنوات.. مالكا هو وعائلته أربع فيللات وفيللا الحراسة.. سجلت أوراق الشهر العقاري في مدينة الطور أن ثمنها نصف مليون جنيه.. ولو دفع هذا الثمن فعلا فإنه يكون أقل بكثير من الثمن الذي دفعه باقي الملاك.. وهو مليون و200 ألف جنيه في الفيللا الواحدة.. وهناك اعتقاد بأن حسين سالم تواري وراء وجود مبارك وعائلته في المنتجع لإخفاء المخالفات التي ارتكبها فيها. وعادة ما كان مبارك يظل في شرم الشيخ من منتصف أكتوبر إلي منتصف مارس.. وكثيرا ما كان يعود من رحلاته الخارجية إليها.. كما أنه كان يستقبل الكثير من ضيوفه الرسميين ــ خاصة الإسرائيليين ــ فيها.. كما فضل أن تكون عاصمة المؤتمرات التي تعقد في مصر بعيدا عن زحام العاصمة. ويمتلك حسين سالم في شرم الشيخ أيضا محطتين لتحلية المياه بطاقة 160 ألف متر مكعب يوميا يديرها ألمان.. وفنادق تسع 1400 غرفة.. بجانب أول كازينو للقمار.. وقبل هروبه إلي سويسرا ومنها إلي إسبانيا كان يكسب من هذا البيزنس المتنوع نحو 10 ملايين جنيه يوميا. يضاف إلي ذلك قاعتان للمؤتمرات.. الكبري منهما بناها حسين سالم في 11 شهرا.. وسدد ثمنها هدية لمصر الملك عبد الله بن عبد العزيز.. ثم استأجرها حسين سالم بمليوني جنيه في السنة.. وسبق أن أعلن أنه يخسر فيها 9 ملايين جنيه سنويا. وكان وجود مبارك في شرم الشيخ يعني انتقال نحو ألف شخص من رجاله وحراسته وسكرتاريته ومساعديه معه.. وكانت تكلفتهم اليومية تقدر بنحو المليون جنيه.. فلو بقي في السنة ثلاثة شهور فإن ميزانية الرئاسة كانت تتحمل نحو المائة مليون بعد إضافة تكاليف استدعاء الوزراء وحركة طائرات النقل العسكرية ( سي ــ 130 ) التي كانت تأتي بالطلبات من القاهرة. وفي الأعياد بالذات كان كل رجال الدولة يأتون معه إلي شرم الشيخ.. وكانوا يقيمون في فندق موفنبيك حسين سالم في خليج نعمة.. حيث كان من السهل العثور علي شخصيات مؤثرة مثل زكريا عزمي.. وعمر سليمان.. وكان رجال الأعمال يتسابقون للحجز في الفندق ليكونوا بالقرب منهم. 8 وليس صحيحا أن مبارك كان يقيم في منتجع «التاور» الذي يمتلكه في منطقة الهضبة جمال عمر.. لكن.. الصحيح أن هناك عشر فيللات خصصها جمال عمر لضيوف الرئيس.. فيها غرفة اجتماعات.. استخدمها مبارك أحيانا كمكتب.. وربما تناول فيها الطعام إذا ما جاء إلي هناك. وكان أبرز الضيوف.. الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.. والرئيس السنغالي عبده ضيوف.. ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.. وبخلاف ما نشر.. لم يشتر بلير فيللا هناك.. وإنما نزل ضيفا فيها خمس مرات.. كانت سببا مباشرا في جذب السياحة البريطانية إلي شرم الشيخ. كان بلير يأتي بطائرته الرسمية في زيارة عمل ثم يبقي في إجازة خاصة وتلحق به عائلته علي الطيران التجاري الذي كان يعود إلي بلاده علي متنه بتذاكر.. يدفعها من جيبه.. وكل ما حدث أن مصر للطيران منحته ذات مرة تذاكر مجانية كانت سببا في توجيه لوم حاد إليه في البرلمان البريطاني. 