إعلام العهر والنفاق والضلال والتضليل والفجور
| |
برهان | |
بقلم : برهان إبراهيم كريم
......................
يحزننا ويدفعنا لرثاء بعض وسائط الاعلام وإعلاميهم وهم يلاحقون الأموات وهو محرم بكل دين. وكل مؤمن بالله وحر يستغفر الله عن أساليبهم في الإساءة والتحامل على كل إنسان شريف. وبات الأموات الذين أمرنا الدين الإسلامي بذكر حسناتهم, ومعهم الأحياء هدف الاعلاميين الأعراب الجدد, في تشويه سمعتهم, بأسلوب يأباه كل من له وجدان وشرف وأخلاق ووازع من ضمير. لا ندري هدف هؤلاء الإعلاميون من الأعراب الجدد وهم ينتهجون هذه الأساليب:
التحامل على جمال عبد الناصر والإساءة إليه وهو من أقصى حاكم نصبه الاستعمار. وطمس منجزاته التي خلدها التاريخ, والتي لا تروق لأسيادهم وواشنطن وإسرائيل, ومنها:
الإساءة لجمال عبد الناصر الذي عاش يتيم بعد أن توفيت والدته وهو في الثامنة من عمره. وهو من قال: كان فقداني لأمي في حد ذاته أمرا محزنا للغاية، فقد كان فقدها وعدم توديعها ترك فيَّ شعوراً لا يمحوه الزمن وقد جعلتني آلامي وأحزاني في تلك الفترة أجد مضضا بالغا في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين.
وهو من تمكن خلال مراحل دراسته من الاطلاع على الاف الكتب التي كونت شخصيته بشكل منهجي بحيث أمضى معظم وقت فراغه في القراءة، وخاصة في عام 1933م عندما كان يعيش بالقرب من المكتبة الوطنية في مصر.
قرأ القرآن، وأحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, وحياة الصحابة، والسير الذاتية لنابليون، أتاتورك، بسمارك، وغاريبالدي والسيرة الذاتية لتشرشل.
زار جمال عبد الناصر واولاده الست ام كلثوم في بيتها لدورها الوطني ضد العدوان الثلاثي عام 1956م. واستغرب ابناؤه من مظاهر البذخ والترف في حياتها. ولما سالوا والدهم لما لا تكون حياتهم رغيدة مثل الست, فقال لهم: اني مجرد موظف بدرجة رئيس جمهورية ولا مجال للمقارنة بيني وبين الست ام كلثوم.
كان جمال عبد الناصر يتصفح مجله وقرأ خبر عن ثلاثة شبان يعرضوا صورهم تحت عنوان (أجمد عيون جريئة), فأمر بإحضارهم وحلاقة شعرهم وارسالهم للتجنيد.
قرأ جمال عبدالناصر جريدة الاخبار ثم أخذ يفكر، ولم يطل تفكيره حيث امتدت يده ليدير قرص التليفون طالبا مصطفى أمين. ودار الحديث التالي: يا مصطفى هل قرأت الصفحة الاخيرة؟ فأجابه: نعم يا سيادة الرئيس, هل تقصد سيادتك صورة الوالد؟ فقال له بلهجة حازمة: أنا ما ل أحب ان تنشر صور والدي او صور عائلتي بين الناس، يا مصطفى انا عايز أبي واخواتي وعائلتي تعيش مثلهم مثل باقي الناس العاديين. وانا ما أحب ان يفسدهم منصبي.
طلبت هدى ومنى جمال عبدالناصر شراء فساتين جديدة، فقال لهما ابوهما جمال عبدالناصر: عائلتهما ليست عائلة غنية بحيث تلبسان في كل حفلة فستاناً جديداً وإن والدهما إنسان فقير. وفي اليوم التالي كلّف جمال عبدالناصر الأخ محمد أحمد أن يصطحب بناته وأبنائه جميعاً إلى أحد الأحياء الشعبية في القاهرة، ولم يعرفوا السبب من تلك الرحلة إلا بعد أن وصلوا إلى أحد البيوت القديمة, فأشار إليه محمد أحمد قائلاً: هذا البيت الذي عاش فيه أباكم الرئيس وهو تلميذ صغير.
عاش حياة عادية في مسكن وظيفي تابع للجيش المصري في منشية البكري.
