ماذا لو تمّ تدمير الأقصى!؟
...............................................................
| |
المسجد الأقصى | |
بقلم : عصام سحمراني
..........................
يختلف المسلمون بحسب مذاهبهم على مكانة المسجد الأقصى لديهم. فالأقصى لدى جمهور كبير منهم أول القبلتين وثالث الحرمين. بينما لا يعتبره الوهابيون حرما ويتبعون في ذلك شرحا جاء في كتاب إبن تيمية "إقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم".
بهذه الحالة يمكن أن يقول الوهابيون إنّ كلّ المساجد متساوية ولا فرق بينها لديهم، لكن مثل ذلك القول ومساواة الأقصى بباقي المساجد قد يقلل كثيرا أو قليلا من عزيمة أبناء المذهب في نصرة الأقصى، لا كغيرهم من جمهور المتحمسين من المذاهب الإسلامية الأخرى.
لكن العوام من أتباع تلك المذاهب أيضا تكرر بثقة قولا لجد الرسول حين شد أبرها الأشرم ازر جيشه لهدم الكعبة، فقال عبد المطلب: "للبيت رب يحميه" وفعلا فقد انهزم جيش ابرها وعاد خائبا في الروايتين القرآنية والتاريخية. لكن وبعد ذلك بزمن تم قصف وتدمير الكعبة مرتين على يد قائدين أمويين هما الحصين بن نمير والحجاج بن يوسف الثقفي وأعيد بناؤها. إذاً ماذا لو تم تدمير المسجد الأقصى وبيت المقدس!؟ وهل سيبقى أيّ حدود يعتقد كثيرون أن الصهاينة لا يمكن أن يتجاوزوها!؟
هو سؤال مشروع يستهدف كلّ مسلم عربي أينما كان ويتجاوز كل المهادنين والمفاوضين مع الصهاينة والملتزمين بالقرارات الدولية والمبادرة العربية. هو سؤال يستهدف المسلمين الملتزمين بدينهم، والملتزمين بحماية مقدساتهم، والملتزمين بقوميتهم، والملتزمين بقضية فلسطين، والملتزمين بقتال الصهاينة. والسؤال لا يستهدف الإسلاميين من إخوان وحزب تحرير وقاعدة؛ أولئك الذين وجودهم كعدمه بخصوص قضية فلسطين إلا فيما خص شواذ حزب الله الشيعي وحماس والجهاد السنيتين عن خطهم. وتلك حركات مقاومة لا يمكن احتسابها بينهم لأنها في قلب الصراع ضد الصهاينة تحمل لواءه منذ وجدت ولا تهادن إلا عبر خوضها حروبا نفسية ضدهم.
هو يستهدف قوى المعارضة على اختلاف مشاربها في كل بلد عربي يشكّل دولة محكمة الإغلاق على شعوبها من سوريا والأردن إلى كل دول الخليج والمغرب العربي ومصر وليبيا. ولا يستثنى إلاّ أشباه الدول كلبنان والصومال وفلسطين أو الدول المحتلة كالعراق أو التي لم تجد استقرارها بعد كالسودان وموريتانيا، ولو أن لتلك البلاد أيضا أحكامها الخاصة.
سؤال يطال المسلم كما يطال الماركسي والماوي واليساري ككل، لكنه لا يطال الليبراليين الجدد من المتأمركين والمتصهينين في السياسة والصحافة والتجارة. فالمسألة ليست مسألة عقيدة دينية بل تتعداها إلى الروابط الإنسانية والعرقية، وتتعداها إلى خطر الصهاينة على العالم العربي وعلى العالم ككل، وتتعداها إلى بيت المقدس كرمز وجود للشعب الفلسطيني في أي مكان في العالم؛ فصورة قبة الصخرة والمسجد الأقصى مطبوعة في أذهان البشر جميعا رمزا لفلسطين، وتتعداه إلى قضية فلسطين التي تعتبر القضية الثورية الأبرز تاريخيا وحاضرا لكل يساري من الولايات المتحدة إلى كوبا إلى تشيلي وفنزويلا والأرجنتين وغيرها إلى روسيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا إلى الصين وكوريا وفييتنام وصولا إلى الهند وباكستان وإيران وتركيا.
فليسأل كلّ معارض نفسه: هل فلسطين ما زالت قضية يومية لي؟ ماذا بعد كلام قادة الصهاينة من الولايات المتحدة نفسها عن اعتبار القدس عاصمة لدولتهم يحق لهم فيها ما يشاءون دون رادع؟ وبعد ذلك فليقل كلاما يوتوبيًا لا مشكلة إن بدأ كذلك وعمل عليه. فليقل إنّ طريقه إلى القدس لا يمكن أن يكتمل إلاّ عبر عاصمة بلده. عبر العمل على الوصول إلى الحكم وخلع كل تلك الطبقات التي تحكمه منذ ولد وما زالت تورث أبناءها وذويها الحكم أبا عن جد.
الفرصة مؤاتية اليوم أكثر من أي وقت مضى للتحرك نحو الثورة العربية في مختلف البلاد. التحرك نحو الثورة بكافة أشكالها من العسكري إلى المدني إلى التمرد والإنقلاب والفوضى وحروب الشوارع. أما الولايات المتحدة اليوم فمشغولة بهمومها التي أغرق أوباما البلاد بها، ومشغولة بخلافاتها مع الصهاينة، ومشغولة بحروبها في العراق وأفغانستان، وتمرد تركيا عليها، والخطر الدائم من إيران وكوريا الشمالية على قواعدها.
ماذا تنتظر المعارضة اليوم؟ هل ينتظر المسلمون طيرا أبابيل؟ هل ينتظر اليساريون دعما سوفياتيا منقرضا؟ وهل ينتظر القوميون قيام عبد الناصر من بين الأموات؟ الأقصى أمامكم وفلسطين أمامكم. وعواصم بلادكم أقرب إليكم مما تتخيلون، وعواصم بلادكم طريق حقيقي إلى القدس.
عصام سحمراني
esahmarani@hotmail.com