| | | | العلامة أبو مشمشة على قناة الدروشة!! ...............................................................
بقلم : محمد فوزي عبد الحي ..........................
محنة حب المديح والإطراء والثناء محنة حقيقية وفطرية، ولا تعدم أن تراها وأراها وترصدها وأرصدها كل يوم منذ الوعي بالحياة على هذه الأرض، مع امتلاك عقل يفكر ويتدبر، ويتشكك ويفترض، ويبحث ويختبر ويستنتج، تنبع هذه المحنة من داء الأنا المستبدة التي تحتل عمق العقل المصري بخاصة والعربي بشكل عام .. عرفت فريقا من المنتمين للنخبة بمختلف مواقعها – فرأيتهم ينافق بعضهم بعضا بمعسول الكلام، جهرة لا خفية، ويعلن النفاق على الملأ لا يداريه ولا يتوارى به، حتى استمرأوا النفاق كلاما، والكذب حديثا، والإطراء الفارغ تقتية من تقنيات الوصول والكسب وبناء العلاقات، وتداول وتبادل أدوار المهرجين، ومن ثَم فمن لم ينافقهم أضمروا له البغضاء، وهموا به سوءًا..
والغريب أنه إذا جلس أحدهم مع من دونه لمز من نافقه هو منذ قليل وسخر منه، وهو في الوقت ذاته يريد من جلسائه لا أن يوافقوه الرأي فحسب بل وأن يثنوا عليه باعتباره الوطني الأوحد، والقومي المناضل، والعالم الفرد.. نادرة الزمان، وبحر العلوم، وشمس الفهوم، ومجدد الدنيا والدين، وناصر العرب والإسلام إلخ الألقاب التي تكفل أصحاب التراجم برصدها ونقلها في مصنفاتهم مع العلماء، وانتقى أفخمها وأعظمها الملوك والسلاطين والأمراء، ونقل الكتاب هذا الألفاظ ليضعوا قاموسًا من المبالغات الممجوجة أمام أعين الجيل الجديد الذي لا يهضم هذه النعوت بل ويتندر بها في نكاته وقفشاته.
انظر إلى ألقاب السادة الملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء والزعماء والعواهل وأصحاب الفخامة والسعادة والسمو...... كل له لقبه أو ألقابه التي لا تمت لنفسه الصغيرة، واستبداده القزم، ودكتاتوريته الخرقاء وأعماله الجرذانية بصلة، والحمد لله فلن تغني عنهم من الله شيئا. هذه العادة بدأها في الإسلام ملوك الدولة العباسية، وصارت عادة بعدهم وأسرف فيها المماليك في مصر وملوك الدولة العثمانية – رحم الله الجميع - وصارت من الإرث القبيح للدولة العربية رغم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا الكذب الصراح وقال: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك". متفق عليه.
وفي هذا إشارة إلى حرمة التسمي بما لا حقيقة له واقعا من ألقاب العزة والكمال التي لا تليق إلا بالله، كما أن العلماء كرهوا هذه الألقاب، حتى كره بعضهم لقب قاضي القضاة.
ومن النوادر أن القاضي عز الدين بن جماعة رأى أباه في المنام فسأله عن حاله، فقال ما كان أضر علي من هذا الاسم يعني: "قاضي القضاة" فأمر (القاضي عز الدين بن جماعة) الموقعين أن لا يكتبوا له في السجلات قاضي القضاة بل قاضي المسلمين، كما ذكر ابن حجر في الفتح.
وأنا معنيّ الآن بالألقاب التي يضفيها الصحفيون والإعلاميون والناشرون على أشخاص مجهولين بين أهل العلم ليخدعوا بها العوام ويموهوا عليهم، فيبيعوا لهم البهرج على أنه الذهب الخالص،فهذا الكاتب الإسلامي، وهذا المفكر الإسلامي، وهذا العلامة الكبير، وهذا العلم المجدد، وهذا شيخ الإسلام، والمحدث الحافظ، وأبو مقطوع السلفي، وأبو موقوف الأثري، وفضيلة الشيخ المجدد، والداعية الرباني.. ومعلوم أن من ينتحلون هذه المسميات ويرتضونها ألقابا لهم لا يستخدمونها لله في شيء بل بقصد الشهرة والتنفج أو بهدف استقطاب شريحة معينة لشراء كتاب أو شريط، أو الترويج لبرنامج أو فضائية أو موقع أو جريدة ونحو ذلك.
بحر من الكلمات الفارغة التي لا تمت إلى الحقائق بشيء، وعالم كلام في كلام، وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يصير من سفه فكرُه وسفل نصيبه من عقله، ومن لا يعرف له أصل في الدين ولا بصيرة بدعوة الإسلام – يصير شيخ المفتين، وإمام المجددين، والعلم الناقد لفتاوى أهل العلم والمستدرك لأخطائهم، فيتحفنا باجتهاداته وتاويلاته، وتبحث أوراقك القديمة وأنت ترتكب جريمة قراءة الكتب الصفراء سيئة الطبع، ومصنفات تراجم الغابرين الغافلين الذين خفي عليهم هذا العلم السمين والكنز الدفين، فلا تجد سلفا ذهب لما ذكره العلامة، ونسأل الله أن لا يكون له خلف.. وتعم البلوى عندما يتكلم أحد المذيعين أو إحدى المذيعات مع داعية لذيذ يجيد "تعليب المعلومات" – على حد قول العلامة شكوكو كشكول في برنامج "الجنة بتاعتنا واللي مش عاجبه يقول" على قناة "الحاج بهلول" – وينعته بالعلامة الجليل، والفقيه الفاضل، والداعية الرباني، والإمام العلم - وربنا يقينا وإياكم شر الدروشة - ويستمع المواطن العامي الطيب لكلام العلامة المتحدث ثم يذهب إلى المسجد ليعلق على الإمام التقليدي الذي لم يقرأ مختصر العقيدة الهندي التي صنفه الفيلسوف أبو جندي: يعني يا شيخ هو أنت تعرف أكتر من الشيخ (درويش أبو مشمشة)، كان ضيفا بالأمس في برنامج على قناة (الدروشة)، وقال إن الدين كله (فرفشة) .. خلاص يا مولانا بلاش تعقيد.. احنا رايحين الجنة رايحين رايحين بكل تأكيد!! على فكرة يا مولانا العلامة الشيخ أبو مشمشة قال كذلك نقلا عن مختصر الهندي للفيلسوف أبو جندي: كفى تهويلا عن الموت والقبر، وسؤال منكر ونكير وخلافه، ربنا الرحيم الرحمان لا يمكن أن يعذب الإنسان، والحكاية يسيرة وأيسر من ذلك بكثير...إلخ أ.هـ. فاهم يا مولانا، يعني الحكاية أخف من شكة دبوس .... وعندها سكتّ مليا حتى أستعلم عن كلام العلامة الشيخ أبو مشمشة وهل حقا قال هذه الدروشة!!
Faqeeh2life@live.com
06/11/2014
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|