سجن عمه سلطان لاستيلائه على قطعة ارض.
وعاتب عمه خليل الذي رباه لأنه طلق زوجته التي كانت بمثابة الام لجمال عبد الناصر, ولم يقبل الا بعد ارجاعه زوجته واعتذاره.
كسر حظر تسليح الجيش واحتكار السلاح, وسلح الجيش بسلاح حديث ومتطور. وأمم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر.
أصدر قوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية والتي بموجبها صار فلاحو مصر يمتلكون للمرة الأولى الأرض التي يفلحونها ويعملون عليها وتم تحديد ملكيات الاقطاعيين بمئتي فدان فقط.
أبرم اتفاقية الجلاء مع بريطانيا العام 1954م، والتي بموجبها تم جلاء آخر جندي إنجليزي عن قناة السويس ومصر كلها في الثامن عشر من يونيو 1956م.
بنى إستاد القاهرة الرياضي بمدينة نصر. وانشأ كورنيش النيل.
أقام معرض القاهرة الدولي للكتاب. وأنشأ التليفزيون المصري عام 1960م
وسع التعليم كل المراحل. وجعله مجاني في المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية.
فسح المجال للاقتصاد المصري ليتوسع في مجال الصناعات التحويلية.
أسس منظمة عدم الانحياز مع الرئيس تيتو وسوكارنو وجواهر لان نهرو.
أمم قناة السويس عام ١٩٥٦م ، حيث كانت مصر تحصل علي مليون جنيه سنويا من الشركة الأنجلو فرنسية, فأصبحت مصر بعد تأميم القناة تحصل منه علي عائد سنوي متزايد إلى اليوم، والذي يزيد حالياً عن الأربعة ملايين دولار.
قام ببناء السد العالي، وقد حما مصر من فيضانات مدمرة. وضاعف حجم الأرض المزروعة بمحاصيل رئيسية استراتيجية من قطن طويل التيلة وفواكه وخضار وحبوب.
أعطى المرأة نصف المجتمع حقوقها بدستور ١٩٥٦م، سابقاً بذلك كلا من سويسرا وأمريكا أم الحرية والديمقراطية، والمرأة العاملة في أمريكا حتي الآن لا تتقاضي الراتب نفسه الذي يتقاضاه الرجل في الوظيفة نفسها.
أشاد صناعة إنتاجية مصرية، وإن كان بعضها بمعرفة أجنبية, ولكنها إنتاج مصر، بالإضافة لما يسمى Byproduct أي الصناعة التكميلية أو الجانبية. فإلى جانب صناعة الأسلحة والذخائر مثلا، كانت المصانع الحربية تنتج التليفزيون والمروحة والثلاجة والتكييف والغسالة ولعب الأطفال وغيرهما ، ولم تكن هناك صناعة استهلاكية للشيبسي أو الكنتاكي أو لبان تشيكلتس أو الشكولاتة المستوردة أو المشروبات الغازية ، بل وكان في مخططه أيضا، أن يصنع الصناعة.
بدأ المشوار في التصنيع واستخدام الطاقة النووية مع كل من الهند والصين في وقت متزامن وبخطط تكاد تكون منسقة بين هذه الدول. ولولا اموال بيع القطاع الخاص لكانت مصر اليوم في مستوى الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا والصين.
وضع الخطط الخمسية لمضاعفة الدخل القومي في عشر سنوات، والتي حققت أهدافها وفق ما جاء في تقرير البنك الدولي رقم ٨٧٠أ، الصادر في واشنطن في ٥ يناير ١٩٧٦م، والذي نص علي أن نسبة النمو الاقتصادي في مصر والذي كان ٢.٦% سنويا بالأسعار الثابتة الحقيقية قد ارتفعت بنسبة ٦.٦% في الفترة من ١٩٦٠ حتي ١٩٦٥، وهذا يعني أن مصر عبدالناصر استطاعت في عشر سنوات أن تقوم بتحقيق تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه في الأربعين سنة السابقة عن عام 1952م، هذا في الوقت الذي لا تتجاوز معدلات النمو في دول العالم الثالث نسبة لا تزيد علي ٢.٥% سنوياً.
