| | | | اليهودية الصهيونية و معتقدها ...............................................................
بقلم حسين نور الدين الحموي .................................
يخطئ من يظنّ أنّ الصهيونية اليهودية تعتقد بالإلحاد ، و أنّ اليهود الصهاينة ملاحدة ، و الإلحاد هو إنكار وجود الإله الخالق ، و يخطئ كذلك من يظنّ أنّ لليهود الصهاينة عموماً معتقدٌ واحد لا يختلف بين يهودي صهيوني و آخر ، هناك فروق نسبية في المعتقد بين أطياف اليهود الصهاينة ، فرق نسبيٌّ من حيث الكيف النوعي و ليس من حيث المعتقد العام و نتائجه ، فرق يمكن توضيح معالمه من خلال مقدمة هامة تتركّز حول أنّ المعتقد الحقيقي الكامل لليهودية الصهيونية فيما لو تمّ تعميمه بكل تفاصيله على اليهود الصهاينة فيمكن ـ إلى حدّ ما غير كبير بالتأكيد ـ أن يسبب بلبلة نفسية ـ فكرية و يثير تساؤلات بينية .
بمعنى آخر أن هناك تفاصيل و حذافير في العقيدة الصهيونية اليهودية و في جوانب هامة منها محظورة عن عامة اليهود و عوامهم بالتحديد ـ كما أظنّ وأعتقد ـ و الذين تمّ تمييزهم من حيث درجة استعدادهم لتقبّل كامل تفاصيل هذه العقيدة و نؤكد في مقالتنا هذه على الصهيونية كاختزال تاريخي للعقلية و النفسية اليهودية عموماً مع ترك هامش ـ طبعاً ـ للأقلية اليهودية المعادية للصهيونية .
السؤال الذي أطرحه هو : هل صفوة اليهود الصهاينة و حاخاماتهم الذين يحوزون على تفاصيل التفاصيل من المعتقد الصهيوني اليهودي هم ملاحدة ؟ ! الجواب : كلا .. هم ليسوا ملاحدة ! أي أنهم لا يعتقدون بإنكار وجود الإله الواحد ! بينما في العامة من اليهود الصهاينة فتوجد فيهم عقيدة الإلحاد ، أي إنكار وجود الإله الواحد الخالق في قاسم مشترك مع معتقد أطياف أخرى من غير اليهود الذين يعتقدون بالإلحاد .
و طبعاً فالتمييز بين يهود غربيين و شرقيين لا يرتبط فقط بالأصل العرقي و إنما التمييز نابع أساساً من حقيقة أن اليهود الصهانية يختلفوا فيما بينهم من حيث استعدادهم لتقبّل كامل تفاصيل و حيثيات العقيدة اليهودية الصهيونية و لذلك حصل هذا التفريق الذي ينظر له من قبل كثير منهم أنه تمييز عنصري و هذا التقسيم ليس تقسيماً حازماً مطلقاً فتجد أنه في كل الشرائح اليهودية الصهيونية غربية أو شرقية من يحوز على كامل تفاصيل المعتقد اليهودي الصهيوني و أيضاً تجد في هذه الشرائح من حظرت عليه بعض التفاصيل من هذا المعتقد ، أي أنه يوجد تداخل و تشابك ينفي التقسيم المطلق بينهم ، و الترقي في درجات المعتقد اليهودي الصهيوني يمكن أن تتوفر فرصته لكل فردٍ يهودي لديه الاستعداد لتقبّل ما يمكنه تقبّله من تفاصيل المعتقد الصهيوني مع العلم أنّ الدائرة اليهودية الاوسع و هي الماسونية تضمّ في نطاقها شرائح كثيرة من غير اليهود و الذين يتمّ التعاطي معهم بتدرج و حسب استعدادهم لتقبّل جزء أو كامل المعتقد الماسوني الذي هو في محصلته يهودي صرف مع العلم أن الصهيونية هي اختزال تاريخي ترشّح عن الماسونية اليهودية الخاصة .