9 وفي فندق فور سيزونز شرم الشيخ أقيم حفل زواج جمال مبارك الذى حضره 300 مدعوجاء أغلبهم بطائرات خاصة.. وغني فيه عمرو دياب مجانا لأول مرة في حياته الفنية.. وأشرف عليه عمر طنطاوي الصديق الأنتيم للعريس.. وتحمل هشام طلعت مصطفي التكاليف. وعمر طنطاوي هو شريك جمال مبارك في عملية بيع ديون مصر التي وصف فيها مبارك ابنه بالشطارة في حوار منشور مع رئيس تحرير المصور مكرم محمد أحمد قبل حوالي عشرين سنة.. مضيفا: " إنه كسب منها قرشين ". في ذلك الوقت كان جمال يعمل في لندن.. موظفا في بنك أوف أمريكا.. ووافق صندوق النقد الدولي علي بيع حوالات الديون الخارجية علي شركات القطاع العام المصرية بنسبة 30 في المائة من قيمتها علي أن تسدد بالدولار ويشتريها القطاع الخاص بنسبة خمسين في المائة يصرفها من البنك المركزي بالجنيه ويستخدمها في زيادة استثماراته. ولعب جمال وشلته دور السماسرة في البيع.. فكانوا يحصلون علي عشرة في المائة.. تاركين لمن يشتريها نسبة مشابهة من الربح.. وكان من يشتريها يقترض من البنوك الخاصة ما هو مطلوب سداده بالدولار مقابل فائدة محدودة.. وبعد أن يصرف حوالة الدين يشتري ما عليه من دولارات للبنك المقرض من السوق السوداء.. ويحتفظ بالفرق بعد التحايل علي شرط زيادة الاستثمارات في مشروعه الخاص بعقود وهمية مع مقاولين علي مبانٍ لم تقم حتي الآن. وبلغت قيمة ما حصل عليه جمال وشلته من عمليات بيع الديون نحو مليار ونصف جنيه.. وكان أشهر من دخلوا في هذه اللعبة علاء عرفة ومحمد الجارحي ووجيه سياج وأحمد البردعي. وبعد انتهاء هذه العملية أغلق بنك أوف أمريكا في القاهرة وحصل المسئول عنه عمر صقر علي عشرة ملايين جنيه ترضية واعتزل العمل البنكي وتفرغ لتربية الخيول. 10 من بين الأسماء التي ضمتها قائمة بيع الديون وقائمة بيع شركات القطاع العام في برنامج الخصخصة طاهر حلمي.. وهو صديق مقرب من جمال مبارك وعائلته ويندر الاقتراب منه. وطاهر حلمي شريك في مكتب المحاماة الأمريكي " بيكر آند ماكينزي " في القاهرة.. عمره 61 سنة.. يقع مكتبه في الدور 18 من مبني ورلد تريد سنتر علي النيل.. وتصفه الصحف الأمريكية بأنه بجانب أحمد عز وإبراهيم كامل هم أكثر المقربين للنظام السابق منذ عام 2003. درس القانون في سانت لويس بالولايات المتحدة وعاش مع عمه هناك وكان ذلك ضد رغبته.. فقد تمني علي حد قوله دخول الكلية الجوية ليكون طيارا حربيا.. وبعد تخرجه عام 1974 عمل في السعودية موظفا في نفس مكتب المحاماة الأمريكي الذي أدخله فيما بعد شريكا. وحسب ما قال أيضاً: فإن والده سمير حلمي كان من الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو وبعد أن تولي السادات السلطة أصبح قريبا منه.. بل إنه قتل بجانبه في حادث المنصة. وأصر والده قبل وفاته علي أن يعود إلي مصر حتي يؤدي الخدمة العسكرية.. وكان ضمن أول وفد عسكري يسافر إلي الولايات المتحدة.. ولإجادته اللغة الإنجليزية ولمعرفته بالدولة المضيفة اختير ليكون المتحدث الرسمي للوفد. وبدأت علاقته بجمال مبارك عام 1996 حين أسسا مع إبراهيم كامل المركز المصري للدراسات الاقتصادية.. ثم شاركه في زيارات الترويج للتوريث التي قام بها للولايات المتحدة. ومكافأة له علي وضع قانون المناطق الإعلامية الحرة حصل علي ترخيص أول إذاعة إف.