في عهد جمال عبد الناصر تم زيادة عدد المساجد في مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970م، أي أنه في فترة حكم 18 سنة لجمال عبد الناصر تم بناء عدد عشرة ألاف مسجد وهو ما يعادل عدد المساجد التي بنيت في مصر منذ الفتح الإسلامي وحتى عهده.
جعل مادة التربية الدينية مادة إجبارية يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقي المواد لأول مرة في تاريخ مصر بينما انت اختيارية في النظام الملكي.
طور الأزهر الشريف وحوله لجامعة عصرية تدرس فيه العلوم بجانب علوم الدين.
أنشأ مدينة البعثات الإسلامية التي كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فداناً تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا ويقيمون في مصر إقامة كاملة مجانا أيضا ، و زودت الدولة بأوامر منه المدينة بكل الإمكانيات الحديثة, وقفز عدد الطلاب في الأزهر من خارج مصر إلى عشرات الأضعاف بسبب اهتمامه بالأزهر الذى قام بتطويره وتحويله إلى جامعة حديثة عملاقة تدرس فيها علوم الطبيعة وعلوم الدين.
أنشأ عبد الناصر منظمة المؤتمر الإسلامي التي جمعت كل الشعوب الإسلامية .في عهد عبد الناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم.
في عهده تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التي تتلوا القرآن على مدار اليوم.
في عهده تم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى في التاريخ, وتم توزيع القرآن مسجلا في كل أنحاء العالم.
في عهده تم تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية، والعالم العربي والعالم الإسلامي ، وكان يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرآن الكريم.
في عهده تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامي والتي ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف في عشرات المجلدات وتم توزيعها في العالم كله.
في عهده تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية في مصر. وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر في العديد من الدول الإسلامية.
ساند جمال عبد الناصر كل الدول العربية والإسلامية في كفاحها ضد الاستعمار.
كان جمال عبد الناصر أكثر حاكم عربي ومسلم حريص على الإسلام ونشر روح الدين الحنيف في العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس.
سجلت بعثات نشر الإسلام في أفريقيا وأسيا في عهده أعلى نسب انتماء للدين الإسلامي في التاريخ ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر في عهد جمال عبد الناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص وهى نسب غير مسبوقة و غير ملحوقة في التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمي.
في عهده صدر قانون بتحريم القمار ومنعه، وأصدر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادي الروتاري والمحافل البهائية، وألغى ترخيص عمل العاملات بالدعارة التي كانت سائدة في العهد الملكي وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبي.
في عهده وصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الديني. وتم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل أفريقيا و أسيا، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامية في مطابع الدولة لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه على أوسع نطاق في كل أنحاء العالم.
كان جمال عبد الناصر دائم الحرص على أداء فريضة الصلاة يومياً كما كان حريصاً أيضاً على أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين في المساجد.
توفي جمال عبد الناصر يوم الأثنين 28 سبتمبر 1970م والذى يوافق يوم 27 رجب 1390ه، وفي ذكرى يوم الإسراء والمعراج ، وهو يوم فضله الديني عظيم ومعروف من الجميع. وخلال جهده لوقف نزيف الدم بين الأردنيين والفلسطينيين.
كانت علاقة الرئيس جمال عبد الناصر ممتازة بالبابا كيرلس السادس. وهو سأل البابا عن عدد الكنائس التي يرى من المناسب بناؤها سنويا ، وكان رد البابا: من عشرين إلى ثلاثين. فأمر بأن يكون عدد الكنائس المبنية سنويا خمسا وعشرين كنيسة ، وأن يكون التصريح بها بتوجيه من البابا نفسه إلى الجهات الرسمية. وعندما طلب منه البابا مساعدته في بناء كاتدرائية جديدة تليق بمصر ، وأشتكى له من عدم وجود الأموال الكافية لبنائها كما يحلم بها ، أمر على الفور أن تساهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة ، وأن يتم بنائها من شركات المقاولات التابعة للقطاع العام. وكلف سامى شرف مع المهندس عدلي ايوب بالتوجه للكاتدرائية وتسليم البابا المبلغ, وبدأت عملية البناء في نفس اليوم.
وأمر بعقد اجتماع أسبوعي كل يوم اثنين بين وزير شئون رئاسة الجمهورية والأنبا صمويل أسقف الخدمات لبحث لحل أي مشاكل يعاني منها المسيحيين.
