قصة أحمد عز من الابتكار إلي الاحتكار ..
...............................................................
| |
عز | |
بقلم : مصطفى بكري
........................
فجأة..احتكر الحديد .. فجأة.. استولي علي الحزب ..فجأة.. تزوج شاهيناز فلماذا لا يقفز علي الحكم فجأة؟
أصبح أحمد عز ظاهرة مثيرة للجدل، الكل يتحدث، يروي حكايات، من داخل الحزب، والمصانع، والمجتمع، كأن مصر لم تلد سواه، فقد أصبحنا هدفه وأصبح هدفنا.
في عدد ماضي نشرنا بعض الوقائع الموثقة التي تكشف كيف استولي أحمد عز بالأموال والأعوان علي قواعد الحزب، واحتكرها لنفسه وتعامل معها بمنطق لغة 'الحديد' أو البيع والشراء .
استطاع وحده أن يقلب المائدة علي الجميع، لا صفوت الشريف، ولا زكريا عزمي ولا علي الدين هلال ولا غيرهم استطاع أن يقول له 'تلت التلاتة كام' يبدو أن جميعهم انصاعوا لما يريد، وشعروا وأدركوا أنه الأقوي، وأنه ليس أمامهم من خيار إلا أن يتركوا له الفرصة لإعادة الهيكلة.
كان أحمد عز يستعد علي طريقته منذ زمن طويل والآن جاء الحلم ليتحقق.. لا نعرف كيف جاء؟ وكيف صعد؟ فجأة وجدناه أمامنا، يحكم ويتحكم، يستولي بطريقة فيها كثير من علامات الاستفهام علي أخطر قطاعات البناء وهو الحديد ويزحف للاستيلاء علي قطاعات أخري عديدة ناهيك عن الحزب والبرلمان.
إن رحلة أحمد عز مع الحديد بدأت مع عام 1994 عندما أسس مع والده أول مصنع لإنتاج الحديد.. قبلها كان الوالد قد عمل موزعا للحديد بعد خروجه في حملة التطهير من الجيش في أعقاب قضية عبدالحكيم عامر عام 1967، ساعتها حصل علي حصة توزيع لا تزيد علي 40 طن حديد في الشهر بالإضافة إلي حصة توزيع مواسير كان يتولي توريدها للجيش المصري في هذا الوقت.
وفي عام 1983 ألقت الأجهزة الرقابية القبض علي عدد من تجار الحديد في قضية الحديد المغشوش المستورد من رومانيا، لم يكن والد أحمد عز من بينهم، غير أنه نجح في عقد صفقة قدرها 2000 طن حديد قام ببيعها في السوق المصري، الذي كان متعطشا في هذا الوقت، بقيمة تقدر بنحو 600 ألف جنيه وكان الجنيه يساوي دولارا في هذا الوقت. ومنذ هذا الوقت بدأ السيد عبدالعزيز عز ونجله أحمد في لعبة تجارة الحديد انطلاقا من محل السبتية الذي بدأ يتوسع في نشاطه .
غير أن حالة الجري واللهث وراء الربح السريع كانت السبب في تعرض المهندس أحمد عز ووالده لأزمة خطيرة حيث رصدت الأجهزة المعنية قيام السيد عبدالعزيز عز ونجله أحمد بشراء الدولارات من السوق السوداء في وقت كانت مصر في أشد الحاجة فيه إلي الدولار.
وبعد أن قامت الجهات المعنية بجمع المعلومات أصدرت الإدارة العامة للرقابة علي النقد الأجنبي التابعة للبنك المركزي خطابا إلي مباحث الأموال العامة بتاريخ 8/3/1989 يحمل رقم 58/8 قالت فيه: 'نتشرف بالافادة أنه خلال قيام مفتشي هذه الإدارة بمراجعة الاعتمادات المستندية المفتوحة عن طريق بنك هونج كونج والمصري المركزي الرئيسي بالزمالك والبنك المصري الأمريكي فرع المهندسين وبنك القاهرة قصر النيل وبنك مصر العربي الأفريقي والبنك التجاري الدولي تبين قيام المستورد 'شركة عز للتجارة الخارجية' ومقرها 8 ش السد العالي الدقي بفتح اعتمادات عن طريق هذه البنوك بمبالغ كبيرة خلال عامي 1988، 1989 لاستيراد لحوم مجمدة وحديد تسليح موضحا بيانها بالكشف المرفق مولت من حسابات الاستيراد المفتوحة لدي هذه البنوك باسم الشركة المذكورة.