إم خاصة حققت له مكاسب هائلة دون تعب.. واشتري ببعض ما كسب شقة في نيويورك تطل علي سنترال بارك.. ثمنها يزيد علي 6 ملايين دولار.. وقد سافر من اليوم الأول لأحداث 25 يناير.. واختفي تماما. 11 هناك شخصية أخري لعبت دورا ماليا مهما في حياة جمال مبارك هو علاء السبع. لقد تخرج علاء السبع في هندسة القاهرة.. مهندس ميكانيكا.. ورغم ذلك يعد واحدا من أخطر المسيطرين علي البورصة.. من خلال شركة بيلتون للأوراق المالية.. وكل خبرته في هذا المجال دراسة ستة شهور في نيويورك.. لكن.. الأهم من الدراسة أن والدته السيدة ليلي بهي الدين بركات كانت صديقة مقربة من سوزان مبارك.. وكانت عائلتها المنتمية لباشاوات ما قبل ثورة يوليو تمتلك مساحات شاسعة من البساتين في بلبيس جري تحجيمها بمائة فدان طبقا لقانون الإصلاح الزراعي.. لكن.. بعد استقرار مبارك في الحكم أصبحت المائة فدان ألف فدانا. وعلاء السبع هو صاحب فكرة الصكوك الشعبية وليس وزير الاستثمار السابق محمود محيي الدين.. فقد التقي جمال مبارك وطاهر حلمي وعلاء السبع والسفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي لمناقشة الفكرة.. وكان رأي علاء السبع أن يقدموا صكوك ما تبقي من شركات القطاع العام للفقراء علي أن يشتروها منهم فيما بعد بشركة يكونونها.. وبذلك يكسبون سياسيا بالدعاية الكاذبة عن توزيع الثروات علي الشعب.. ويكسبون اقتصاديا وماليا بأنهم سيشترونها برخص التراب ويربحون منها المليارات.. إنه لم يتركوا شيئا إلا ومصمصوه. 12 إن كل شبر علي أرض مصر ينطق بجرائم مذهلة ارتكبتها الشلة الحاكمة علي مدي جيلين للأسرة الرئاسية المالكة.. ومن ثم فإن النار المشتعلة في صدور المصريين لن يطفئها إلا محاكمات سياسية تعقد لهم علنا.. وتنقل وقائعها علي الهواء مباشرة.. وتنشر الصحف تفاصيلها.. كلمة كلمة.. وهمسة همسة.. لن تبرد نار المصريين إلا لو شاهدوا جمال مبارك وزكريا عزمي وأحمد عز وصفوت الشريف وغيرهم من رموز النظام المنهار يذيقون بعضا مما أذاقوه للشعب.. ويذلون كما أذلوه.. ويركعون كما أركعوه. لقد شكلت ثورة يوليو محاكمها الخاصة.. وفتحت أبوابها للشعب كي يشهدها.. ويتابعها.. وينفعل معها.. وكان ذلك بديلا عن إخراج ما في النفوس من طاقة سلبية في الحرق والتخريب والتدمير.. وهو ما نعيشه الآن. لماذا لم يمثل جمال مبارك أمام العدالة حتي الآن؟.. لماذا يترك لأمه فرصة التنقل بحرية بين القاهرة وشرم الشيخ بطائرات تمول مصاريف تشغيلها الخزانة العامة؟.. لماذا حجب وزير الداخلية السابق حبيب العادلي عن الجماهير التي أتت خصيصا للتشفي فيه وهو يدخل قاعة المحكمة؟.. لقد أذاقهم الويل ومن حقهم التمتع بمشاهد انكساره؟.. لماذا تركت جريمة تخريب النظام الجمهوري بتوريث الحكم التي ارتكبها أحمد عز بعيدة عنه ليحاكم بجريمة اقتصادية يسهل فيها الدفاع عن نفسه؟. إننا أمام ثورة.. لكننا.. علي ما يبدو لا نصدق ذلك.. ونتصرف كما لو أن