أولى الرئيس جمال عبد الناصر اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين حاكم الحبشة, باعتبار مسيحيي أثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية, والكنيسة الأرثوذكسية اقرب الى المسلمين من الكنيسة الكاثوليكية لأنها مشرقية. ودعا الإمبراطور لحضور حفل افتتاح الكاتدرائية المرقسية في العباسية عام 1964م. كما دعم توحيد الكنيستين المصرية والأثيوبية تحت الرئاسة الروحية للبابا كيرلس السادس. كان جمال عبد الناصر كعادته بعيد النظر في ذلك, فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وأثيوبيا يضمن حماية الأمن القومي المصري لأن هضبة الحبشة تأتى منها نسبة حوالى 85% من المياه التي تصل مصر. وللأسف الشديد بعد وفاته والانقلاب على الثورة في 13 مايو 1971م وما أعقب حرب أكتوبر 1973 من ردة شاملة على سياساته, تدهورت العلاقات المصرية الأثيوبية وكذلك الإفريقية ، ومازالت متدهورة حتى الآن. وانفصلت الكنيسة الأثيوبية عن الكنيسة المصرية, واستطاعت إسرائيل أن تحتل مكانة مصر في أثيوبيا وفى أفريقيا كلها.
في عهده لم تقع حادثة واحدة طائفية بين المسلمين والمسيحيين.
وصام عبد الناصر في شهر رمضان اثناء انعقاد مؤتمر باندونج وافطر.
وادى عبد الناصر فريضة الحج وأعتمر مرات عدة.
وتوفي وليس في جيبه سوى باقي راتبه, ولا له في أي بنك من البنوك.
ألغى عبد الناصر كل الاحزاب السياسية, وأبقى على الاخوان باعتبارهم جمعية دعوية وليست حزباً. وبعد ذلك طالبوه بان كل قرار يصدر عنه يجب أن يوافق عليه مكتب الارشاد فرفض. ثم كانت مطالبة مجلس قيادة الثورة بإصدار مراسيم بفرض الحجاب على النساء وإقفال دور السينما والمسارح ومنع وتحريم الأغاني و الموسيقى وتعميم الأناشيد الدينية واصدار مرسوم يلزم القائمين على حفلات وقاعات الافراح باستخدام أناشيد مصحوبة بإيقاعات الصاجات والدفوف فقط. ومنع النساء من العمل. وإزالة كافة التماثيل القديمة والحديثة من القاهرة وكل أنحاء مصر. ورد على هذه المطالب قائلاً: لن اسمح لكم بتحويلنا إلى شعب بدائي يعيش في أدغال أفريقيا مرة أخرى. وكلف مكتب الارشاد كلا من حامد ابو النصر والشيخ فرغلي لمقابلته لأمر لا يعتقد الاخوان بانه قابل للتأجيل. وعندما قابل عبدالناصر موفدي الاخوان, عرضا عليه رسوما لثلاثة نماذج من الحجاب يمكن تطبيقها على مراحل بصورة تدريجية. وفور مشاهدته لهذه الرسوم التقريبية ضحك, وقال لحامد ابو النصر الذي اصبح مرشدا للإخوان المسلمين في الثمانينيات: طيب لماذا بناتك سافرات يا أستاذ حامد و لماذا لا تلزمهم بواحد من الحجابات التي تطالب مجلس قيادة الثورة فرضه على الستات بمراسيم؟؟
في عام 1965م وضع الرئيس الأمريكي ليندون جونسون هدفاً أساسياً لإدارته هو إسقاط النظام في مصر فقط وأعلن حصاراً اقتصادياً لتجويع الشعب المصري، ومنع بيع القمح الأمريكي لمصر. وتزامن هذا الإعلان مع اعتراف وثائق المخابرات المركزية الأمريكية بانها أسقطت (سوكارنو) واغتالت (لومومبا) وأبعدت (نكروما) عن الحكم كما أعلنت المخابرات المركزية الأمريكية وقوفها خلف سلسلة انقلابات في عدد من دول أفريقيا التي تجاوبت مع جهود عبد الناصر الرامية إلى إقامة تضامن آسيوي أفريقي في إطار حركة عدم الانحياز. ومن المفارقات العجيبة أن الرئيس الأمريكي جونسون كتب في مذكراته انه عندما جاءته أنباء انتصار الجيش الإسرائيلي عام 1967م, حيث قال: إن هذا أعظم خبر سمعناه.