الصهيونية اليهودية و الماسونية اليهودية و هما متوازيتان من حيث الاعتقدادات الكبرى فهما لا تعتقدان بالالحاد بل على العكس فالإلحاد يعتبر بمنظور الصهيونية اليهودية العليا غباء فكري و حمق علمي لا يجوز الاعتقاد به إلا للعامة يهوداً أو غير يهود و هو مطلوب أساساً و مشجّع عليه و مرحّب به و يتمّ الحثّ على الاعتقاد به و نشره و دعم كل ما يعززه .
الإلحاد هو بالنسبة لخلاصة المعتقد اليهودي معتقدٌ لابد للعامة سواءاً من اليهود او غيرهم أن يعتقدوه و هو شرط لازمٌ للترقي في درجات الماسونية العامة و الخاصة كذلك و التي تشمل بوتقتها ـ أي الماسونية ـ مختلف الشرائح من مختلف الانتماءات الدينية و العرقية و القومية و السياسية و الاجتماعية ، و الماسونية تعتبر اكبر دائرة تحوي في نطاقها الملاحدة ممن يعتقدون بالالحاد و ينكرون وجود الإله الخالق أو يرفضوا أن يتقبلوا فكرة وجود الإله الخالق مهما كانت الدلائل و الأدلة لوجود حاجز نفسي ودافع نفسي مبطّن بالفكر . نعود لنؤكد أنه بنظر خاصة اليهود الصهاينة فإنّ الإلحاد يعتبر حمقاً فكرياً و غباءاً علمياً لا يجوز إلا للعامة بمن فيهم عامة اليهود .
اليهودية الصهيونية في ركيزتها العقيدية الأساسية ليست ملحدة !؟ أي لا تنكر وجود الإله الخالق الواحد و لكنها بالمقابل تحوز على عقيدة الكفر المطلق !؟ و الكفر لغة هو التغطية و الستر و لذلك سمّي الفلاح لغةً ـ راجع قواميس اللغة العربية ـ كافراً لكونه يقلب التربة و يغطي و يدفن البذور في الأرض ـ التراب . أفضل ما يمكن أن نوضح به كلامنا هو بضرب المثل و استعارة المثال : إبليس الشيطان هل إبليس الشيطان يعتقد بالإلحاد ؟ الجواب كلا طبعاً ما هو معتقد إبليس الشيطان ؟ : معتقده الكفر المطلق !
إبليس الشيطان لم يلحد أي لم ينكر الاعتقاد بالإله الواحد الخالق و وجوده سبحانه بل على العكس هو يعتقد يقيناً و بكامل الاعتقاد اليقيني بوجود الإله الواحد الخالق و بالمقابل هو يعتقد بالكفر المطلق ! كيف يكون ذلك ؟ عندما نفهم تماماً مثال و نموذج إبليس الشيطان فحينها أيضاً سنستوعب تماماً كيف يكون الكفر المطلق مقترناً بعدم إنكار وجود الإله الواحد الخالق.
قال ربّ بما أغوتنى لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين
قال فبما أغويتـني لأقعدن لهم صراطك المستقيم{16} ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين {17}. سورة الآعراف واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه - الكهف 50 ابليس الشيطان في القرآن الكريم و المعتقد الايماني الصحيح لكل الأديان السماوية التوحيدية هو الذي تكبّر على أمر الله تعالى و كفر بتغطية فطرته و سترها بستار الكبْر و تحدّى و أخذ العهد على نفسه بمحاربة بني آدم و اغوائهم و ابعادهم عن الصراط المستقيم عندما نفهم تماماً مثال و نموذج ابليس الشيطان فحينها سنستوعب أيضاً و تماماً ماهي أهمّ تفاصيل المعتقد اليهودي الصهيوني بحذافيره التي تحظر أهم أساسياتها عن العموم بمن فيهم شريحة من اليهود . و للموضوعية الصرفة فعندما نضع مثال ابليس الشيطان كنموذج للتوضيح و نستقي لتوضيح هذا النموذج بما ورد في القرآن الكريم حوله فليس ذلك الا من باب استعارة أفضل مثال للتوضيح و ليس فقط لكوننا نعتقد بصدقية القرآن الكريم .