وقال خطاب مدير الإدارة العامة للرقابة علي النقد الأجنبي إنه بمراجعة الحركة التي تمت علي حساب هذه الشركة لدي بنك القاهرة فرع قصر النيل علي سبيل المثال تبين تغذية هذا الحساب في الفترة من 21/5/1988 حتي 12/12/ 1988 بمبلغ 3718526 بموجب إيداعات نقدية ومبلغ 0000586 بموجب تحويلات من حساب الاستيراد المفتوح باسم الشركة لدي بنك القاهرة فرع بورسعيد كما تبين من الفحص لدي بنك هونج كونج المصري قيام العميل المذكور بالتنازل إلي البنك بمبالغ كبيرة لفتح اعتمادات له من موارد السوق المصرفية الحرة.
وأكد المدير العام 'أنه تبين أن الشركة المذكورة لها تعاملات مع بنوك أخري وحاصلة علي تسهيلات ائتمانية من بنوك: القاهرة قصر النيل، المصري الأمريكي المهندسين، التجاري الدولي الجيزة، مصر أمريكا الدولي، المصري الخليجي، هونج كونج ، مصر العربي الأفريقي، بنك أوف أمريكا،. كريدي ليونيه بلغت حسب المركز في آخر نوفمبر 1988 (52.577.000) جنيه مصري.
وقال البلاغ المقدم: ولما كان قيام هذه الشركة بفتح اعتمادات وتمويلها بمبالغ كبيرة خارج نطاق السوق المصرفية الحرة بما يستشف منه قيامها بتدبير النقد الأجنبي اللازم للتمويل من السوق السوداء دون معرفة مصادر تمويل مبالغ هذه الاعتمادات فقد رأينا الكتابة إلي سيادتكم للتفضل بالاحاطة والتكرم بالتنبيه باتخاذ ما ترونه لازما في هذا الشأن'.
يومها أصدر اللواء زكي بدر وزير الداخلية تعليماته للأجهزة المختصة حيث قامت بضبط نصف مليون دولار مع السكرتير الخاص لوالد أحمد عز الذي اعترف في التحقيقات بأنه تم جمعها من السوق السوداء ببورسعيد لحساب السيد عبدالعزيز عز والد احمد عز.
وقد تم تحرير محضر بالوقائع وقيدت القضية تحت رقم 5123 لسنة 97 حصر وارد مالية.. وعلي الفور تم إلقاء القبض علي السيد عبدالعزيز عز وصدر قرار بحبسه لمدة 82 يوما، كما تم التحقيق مع المهندس احمد عز، غير أن القضية حفظت، وحصل الجميع علي البراءة أمام محكمة الجنح وتم رد المبلغ المصادر والإفراج عن السيد عبدالعزيز عز بعد أن أكد محاميه أن المبالغ التي تم جمعها جاءت من السوق الحرة في بورسعيد وأن ذلك لا يسبب ضررا للاقتصاد القومي.
مضت القضية غير أن شبحها ظل يطارد المهندس أحمد عز الذي كان يومها شابا يافعا يبلغ من العمر حوالي 29 عاما، ورغم أنه كان رقيقا يمتلك حسا مرهفا كونه عضوا في فرقة موسيقية تعزف في أرقي الفنادق غير أنه لم يكن يعرف سوي الصرامة في التجارة، فصمم علي المضي قدما لتحقيق الهدف.
في عامي 1993 - 1994 حصل أحمد عز علي قروض من البنوك تبلغ اكثر من مليار و600 مليون جنيه فتعاقد مع شركة 'دانيلي' الايطالية لبناء مصنع 'العز لحديد التسليح' بطاقة 300 ألف طن.
وفي عام 96 تعاقد علي خط آخر بطاقة 360 ألف طن وفرن صهر بطاقة 600 ألف طن، وكانت التكلفة الاجمالية للمصنع قد بلغت حوالي 430 مليون جنيه.