كتب الشيخ محمد الغزالي في كتابه من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث أن سيد قطب منحرف عن طريقة حسن البنا ، وأنه بعد مقتل حسن البنا وضعت الماسونية زعماء لحزب الإخوان المسلمين ، وقالت لهم ادخلوا فيهم لتفسدوهم، وكان منهم سيد قطب (المصدر النسخة الثانية الموجودة اليوم بسور الازبكية), و أما النسخ و الطبعات الموالية فقد قام الشيخ الغزالي بحذف هذه الفقرات.
كان جمال عبد الناصر يعلن دائما خلافاته مع الماركسية وتطبيقاتها، اختلف مع ماديتها الجدلية بإيمانه بالتوحيد الديني وإيمانه بمحورية الدور الإنساني في التطور، واختلف مع المادية التاريخية في إيمانه بالتميز القومي الحضاري وعدم اعتبار الصراع الطبقي قوة دافعة وحيدة للتاريخ، ولم يسلم بالتقسيم الخماسي ذي المنشأ الأوروبي لتطور التاريخ البشري من المشاعية البدائية ـ العبودية ـ الإقطاع ـ الرأسمالية ـ الشيوعية بعد مرحلة انتقال اشتراكي ولم يؤمن عبد الناصر أبدا بيوتوبيا المجتمع الشيوعي، وأكد أن ما بعد الاشتراكية هو المزيد من الاشتراكية لا الشيوعية، واختلف مع تطبيقات النظام الاشتراكي في رفضه لديكتاتورية الطبقة العاملة، وأكد على مفهوم الشعب العامل، ووجود ملكيات خاصة في ظل النظام الاشتراكي.
والديمقراطية في فكر عبد الناصر هي انحياز موضوعي تلقائي لأصحاب المصلحة الحقيقية في المجتمع والأمة في التغيير الاجتماعي التقدمي ألا وهو الشعب. وإذا كانت الديمقراطية في الفكر الليبرالي هي تبرير لواقع الاستغلال الطبقي وتأكيد لطابع الربح الأقصى لفائدة الطبقة البورجوازية وكبار المالكين والفلاحين كما يقول جمال عبد الناصر في خطاب يوم 16سبتمبر 1953م: حكمتم ربع قرن في ظل دستور يضارع أرقى الدساتير وفي برلمانات متعددة جاءت وليدة انتخابات متتالية. حكمتم باسم الديمقراطية ولكنكم باسمها المزيف لم تنالوا حقوقكم ولم تنالوا استقلالكم. ولم تنعموا يوما بالحرية والكرامة التي لم يكفلها الدستور في عهودهم إلا لهم من دون الشعب. فخسرتم كل شيء وكسبوا كل شيء حتى ثرتم على هذه الأوضاع فحطمتموها فمن منا يمكن أن يقبل أن تسلم الثورة أمر الشعب باسم الديمقراطية الزائفة باسم دستور خلاب وباسم برلمان مزيف إلى فئة من المخادعين؟
مقال كتبه الامام الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوي في رثاء جمال عبد الناصر: بسم الله الرحمن الرحيم .قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت ، فالناس كلهم يموتون ، ولكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا ، وقليل من الأحياء يعيشون ، وخير الموت ألا يغيب المفقود ، وشر الحياة الموت فى مقبرة الوجود ، وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير ، والملهم الملهم ، والقائد الحتم ، والزعيم بلا زعم ، ولو على قدره يكون الحداد لتخطى الميعاد الى نهاية الآباد ، ولكن العجيب من ذلك اننا لو كنا منطقيين مع تسلسل العجائب فيه لكان موته بلا حداد عليه ، لأننا لم نفقد عطاءنا منه ، وحسب المفجوعين فيه في العزاء, انه وهو ميت لا يزال وقود الأحياء ، ولذلك يجب أن يكون ذكرنا له ولاء لا مجرد وفاء ، لأن الوفاء لماض مقدر فاندثر ، ولكن الولاد لحاضر مستمر يزدهر فيثمر. فلا أظن أن حيا في هذا العصر يجهل ما فعل عبد الناصر من أعمال ، وما خلق فيه من آمال, ولن أكرر عليكم ولكنى أقول انه بدأ الدائرة حينما فاجا الدنيا بالثورة الأم فاستقبله الناس بأعراس شعب منصور على اثم وطغيان مقهور، وكان خير ما قلت مستقبلا به السمع هذين البيتين: حييتها ثورة كالنار عارمة .. ومصر بين محبور ومرتعد. شبت توزع بالقسطاط جذوتها .. فالشعب للنور والطغيان للهب.
