مواقف حكام "مصرنا"... عار على عروبتنا
...............................................................
| |
مخلص الخطيب | |
مخلص الخطيب
...................
نعم "مصرنا".. فمصر ملك ٌ لكل عربي وغالية ٌ على قلب كل عربي... ولذا نقرأ ونسمع ونشاهد كتابات وآراء وتعليقات ضد مواقف حكامها.. ليس ضد الغالية مصر، فكل عربي يتألم على مصر المُسيطـَر عليها اليوم، بسبب مواقف حكامها، فكانت قبل 30 عاماً داعمة ً وحاضنة ً وحامية ً لكل العرب ولكل الشعوب المحبة للسلام. واليوم "مصرنا" غير قادرة على حماية حدودها، فلا حق لها بتواجد عسكري على حدودها مع العدو الجرثومي.
من كان يتوقع أن يحصل ما يحصل في "مصرنا" ؟ خصوصاً، بعد حصار غزة الذي ساهم به حكام "مصرنا"، بلوم المقاومين بإطلاق الصواريخ. كيف يصدّق العربي المخلص لـ مصر، تلاعب حكامها بفصائل الفلسطينيين ؟ ثم من كان يجرأ على عدم التصدي لحكام مصر، حين قرّر رئيسها "جلـّت قدرته" لتهيئة وتعبئة الشعب المصري الطيب، بمعاداة دولة جارة أخرى غير إسرائيل ؟
منذ 2006 وليومنا هذا، لم يتوقف إعلاميو مصر وسياسيوها من التعرّض لـ عدو اختلقوه واخترعوه، كبديل عن العدو الحقيقي "الكيان الصهيوني"، قاطعوا كل الدول والمنظمات العربية المتحالفة مع إيران، من سوريا لـ قطر لـ حزب لبناني لـ حركات المقاومة الفلسطينية، برّروا مقاطعة رئيسهم "جلّ جلاله" لكل المؤتمرات العربية، باعتبار أنّ لـ سوريا أو لـ قطر ضلع فيها : مؤتمر قمة دمشق، مؤتمر الدوحة لمصالحة اللبنانيين، مؤتمر الدوحة لدعم غزة، مؤتمر قمة الدوحة.
نعم نلوم "مصرنا" لحبنا ولتعلقنا بها منذ أكثر من نصف قرن، وإن لم نلم مصر، فعلى من نعتب ؟
* على السعودية، التي كانت تاريخياً ضد قضايا العرب، مستعدة ً باستمرار لوضع يدها في الجيب ولدفع مبلغ من المال، لإرضاء ضميرها ولشراء غضب العرب.
* على الأردن، المحكوم من ملك نصفه هاشمي "أبي لهبي" ونصفه الآخر بريطاني، ومعروف بتواطؤ أبيه التاريخي ضد مواقف الحكام الخالدين، كالقائد القومي العربي "المصري" الخالد جمال عبد الناصر. فكيف يُستغرب لومنا على من أحببنا ونحب ؟
هذا الأسبوع، تمر سنة على زيارة بوش للمنطقة، حين زار "كيان العدو" وهنأه وشاركه أفراحه وأتراحه بمناسبة مرور 60 سنة على قيام "دولته"، مؤكّدا دعمه ليهودية هذا الكيان وحقه بأن تكون القدس عاصمته الأبدية، مرّ بعد ذلك على "دول العرب المعتدلة"، انحنى له جميعهم بنفس المناسبة، رقصوا معه وهلـّلوا له، وكأن المناسبة عربيةً. ومنذ أسبوع وجّه ملك مصر الجمهورية تهنئة لرئيس كيان العدو مهنئاً إياه بعيد استقلال "إسرائيل" الـ 61 ! كيف لا يندى جبين كل مصري وعربي لهكذا تهنئة ؟ ياللخجل !
حينها، شممنا رائحة جفاء "غير كريهة" بين مصر وأمريكا، بسبب تصريح رايس التي أرضعت حكامنا "المعتدلين" حليب عدم العداء لدولة المغتصب، انتقدت وقتها ديمقراطية مصر المزعومة، حتى أن بوش نفسه أعطى درساً ديمقراطيّاً حين صرّح : أنّ من يصل لسدة الحكم في بلاد الديمقراطية يعرف أن لولايته نهاية، أما حكام العرب فيصلون (ولا نعرف كيف) ليبقوا حتى تأتيهم المنية، وتعرّض أيضاً لعدم احترام حقوق الإنسان في مصر، أمرٌ ساهم بإخلاء سراح السجين المعارض أيمن نور، الذي تجرأ يوماً، بالترشح ضد جلالة الريس.
