ثورة الشك والشك فى الثورة
| |
الشاعر | |
بقلم : محمد الشاعر
......................
أكاد أشك في نفسى لأنى بدأت اشك في ثورات الربيع العربي فقد مشت بنا خطى القهر والاستعباد الى ما تخيلناه يوما ما انها ثورة .وأننا قاب قوسين أو ادنى من الحرية .
قبل 25/01/2011 ببضع ايام كنا نطالع بعض تعليقات القراء في الصحف وعلى موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك تؤكد قرب وحتمية نهاية نظام مبارك ولثقتنا المفرطة في قوة دولة مبارك البوليسية وقدرتها الفائقة على اخماد المظاهرات مهما كان حجمها بدت كل هذه التهديدات وكأنها جعجعة ولن تجدى نفعا وسيظل مبارك في الحكم حتى يسلم التركة لجمال مبارك الذى سيدشن نظاما جديدا للحكم يعرف بالنظام " الجمهوكى" وهو النظام الذى يبدأ جمهوريا ثم يتحول بأراده (شعبية) الى نظام توريث.
وبدأت احداث 25 يناير فاترة لم تجذب الاهتمام في بدايتها ولكنه مع انتهاء صلاة يوم الجمعة 28 يناير ظهرت بوادر تشير الى جدية ما كنا نقرأه من تعليقات في الايام السابقة على 25 يناير ظهر ان هناك اصرار على اسقاط النظام لقد عانى الشعب طويلا من هذا النظام المستبد وصبر عليه كثيرا عسى ان يزول بمرور الزمن ولكن النظام تمادى في قهره واستبداده وشرع في توريث الشعب من مستبد الى مستبد اخر دون أي اعتبار لآدمية الشعب الذى صار يعامل كقطعة اثاث تورث من الاب الى الابن . توالت الاحداث وسارت الامور بين شد وجذب بين شعب يريد التحرر وحاكم يقاوم الى ان تخلى الحاكم عن مهام حكمه انتشى الشعب فرحا وظن انه كسب الجولة وغادر الميادين مطمئنا الى ان مقاليد الحكم صارت في يد أمينة سقط رأس النظام وظهر جزء من النظام يسمى "المجلس العسكري" أحسن الشعب الظن بالمجلس العسكري وتعهد المجلس العسكري للشعب ان يحمى له ما قال الشعب عنه "ثورة 25 يناير" ولكنه من البداية بعض تصرفات المجلس العسكري لم تنال رضا الشعب حاول الشعب تقبلها من الجيش لأنه ليس امام الشعب في ذلك الوقت زعيم أو قائد يدير المرحلة ولما كان الرئيس المخلوع يعود اصله للجيش بدأ الشعب يرصد بعض الاحداث المريبة التي تم تفسيرها على ان كل ما اراده الجيش او المجلس العسكري على وجه التحديد مما حدث هو فقط اجهاض مشروع التوريث فقط لا أكثر ولا أقل وظهر ما يشير الى ان المجلس العسكري يريد الاحتفاظ بالسلطة دون المساس بهيكل النظام الذى ترعرع في أكنافه واستطعم فساده وكان احد اركانه.
ومع خروج التظاهرات المطالبة بالإسراع في نقل السلطة الى حكومة مدنية ومراوغة المجلس العسكري التي لم تقنع الشعب بواجهة اسبابها خرجت موجات اكثر جرئة من الشعب تهتف "يسقط حكم العسكر يسقط يسقط حكم العسكر" عندئذ ادرك المجلس العسكري ان الكيل قد طفح وأن شعرة معاوية بينه وبين الشعب قد تنقطع في وقت لا يناسبه فانتقل المجلس العسكري من المماطلة الى التظاهر بالاستجابة للمطالب الشعبية ومرغما بدأ في ترتيبات الانتخابات الرئاسية لينقل السلطة لرئيس منتخب وفى سريرته ان يظل خلف الستار يحرك من ستأتي به الاقدار.
وكان من ترتيب القدر ان وصل الاخوان المسلمين الى الحكم ومن اللحظة الاولى لوصولهم بدأ التآمر ونسج الخطط السرية لإسقاطهم ومع ان الجماعة بدت قوية من الظاهر ويصعب ازاحتها عن الحكم الا ان تكاتف الاجهزة الفاسدة في الدولة العميقة من شرطة واعلام وقضاء ورجال اعمال وقوات مسلحة وفلول وحتى ثوار حاقدون على الاخوان عجل بسقوط الاخوان وكانت مفاجأة بل صدمة ما حدث في 3 يوليو 2013 المفاجأة كانت في ابتكار الفكر التأمري لنوع جديد من الانقلابات العسكرية انقلاب عسكري فج ولكن مغلف بما يسمى رغبة شعبية والانحياز لرغبة الشعب .
من هنا بدأ الشك هل ما حدث في 25 يناير 2011 كان حقا ثورة ام مؤامرة وهل ما حدث في 30 يونيو 2013 ثورة ام ثورة مضادة او انقلاب
مع اخذ الضبابية المتعمدة والتعتيم والتقزيم والجهل السياسي المتفشي في المجتمع المصري حتى بين ما يطلق عليهم النخبة مع أخذ كل هذا في الاعتبار لا نملك الا ان نقيم الامور اما اعتمادا على قناعات يمكن ان تكن قد تعرضت للعبث من الميديا الاعلامية الموجهة غير الموثوق بها او نقيمها اعتمادا على مشاعر واحاسيس شخصية .
واعتمادا على المشاعر والاحاسيس الشخصية يمكن القول ان 25 يناير ثورة دبرتها قوى داخلية بضوء اخضر من الخارج استخدم فيها الشعب الراغب في الخلاص من حكم جثم على صدره طويلا.
اما 30 يونيو فأنها انقلاب عسكري يسترد فيه الجيش السلطة بعد ان تخلص من مبارك وعائلته استغل فيها جزء كبير من الشعب .
وما بين الثورة والانقلاب بين الاخلاص والخيانة بين الوطنية والتآمر بين الصدق والخداع بين الطيبة والخبث بين الامل واليأس بين الشيء ونقيضه انقسم الكل ضد الكل وأضحى الاخر يشك في الاخر ويشك في الثورات ولا يدرى أحد أشر أريد بمن في مصر أم أراد بهم ربهم رشدا.
محمد محمود الشاعر
القاهرة
m_m_s_m@hotmail.com