في فبراير عام 2000 تولي المهندس احمد عز رئاسة مجلس إدارة شركة الدخيلة، وفي عام 2001 اصدر المهندس احمد عز تعليماته بخفض كميات حديد التسليح في شركة اسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة، وأوقف يومها انتاج حديد التسليح (اللفف) مما تسبب في تداعيات خطيرة أثرت علي السيولة بالشركة، مما أسفر بالتبعية عن وجود فائض في خامات 'البيليت' المصنعة بالشركة وقد قدرت بحوالي 54 ألف طن شهريا، حيث أكدت الوقائع أن قرار خفض الإنتاج كان لحساب مصانعه خاصة بعد أن قام بشراء هذه الكميات الزائدة من 'البيليت' بسعر الطن 86 جنيها، ليقوم بتصنيعه كحديد تسليح في مصانعه الكائنة بمدينة السادات.
كان الأمر فقط مقصورا علي أحمد عز ومصانعه، ولم يكن بوسع أي من التجار الآخرين أن يحصل علي هذا 'البيليت' المكدس بفعل فاعل في مصانع الدخيلة. وعندها اشتكوا لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في هذا الوقت وطالبوا بمعاملتهم اسوة بما تم التعامل به مع المهندس أحمد عز وبزيادة خمسين جنيها علي الطن غير أنهم لم يجدوا ردا علي ذلك. وقد ظل احمد عز يحتكر الإنتاج لمصانعه لعدة سنوات مما تسبب في خسائر لشركة الدخيلة بعشرات الملايين من الجنيهات كل عام.
في هذا الوقت قامت شركة العز لحديد التسليح بشراء اسهم بقيمة 5.9 من مجموع أسهم الدخيلة (اسهم العاملين) ثم قامت برفع حصة الشركة إلي 98.02% بما قيمته حوالي 430 مليون جنيه مصري، في وقت كانت ديون شركة العز لشركة الدخيلة قد و صلت إلي 745 مليونا و130 ألفا و550 جنيها حتي 13/12/2005 وكان ذلك بالقطع شيئا غريبا، فالرجل الذي يستحوذ علي أسهم في الدخيلة ب 430 مليون جنيه كان مديونا لها بأكثر من 745 مليونا من الجنيهات، أي أن مديونيات شركته كانت تساوي اكثر من ضعف الاستثمارات التي وضعها في الشركة بما يعني في المقابل أن أحمد عز حصل علي هذه الأسهم 'بلوشي' أي دون أن يدفع مليما واحدا.
الأمر الأكثر غرابة أن هذه الديون قدرت فوائد عليها تصل إلي 21% سنويا، والسؤال هنا: هل التزم أحمد عز بدفع فوائد هذه الديون التي وصلت من 70 - 80 مليون جنيه سنويا؟ اعتقد أنه يعرف الإجابة جيدا.
غير أنه وبالرغم من هذه الديون وتلك الفوائد المتراكمة والتي عجز أحمد عز عن سدادها قرر فجأة الاستحواذ علي نسبة أخري من الأسهم تصل إلي 29.93% لتقفز أسهم مصنعه في الدخيلة إلي 82.05% من أسهم الشركة.
لقد اتخذ القرار خلال اجتماع عقد لمجلس إدارة شركة الدخيلة التي قام أحمد عز بتغيير اسمها إلي 'شركة العز الدخيلة للصلب - الاسكندرية' عقد الاجتماع في 21 فبراير 2006 وصدر عنه قرار الاستحواذ علي أربعة ملايين و61 الفا و230 سهما من أسهم الشركة.
وفي 5 مارس 2006 دعا أحمد عز إلي جمعية عمومية غير عادية لشركة الدخيلة تمت خلالها الموافقة علي قرار مجلس الإدارة بالاستحواذ، في مقابل اصدار عدد 78 مليونا وتسعمائة وسبعين ألفا وخمسمائة وأربعة وثلاثين سهما من أسهم العز لصناعة حديد التسليح طبقا لمعامل التبادل المتفق عليه وهو ( 12.609) سهم من أسهم شركة العز لصناعة حديد التسليح مقابل كل سهم واحد من اسهم شركة الدخيلة للصلب - الاسكندرية.
