مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 تعليق على ...صراع في الوادي و ثقافة الهزيمة
...............................................................

بقلم : أسعد أسعد
...................


المقالات التي يكتبها غريب المنسى تحت عنوان ثقافة الهزيمة في هذه السلسلة الرائعة التي تفجّر الدم من القلوب و ليس فقط الدمع من العيون علي مصر و اللي في مصر و اللي جابو مصر التي طظظها جلالة المرشد الأكبر الذي يملك 88 مقعدا في مجلس شعب مصر... مقالاتك هذه كان يجب أن تحرّك زلزالا أو تفجر بركانا في صدر و عقل و نفس كل من يقرأها ...إلا أنه يبدو إن مصر أصبحت اليوم بمثقفيها و كتابها و أحزابها و سياسييها كسكران ترنح فوقع علي قضبان قطار سريع قادم لا محالة و لا يمكن إيقافه...و الصفير يعلوا و ينعق و الصوت يدوي و لا حياة لمن تنادي و ليس من يبالي....

مقالك الأخير في هذه السلسلة عن "محطة معالجة و تنقية مياه الصرف التابعة لمدينة فيينا" حرّكني فيه عبارة ربما كتبتها أنت بصورة عابرة كسرد صحفي دون أن تدرك أهميتها القصوي في هذا المجال لكنني كإنسان ذو خبرة في هندسة البيئة أقول لك إن هذه العبارة فيها مفتاح السّر كلّه و هي عبارة "و هذه المحطة مملوكة بنسبة 100% لمدينة فيينا"...و قبل أن أسترسل إسمح لي عند هذه النقطة أن أقدم لك نفسي...أنا مهندس تخرّجت من كلية الهندسة جامعة الإسكندرية قسم الهندسة الصحية عام 69 حصلت علي دبلوم الدراسات العليا في الصحة العامة من نفس الجامعة عام 74 عملت بوزارة الصحة في القاهرة إدارة صحة البيئة من عام 1970 حتي عام 1975 و في السنتين الأوليين كنت منتدبا لمشروع بحيرة ناصر التابع لمشروع التخطيط الإقليمي لمحافظة أسوان بالإشتراك مع منظمة الزراعه و الأغذية و منظمة الصحة العالمية التابعتين لهيئة الأمم المتحدة ... أثناء عملي بوزارة الصحة قمت بعمل مسح صحي و دورات تفتيشية علي مرافق المياة (محطات التنقية و الآبار و محطات الطلمبات و شبكات التوزيع) و كذلك مرافق الصرف الصحي (شبكات الصرف و طلمبات الرفع و محطات المعالجة و مصبات الصرف النهائي) إلي جانب مراقبة تلوث مياه النيل و الترع و المصارف و مشاريع أو أعمال جمع القمامة و نقلها و التخلص منها....لقد قمت أثناء عملي بالمسح الصحي التفصيلي لحوالي 13 محافظة أو أكثر من محافظات مصر البالغ عددها آن ذاك حوالي 23 محافظة علي ما أذكر و أثناء عملي في مشروع بحيرة ناصر قمت بعمل مسح بيئي شامل لمنطقة بحيرة ناصر من أسوان إلي أبو سمبل و قد كنت أول من أعد خريطة شامله لبحيرة ناصر مأخوذة من صور و خرائط جوية للمنطقة ... لقد رأيت العجب و لن أحكي لك ذكريات مضت منذ أكثر من 35 عاما عن أحوال البيئة المصرية لأنها ذكريات مؤلمة و مفجعة و لكن كلها موثقة بالتقارير الفنية و الهندسية ...تركت وزارة الصحة عام 75 و التحقت بشركة هندسية لبنانية و أهم أعمالي فيها هي الإشتراك في تصميم شبكات المياه و شبكات المجاري و شبكات صرف مياه الآمطار و محطات المعالجة لمنطقة الحج "وادي مني" بالمملكة العربية السعودية...ثم التحقت بشركة "برون" التي صار اسمها فيما بعد "إنبي" و هي شركة كان أصلها أمريكي و تابعة للمؤسسة العامة للبترول... و منها هاجرت إلي أمريكا سنة 1981 عملت بعدة شركات هندسية كبري و أنا أعمل الآن لأكثر من 25 سنه كمهندس لمشروعات المياه و الصرف الصحي بقسم حماية البيئه لحكومة ولاية ماساتشوستس.