صمت هذا الإعلام وإعلاميه على جرائم إرهابية أستشهد على أثرها الكثير من الشرفاء والمناضلين, ومنهم ياسر عرفات والشيخ احمد ياسين ورياض الصلح. وحتى التستر على هذه الجرائم. حتى أن هذا الإعلام وإعلاميه بات يعتبر أن عملية اغتيال احمد ياسين الشيخ المقعد والمريض فتح الباب لإقامة علاقات بين حماس وواشنطن وتل أبيب.
هروب هذا الإعلام وإعلاميه من أية محاولة لفتح صفحات المجازر التي أرتكبها الاستعمار بحق العرب والمسلمين, وحتى طمس المجازر الصهيونية التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين.
المحاولات الحثيثة والمستميتة لهذا الاعلام وإعلاميه في إيقاد نيران الفتن الطائفية والمذهبية والعشائرية في ما بين العرب, و في ما بين المسلمين, وحتى بين العرب والمسلمين ببرامج متنوعة. وفي كل برنامج يجهد فيه الإعلامي المسؤول عنه أو من يديره ليزيف الحقائق والصورة ويشوه التاريخ, ويطمس الحقائق وحسنات الأموات, ويضلل الجماهير, ويروج دوافع الشر التي تقطن نفوس وعقول أسياده من الحكام والأمراء, وهو فرح مسرور أنه بات لديهم عبد رقيق ومخصي, وأنهم لن يبيعونه في سوق النخاسة لسيد جديد. وأنه على أتم الاستعداد للإساءة لأمه وأبيه وزوجته وبنيه ودينه ووطنه ولكل من يحبه أو يثق فيه. وأن يمجد ويمدح كل خائن و جاسوس ولص وفاسد ومجرم وإرهابي وعاهر وعميل.
نشاط وحيوية هذا الإعلام وإعلاميه بصب البنزين والكيروسين على النار في كل حدث وفتنة ومشكل وخلاف بدون وازع من شرف أو ضمير. وتباكيه وذرفه الدموع والتي هي أشبه بدموع التماسيح. أو ترديده كالببغاء عبارات لا يفقه منها شيئاً, أو فرده أوراق على الطاولة التي أمامه وكأنه إعلامي لا يشق له غبار, أو أنه حكيم عصره أو عالم أو فقيه. و يلون وجهه لمشاهديه بلون لخدعهم فيه, وكأن وجهه بنظره كالحذاء الذي يحتذيه. ويطيل ويزهوا في لحن قوله, و يلجأ للتهويل والصراخ والنهيق كأنه غراب أو حمار من الحمير.
تباكي هذا الإعلام وإعلاميه إبان الغزو الأمريكي للعراق على الشيعة وعلى اضطهادهم من قبل نظام صدام حسين ونظامه السني. وفرحهم بإعدام صدام حسين في صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك. وتباكيهم اليوم على السنة المضطهدين من الشيعة والمسيحيين.
تجاهل هذه الوسائط الاعلامية وإعلاميها لأمور كثيرة تتعارض وقيم الحرية والدين. ومنها:
ازدهار تجارة الرقيق الأبيض في الدول التي تنطلق منها هذا الوسائط الإعلامية.
الازدواجية في معاملة الوافدين للعمل في الدول التي يقيم فيها هؤلاء الإعلاميين. حيث يعامل فيها الأمريكيين كأسياد لهم كامل الحرية بالحياة. في حين يعامل العرب والمسلمين من الأفارقة والإندونيسيين والفليبين كعبيد.
أمور كثيرة تجعلك هذه الوسائط وإعلاميها في ريبة منهما. وكأن دورهما المعلن التباكي على حرية الشعوب والمواطنين. أما دورهما السري فهو تدمير العروبة والتآمر على العروبة والإسلام والمسلمين.
السبت: 21/12/2013م
العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
burhansyria@gmail.com
bkburhan@hotmail.com
06/11/2014