وقد بلغت تكلفة استحواذ شركة العز لصناعة حديد التسليح لأسهم الزيادة في شركة الدخيلة للصلب مبلغ 4 مليارات و92 مليونا و264 ألفا و756 جنيها مصريا، في حين كان نصيب الشركة في صافي الأصول طبقا للمركز المالي لشركة الدخيلة في 31 يناير 2006 مبلغ 847 مليونا و969 ألفا و317 جنيها.
وتتمثل الزيادة هنا في تكلفة الاستحواذ علي نصيب الشركة في صافي أصول شركة الدخيلة في 31 يناير 2006، وهو تاريخ أقرب مركز مالي لتاريخ قرار مجلس ادارة الشركة في 12 فبراير 2006 والذي تم اتخاذه تاريخا لاستحواذ مبلغ 3 مليارات و280 مليونا و492 ألفا و926 جنيها.
ولأن هذا الفرق متولد داخليا نتيجة إعادة الهيكلة بين شركات المجموعة فقد تم تخفيضه من اجمالي حقوق المساهمين، وهنا نقطة الفصل، إذ أن هذا الفرق ناتج فقط عن إعادة الهيكلة بين شركتي الدخيلة والعز لصناعة حديد التسليح والتي لم تتكلف شيئا، لكنها حصلت علي نسبة كبيرة من حقوق المساهمين في شركة الدخيلة لصالحها وهو ما أدي إلي حدوث انخفاض في حقوق هؤلاء المساهمين ومن ثم انخفاض أيضا في صافي الأرباح، فكان المستفيد الوحيد في ذلك هو شركة العز لصناعة حديد التسليح التي يملكها المهندس أحمد عز.
لقد جرت مبادلة الأسهم بين الدخيلة والعز لصناعة حديد التسليح رغم أن العز لصناعة حديد التسليح أقل كثيرا من الدخيلة في الانتاجية والأرباح والتأثير الحاكم في السوق، كما أن هذه المبادلة جاءت دون اضافة حقيقية لخزانة الدولة، خاصة أن الزيادة في رأس المال التي أعلنتها شركة العز لصناعة حديد التسليح من 2 مليار إلي 8 مليارات هي زيادة صورية، وإلا فليدلنا المهندس أحمد عز علي البنك الذي أودع فيه هذه الزيادة المالية في رأسمال شركته التي قايض بمقتضاها أسهما في شركة الدخيلة.
قد يقول البعض: إن تبادل الأسهم لا يشمل زيادة نقدية في رأس المال وإن التبادل قد تم بين مالك واحد بحيث تكون أسهمه بالكامل في شركة واحدة يتم تداولها في البورصة وتخضع لكل أنواع التدقيق وتلتزم معايير الافصاح حتي يطمئن المجتمع، وقد يقول: إن مبادلة الأسهم أخذت موافقة الجمعية العامة للشركات المعنية ونشرت في الصحف، وكل هذا مردود عليه. فتبادل الاسهم هنا لم يتم بين مالك واحد، بل بين شركتين إحداهما مملوكة للمهندس أحمد عز بالكامل وهي شركة العز لصناعة حديد التسليح والأخري هي شركة الدخيلة التي يساهم فيها ثلاثة من أهم بنوك الدولة وهيئات حكومية عديدة في ذلك الوقت.
أما نصيب شركات المهندس أحمد عز في الدخيلة فلم يزد حجمها في هذا الوقت علي 20.98%، فأين هو المالك الواحد؟
وقد يقول البعض: إن استحواذ شركة العز لصناعة حديد التسليح لم يطل المال العام في هذه الشركة والذي بدأ مع تأسيس الشركة بنسبة أكثر من 64%، ثم انخفض إلي حوالي 46% بعد ذلك، وهنا يمكن القول: إن زيادة رأسمال شركة الدخيلة تعني تقليل حصة المساهمين الآخرين، أي تعني تقليل حصة المال العام إلي الحاق الضرر بهذه الحصة مما يؤدي إلي انخفاض صافي الربح لكافة المساهمين بينما في المقابل يتعاظم صافي الربح لشركة العز لصناعة الحديد المسلح التي زاد نصيبها إلي 50 .28% وزاد ربحها من 179 مليونا قبل الاستحواذ مباشرة إلي أكثر من 2 مليار و178 مليون جنيه بعد الاستحواذ بتسعة أشهر فقط.