النظام السابق قادم.. إن البيت المنهار يجب تسويته بالأرض وبناء بيت جديد فوق أرضه.. والسيارة القديمة المفككة يجب بيعها خردة وشراء سيارة جديدة.. لا للترقيع.. لا للترميم.. في الدستور.. والنظام السياسي الديمقراطي الذي نحلم به.. دون ذلك سنظل في حالة فوضي سنوات طوال لا يعرف سوي الله فداحة الثمن الذي سندفعه فيها. 13 لقد كان مبارك وعائلته يتصرفون في البلد علي أنه عزبتهم الخاصة.. يبيعون ويشترون فيه كما يشاءون.. ويمنحون ويمنعون خيراته حسب مزاجهم الخاص.. ومصالحهم الذاتية. إن القانون في سيناء يحرّم علي الأجانب تملك حبة رمل من صحرائها.. لكن.. الواقع يكذب ذلك.. فالمافيا تمتلك قري سياحية في شرم الشيخ بموافقة مبارك.. والليبيون والسعوديون والبريطانيون والإسرائيليون يضعون أيديهم بعقود مسجلة علي مناطق مؤثرة في الأمن القومي الذي ضرب به النظام المتنحي عرض الحائط من منابع النيل إلي أطراف الحدود. لقد منح مبارك بتليفون منه ملك مملكة البحرين عشرين ألف متر مجانا كي يبني عليها قصرا في شرم الشيخ بعد أن رفض شراء فيللتين بأحد المنتجعات.. لكنه.. تحول من ملك إلي سمسار أراض.. فقد باعها بعشرة ملايين دولار.. وأكثر من ذلك طلب قطعة أخري.. واتصل مكتب الرئيس بالمحافظ طالبا منه تخصيص القطعة في مكان مميز.. لكن.. تصادف وجود المستثمر الذي اشتري القطعة الأولي فذكر المحافظ بها.. وبفحص الدفائر ثبت صدق ما قال. والسؤال: ما المقابل الذي كان مبارك وعائلته يحصلون عليه من منحهم ما لا يمكلون من موارد مصر؟.. إن الإجابة ستفتح ملفا من المكاسب الشخصية يصعب تصفحه في سنوات محدودة. لقد عرف عن الشيخ زايد الرئيس الراحل لدولة الإمارات العربية علاقته الشخصية القوية بمبارك.. وصلت إلي حد تحمل التكاليف الباهظة لتجديد الخلايا واستمرار الحيوية.. وهو نوع حديث من العلاج يجري تلقيه مرة كل ستة شهور تقريبا.. وربما يكون ذلك سر سفر مبارك المتكرر لفرنسا. وأغلب الظن أن هناك هبة مالية متكررة منحها زايد لمبارك جري ردها بهبة من مبارك إليه وإلي عائلته بمنحهم 3130 فدانا مجانا في أرض الحسينية بالشرقية.. وصدر القرار الجمهوري رقم 132 لسنة 1990 بمنح هذه الأرض المقسمة علي أكثر من قطعة إلي عشرة من عائلة الشيخ زايد علي رأسهم رئيس الدولة نفسه.. وصدر القرار في 21 مارس من العام نفسه.. وأرسل إلي مجلس الوزراء للتنفيذ حسب تأشيرة أمين عام المجلس المستشار أحمد رضوان. وأرسل أحمد رضوان خطابا إلي وزير العدل فاروق سيف النصر يخبره فيه بضرورة معاملة رئيس دولة الإمارات وأهله بنفس معاملة المصريين.. وكان ذلك في أول مارس من نفس العام. ولفقدان تسجيل العقد شرط وجود ثمن فإن الموثق طلب توقيع المحافظ باعتباره المسئول الإداري والسياسي.. ومن جانبه استند المحافظ اللواء يسري الشامي إلي توقيعات من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة (عاطف صدقي) ووزير الزراعة (يوسف والي) ووزير العدل (فاروق سيف النصر). والوثيقة حصلت عليها اللجنة القانونية لاستعادة ثروة مصر وقدمت بها بلاغا إلي النائب العام بعد أن أرسلت لنا نسخة منها.. ومن مستنداتها. وهناك مساحة شاسعة من الأرض لنفس العائلة في مارينا بجانب بورتو مارينا وسيقام عليها مشروع عملاق يتجاوز في ارتفاعاته كل القواعد والقوانين. وقبل الثورة بأسابيع كان جمال مبارك في أبو ظبي يشاهد سباقاً دولياً للسيارات هو وباقي ورثة العروش في الجمهوريات العربية.. من ابن حاكم ليبيا إلي ابن حاكم اليمن. 