جاسوس تحت التمرين
...............................................................
عزازى على عزازى
......................
حينما يستقر في وعي ويقين قطاع كبير من الشباب أن (إسرائيل) أحن عليه من مصر، تبقي خيبة الأمل راكبة صاروخ كروز، لن نتحدث عن آلاف لا نعرف علي وجه الدقة عددهم من الذين عبروا الحدود بكامل وعيهم وإرادتهم وبعد تفكير وتدبير وفحص وتدقيق، ومعاناة تئن منها الجبال، والذين تستقبلهم تل أبيب كجواسيس تحت التمرين، لكن الأخطر ـ الآن ـ هو حالة خلق القابلية للعبور ويستوي في ذلك العابرون إلي الغرق المؤكد في بحر الهجرة للشمال، أو الذين يخلعون عقولهم وضمائرهم ومناعتهم الوطنية قبل النفاذ من السلك الحدودي الشائك مع دولة العدو، ولتسقط بالتالي كل الأجندات والمشاريع والخطب الرنانة ولا مؤاخذة الحراك السياسي، ما الذي يحدث للمصريين، الله يخرب بيت النظام كله من الوزير للخفير؟! المعذبون في السجون والأقسام يطالبون باللجوء لـ (إسرائيل) المهمشون في صحاري الإهمال والنسيان يلجأون للحدود الشرقية، العاطلون يفرون إليها، شباب البحث العلمي يستجدون حق اللجوء، المدونون يتساءلون في براءة فادحة: هي مصر عملت لنا إيه؟
وأخيرا قال إيه، شاب صعيدي قح مسكوه عند نقطة رفح الحدودية، اسمه أحمد عطا الله.. رايح فين يأبو حميد؟ رايح (إسرائيل).. تنيل إيه هناك؟ رايح اشتغل، وبكي الولد، وبكت معه كل حبات الرمل المخضب بدم الشهداء في سيناء، طبعا لم ينشغل رجال الأمن وفرسان الاعتقالات بمشكلة أحمد التي تعتبر جزءا من الأمن القومي، فيأخذ الولد من يده، ويذهب به للباشمهندس أحمد عز الذي يشفط هو وزملاؤه الأنتيم خيرات مصر، ويطلب منه تعيين القفل أحمد عطا الله في شركاته، لكن كل الذي حدث ويحدث، امسك، اضرب، سيب!! لتبقي المشكلة علي حالها، وليحاول أحمد مرة أخري العبور إلي جهنم العدو، بعد أن أصبح ماء جنة مصر غورا، لن تستطيع له طلبا.
وبالمرة «2800» سوداني يفترشون الحدائق في (إسرائيل) بعد نجاحهم في عبور سيناء، فمصر «أبو الغيط» تركت جمل السودان بما حمل، وتفرغت لحصار إمارة غزة بالتنسيق مع الفاتنة سالومي وزيرة خارجية رام الله وتل أبيب، فاكرين لما غلابة السودان نصبوا الخيش في ميدان مصطفي محمود، حصل لهم إيه؟ إنهم الآن يضطجعون في حدائق القدس، وكلهم ثقة أن الأمن الصهيوني سيكون أرحم عليهم من أمن دولة النيل الواحد، والنيلة الواحدة.
طيب حاجة ثانية.. فاكرين كلمة «عبور» ماذا كانت تعني في الضمير والوجدان المصري؟
الآن وبعد شعار «العبور إلي المستقبل» المصحوب بصورة رجل عجوز بدون كرافتة، أصبح العبور للخيبة بالويبة هو البرنامج الحقيقي.
* إشارات
الإفراج عن العالم المصري خالد عودة، ضرورة وطنية وعلمية، قبل أن يكون ضرورة سياسية، آسف لا داعي للكلام الكبير الذي لا يجدي مع هؤلاء... طيب أفرجوا عنه ليفتح لكم خزائن الجيولوجيا المصرية وكنوزها المطمورة فربما وجدتم ما تنهبوه بعد إفلاس ظاهر الأرض.
شهيدة البنج الطفلة بدور تحولت إلي رمز وطني ودولي بقدرة قادر، فكل يوم تستقبل مغاغة عشرات المنظمات الدولية ومئات الناشطين يقودهم المحافظ، وتدعمهم السيدة الأولي والثانية والثالثة، علي اعتبار أن قضية الختان من أخطر المشكلات التنموية التي تواجه العالم الثالث، رغم أن الموضوع كله بنج، إلا أنني أتساءل إذا كانت المساواة في البنج عدل، فلماذا لا يهتم هؤلاء بظاهرة إخصاء مصر؟!
الأسبوع الماضي كنت أمر في شارع عبدالرحمن فهمي بجاردن سيتي ففوجئت بلمة كبيرة، يتقدمها رجال المطافي ورجال الأمن ورجال الكهرباء بالإضافة للبشر العاديين، الكل يتفرج في بلاهة علي كشك الكهرباء وهو يصدر فرقعات مدوية مصحوبة باشتعال نيران، ولا أحد يصنع شيئا.. فتساءلت في مرارة: حينما قام سليم الأول بتصدير كل الصناع المهرة للأستانة، لماذا لم يترك واحدا يستطيع فك ألغاز كشك جاردن سيتي؟!
يقول الخبر: قام رئيس هيئة قصور الثقافة ومحافظ أسيوط بافتتاح مكتبة للطفل في قرية الصجة مركز القوصية، بتكلفة 5،1 مليون جنيه، وافتتحا قصرا بمليون جنيه ومركز سوزان مبارك المطور للطفل بخمسة ملايين جنيه.. يعني سبعة ملايين ونصف المليون مصاريف لطفل أسيوط المدلل، هذه أسعار الترميم وليست الإنشاءات.. وأسيوط كما نعلم أفقر محافظات مصر بحسب تقارير التنمية البشرية، يعني الطفل البائس الجائع سيستمتع بالسير علي الرخام والفرجة علي أجهزة ماما سوزان، وفي الآخر حيطلع إخوان إن شاء الله بالعند في السفه الحكومي!!