أما بالنسبة لصافي الربح بالنسبة للسهم في الدخيلة، ووفقا للقوائم المالية المعتمدة من البورصة فقد حقق انخفاضا كبيرا بعد الاستحواذ مما ألحق الضرر بكافة المساهمين عدا شركة العز لصناعة حديد التسليح والتي حازت علي جملة من المكاسب الخيالية. وتقول القوائم المالية لشركة الدخيلة المعتمدة من البورصة إن نصيب السهم من صافي الارباح بلغ في 2005/9/30 أي قبل الاستحواذ 119 .9 جنيه للسهم الواحد، وبعد الاستحواذ انخفض صافي الربح للسهم إلي 104.4 جنيه أي بخسارة قدرها 15 .5 جنيه للسهم. أما بالنسبة لنصيب السهم من توزيعات المساهمين فقد بلغ 011 جنيهات في 2005/9/30، أي قبل الاستحواذ، وبعد الاستحواذ انخفض إلي 80 جنيها بتاريخ 2006/9/30 أي بخسارة قدرها 30 جنيها للسهم الواحد.
إذن هناك ضرر فادح وقع علي المال العام وعلي المساهمين الآخرين نتيجة هذا الاستحواذ الذي صب لمصلحة أحمد عز وليس لمصلحة الدخيلة، ذلك انه يملك 90% من شركة العز لصناعة حديد التسليح، غير أنه وحتي ما قبل الاستحواذ لم يكن يملك أكثر من 20 .89% من أسهم الدخيلة.. فهل هذا معقول؟!
إن عملية مبادلة الأسهم شابها الكثير من علامات الاستفهام، فهي أولا تمت دون اضافة حقيقية لشركة الدخيلة لا في رأس المال ولا في استثمارات جديدة، انها عملية قرصنة قام بها رجل واحد اسمه أحمد عز يرأس شركة الدخيلة في هذا الوقت ويرأس ويملك العز لصناعة حديد التسليح في وقت واحد..
هذه الوقائع جرت في فبراير 2006، أي في الوقت الذي كان فيه السيد أحمد عز ملء السمع والبصر سواء تحت قبة البرلمان أو في توليه لمنصب أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم ومن ثم قربه من صناع القرار في البلاد.
لقد تمت عملية الاستحواذ بشكل سري، أي أنها لم تعلن في الصحف، ولم تأخذ مسارها الطبيعي حتي يتقدم الآخرون وينافسوا بشكل جاد مما دفع البعض للقول: إن أحمد عز باع سرا لأحمد عز.
الأمر الآخر والذي يدعو إلي التساؤل: كيف قبل البعض بهذه الزيادة في الأسهم لمصلحة شخص واحد وعلي حساب حقوق المساهمين وأرباحهم السنوية؟ ولماذا وافق ممثلو البنوك وشركات التأمين وشركات القطاع العام علي خفض قيمة مساهمتهم في شركة الدخيلة والتي تحقق أرباحا سنوية تصل إلي 6 مليارات جنيه لحساب شخص واحد هو أحمد عز ليزيد نصيبه في اسهم الشركة من 20 .89% إلي 50.28% وليزيد ربحه من 179 مليونا إلي 2 مليار و178 مليون جنيه فقط في تسعة أشهر؟ بينما تقدر المصادر المالية أن أرباح أحمد عز السنوية سوف تزيد علي صافي ربح يقدر سنويا ب 2 مليار و500 مليون جنيه.
لقد قام أحمد عز بزيادة رأسمال شركة العز لصناعة حديد التسليح من 430 مليون جنيه إلي 2 مليار جنيه، ثم إلي 8 مليارات جنيه، وبالتالي طبع اسهما صورية ولم يضع أموالا في أي بنوك، فهل هذا مقبول؟!
إذن في المحصلة النهائية فإن شركة الدخيلة فقدت 2 مليار جنيه في تسعة أشهر، كانت هذه الأموال تدخل إلي الخزانة العامة أما الآن فإنها أصبحت تدخل إلي جيب رجل واحد هو أحمد عز.
من هنا يتوجب علي الجهات المعنية أن تسأل رؤساء البنوك والهيئات المعنية وهي: بنك الاستثمار القومي والهيئة المصرية العامة للبترول وشركة مصر للتأمين وبنك مصر والبنك الأهلي وبنك الإسكندرية قبل بيعه وشركة الحديد والصلب المصرية والشركة المصرية لاعادة التأمين وغيرها من الشركات: هل قبلوا طواعية التفريط في حقوقهم، أم أن هناك من أرغمهم علي ذلك؟ وإذا كانوا قد قبلوا طواعية فليقولوا لنا: لماذا قبلوا أن يلحقوا بأنفسهم الضرر والخسارة لمصلحة المستفيد الأول أحمد عز؟
لقد أصبح أحمد عز بمقتضي ذلك هو صاحب الحصة الحاكمة والقرار في شركة الدخيلة بعد انخفاض نصيب البنوك والشركات الحكومية في الشركة وبالتالي خفض حصتها التأثيرية في الشركة ومن ثم تقليل حصة وأرباح المال العام.
لقد تمكن أحمد عز من شراء حصة العاملين قبل ذلك وبسعر بخس وبجدولة 4 سنوات وتم دفع قيمتها من خلال مديونياته لشركة الدخيلة أي أنه لم يدفع مليما واحدا من ماله الخاص، خاصة أن هذه الأسهم كانت مرهونة لبنك الاسكندرية، فقط دفع في المرة الأولي 280 مليون جنيه قيمة 9 .5% من اسهم الدخيلة.
أعرف أن السيد أحمد عز يستطيع أن يأتي بأوراق من البورصة أو حتي من بعض المحاسبين المعتمدين للتدليل علي صحة موقفه غير أننا وفي حالة أحمد عز نطرح الحقائق ولا يهمنا أين يمكن أن تصل بنا النتائج. نحن ندرك أن السيد أحمد عز يمتلك يدا طولي وجيشا جرارا ومالا وفيرا، غير اننا نقول كلمة الحق لله ثم للتاريخ، فامتلاك شخص واحد لانتاج 67% من الحديد يسمي في العرف الاقتصادي 'احتكارا' يدفعه إلي زيادة السعر والتحكم في السوق لأن ما يهمه هو الربح ثم الربح ثم الربح..
إن شركة الدخيلة تمتلك 3 وحدات تنتج حوالي 60% من 'الحديد الاسفنجي' الذي يحتاجه السوق المصري، وهذا من شأنه أن يخفض تكلفة انتاج طن الحديد الذي تنتجه الشركة وبحيث لا يزيد سعر تكلفته علي 2300 جنيه وفق تقديرات الخبراء، فماذا عندما يبيعه السيد أحمد عز بأكثر من 3500 جنيه؟ هنا يصبح المكسب من الطن الواحد حوالي 1200 جنيه.
إن آخر تقرير صادر عن البورصة أكد أن أرباح شركة الدخيلة في الفترة من يناير إلي يونيو 7002 قد بلغت 3 مليارات و082 مليونا باعتبارها مالكة ل82.05 % من الأسهم يصل إلي حوالي 0661 مليونا و493 ألفا، أي أن نصيب شركة العز من صافي الربح من الجنيهات أي أن الربح السنوي لشركة العز لحديد التسليح وحدها يبلغ حوالي 0233 مليونا من الجنيهات.
هنا ثمة سؤال يطرح نفسه: كيف حقق احمد عز هذه المكاسب الخرافية؟ ولماذا؟ ومن هذا الذي بقدرته أن يكسب سنويا حوالي ثلاثة مليارات ونصف المليار من الجنيهات؟ هل يستطيع أي مصري ليس اسمه احمد عز أن يحقق هذه المكاسب في صناعة الحديد؟!
إن أحمد عز يقول إنه لم يتعامل مع الحكومة في عملية البيع والشراء خلال استحواذ شركته للأسهم أو لم يؤثر باستحواذه علي هذه النسبة الكبيرة علي حصة المال العام في الأرباح فيربح هو وتخسر الشركات والبنوك الحكومية، ماذا نسمي ذلك إن لم يكن تعاملا قد أثر بالسلب علي أرباح المال العام وتسبب في خسارته وهو أمر من شأنه أن يدعو مجلس الشعب إلي بحث الأمر واسقاط العضوية عن النائب احمد عز الذي ارتكب فعلا تجرمه المادة 85 من الدستور.
