صندوق التفّاح العفن
...............................................................
| |
التفاح العفن | |
بقلم زهير كمال
.................
كوني عاقر ارض فلسطين فهذا الحمل دميم ومخيف .. مظفر النواب
ليست هذه هي المرة الوحيدة التي تنقل لنا فيها وسائل الاعلام اعضاء السلطة الفلسطينية وهم عراة في اوضاع مهينة ، وربما يذكر الكثير بعض جنود السلطة رافعين ايديهم فوق رؤوسهم ولا يستر جسمهم سوى الملابس الداخلية ، يوم لم تستطع السلطة حماية من بحوزتها من سجناء مقاومة الاحتلال ، سعدات ورفاقه. كان على مسؤولي السلطة الذين رأوا هذه المناظر مثلنا، بما فيهم ياسر عرفات الاستقالة ما دام اخلّوا بواجبهم في حماية الأمانة. ولكن لم يفعلها احد ! وتم لفلفة القضية
ويحق لنا التساؤل: لماذا؟
امين عام رئاسة الفلسطينية تم تصويره عارياً في وضع غاية في المهانة وبتهم تؤدي في حالة ثبوتها الى رميه وراء القضبان لمدة طويلة ولكنه لم يستقل !
ويحق لنا التساؤل لماذا؟
روحي فتوح كان رئيساً للمجلس التشريعي الفلسطيني وفي الفترة الانتقالية بين عرفات وعباس كان رئيساً للسلطة ، قبض عليه متلبساً بتهريب صفقة ساعات في سيارته التي تحمل ارقام الشخصيات الهامة ولا يزال يمارس عمله قريباً من عباس وكأن شيئاً لم يكن !
ويحق لنا التساؤل لماذا؟
اتهم السيد فاروق القدومي السيد محمود عباس صراحة وبدون مواربة باغتيال عرفات والسيد فاروق القدومي هو من مؤسسي فتح وثاني شخصية فيها من حيث تسلسل القيادة ولا يزال المتهم بالقتل طليقاً بل يمارس مهام رئاسة السلطة ، لم يقبض عليه للتحقيق معه بالتهمة المنسوبة اليه!
ويحق لنا التساؤل لماذا؟
نتيجة لضغط جماهيري غير مسبوق شكل محمود عباس لجنة للتحقيق في ملابسات قضية غلادستون المعروفة وصدرت نتيجة التحقيق بادانة عباس وتحميله المسؤولية ولم يتخذ اي اجراء بهذا الخصوص !
ويحق لنا التساؤل لماذا؟
انتهت فترة رئاسة محمود عباس للسلطة منذ زمن طويل واصبح بدون غطاء شرعي ومع هذا يمارس صلاحياته !
ويحق لنا التساؤل لماذا؟
لا يتسع المجال لتعداد قضايا الفساد والخيانة مثل بيع الاراضي للصهاينة وبناء المستعمرات لهم على اراضي الضفة ومساعدتهم في تشييد الجدار العازل باستيراد الاسمنت المصري وقضايا اخرى تطال جميع المنتسبين لهذه الشلة المنحرفة ! والسؤال الكبير لماذا؟
هذه المجموعة تتمع ببلادة شعور وحس غير معهودة ، وسبب ذلك يرجع الى انه بعد العمالة لا توجد محرّمات، ويطبقون في افعالهم المثل القائل: (اذا لم تستح فاصنع ما شئت).
وقد يقول قائل ان كلمة العمالة كبيرة، ويتم ترديدها بسهولة . ولكن مجمل افعال هذه الشلة تؤدي الى اسوأ من ذلك ، فالمسألة لم تعد تمرير معلومات للعدو يُتهم من يقوم بها بالتجسس والعمالة بل تتعلق بتدمير مجتمع كامل وحرمانه من المستقبل الذي يبتغيه بعد كل المعاناة والتضحيات التي قدمها جيلاً بعد جيل.
الفساد الغير مسبوق الذي يقومون بنشره يدمر بنية المجتمع الفلسطيني ويحوله من مجتمع متماسك يطمح في الوصول الى حل لقضاياه العادلة الى مجموعة من الافراد لا يهمها الا مصلحتها الشخصية وهذا ما تهدف اليه اسرائيل : تدمير المجتمعات التي تقف امامها بنشر الفساد والانتهازية والفردية او كما يقول المثل المصري (يالله، نفسي) . وهذه ظاهرة عامة تنتشر بسرعة خرافية في كل مجتمعات الشرق الاوسط ، وتصدر مصر والجزائر لقائمة أعلى الدول فساداً في العالم شاهد على ذلك.
لم يشهد العالم مثل نظافة الشعب الفلسطيني وطهارته قبل دخول هذه الشلة المنحرفة الى الضفة وغزة ، فشعب تحت الاحتلال يعاني من ضعف شديد في اجهزة الرقابة والمحاسبة وفي ضعف الجهاز القضائي ورغم وجود العدو الذي يحاول بكل الوسائل تدمير لحمة الشعب كان مجتمعاً متماسكاً يخجل الفرد فيه من ايذاء الاخرين لان معاناة الجميع واحدة تشعر بها حتى القلة اللتي تسوّل لها نفسها السرقة ، والتي لا يخلو مجتمع منها. وليس افضل دليل على ذلك من استمرار الانتفاضات الشعبية الاولى والثانية ازمنة قياسية وبمشاركة جميع فئات الشعب.