بعد هذه المقدمة التي رأيت أنا أنها ضرورية حتي لا يكون كلامي يبدو لك إنه مجرد رأي متحمس أو صادر عن قارئ عادي... لقد إكتويت بنيران إنهيار البيئة المصرية و كنت أظن حين بدأت حياتي العملية إن المشكلة هي مشكلة علمية بحته .... الحل مزيد من المهندسين و العلماء في مجال الحفاظ علي البيئة و صيانتها و تنتهي المشكلة... إلا إن المشكلة لم تتضح في ذهني حتي قضيت وقتا هنا في أمريكا و أدركت إن المشكلة ليست علميه و لا فنيه ...إن المشكلة مشكلة إدارية في المقام الأول... و لا تظن إني أعني مشكلة إداريين أو الجهاز الإداري الحكومي... المشكلة هي في كلمة السر التي ذكرتها أنت "و هذه المحطة مملوكة بنسبة 100% لمدينة فيينا"... من يملك محطات المياه و المجاري و الشبكات و الطلمبات في مصر؟ إنه وزير الإسكان... من يملك مصانع الحديد و الصلب و مصانع كيما و مصانع الورق و بقية مصادر التلوث؟ إنه وزير الصناعة... و من الذي يفتش علي مصادر التلوث و يتأكد من حماية و سلامة مصادر مياه الشرب؟ إنه وزير الصحة...الحكومه هي التي تنقي مياه الشرب و الحكومه هي التي تلوث مياه الشرب و الحكومه هي التي تفتش علي مشاريع المياه و المجاري التي تملكها و تديرها و تشغلها الحكومة... الحكومة المركزية في القاهرة يا أستاذ غريب تملك الأرض و ما عليها و من عليها...المحافظ معيّن من قِبَل رئيس الجمهورية ليكون كرباج الحاكم بأمر الله القابع في القاهرة ...رئيس مجلس المدينه و رئيس الحي و رئيس مجلس القرية كلهم معينين من السلطات العليا ليمثّلوا جميعهم الحاكم بأمر الله ...التفتيش الذي كنت أقوم به و المسح الصحي... حكومه بتفتش علي الحكومه ... و إذا كان فيه غرامه بسبب مخالفه فالحكومه تدفع للحكومه... مدير المحطة و العاملين فيها موظفين في وزارة الإسكان القابعة في القاهرة و التابعة للحكومه... البلد مصر عبارة عن عزبه تملكها الحكومة.

و لكي أشرح لك هذا الوضع و خطورته علي كفاءة إدارة البلد في كل نواحيها و ليس في أمور البيئة فقط دعني أنتقل بك إلي أمريكا التي نعيش فيها أنا و أنت... طبعا أنت تعرف إن الحكومة في أمريكا عبارة عن ثلاث مستويات مستقلة نماما...حكومة الولايات المتحدةالأمريكية...حكومة الولاية التي تعيش فيها...حكومة المدينه أو البلده التي تسكن فيها... و هذه يملكها و يحكمها الناس الذين يعيشون فيها ...يملكون مدارسها و محطات مياهها و بحيراتها و أنهارها و محطات مجاريها و يملكون البوليس و الشوارع و الطرق ... ضرائبنا العقارية تموّل إحتياجاتنا البيئية مع مدارسنا و شوارعنا و مبانينا العامة...مهندس المدينة و الإدارة الهندسية و قسم الأشغال العامه و المدرسين و ضباط البوليس و المكتبة العمومية و مفتشي الصحة و الأغذية ... لا يتقاضون مرتبابتهم من أوباما ولا يخضعون لأوامر واشنطن...هذا ليس من إختصاص البيت الأبيض ولا حتي حاكم الولاية ... ماساتشوستس مثلا... أهل البلد يملكون البلد الذي يعيشون فيه...كل مجتمع بلدة أو مجتمع مدينه مسؤل عن البيئه التي هي حدود كردونات هذه المدينه .... المدن ترتبط بعضها ببعض بدستور الولاية و الولايات مرتبطة بالدستور الأمريكي....جميع المناصب الرئيسية في أي مدينة بالإنتخاب المباشر و ليس بتعيين الحاكم و لا رئيس الجمهورية...نظام الحفاظ علي البيئة مرتبط بمعايير و مواصفات فنية تصدرها و كالة فيدراليه "وكالة حماية البيئة" و تشترك معها و كالات حماية البيئة التابعة لحكومات الولايات...كل مدينه مسؤلة عن تطبيق هذه المعايير و المواصفات لحماية البيئة و الصحة العامة و خاصة في مجالات حماية مصادر المياه الجوفية و السطحية...حماية الأراضي من التلوث بالمخلفات الصلبة...حماية الهواء من التلوث بالعوادم من مصادرها المختلفة سواء منزلية أو صناعية...