لقد أثبتت الأيام أن احتكار احمد عز لن يقتصر علي الحديد وأن ثروته المقدرة ب50 مليار جنيه تتحرك باتجاه فرض المزيد من الاحتكارات الأخري. والغريب في كل ذلك أن أحمد عز لايزال مدينا للبنوك بمبالغ تزيد علي 3 مليارات جنيه، وهو أمر أيضا يدعو للدهشة، فهو يرفض أن يدفع أرباح سنة واحدة ليسدد هذه الديون.
ويبقي السؤال هنا: هل يستطيع أحمد عز أن يفعل كل ذلك دون سند يحميه، ويفتح أمامه وحده طريق الاحتكار؟!
وإذا كان الشارع المصري يردد هذا السؤال صباح مساء، دون أن يجد إجابة واضحة عليه، فاللغز يزداد غموضا عندما نتابع الزحف المنظم للمهندس احمد عز للاستيلاء علي الحزب الحاكم حتي جاءت الانتخابات الاخيرة لتؤكد نجاحه بضربة معلم.
وقد استطاع احمد عز ان يحدث انفجارا داخليا في كافة المحافظات شمل الوحدات والأقسام والمراكز ولجان المحافظات حيث فرض أعوانه واحتكر الحزب لنفسه.
وبالرغم من أن الأمر أحدث انزعاجا كبيرا لدي السلطة السياسية إلا أن الواضح حتي الآن أن المهندس أحمد عز سيبقي في موقعه كأمين للتنظيم، بل إنه يروج في الوقت الراهن - خاصة بعد الكشف عن زواجه الرابع من النائبة شاهيناز النجار - أنه مرشح لرئاسة مجلس الوزراء خلال الفترة القادمة.
ورغم أن البعض قد يستهين بهذه الأقاويل التي يطلقها عن عمد إلا أن المتابع لمسيرة أحمد عز يدرك تماما أن الرجل يعرف موطئ قدميه جيدا، ويدرك مكامن قوته المالية والتنظيمية والسياسية.
إن أحمد عز يستخدم اسماء بعض كبار المسئولين بل ويتعمد استخدام اسم السيد جمال مبارك كثيرا في محاولة منه للتأكيد علي مكمن دعمه وسنده وقوته غير أن الصمت علي هذه الادعاءات يجعل الآخرين يصدقونها.
لقد أصبح أحمد عز رجلا مرفوضا في كافة دوائر الحزب الحاكم، بل وفي الدوائر الشعبية والسياسية بطريقة مثيرة للدهشة، غير أنه يبقي جاثما علي الأنفاس رغم أنف الجميع.
إنني أتساءل وغيري كثيرون: لماذا يتحمل النظام عبء أحمد عز؟ لماذا يتركه حرا طليقا يفعل ما يشاء دون محاسبة، ثم يبقيه في موقعه، بل ويسعي إلي تصعيده رغم أنف الجميع؟
قد يظن أن بعض ما ينشر من شأنه أن يدفع إلي إبعاد أحمد عز عن مواقعه، غير أن خبرتنا في التعامل مع هذا النظام تؤكد أنه لا يريد أن يسمع ولا أن يري ما يحدث حوله.
إن كل فعل يقوم به احمد عز علي المستويين السياسي والاقتصادي معلق في رقبة النظام، وإذا كان عز قد نجح في احداث شرخ كبير داخل البنية التنظيمية للحزب الحاكم فلا شك أن ممارساته وأفعاله ستكون واحدة من أهم الكوارث التي سيدفع الجميع ثمنها بلا جدال.
وإذا كان احمد عز قد قال في الإسكندرية حسب ما نشرته جريدة البديل إن كل ما يهم حزبه هو الحفاظ علي كرسي الحكم فإنني أقول وبكل ثقة: بل إن أحمد عز يريد هذا الكرسي لنفسه وبأسرع مما يتوقع الجميع.
وإذا استمرت الأوضاع علي ما هي عليه فغدا سيصحو شعبنا المقهور ليحيي علم الصباح ويهتف: 'تحيا جمهورية عز' 'مصر العربية سابقا.
06/11/2014