اسلامية الشيخ وعلمانية حماس..
...............................................................
جمال الهنداوي
.................
| |
الشيخ عبد اللطيف موسى | |
بوقفة تذكرنا بعظماء التاريخ..وبلهجة وبلاغة تم التدرب عليها طويلا لكي لا تبتعد كثيرا عن الخطب التي تعج بها الكتب المصفرة عتقا وتقليبا..اعلن الشيخ عبد اللطيف موسى، خليفة ، أو أمير، الجماعة السلفية الجهادية، المسمَّاة "جُنْد أنصار الله"، في قطاع غزة، ولادة ما أسماه "الإمارة الإسلامية" في "أكناف بيت المقدس"، مع الاكتفاء المؤقت برفح..
وليقدم فضيلته للعالم صورة شديدة الواقعية لابتعاد الجماعات الاسلامية المؤلم عن ادنى تصور عن المأزق التاريخي الذي تعيشه حركات الاسلام السياسي والوضع المعقد والشائك والكارثي الذي تسير اليه في ظل الانغلاق والانفصال الكامل عن الحاضر المعاش حتى في محيطهم الاقرب..
فالاحلام في العالم الموازي للواقع لا تحتاج الا الى القدرة على اقناع البعض المسلح بتطويق مكان ما ..ويفضل ان يحتوي على منبر او منصة او ما شابه .. والمبالغة بحف جيد للشارب .. وترجيل محكم للحية.. وخطبة عصماء..اما كون القطاع تحت الاحتلال..ويعاني من اغلاق تام للمعابر..ومحاصر براً وبحراً وجوا، ويعيش مواطنوه أوضاعا مزرية تصل الى حدّ التجويع والعطش والفقر المدقع..فكلها تفاصيل ثانوية لا ترقى الى مستوى ان ينشغل بها فضيلة الشيخ ..
ويبدو ان للشيخ الجليل فهم خاص للاسلام السياسي و"الامارة الاسلامية" لا يتجاوز اقامة الحدود وتطبيق"شرع الله" حسب التفسير الذي لقن به فضيلته..اما قوانين واشتراطات الجغرافيا ومعطيات التاريخ والعلاقات مع الجوار فهي رجس من عمل الشيطان يجب اجتنابها او معالجتها حسب مفهوم ل"الامارة" رب يحميها..
لقد جاءت تجارب "السلفية الجهادية" لتؤكد على هشاشة وهزال فكرة الدولة والقانون لدى حركات الاسلام السياسي ..واحتقارها المسرف لفكرة الديمقراطية والمواطنة وحقوق الانسان..والاعتماد على فلسفة راسخة قوامها التكفير ثم التكفير ومن ثم المزيد من التكفير للغالب الاعم من المسلمين..واقتصار جوهر عقيدة الجهاد في سبيل الله على السلبية المفرطة والتقاطع الكامل مع الآخر..يقول الاستاذ جواد البشيتي:" هذا الشيخ لم يُخْلَق من العدم، فثمَّة "وجهة نظر" وُجِدَت قبله، وجاءت به إلى الوجود، فأنتَ لو سألتَ كثيراً من شبابنا عن السبب الذي جعل "الأمَّة" مهزومة دائماً في مواجهة إسرائيل، وفي الدرك الأسفل من الوهن والضعف، لأجابكَ على البديهة قائلاً إنَّ السبب هو أننا لم نبدأ بإصلاح أنفسنا؛ أمَّا هذا "الإصلاح" فمعناه عندهم هو الأخذ بـ "الطالبانية"، أو بما يشبهها، نهج حياة وأخلاق وسلوك .."
والمفارقة هنا ان حركات مثل جند انصار الله يقدمون صورة اقرب الى العلمانية على حركة متهمة بالتاسلم الاخواني المتشدد مثل حركة حماس ..فهل سياتي اليوم الذي تدعو فيه حماس المجتمع الدولي لمساعدتها ضد التطرف الاصولي لبعض الحركات الاسلامية كما فعل "العلماني"سيد شريف احمد في صراعه مع حركة الشباب الصومالي..
06/11/2014