14 وقبل تحرير سيناء لم تكن شرم الشيخ علي الخريطة السياحية المصرية.. كانت مجرد منطقة عسكرية منفية.. يرسل إليها من تقرر عقابه.. لكن.. الإسرائيليين مارسوا فيها ــ خلال سنوات الاحتلال ــ رياضة الغوص.. مستغلين ما تحت المياه من شعب مرجانية نادرة واسماك ملونة لا وما إن عادت المدينة إلي السيادة الوطنية حتي سارعت شركات السياحة التابعة للقطاع العام إلي تعميرها بالفنادق المميزة دون أن تتوقع انجذاب السياح إليها.. وسعت محافظة جنوب سيناء إلي تقديم الأرض للمستثمرين بسعر زهيد كي تشجعهم علي الاستمرار والاستقرار رغم غياب المرافق والخدمات وصعوبة الحياة.. فلا كهرباء.. ولا طرق.. ولا أمن.. ولا طعام.. ولا عمالة محترفة.. بل صحراء جرداء.. يصعب التفاهم معها.. والسيطرة عليها. وفي أقل من عشر سنوات أصبحت المدينة لؤلؤة السياحة المصرية.. وضاعف من الاهتمام بها وجود مبارك فيها شهورا طويلة. بعض المستثمرين وأشهرهم جمال عمر جاء إليها لممارسة هواية الصيد ثم وجد من يقنعه باستثمار مدخراته التي جمعها طوال سنوات عمله في الكويت فيها.. وهو ما حدث.. اشتري فندقا صغيرا في خليج نعمة وهدمه وبني عليه مركزاً تجارياً.. واتجه إلي منطقة الهضبة وبني "التاور".. ومع زيادة الطلب السياحي اتجه إلي نبق وبني هناك فندقا آخر.. وهناك.. بدأت متاعبه.. فقد اتهمه جهاز البيئة بالتعدي علي أراضي الدولة داخل محمية طبيعية.. كان ذلك في 23 مارس الماضي.. وتوالت الشكوي نفسها خلال الشهور التالية.. ولكن.. نيابة الطور حفظت الشكاوي بعد التحقيق فيها يوم أول سبتمبر الماضي لعدم الأهمية حسب التأشيرة المرفقة بالملف رقم 3917 لسنة 2010. وفي الوقت نفسه ترك مستثمر أجنبي مثل عبد الرحمن الشربتلي ليشتري من هيئة التنمية السياحية نحو ثمانية ملايين متر مربع من أراضي نبق بسعر دولار للمتر.. وسمح له ببيع المتر بعد تسقيع الأرض بألف جنيه. ومثل جمال عمر مئات المستثمرين الجادين الذين استثمروا الأرض التي خصصت لهم ولم يتاجروا فيها.. ولكن.. في حمي ما حدث بعد الثورة وجدوا أنفسهم فريسة لتصفية حسابات قديمة بينهم وبين بعض الموظفين في المحافظة.. يضاف إلي ذلك.. أن غياب الأمن شجع جماعات محلية علي فرض إتاوات علي المستثمرين.. يسمونها " غفرة".. وفي الوقت نفسه أغلق المحافظ تليفوناته المحمولة.. وترك مكتبه.. واختفي في القاهرة. ورغم أن وكالات السياحة العالمية أكدت أن زبائنها من الإيطاليين والألمان سيعودون إلي شرم الشيخ خلال أسابيع قليلة، فإن أصحاب الفنادق يخشون عودتهم في غياب الأمن.. ويفضلون تأجيل العودة حتي يشعروا بالأمان. أين اختفت أموال عائلة مبارك؟   06/11/2014 مصرنا ©