قـُبيْـل انتهاء ولاية بوش حيكَتْ [ خــطــّــة ٌ جـهـنـّـمـيـّـة ٌ ]، تواطأ فيها بوش وساركوزي وميركل من طرف الغرب، مبارك وعبد الله بن سعود وعبد الله بن الحسين وغيرهم، من جهة حكام العرب، و"سلطة" الضفة ورئيسها وأتباعه، من الجهة الفلسطينية، خطـّة هدفها تحقيق هدوء أمني لصالح العدو، عن طريق القضاء على مقاومي فلسطين، وكان العدوان على قطاع غزة واجتياحها من أكبر "إبـاديـّي البشرية"، من صهاينة الكيان المغتصب، من الثلاثي المخادع : أولمرت – ليفني – باراك. ولم يطالب بمحاكمتهم أحد من حكام العرب !
اجتيحت غزة وصمد شعبها ولم يسمح لمخططي هذه العملية بالنصر، واضطر العدو على الانسحاب وإيقاف إطلاق النار بعد أن هدّم وحطـّم، ما يمكن وما لا يمكن وصفه، قام بوش بالتحرّش بسوريا حين ضربها جويّاً ولم يفلح، فسوريا ضبطت أعصابها مدركة ً أن بوش راحل إلى غير رجعة، اختلف حكام العرب من جديد، على أمر لا يمكن لعاقل تفهمه. رحل بوش مع انتهاء الحملة الاجتياحية الصهيونية التي أعدّ لها المتواطئون العرب واصهاينة والأجانب. فشلوا في كل شيء، سوى بإنزال المآسي على مواطني أهل فلسطين في غزة. يا للعار !
رحل "البعبع بوش"، ورحل معه ظاهريّاً خوف وجبن "حكام العرب المعتدلين"، فتجرأ ملك السعودية بإطلاق رصاصة المصالحة في مؤتمر الكويت الذي حضره كل قادة العرب، بما فيهم مبارك "جلّ وعلا"، ولم يتصالحوا سوى نفاقيّاً، وعادوا للجفاء فيما بينهم، واشترط مبارك ليحضر مؤتمر الدوحة أن لا يكون لـ إيران ولا لـ تركيا ولا للفصائل الفلسطينية مكانٌ في هذا المؤتمر، لبّوا دعوته، ولم يحضر. فهو يشعر بالتواطؤ من رأسه حتى قدميْه.
هدأت الأمور قليلاً، وابتدأ حكامنا يراهنون على سياسة أوبا ما، فهم فاقدون القوة والشجاعة وتقديم التضحية، فبعد أن وضع أوباما خططه تجاه أفغانستان وباكستان، وبعد أن أعد مشروعاً لمجابهة الأزمة الاقتصادية، وبعد أن أعلن تضامناً غير مسبوق مع دول حديقته الخلفية "أمريكا الجنوبية"، وبعد تصريحات نارية منه ومن كلينتون لصالح كيان العدو، وبعد أن أهدأ أعصاب بعض العرب بإرسال موفديه وعلى رأسهم ميتشيل، وبعد أن أعاد الثقة لعلاقات أمريكا مع الاتحاد الأوربي، توجّه مؤخـّراً نحو منطقتنا العربية، وهو لا يعلم عنها سوى القليل.
كانت إحدى أوائل قراراته تجاه منطقتنا، توجيه رسالة مسجلة موجّهة لشعب ولنظام إيران، مهنئاً إياهم بعيد النيروز، تهنئة ودّية مرافقة ً بتصريحات أنْ لا حرب ضد إيران، بل حوار معها. زار تركيا شخصيّاً وتناول ملف "الشرق الأوسط" مع زعمائها الشباب المنتخبين، ولم يُعـِرْ أيّ اهتمام لـ "مصرنا"، ولا لرئيسها الذي يتحكم بها منذ حوالي 3 عقود، كبقية حكام العرب. استاء "مبارك بيه" من معاملة أوباما، الذي أعلن عن نيته باستقبال بيريز رئيس كيان العدو وفعل، وعن استقبال نتانياهو وعباس وسيفعل قريباً.
استغل ملك جمهورية مصر العربية زيارة غيتس، وزير الدفاع الأمريكي لمصر، ليبكي ويشكو أمامه من سوء معاملة أوباما لمصر كـ "أكبر دولة عربية"، وتمّت دعوة مبارك من قبل أوباما، وقرّر زيارة مصرفي الـ 4 من يونيو/حزيران (يوم مشؤوم)، كما قرّر أن يوجّه خطاباً لمسلمي العالم من مصر. بمعنى، أنه لن يُعزي مثلاً، المصريين والعرب تحديداً بنكسة يونيو/حزيران 1967، كما فعل حين توجّه لشعب ونظام إيران. فلم هذا التهليل الإعلامي المصري غير المُبرّر ؟
في خضم هذه التفاعلات وقع حدث اكتشاف خلية حزب الله في مصر، وفتحت أبواق مصر ضد حزب سياسي لبناني مقاوم، وضد ما سمّوه بـ "التشييع" وضد إيران، ولم ينسوا طعن سوريا والتنويه لـ قطر. ضخموا الأمر كثيراً، أمر دفع بأقلام تكتب مستغربة ً عن مبرّر هذا الحجم، الذي أعطي لعملية كهذه، سوى إرضاء إسرائيل !