إبليس لم يلحد و إنما يعتقد يقيناً بالله تعالى الواحد الذي لاشريك له و لكنه في صلب اعتقاده هذا كفر بتغطية و ستر هذا المعتقد الفطري و أصرّ على استكباره و محاربته لله و رسله و الصراط المستقيم و هنا تكمن عقيدة الكفر المطلق . الكفر المطلق عندما يوجد الاعتقاد و يقترن بالإنكار و الاستكبار و الإصرار على التحدّي و المحاربة دون الركون للتواضع أمام حقيقة هذا الاعتقاد .
لنستقي بعضاً من الأمثلة من الماسونية اليهودية التي أفرزت الصهيونية السياسية فيما بعد مع العلم أنّ الصهيونية السياسية التي تأسست علناً بمساعي هرتزل و نشاطه هي الحديثة نسبياً مقارنة بالصهيونية اليهودية كمعتقد قديم ـ نسبياً أيضاً ـ لاقتران بذور هذا المعتقد و خطوطه العامة و الخاصة مع اليهود منذ القديم النسبي . لنستقي أمثلتنا من الماسونية اليهودية و نقارنها بموقف و نموذج إبليس الشيطان ـ سواءاً اعتقدنا بأنّ الشيطان إبليس هو رمزيّ المثال أو واقعي و حقيقي .
في الماسونية اليهودية يرد كثير من الأمثلة التي تدلّل على أنّ من إحدى ركائز المعتقد اليهودي الصهيوني هو محاربة الله الواحد و رسله : يقول الماسوني اليهودي أرجي ـ إن أسعفتني الذاكرة حول صحة الاسم ـ في أحد المحافل الماسونية في أوروبا : ( على الإنسان أن ينتصر على الإله و أن يخرق السماوات و يمزّقها كالأوراق ) .
و في أقوال أخرى صادرة عن نفس القوم : (الماسونية يجب أن تنتصر على الأديان و على دين البدو المسلمين ) ( الماسونية اليهودية تقع على عاتقها مسئولية ثورة إلحادية عالمية ) و هنا يتأكّد لنا أهمية الإلحاد و دوره عند اليهود الصهاينة و تشجيعهم عليه و الحثّ على الاعتقاد به . ( كلّ من يهتمّ بالدين فيجب أن لا يُترك و شأنه ) ( الماسونية اليهودية تشجّع دوماً على إشغال الغوييم بالملذات البهيمية ) ( الماسونية اليهودية ستنتصر على الأديان و ستنتصر على الإسلام كما انتصرت على غيره و ستخلوا المساجد من روّادها و ستتحول إلى محافل ماسونية ترتفع فوق قبّتها نجمة داؤود ) . هذا الكلام الصادر عن الماسونية في أواخر القرن التاسع عشر يكذّبه الواقع و يصدّه و صدق الله تعالى : { يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم و الله متمّ نوره و لو كره الكافرون } . أليس هذا هو المعتقد الإبليسي نفسه الذي يجسّد نموذج الكفر المطلق الذي يعتقدونه بالاشتراك مع إبليس الشيطان . أي أنّ اليهودية الصهيونية تجسّد تماماً واقعياً و موضوعياً نموذج إبليس الشيطان و حتى أنه في أوضح الشروح التي تقدم تفسيراً للإله يهوه ربّ اليهود الصهاينة و الماسونية اليهودية فتشرحه على أنه هو إبليس الشيطان .
خاتمة : الاعتقاد الإيماني الذي يعمل الصهاينة على تنشئة أجيالهم عليه هو الإيمان بالربّ يهوه الذي يعتبرونه ربّهم الخاص باليهود فقط دون غيرهم و طبعاً فواضعوا التعاليم عن لسان يهوه هم حاخامات الصهاينة قديماً و حديثاً و قد اختزلوا في التلمود كل انحراف النفس اليهودية التي يدعوها يهوه لأن تكون عنصرية حتى النخاع .
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|