السيد الحسيني سليل اسرة عريقة في النضال من اجل فلسطين قدمت قيادات مخلصة وقدمت الشهداء ومن ابرزهم قائد معركة القسطل الشهيد عبدالقادر الحسيني وكان يجب عليه الوفاء لتراث اسرته واخلاصها لفلسطين وقضيتها وان يكون مثالاً يحتذى به في النظافة والطهارة والشرف والاخلاق ولكنه كان عكس ذلك تماماً ، مستغلاً حاجة الارامل ، نساء الشهداء الى حياة كريمة ، فماذا عن الشهداء الاحياء ؟ هل يمكن لهم ان يضحوا بحياتهم من اجل فلسطين وهم يعرفون ان ذئاباً تنتظر استشهادهم لتدوس اعراضهم وشرفهم.
بدلاً من ان يقول الحسيني يا ليتني كنت نسياً منسيا لطخت شرفي وشرف عائلتي ونظرة اولادي واحفادي لي يستمر في منصبه ويطلع علينا بكل بلادة انه بريء ، نعم انه بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب!
عندما اتهم فاروق القدومي محمود عباس باغتيال ياسر عرفات لم يجر اي تحقيق في الموضوع ولم تتشكل اي لجنة لبحث هذه الاتهامات الخطيرة والصادرة من رجل عارف بالامور ومن داخل اطار المنظمة ولم يتخذ القضاء الفلسطيني مجراه !
واذا كانوا يحلمون بدولة خاصة بهم ويعملون في بناءها منذ ثمانية عشر عاماً فالأجدر ان لا يضيع دم الرجل الذي كافح من اجل اقامة هذا الكيان وحتى اذا لم تثبت التهمة على عباس فان القاء التهم جزافاً يجب ان يحاسب عليه ، وكان أولى بعباس ان يطلب رد شرفه ضد التهم الكيدية لو كان بريئاً من دم خلفه. ويحق لنا ان نتساءل ما هي طبيعة الدولة التي تقوم السلطة بأنشاءها ، وما هي المعايير والأسس في بناءها، ومتهم بالقتل على رأسها!
قدمت لجنة جولدستون تقريرها وادانت محمود عباس في الموضوع وكان ذلك واضحاً منذ البداية ولا يحتاج الأمر لتشكيل لجان لتفسر الماء بعد الجهد بالماء واعترف بذلك احد رموز السلطة الكبار المدعو نبيل عمروا، الذي اختفى عن الساحة نهائياً بعد توجيهه اللوم الى محمود عباس .
لا يوجد احد ليحاسب عباس وهو من البلادة بحيث لا يشعر بأنه أخطأ حسب كل التصريحات التي كررها مراراً وهو يسوق مبررات لا تقنع طفلاً صغيراً.
يتاجر محمود عباس بالوهم ، يتوهم انه رئيس دولة لان الدول الاخرى تعامله كذلك ويبيع الوهم لتنظيمه ان الدولة قادمة لأن رئيساً غربياً مهماً قال له ذلك!
وهو لا يعدو ان يكون مختاراً او عمدة له سلطة على السكان فقط
وفي آخر تصريح له رفض اشكال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال ، هذه المقاومة التي شرعتها كل قوانين المجتمعات الانسانية والمنطق والعقل
وفي تصريحه القادم حتى يرضي اولياء نعمته سيقول لشعبه : ارموا جنود الاحتلال بالورود فقد يخجلون من انفسهم.
لماذا يرتضي شرفاء تنظيم فتح زعامة تجره الى الهاوية وتقوم بتدمير كل امل في حياة كريمة لهذا الشعب.
اخشى ما اخشاه ان تنتقل البلادة الينا ايضاً فكل يوم نشاهد اعمالاً فاسدة اشد هولاً من سابقتها فننسى ما سبق ونلهث وراء الجديد!
مشكلة الانحدار بسرعة الى حضيض غير مسبوق في الاخلاق والسياسة ان كثير منا ينخفض سقف طلباته ، سمعت احد الناشطين يطالب بمرجعية للمفاوضات قبل ان يبدأ التفاوض ، اي وضع اسس لها كما فهمت ، لم يتوقف ليفكر ويرفض المفاوضات جملة وتفصيلاً، وبدأ يطلب القليل الذي تم تجريبه وثبت عبثيته .
كلي أمل ورجاء ان لا تمد القوى الشريفة في الساحة الفلسطينية يدها لهذه الشلة بدعوى ما يقال له (الوحدة الوطنية من تفصيل السيد حسني مبارك) فالشعب الفلسطيني كله يجب ان يكون موحداً ضدهم ولا بد من طوي هذه الصفحة البائسة من تاريخ الشعب الفلسطيني وكما يقول المثل الجزائري: بعد الفيضان لا يبق في الواد سوى الحجارة.