صراع ديمقراطي بين يهود الكيان الصهيوني، أدّى أخيراً لفوز متطرفين جدّاً، فما كان من حاكم مصر إلاّ أن يرسل وزيره عمر سليمان ليقدم التهاني لنتنياهو بمناسبة تعيينه كرئيس لوزراء العدو، وليلتقي هذا الوزير بالقادة الصهاينة الجدد ومنهم ليبرمان، وليقدم دعوة لنتانياهو من "أخيه مبارك" لزيارة مصر، الهدف المعلن كان بحث سبل إيجاد حل للمفاوضات السلمية.
لم يأخذ حاكم مصر "رضي الله عنه" بعين الاعتبار أن وزير خارجية الكيان الجديد هو ليبرمان، الكاره لمصر والعرب، والذي هدّد بضرب مصر مبتدئاً بالسد العالي، ولم يصدر من مصر تنديداً حاسماً ضد وجود ليبرمان على رأس الدولة المغتصبة (كما جرى مع حزب الله مثلاً أو مع إيران).
كل ما طلبه النظام المصري من ليبرمان هو أن يقدّم اعتذاراً، بعده قد يُقبل ليبرمان كمحاور من أجل "السلام". يا سلام !
فـُهم أنّ نظام "مصرنا" اليوم متسامح ٌ مع الصهيوني الذي هدّد بضرب مصر، لكنه حاسم ٌ ضد حزب الله، برغم مبادرة نبيه بري المحبّ تاريخيّاً لمصر، بتنقية الأجواء وبالمصالحة الأخوية بين مصر وحزب الله. يا للغرابة !
منذ ثلاثة أيام، صرّح نتانياهو أنه سيزور مصر بدعوة من مبارك باشا، وسيتباحث معه في قضية المفاوضات، لكنه نبّه مصر قبل الوصول إليها :
* أنه مستعد للتفاوض مع "السلطة"، شريطة فهم أنه يرفض قطعيّاً قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمة أو بدون عاصمة، ويرفض فكرة عودة اللاجئين الفلسطينيين، ويؤكّد على يهودية كيانه. بالمقابل يقدم بـ "سخاء" للسلطة حكماً ذاتيّاً لا أكثر. لم يتطرق لقطاع غزة، وكأنه لا يرى مانعاً من أن تـُقام دولة فلسطينية في غزة.
* أنه لا يمانع من استعادة المفاوضات غير المباشرة مع سوريا، لكنه يرفض قطعيّاً التنازل عن الجولان، كون هذه الهضبة تعتبر الحامي الأكبر لأمن إسرائيل، لم يمانع من إعادة الجزء المحتل من قرية "الغجر" اللبنانية-السورية !؟
حطـّت طائرة صهيونية في مطار شرم الشيخ ونزل منها رئيس حكومة متناهية بالتـّـطرّف ضد العرب والإسلام ومصر، ووطأت قدما نتانياهو أرض الكنانة من جديد، واستـُقبل من نظيره "نظيف"، وتمّ الترحيب به من "مبارك العظيم"، وفهمنا من تصريحات الجميع، أنّ نتانياهو لم يقدم شيئاً ولن يقرّر شيئاً، قبل لقائه بالرئيس أوباما.
فلماذا دُعي ؟ ولماذا استـُقبل ؟ ولماذا تمّت مسامحة ليبرمان إن قدّم اعتذاراً.. يا ويلتي من أبواق إعلام "مصرنا" اليوم الذي كان أقلّ تشنـّـجاً، قياساً مع حدث خلية حزب الله العربي اللبناني.
أمن أمل بعودة "مصرنا" إلى حظيرتها العربية الطبيعية ؟ متى ؟ وكيف ؟
هذه العودة تبقى بيد أبناء "مصرنا" الغالية، فلتسلم ولتتحرّر هذه الأيدي، لتعيد لـ "مصرنا" عروبتها.
06/11/2014
مايو / أيّار
..........................
أن استعمال الكاتب لوصف"أبي لهبي" هو بهدف " التخوين " " لا التكفير" ؟
مصرنا ©