كل بلده يدير شئونها مجلس بلدي منتخب بالكمال من أهل البلده و هذا المجلس يعين موظفين حكومة البلده مثل البوليس و الأشغال العامه بما فيها أجهزة البيئة و ما إليه... ميزانية إدارة البلدة مصادرها أولا الضرائب المحليه ...العقارية و التجارية...ثم نصيب الأنشطة المختلفة من ضرائب الولاية التي تتلقاها من سكان الولاية و من نصيب الولايه من الضرائب التي ندفعها للحكومة المركزيه في واشنطن...

و بالإختصار و بالعودة إلي بلادنا المصرية ... فإن الحل لمعظم مشاكلنا يبدأ بإعادة السلطة و الحكم المحلي للشعب...و بالتالي فإن المرافق تملكها الحكومة المحلية و إدارتها و تشغيلها يتم بمعرفة و إشراف الحكومة المحلية تحت مراقبة سلطة المحافظة و تشكل الجهات المركزية كالوزارات مثلا سلطة وضع المواصفات الفنية و متابعة تطبيق معايير التشغيل لحماية البيئة العامة للبلاد .

إن إصلاح الوضع السياسي للبلاد يبدأ بفصل المحافظات و الوحدات المحلية عن الإدارة المركزية في القاهرة...تصور يا أستاذ غريب إن وزير التربية القابع علي كرسيه في القاهرة مسؤل عن منهج التعليم الإبتدائي في العزب و الكفور و النجوع .... وزير الصحة من برجه العاجي قي شارع مجلس الأمة بالقاهره مسؤل عن الوحدة الصحية بكفر طنبشا (مثلا يعني)... وزير الداخليه في القاهرة يرأس الخفير و الشاويش و الأمباشي في عزبه كفر بلاّص ... الكل يعمل لإرضاء الوزارة في القاهرة و الوزارة في القاهرة موضوعة فقط لحماية و تجميل رئيس الجمهورية الذي مهمته أن يمسك البلد و يمشيها و إلا تبقي سايبه أي تصبح غير خاضعة له.

المواطن في مصر لا يعبأ لأن الميه ملك الحكومه و المجاري مسؤلية الحكومه و الزباله كذلك ...الأكل جاي من الجمعيه ملك الحكومه...المواصلات ملك الحكومه مع الشوارع و السكه الحديد ... البيه المحافظ و البيه رئيس المدينه و البيه المأمور هما الحكومه ... و إحنا غلابه خلينا في حالنا عاوزين نعيش... الميه فيها مرض ...قضي ربنا..... المجاري طافحه ... بكره تنشف.... الزباله في الشوارع.... خلي الكلاب تاكلها أحسن ما تاكلنا إحنا.... قول يا باسط و خليها علي الله..... يا استاذ غريب البلد مش بتاعتنا....لو إشتكينا ممكن نروح ورا الشمس....

أستاذ غريب إعطي البلد للشعب و ستري العجب...خلي البلد مع الحكومه و سيموت الشعب و ستنتهي مصر و سيدهسها قطار الزمن الآتي بسرعة و ليس لقلمي و قلمك و لصوتي و صوتك غير الكرب و التعب....و خدها سهله....إذا إستطعت .

هذا المقال نشر فى عرب تايمز

تابع مجموعة ثقافة الهزيمة

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية